هذه الأفة التي هي من أقبح القبائح ، وأكثرها أنتشاراً بين الناس ، حتى أنه لا يسلم منها إلا القليل من الناس ، إي إلا ما رحم ربي .
وهي في هذا الزمان فاكهة المجالس ، بل وجبة شهية يتلذذ بها أكثر الناس
رغم انها تضر به
وهو يعلم بمدى اثمها وانها محرمة عليه ،
ومع ذلك مسمتر ولايبالي بما يفعله ،
نعم انها الغيبة !
اكلة الحسنات !
مُفسدة الاخلااق !
وهي من أعظم الافات وأشدها خطراً وأقبحها شكلاً حتى لقد شبه الله المغتاب باكل الجيف فقال في كتابه المجيد:
{ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه }
وهذه الصورة من
تشبه الغائب حالة غيبته ـ بالميت لعدم احساسه حال غيابه بما يذكر به من السوء كما لا يحس الميت بالالم اذا قطع من جسمه جزء كذلك لا يحس ولا يدافع عن نفسه الغائب
فإن عاقبة الغيبة هي الخروج من ولاية الله تعالى الى ولاية الشيطان والعجيب أنه حتى الشيطان لا يقبله في ولايته كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حيث أنه
قال : (من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط عن أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله)[1] .
عن عبد المؤمن الانصاري، قال: دخلت على موسى بن جعفر عليهما السلام، وعنده محمد بن عبد الله الجعفري ، فتبسمت إليه فقال: أتحبه ؟
فقلت: نعم وما أحببته إلا لكم، فقال: عليه السلام : (هو أخوك، والمؤمن أخو المؤمن لامه وأبيه، وإن لم يلده أبوه، معلون من اتهم أخاه، ملعون من غش أخاه، ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون من اغتاب أخاه[2])
عن محمد بن فضيل قال: قلت: لأبي الحسن موسى عليه السلام :
(الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه له، فأسأله عنه فينكره، وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: «يا محمد، كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسّامة، وقال لك قولاً، فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعنّ عليه شيئاً يشينه تهدم به مروته، فتكون من الذين قال الله فيهم: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) ( النور : 19 )
تعريف الغيبة
هي ذكرك الانسان بما فيه مما يكرهه ، سوء في بدنه كقولك قصير ، أو في دينه كقولك متساهل .. الخ
وكل ما أفهمت به غيرك نقصان أخوك المؤمن فهو غيبة
محرمة ، ومن ذلك المحاكاة بأن تمشي متعارجاً أو مطأطئاً أو على غير ذلك من الهيئات ، مريداً هيئة من تنتقصه بذلك . ونأخذ مثال على ذلك سؤال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهو يسأل أصحابه عن الغيبة فيقول : أتدرون ما الغيبة
قالوا : الله ورسوله أعلم ،
قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفريت إن كان أخي ما أقول .
قال : ( إن كان فيه ما تقول فقد أغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) .
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق ) .
وقال صلى الله عليه وسلم ( إن دماءَكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه ).
ومن أقبح أمور الغيبة وأشدّها حرمة تنقص المسلم واحتقاره وازدراؤه وبذل الجهد في إهانته وإسقاط حرمته والنيل من عرضه . فهذا الخلق الذميم والداء العظيم كبيرة من كبائر الذنوب وصاحبه معرض للوعيد والبطش الشديد
فليحذر الإنسان من لسانه وليعمل جاهداً أن يكون لسانه قائده إلى الجنة وموصله إلى رضوان الله، فإن كل ما يقول محسوب، إما له أو عليه،
قال تعالى:
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
عن الإمام الصادق عليه
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ألا انبئكم بالمؤمن: من ائتمنه
المؤمنون على أنفسهم وأموالهم ألا انبئكم بالمسلم ؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرم الله، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة[3] .