عجباً! أيُسألُ: مالغدير؟
عرّجْ على خُمٍّ وهيئْ مِنبرا
ودعِ القريضَ الحرَّ يرسمْ ماجرى
اغمسْ يراعَ الشِعرِ وسْطَ رحيقهِ
ليعبَّ من شهْدِ الولاءِ ويَشعَرا
كم قد روى الأقلامَ فيضُ غديره
لتعانقَ الحقَّ الحقيقَ وتسطرا
يومُ اكتمالِ الدينِ دينِ محمّدٍ
أيكون يوماً باهتاً أو عابرا؟!
بل فاقَ أيامَ الدهورِ كرامةً
سمّاه ربُّ الكونِ عيداً أكبرا
وكأنّ أعيادَ السماءِ كأنهرٍ
وغدتْ بيومِ غديرِ خُمٍّ أبحرا
ياأيها اليومُ الأجلّ مكانةً
حقٌّ بكَ الأيامُ أنْ لو تفخرا
وإذا انبرتْ في الدهر عِقداً مبهراً
فنراكَ واسطةً له والأجدرا
فبك الولاية، إنها من غيرها
ما كان دينُ المصطفى أنْ يثمرا
* * * *
إنّ المدادَ كموجِ بحرٍ شدّه
بدرُ الولايةِ ناثراً أو شاعرا
ألقى على الشطآن أغلى درّه
فقصيدةً حيناً وحيناً خاطرا
وإذا تعجّبَ سامعٌ من شاعرٍ
جعلَ الغديرَ نشيدَه المتكرّرا
فلِمَ التعجّبُ والقصائد كلّها
قامتْ بخاصرة الغدير أزاهرا
ولِمَ التعجّبُ والبلاغة نُصّبتْ
كي تعتلي منذ الغدير المِنبرا
* * * *
الرسلُ كلّ الرسلِ قاموا أعلنوا
عمّن هو المُوصَى له بين الورى
فغدير خُمٍّ ليس بِدْعاً إنما
هو سنّة المولى ولن تتغيّرا
قد فاض في التاريخ لكنْ من عَموا
لايملكون بصيرةً وبصائرا
ولكل مرتابٍ: فإن غديرَنا
ملأَ الصِحاحَ تواتراً وتواترا
فإذا بمَن سمع الغديرَ كأنه
لوثوقِه مثلُ الذي قد أبصرا
فعلامَ تُنكرُ؟ إنها عصبيةٌ
رهْنَ الدجى أبقتْ لُبابَكَ سادرا
* * * *
ولطالما فاضَ الغديرُ، فقبلَه
أو بعدَه كان الأميرُ مقرّرا
من فجرِ هذا الدينِ نُصّب حيدرٌ
بحديث دار والجميع تأخّرا
في هجرةٍ في غزوةٍ في حجّةٍ
فضحى الولايةِ كان يسطعُ باهرا
لكنْ بخمّ فالعهود عليهمُ
أُخذتْ وبرهانُ البلاغِ تظافرا
* * * *
يتساءلون: ومالغديرُ؟ كأنهم
عن جانحيهِ يسائلون الطائرا
أو يسألون السحبَ عن أمطارها
إذْ لم ترَ الأبصارُ حقلاً أخضرا
عجباً! أيُسألُ: مالغدير؟ وإنّه
لولا الغديرُ الدينُ يبقى أبترا !
إنّ الغديرَ هو الرواءُ لديننا
يبقيه نبتاً مثمراً متجذّرا
أو لا فإنَ الدينَ يصبحُ يابساً
ولطالما النبتُ اليباسُ تكسّرا
* * * *
ولِمَ الغديرُ، غديرُ خمٍّ؟ ربّما
سألوا، وقالوا الحجُّ كان الأظهرا
لا بل دليلٌ أنّ أحمدَ إنّما
ما كان دون الوحيِ يصعدُ منذرا
ولأنّه الحدثُ العظيمُ، فإنه
لا بدّ بعد الحجّ أن يتقرّرا
فلربما بدران يطغى واحدٌ
والبعضُ يكره واحداً أن يظهرا
ولأنّ خمّاً للحجيجِ المُلتقى
وكذا الولايةُ ملتقىً لا مُفترى
* * * *
سلْ ماءَ خمٍ إنْ مررتَ بمائه
ينبيكَ أن الأرض صارتْ جوهرا
لما انبرى خيرُ البرايا خاطباً
ودعا وصيَّه ذا المكارمِ فانبرى
ناداهمُ: مَن كنتُ مولاهُ الأكيــــ
ــــــدَ فينبغي له أن يوالي حيدرا
لافصلَ بين نبوةٍ وإمامةٍ
مَن أنكرَ الأخرى فكُلاً أنكرا
* * * *
لسنا دعاةَ للخصومة إنّما
كنّا ومازلنا الفريق الأعذرا
ونحبُّ كلَّ المسلمينَ وإنّنا
جَسدٌ كما قال الرسولُ وكرّرا
ندعو لوحدتنا كما يدعو إلى
فرض الصلاةِ مؤذّنٌ إذْ كبّرا
ندعو لرصِّ الصفِّ، هذا نهجُنا
لسنا حزاماً ناسفاً ومدمّرا
لسنا الذي قطعَ الرؤوسَ على الملا
لسنا الذي نسف البلادَ وفجّرا
قد روّجَ الأعداءُ أكبرَ فتنةٍ
وهناكَ مَن عشقَ البضاعةَ واشترى
لكنّنا نبقى الدعاة لوحدةٍ
رغم اختلاف لا خلافٍ كُبّرا
إنّ الغديرَ يفيضُ في أرواحنا
لنفيضَ سِلماً في الحياةِ وكوثرا
تبقى الأيادي للجميع وإنْ نأوا
مبسوطةً بمحبةٍ مهما جرى
* * * *
الناس عطشى للغديرِ لأنهم
من دونه ذاقوا الوبالَ الأندرا
لكنّهم في التيه ظلوا بينما
صوتُ الغدير علا هنالكَ هادرا
لا بل أمامَ عيونِهم فيضانُه
لكنْ إذا عمي الفؤادُ فلن يرى
* * * *
يايوم خمٍ، إن نورَك لم يزلْ
بصدورِ كلّ المؤمنينَ منائرا
ويظلّ، إذْ لولاكَ ليس بذي هدى
رجلٌ وحيدٌ ساعياً فوق الثرى
فاهنأْ، فإنّ صدورَنا لكَ روضةٌ
وتظلّ ساقيَها الوحيدَ الآمرا
نسألكم الدعاء
شاعر أهل البيت عليهم السلام
مرتضى شرارة العاملي
أبوظبي 18 ذو الحجة هـ1430
الموافق 5\ 12 \ 2009م