39 - أم إحسان الكريماوي(مجموعة حكيميون): سماحة الشيخ الكريم هناك حديث يقول: إذا قام قائمنا، وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت به أحلامهم.. ما المقصود بهذا الحديث؟
الجواب: الحديث الشريف مروي عن الإمام الباقر عليه السلام، ولكن بلفظين أولهما ما في كتاب أصول الكافي[1] وهو ما ذكرتموه، والثاني ما في مختصر البصائر وفيه: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وأكمل به أحلامهم،[2] وشابه ما في كمال الدين وتمام النعمة لفظ ما في مختصر البصائر وإن رواه بسند ما في الكافي،[3] وما في مختصر البصائر أصح سنداً مما في كتاب الكافي وكمال الدين.
والحديث بأي لفظ لا يتعارض مع الآخر، وبخلاف ما ظنّه بعض الأفاضل من أن الإمام صلوات الله عليه سيحدث معجزة في هذا المجال، أي أن معجزة ستحل بالعقول في زمانه صلوات الله عليه فتتكامل، وهذا وهم واضح جداً، لأن المعجزة لا تدخل في تغيير هدى الناس، وإلّا لأصبحت عملية الهداية جبرية، وعندئذ سيعود هذا الأمر إلى عدم حكمة بعث الأنبياء عليهم السلام، بل إلى عدم حكمة خلق الخلق، وقد شاء الله سبحانه أن يترك شأن أفعال الإرادة الإنسانية المرتبطة بهدى الخلق وضلالهم إلى العباد لينظر أيشكر هؤلاء أم يكفروا بعد أن بيّن لهم ما هو الهدى وما هو الضلال لقوله تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً}[4] ولو كانت هذه الأمور تتحقق بالمعجزة فإن رسول الله صلوات الله عليه وآله أحرى به أن يحدث معجزة في أهل زمانه ويجنّب التأريخ كل ما مرّ به من مصائب سيطرة الضلال وبعد الناس عن الهدى.
ولكن المراد به أن الإمام صلوات الله عليه بما سيتيحه من هدى، وبما سيزيل من معالم الظلال وأسبابه، وبما سيحققه من عدالة، وبما يعمد إليه من نهج تربوي سيزيل في واقع الحال كل الأسباب التي تحول دون قطع الناس طريقها باتجاه تكامل العقول، إذ أن الناس لو توفّرت لها المناهج التي من شأنها أن ترفع عنها الشبهات والأضاليل، ستقطع شوطها باتجاه تكامل العقول بطريقة يسيرة، لا كما نراها اليوم أو في الأزمان السابقة من وجود كتل هائلة من ركام الضلال على العقول، جعلت خلاص الإنسان من هذا الركام وعدم تأثره به أو نجاته منه كالمعجزة بل يعدّه غالبية الناس بأن البعد عن هذا الركام هو الضلال.
ومن هنا يتبين لنا وهم من توهّم بأن هذا الحديث يشير إلى أن عصر الظهور لن يشهد وجود المدارس والمنتديات العلمية، بل نرى على العكس من ذلك فإن هذا العصر الشريف سيشهد ثورة في عوالم العلم والتعلم، ولكن ستتميز بأن العلم سيوضع لخير الناس، لا كما نرى الآن في الكثير من الأحيان يوضع في خدمة أشرار الناس ليزيدوا من سلطة الظلم والجور.
40 - أم إحسان الكريماوي (مجموعة حكيميون): شيخنا الأجل يعترض المخالفون على طول عمر الامام، وأن الإنسان لا يستطيع أن يعمّر هذا العمر الطويل، فما هو الرد على هذا الاعتراض؟ ودمتم.
الجواب: مشكلة الطول الزمني لعمر الإمام صلوات الله عليه، تارة ينظر لها من خلال طبيعة الخلقة الإنسانية، لذا فالنقاش سيتمحور في قابلية الخلية الإنسانية على البقاء مدداً طويلة أو لا؟ وأخرى يناقش من خلال التجربة البشرية التاريخية، لنجد هل أن التاريخ البشري حوى نماذج لأعمار زمنية أطول من المعدلات الطبيعية التي نألفها اليوم أم لا؟ وثالثة يناقش من خلال إمكانية تدخل الإرادة الإلهية الخالقة في إطالة عمر الإنسان مدداً أطول من المدد الطبيعية، كما نراه في تدخل هذه الإرادة في قصر هذه المدد، أو عدم وجود هذه الإمكانية؟
ولا يمكن للمرء أن يناقش بعيداً عن هذه المجالات، لأننا سنجد أن غالبية المعترضين يعتمدون على حسابات أمزجتهم أكثر من اعتمادهم على حسابات الحجة والبرهان، والمؤسف أن هذا الاعتراض في غالبية الأحيان يتم بناء على حسابات طائفية ليس إلّا، وإلا كيف يمكن أن تجيز لابن أبي حاتم الرازي أن يروي عن طريق سفيان عن رجل يقال له عبيد وكان لا يتهم بالكذب قال: رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء أنبجاني![1]. وهذا في زمن العباسيين، ولا تجيز لولي الله أن يكون عمره طويلاً؟
على أي حال لا أعتقد أن أحداً من المسلمين يمكن له أن يناقش في شأن إمكانية التدخل الإلهي في إطالة هذا العمر أو تقصيره بأي مقدار طال أم قصر، فالله على كل شيء قدير ولم يلزم نفسه بعدم التدخل في هذا الأمر، وبالتالي فلا مجال للتوقف عند هذه المسألة اطلاقاً، ويكفينا في هذا المجال أن الله سبحانه وتعالى أطال في عمر إبليس عليه لعائن الله كل هذا الزمن الممتد من قبل الطلب بالسجود لآدم عليه السلام وأبقاه ليوم الوقت المعلوم، ولذلك أعتقد أن النقاش يتمحور في الجانبين الأوليين.
ومن حسن الحظ أن القرآن الكريم تكفّل بعرض التجربة التاريخية البشرية في طول العمر من خلال ما أشار إليه القرآن الكريم في قصة نوح عليه السلام، إذ تحدّث القرآن بصراحة وافية عن أن التاريخ مرّت به حادثة كان فيها عمر الإنسان طويلاً بالطول الذي عرضته الآية الكريمة: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه، فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاماً، فأخذهم الطوفان وهم ظالمون}[2]، وبمعزل عمّا إذا كان عمر نوح قد اطاله الله سبحانه وتعالى بناء على معجزة أو وفق قابلية الخلقة الإنسانية، فإن القدر المتيقن أن هذا المثال التاريخي يسمح بالقول بأن التجربة التاريخية حوت نموذج من ذلك، فما بالكم لو ضممنا إليه عمر العبد الصالح الخضر عليه السلام؟ والذي تجمع المصادر التاريخية المعنية بهذا الموضوع أنه لا زال حياً مع أن القرآن يتحدث عن وجوده في زمن نبي الله موسى عليه السلام، وماذا لو ذكرنا عمر نبي الله عيسى عليه السلام، بل ما يتحدث عنه العديد من مؤرخي القوم في شأن عمر إدريس عليه السلام وهو سابق لنوح عليه السلام ويعتقدون انه لا زال حياً.
والطريف أن غالبية كبيرة من علماء حديث أهل السنة تتحدث عن وجود الأعور الدجال في زمن رسول الله صلوات الله عليه وآله، ويشيرون إلى أن الرسول صلوات الله عليه وآله قد التقى به وزاره عدد من الصحابة كعمر بن الخطاب، وفي هذا المجال يمكن مراجعة قصة ابن صائد وهو من يقول الكثير منهم بأنه هو الأعور الدجال والذي سيظهر ضمن أشراط الساعة الكبرى في مروياتهم أي أنه في نهاية الزمن، فلقد روى القصة كل من البخاري ومسلم وأبي داود وأحمد والترمذي وابن حبان في الصحيح وعشرات غيرهم.[3]
لذلك ما من سبيل للتحاجج في المسألة التاريخية لأنها تشير إلى حصول ذلك بالتواتر، وليس بضائر أي تفسير لعمر نبي الله نوح عليه السلام، سواء قيل بمنطق الإعجاز أو قيل بمنطق الغرابة التاريخية، فنحن أمام حدث تاريخي وتنجّزه على واحد من البشر يسمح بتنجّزه على الملايين، بالرغم من أننا لا نوافق على منطق المعجزة في هذا المجال كما سيتضح عما قليل، ولكن من باب محاججة هؤلاء بما يحتجون به.
يبقى علينا أن نكتشف هل بإمكان بنية الخلية الإنسانية أن تستمر بالحياة إن لم يطرأ عليها طارئ خارجي، أو بمعنى آخر هل أن الخلية الإنسانية تحمل سر فنائها معها، بحيث أنها تكمل دورة زمنية محددة، فيتفعّل سر الفناء الذاتي فيحيلها من خلية حية إلى خلية ميتة، مما يجعل عمر الإنسان محدداً بسقف زمني محدد.
لعل من مندوحة القول بأن خالق هذا الإنسان هو الأعرف به من غيره، وهو الذي يعبّر عن مواصفات ما خلق بقوله تعالى: {أحسن كل شيء خلقه}[4] ويرينا هذا الوصف بمعزل عن أي شيء آخر أن ما خلقه الله لا يحمل سر فنائه، لأن احتواء الشيء على سر فنائه يبعد عنه هذا الحسن الذي يتحدّث عنه البارئ جلّ وعزّ، ولذلك نرى أنه ربط موت الإنسان بعامل خارجي دوماً {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم}[5] مما يعني أن الخلية الإنسانية إن لم تتعرض لعارض خارجي فإن سبل ديمومة الحياة مكفول لها، والتعرض للعامل الخارجي يتفاوت فيه الناس، ولكن الله سبحانه وتعالى في حديثه مع آدم عليه السلام فصّل في هذا الموضوع وبيّن أن الإنسان بإمكانه أن يمنع عن نفسه هذا العامل الخارجي فقال عزّ من قائل: {فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى* إن لك ألّا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى}[6] وهنا يجب أن يلفت إنتباهنا استخدام عبارة: { إن لك} وهي تعني جعل الخيار بيد آدم عليه السلام، فبيده يستطيع أن يعيش هذه الحالة، وبيده تنتفي هذه الحالة، ومع ملاحظة ان الجنة المطروحة هنا ليست جنة الخلد، لأن تلك الجنة لا تكليف فيها ولا يوجد فيها مجال لمثل إبليس فضلاً عن ان من يدخل فيها لا يخرج منها، والحديث هنا واضح فيه إبليس فيه أمر إرشادي تشريعي وفيه إخراج من الجنة وكلها لا تتناسب مع جنة الخلد، وحديث أهل البيت عليهم السلام بأنها جنة من جنان الدنيا يؤكد هذا الأمر، فعن الحسين بن ميسر قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جنة آدم عليه السلام؟ فقال: جنة من جنان الدنيا؛ تطلع فيها الشمس والقمر، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً.[7]
بناءاً على كل ذلك يجب أن نعود للآيات الكريمة لنتساءل عن سر ذلك، فمن المعلوم أن قابلية جسم آدم هي نفس قابلية بنيه، وما يسري عليه يسري عليهم، ومع ملاحظة أن الجوع والعري والظمأ والحرارة المُشار إليها في الآيات الكريمة كلها من العوامل الخارجية، وهذه العوامل هي ذاتها التي تعمل على قتل الخلية الإنسانية، كما تؤكد ذلك الأبحاث البيولوجية المعاصرة، فالخلية حينما تتعرض للجفاف، وحينما تتعرض لانقطاع الماء عنها، وحينما لا تتغذى، وحينما لا تحجب عن عناصر التلوث، فإن كل مقومات الحياة تكون مكفولة لها، ولكنها تموت مع هذه العوامل كلاً أو جزءاً، مما يجعل حديث الآيات الكريمة حديث عن أسرار البقاء، وليس مجرد حديث عابر جرى في لحظة تاريخية مرت ولن تعود، أو أنه غير صالح في بقية التاريخ.
والملفت للإنتباه هنا أن الله سبحانه وتعالى جعل سبب الشقاء والذي بسببه أخرج آدم من هذه الجنة، هو الحياد عن إرشادات الله تعالى والإصغاء إلى الشيطان، والشيطان هنا وإن ضرب بإبليس مثلاً، إلّا أنه عنوان لكل ضر معنوي أو مادي يلحق بالإنسان ومحيطه، وكذلك طبيعة ما يؤكل، وذلك لقوله تعالى: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين* فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما}[8]، والدمج ما بين الأمرين يوحي بأن السبب الرئيس للضر المادي الذي يحصل للإنسان، هو طبيعة تسرّب منظومة الضر إلى المنظومة الغذائية للإنسان، ومما لا شك فيه أن هذا الضر إن أخذناه بالمعنى البيولوجي فسيتعلّق بما يعرّض الخلية الإنسانية إلى واحدة أو أكثر من عناصر الإماتة، وهي الجفاف أو الحرارة أو التلوث الخارجي أو انعدام الغذاء، وعليه فإن طهارة قلب الإنسان مما يجعله غير قابل لوسوسة الشيطان، والتوقّي الغذائي يجعل عمر الإنسان مفتوحاً بدون قيود، ما لم يعرض إليه حادث كالقتل وما شاكل، ولا يوجد لدينا في مفهومنا القرآني أطهر ممن وصفوا بأنهم ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وأعني بذلك أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم، ومن هنا يمكن لنا أن تبين لم قال الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله فيما ينقله عنه الإمام الحسن عليه السلام: ما منا إلّا مقتول أو مسموم،[9] وكذا ما قاله الإمام الرضا عليه السلام: ما منا إلّا مقتول شهيد.[10]
ولو ضممنا إلى خصيصة العصمة التي تعني عدم خضوع المعصوم لوسوسة الشيطان، حالة العلم المتوافر لدى المعصوم صلوات الله عليه ومنه علم الأبدان والذي يتيح له أسرار الغذاء وطبيعته، وضممنا كل ذلك إلى حالة الغيبة والتي تعني انه سيكون في منأى عام من العوامل الخارجة عن النظام الغذائي أو المعنوي، لأنه سيكون بعيداً عن أذى الظلمة، فإننا نخلص إلى أن كل العوامل التي تؤثر في قصر حياة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف منتفية تماماً، مما يجعل الحالة الطبيعية فيه هو طول حياته بأبي وأمي، ولذلك تفصيل يمكن مراجعته في الجزء الأول من كتابنا علامات الظهور.
41 - المختار المختار (مجموعة حكيميون): هل صحيح أن احدى علامات الظهور ظهور جبل من ذهب أعالي الفرات؟ وهل أن قصور الطاغية صدام التي كانت على ضفاف الفرات وأعالي الجبال والكنوز التي كانت داخل القصور تدخل ضمن الرواية؟
الجواب: لم يتسن لي معرفة أي طريق لتصحيح خبر كنز الفرات، فكل ما يتم التحدّث عنه في مجاله إنما هو حديث العامة، وبالرغم من كثرته لديهم بصورة تبلغ حد التواتر، إلّا إنني لم أجد أي إشارة في حديث أهل البيت عليهم السلام إليه، ومما يثير العجب أن بعضاً من كتّابنا يأخذون الخبر أخذ المسلّمات، مع أنه لا وجود له في حديث أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم.
وبغض النظر عن صحة الخبر من عدمه، فإن ما يلفت الإنتباه إليه هو أن كلمة الحسر استخدمت في الخبر، فلقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قوله: يوشك الفرات أن يُحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً.[1] فالحسر لا يكون إلّا من قلة مياه النهر أو من تغير مجراه، ولا علاقة له بجفاف النهر كما تصوّره بعضهم، كما أن الحديث عن الكنز ورد في عدة أحاديث ذكرهما البخاري ومسلم أيضاً بعنوان جبل من الذهب بدلاً من الكنز، فلو قدّر أن نأخذ الخبر على ظاهره فإن ظهور الجبل لا يمكن أن يحصل إلّا من خلال زلزال أو بركان يعيد رسم جغرافية الفرات ليجعل محل مجرى النهر جبلاً، لأن أي علو في مستوى الأرض لا يمكن حصوله إلا عبر ذلك، وهو أيضاً مما لم يأت ذكره في أي خبر عندنا، وفي علمي أن كتب العامة أيضاً خلت من ذلك، أو يؤخذ لفظ الخبر على الكناية وهي خلاف مذهبهم فإن الجبل يمكن أن يكون بمعنى الكثرة، وللقوم تخبطات عجيبة في تفسير ذلك، ألمحنا إلى بعض منها في الجزء الثاني من علامات الظهور ص253.
وبمعزل عن كل ذلك فما من تأكيد على أن الخبر في تقدير صحته له علاقة بالظهور الشريف كي يكون علامة له، بل عدّه القوم بأنه من أشراط الساعة الصغرى، نعم ورد في خبر ذكر ابن ماجة في سننه عن ثوبان مولى رسول الله صلوات الله عليه وآله أن ثمة كنز يتم التقاتل عليه بين ثلاثة، ويكون قتالهم قريباً من الرايات السود فقال: يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يُقتّله قوم.[2] والخبر كما ترى لا دلالة فيه على زمن محدد غير الربط بالرايات السود، ولكون أحاديث القوم عن الرايات السود غالبيتها تتعلق برايات العباسيين، فإن الربط بمسألة الظهور يبقى غائباً، خاصة وأن الحديث عن التقتيل بهذه الصورة من قبل الرايات السود، أليق برايات بني العباس منها برايات السيد الخراساني، فتلك رايات انتقام من الأمويين، وهذه رايات إنقاذ للعراقيين، ومهما يكن فلو صح الربط بعالم الظهور وأريد به ريات السيد الخراساني فإن ذلك سيكون قريباً من أحداث معركة قرقيسياء التي تجري بين السفياني وبين الأتراك وبني قيس وهم عشائر محافظة دير الزور السورية وجنوب محافظة الحسكة، وينضم لاحقاً لهم أولاد عمومتهم من المحافظات الغربية من العراق.
أما هل أن له علاقة بكنوز المجرم صدام التي خبّأها في قصوره؟ فإن القدر المتيقّن بالنسبة لنا هو الشك بصحة الخبر أولاً، وثانياً طبيعة أحاديثهم تشير إلى قتال شرس جداً على هذا الكنز وهو أمر لم يحصل سابقاً ولا حالياً، والله العالم.
42 - بسمة الحياة (منتديات براثا): إحدى الأخوات من أهل السنة و الجماعة تسأل سؤال بخصوص المسائل المهدوية و تقول: لماذا يأخذ المصلح المنتظر بثأر الإمام الحسين إذا كان المختار الثقفي أخذ بثأره؟ و يوم القيامه يطالب بثأره مره اخرى ؟
الجواب: ليس المقصود بالثأر للإمام الحسين عليه السلام هو الثأر من الأشخاص الذين قتلوه بشكل مباشر، فمن الواضح أن هؤلاء مرّوا بمرور الزمن سواء بيد المختار الثقفي رضوان الله عليه أو بيد غيره، ولكن المراد ينطوي على بعدين أولهما يتعلّق بكل من قبل بفعل أولئكم القتلة وترضّى عليهم من أولئكم الذين يعيشون في عهد الإمام صلوات الله عليه، ولذلك نحن نتبرء ممن قتل الحسين عليه السلام من الأولين والآخرين، وتارة يكون بالثأر من القيم التي قتلت الإمام الحسين ومصداقها الاجتماعي يتمثل بكل من دافع عن هذه القيم ونافح عنها وناصرها، لأن الراضي بفعل قوم يحشر معهم ويحسب عليهم.
43 -بسمة الحياة (منتديات براثا): أحب أن أعرف عن وضع النساء في زمن القائم لأني سمعت أن الذئب سيلعب مع الحمل، والأفعى مع الطفل بأمان، فهل سيكون هناك اختلاط بين الرجال و النساء بسبب الأمان؟
الجواب: ما تعنيه مثل هذه الروايات لا علاقة له بتغيير الخلقة الإنسانية، كما توهّمه البعض، فهذا ما لن يحصل، فالخلقة الإنسانية أو الحيوانية ستبقى بسجاياها وبطبيعتها التي خلقها الله سبحانه، ولن تتغير، ولكن المقصود بها هو الوصف الكنائي عن الموضوع، إذ أن المراد به شيوع حالة الأمان والعدالة التي تكفل حتى للحيوانات رزقها، فضلاً عن البشر، ومن المعلوم أن الحيوان بطبيعته حينما يؤمّن له الغذاء لن يعتدي على أحد، وليس هو كالبشر الذي قد تستمر عنده حالة الإعتداء حتى لو أمّن زوال أسباب الاعتداء، أما بالنسبة لوضع النساء في زمن الإمام صلوات الله عليه، فلا تغيير في سجاياهم الأخلاقية ولا في المنهاج التربوي الموضوع لهم، بل ستكون العفة والحشمة هي الميزة الكبرى التي ستميّز مجتمع الإمام صلوات الله عليه، مما يعني ان الاختلاط سينتفي في حال انتفاء مسوغاته الشرعية، ومع انتفاء هذه المسوغات لن يكون له معنى، بمعنى أن المرأة في عصرنا هذا حينما تلجؤها الظروف لكي تخرج وتعمل في الوسط الرجالي، قد يكون الاختلاط مسوّغاً لها في حال التزامها بالضوابط الشرعية المقننة لهذا الأمر، ولكن حينما تكون الظروف في عصر الإمام صلوات الله عليه تنفي عنها هذه الحاجة، عندئذ فإن مما لا شك فيه أن تلك الضوابط التي سمحت لها بالعمل في الوسط الرجالي ستنتفي وبالنتيجة سيكون حكمها نختلف تماماً عن حكم هذه الأيام.
44 -عطر السماء (مجموعة حكيميون): ماهو الانتظار هل نجلس نضع أيدينا على خدودنا، و ننتظر حتى يظهر الإمام المهدي (عجل الله فرجه ) أم ماذا؟؟
الجواب: الإنتظار لا معنى له إلّا بسبب وجود غاية هي التي دعت إليه، كما أن الغيبة لا معنى لها إلّا من خلال وجود حكمة تقف من ورائها، وحين التأمّل نجد أن أسباب الغيبة تكمن في قضيتين أساسيتين، أحدهما تتعلق بغياب الناصر للإمام صلوات الله عليه، والثانية تتعلق بوجود المعادي للإمام بأبي وأمي، ولهذا حينما طولبنا في فترة الغيبة بأن ننتظر الإمام روحي فداه، فليس لسبب إلّا لأن مهمة الإنتظار هو في واقعه إتاحة الوقت الكافي من أجل إعداد الناصر لمواجهة أعداء الإمام صلوات الله عليه، مما يجعل القول بأن الإنتظار منفكّ عن هذا الأمر، وأن لا علاقة للمنتظر بذلك يمثل انتكاسة كبرى في وعي القضية المهدوية، الأمر الذي يفرض علينا أن نعيد قراءة الإنتظار من هذه الزاوية، فالإسلام دين العمل والجدية في التعاطي مع شأن هداية الناس، وحينما يتم تحديد القضية المهدوية بعنوانها البرنامج الخاص بعملية الهداية الربانية ضمن خط الإمامة، فإن ما يجب علينا أن نفهمه أن هذه القضية يتنافى العمل من أجلها مع سلوكيات التهاون والإتكال والتكاسل، بل إن من يريد أن يرتبط بها عليه أن يبرز دوماً جدية في التواصل مع أهدافها.
45 - عطر السماء (مجموعة حكيميون): ماهو واجبنا في زمن الغيبة؟
الجواب: من الواضح أن الواجب العام المتعلّق بنا هو العمل بالتقوى التي أمرنا بها القرآن الكريم والنبي الأكرم، وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم، وهذا الواجب لا علاقة له بالغيبة أو بعدمها فهو واجب دائم في كل الحالات، ولكن في زمن الغيبة يكتسب هذا الواجب رائحة خاصة تتمثل بطبيعة التواصل مع الإمام صلوات الله عليه ومع أهدافه في زمن الغيبة، فكما أشرنا في جواب آهر فإن هذه الغيبة لم تحصل نتيجة للصدفة، كما أن المؤمن لم يترك فيها لكي يتصرف دون أبالية لطبيعة الأهداف المطلوبة منه، بل لا يمكن تحقيق الإيمان إلّا من خلال التعاطي الجاد مع كل مقتضياتها، وهذه المقتضيات في زماننا المعاصر بعنوانه الزمان الأقرب للظهور الشريف لها واجهتين؛ الأولى تتعلّق بالتصرف العام الذي طولبنا به لغرض إرضاء الإمام صلوات الله عليه، وعملية الإرضاء هذه هي مواصفة عامة لغرض إعداد النفس لنصرة المعتقد الشريف متى ما اقتضت الحاجة، سواء كانت هذه النصرة مرتبطة بتحصين ذات الإنسان المنتظر أو بتحصين المجموعة المنتظرة أو بتحصين قواعدها العامة بكل ما لكلمة التحصين من معنى ومن مدى، أو كانت في مواجهة الأخطار المسلّطة على المؤمنين من أعدائهم وإتقاء الأضرار التي يمكن أن يلحقونها بالمؤمنين أو تقليصها.
أما الواجهة الثانية فهي خاصة بسلوكية التمهيد والتي تتعامل مع قضية الظهور على قاعدة: "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" وهذه السلوكية تتعامل مع هذه القضية، وكأن الإمام صلوات الله عليه سيظهر غداً، ولكن دون إغفال الضوابط التي وضعت أمامهم من قبل أئمة الهدى صلوات الله عليه والتي تحول دون الاستعجال والتهوّر، وأهمّ هذه الضوابط يمكن أن يتم إدراكها من الفهم الدقيق لعلامات الظهور، لا بعنوانها دالّة على الظهور فحسب، وإنما بما تتضمن من مناهج عمل، وهذه المناهج على صنفين، أولهما يختص بالفترة التي لا دلالة ظاهرة وحاسمة فيها على الظهور، وهذه تستدعي الاهتمام بتنمية المحتوى الداخلي للمنتظِر بصورة تجعله قادراً على مواجهة استحقاقات المرحلة وبشكل تضمن له الثبات على طريق حسن العاقبة باعتبار كثرة البلاء والفتن التي ستتميز بها هذه المرحلة.
أما الصنف الثاني فهي التي تتعلق بالمرحلة التي تكون فيها دلالات الظهور حاسمة أي في المرحلة التي عبّر عنها الإمام الباقر صلوات الله عليه في حديثه لجابر بن يزيد الجعفي رضوان الله عليه: "يا جابر إلزم الأرض، ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها".[1] وهي المرحلة التي تحسم بالتفجير النووي الذي يطال دمشق، وطابعها العام هو تهيئة المستلزمات الموضوعية المترتبة على حركة العلامات، وهي لهذا تختلف من مكان لآخر، ولن تبقى هذه المستلزمات في وتيرة واحدة، لأن طبيعة حركة العلامات ستكون سريعة جداً، ولكن مهما يكن ستختلف التكاليف المرتبطة بالمؤمنين في الشام غيرها في العراق، والعراق يختلف عما في إيران، بل إن مناطق العراق يختلف أحدها عن الآخر.
46 - سيد محمود الجزائري (مجموعة حكيميون): نقرأ في كثير من كتب المذهب من ادّعى الرؤيا فهو كاذب... إذن كيف يتم التوفيق بين هذا الكلام، وبين بعض الروايات التي يطرحها بعض العلماء الاعلام بأنهم التقوا الإمام؟
الجواب: الرواية المشار إليها لا تتعلق بالرؤيا أو مطلق اللقاء بالإمام صلوات الله عليه، وإنما تتعلق بالمشاهدة التي تحاكي مفهوم السفارة، ونصّها كما ورد عن الإمام روحي لمقدمه الفدا في توقيعه للسفير الرابع علي بن محمد السمري رضوان الله عليه: "وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفترٍ"[1] والتي بموجبها يكون كلام السفير في الأحكام الشرعية وما يشاكلها ملزم وحجّة، فالمشاهدة بهذا المفهوم انتهت بموت السفير الرابع رضوان الله عليه، وما من سفير للإمام صلوات الله عليه من بعد ذلك ما دمنا في عهد الغيبة الكبرى، أما الرؤيا وما يشابهها، أو اللقاء الخاص الذي لا يكشف عن حكم شرعي، فإن التجربة التاريخية حافلة بنماذج كثيرة له.
وهذا الحديث من شأنه أن يشكل قاعدة في غاية الأهمية والخطورة، لأنه كفيل بقطع الطريق أمام أدعياء المهدوية، لأن كلام الإمام صلوات الله عليه هنا قاطع وجازم بإغلاق أي منفذ يمكن لهؤلاء الأدعياء أن ينفذوا من خلاله. من خلال التكذيب الصريح لكل من يدّعي أن أحكامه يأخذها من الإمام صلوات الله عليه.
47 - محب باسم الكربلائي (مجموعة حكيميون): هناك بعض الكتّاب من ذوي المؤلفات القيّمة، والتي أعجبتني كتاباتهم تطرقوا الى موضوع تحديد وقت ظهور القائم (روحي لتراب مقدمه الفداء) بتحديد السنة بالضبط استناداً الى أدلّة رقمية من القرآن الكريم ونكت عددية من الآيات الكريمة، مارأي سماحتكم في مثل هذه البحوث؟؟
الجواب: لا أدري عمّن تتحدثون، ولكن القدر المسلّم به أن التفسير بالأرقام لا حجّة فيه، بالرغم من وجود إشارات رقمية في الآيات الكريمة، ولكن لا نستطيع أن نخرج منها دليلاً، وما من دلالة في حديث المعصوم عليه السلام الصحيح على ذلك، بالشكل الذي يمكن لنا معه أن نؤسس لقاعدة عامة يمكن أن نعتمد عليها في تفسير الأمور، أما الحديث عن توقيت الظهور فهو من الأمور التي كذّبها الأئمة صلوات الله عليهم سلفاً ونهوا عنها كما في سؤال الفضيل بن يسار للإمام الباقر عليه السلام: لهذا الأمر وقت؟ فقال: كذب الوقّاتون، كذّب الوقاتون، كذب الوقّاتون.. الخبر.[1]
على العموم مهما أحسن الظن بمنهج حساب الأرقام فهو يبقى ظني الدلالة، والدلالة الظنية لا تؤدي إلى العلم القطعي، على أننا يجب أن نلتفت إلى حقيقة أننا لسنا مطالبون بظهور الإمام صلوات الله عليه، وإنما كل ما طولبنا به رضا الإمام صلوات الله عليه عنّا سواء ظهر الإمام بأبي وأمي أو لم يظهر، فكل ذلك ليس من تكليفنا، نعم طالبتنا الروايات الشريفة بأن نتمعن في علامات الظهور لما فيها من فوائد جمّة وعملية للمنتظرين في عهد الغيبة الكبرى.
48 - (البريد الخاص بالموقع): أود السؤال عن تفسير الأحاديث الواردة عن الصيحة في شهر رمضان فقد أثبت لدينا ان الصيحة تكون في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، بينما ورد في بعض مصادر أهل السنة أن هناك صيحة أو هدة أو صوت على اختلاف المصادر في الخامس عشر من شهر رمضان، وذكرت بعض المصادر أن هذا الصوت هو صوت جبرائيل عليه السلام بينما لم يرد في روايات اهل البيت عليهم السلام إشارة الى صيحة في الخامس عشر من شهر رمضان، فهل تتفضل بتوضيح ذلك؟ وهل برأيك أن هذه الصيحة أو الهدة متعلقة بأهل الأرض عموما وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باتخاذ عدة تدابير عند سماعها؟ أم متعلقة بأهل الحجاز أو الشام؟.
الجواب: هناك فرق واضح بين الصيحة الجبرائيلية، وبين الصيحة والصوت والهدة التي أشرتم إليها والتي ذكرت مصادر العامة بأنها تحصل في الخامس عشر من شهر رمضان، فالأولى تحصل بعد خروج السفياني وقبل خروج الإمام صلوات الله عليه، بينما الثانية فهي قبل خروج السفياني، وكذلك فإن الأولى تسمع في كل العالم، بينما الثانية فستكون خاصة بالشام، ولهذا فإن ما أشرتم إليه في شأن التدابير الوارد ذكرها في عدة احاديث نبوية في مصادر العامة تبقى هي خاصة أيضاً بالشام.
وفي الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور فصّلنا الحديث عن ذلك وأشرنا إلى أن الصيحة المشار لها في خصوص الشام هي الصوت المنبعث عن تفجير نووي يستهدفها، وقد أشير إليها في عدة روايات صحيحة أو موثّقة في مصادر أهل البيت عليهم السلام، كما في حديث الإمام الباقر عليه السلام الذي يرويه عن جابر بن يزيد الجعفي رضوان الله عليه وفيه الحديث عن الصوت الذي يأتي بالفتح،[1] أو عن الصوت الذي فيه فرج عظيم لكم كما في رواية محمد بن مسلم عنه صلوات الله عليه،[2] وأشارت إليه أحاديث رغم ضعف سند بعضها إلّا أنها دالة عليها كما في الحديث المروي عن أبي بصير عن الإمام الباقر في حديثه عن نار تشبه الهُردي العظيم،[3] أو في حديث الإمام أمير المؤمنين عليه عن الرجفة التي يهلك بها مئة ألف في الشام والتي تكون رحمة للمؤمنين ونقمة على الكافرين[4]، ولم يوقّت حديث أهل البيت صلوات الله عليهم لها كما وقّتت لها أحاديث العامة، ولكن في حديث أمير المؤمنين نجد وصفاً للحالة يشير إلى أن احتدام الصراع بين جيشين في دمشق هو الذي ينبئ عن هذه العلامة والتي نعتبرها أهم العلامات لأنها تعطينا المجال الواسع لحساب الوقت بدقة، ومن هنا وصفت في حديث الإمام الباقر عليه السلام بالفتح، وتكون هي في فاتحة أحداث وصفت بتسلسلها تنتهي بخروج السفياني الذي سيكون في شهر رجب الذي يلي هذا التفجير.