|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 51434
|
الإنتساب : Jun 2010
|
المشاركات : 301
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
وقفة مع اية الانفاق وحصول البر
بتاريخ : 23-07-2010 الساعة : 04:11 PM
لنسمع جيدا هذه الاية فقد قال تعالى :
(( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ))
البر هو الخير وقيل الطاعة و قيل سعة الخير . وكلها تندرج ضمنًا في الخير وسعته .
ومن الاية نعلم انه لا حصول ولا وصول للوسع في الخير والنعمة الإلهية ا لمادية أو المعنوية حتى يكون ننفق مما تعلقت به قلوبنا وتمسكت به نفوسنا نعم الإنفاق العام يعطي لصاحبه الثواب لكنه لا يوصل إلى البر أو التحقق بدرجة أهله .
وجعل الله تعالى دخول البر والتدرج بمدارجه إلى بلوغ منزلة الأبرار نتيجة حتمية لذلك الإنفاق
وتلاحظون معي ان الآية مطلقة من جهة الإنفاق فلم تقيده بنوع أو كم أو كيفٍ فهي غير مقتصرة على الإنفاق المالي فيشمل الإنفاق كل ما له قابلية الإنفاق سواء كان ماديًا محسوسًا أو معنويًا.
المهم هو ترك التعلق بحطام الدنيا .والسقوط في مستويات الهلكة في زخرفها بل المهم التعلق بالأسباب العليا الجاذبة للإ نسان إلى مراتب الجنان .
والإنفاق يكون على انواع كلها مطلوبة ومنها الإنفاق من جهة المال والذي يقتصر عليه فهم المؤمن بصورة اولية ومشهورة عندنا أي أن يكون المال محبوبًا من قِبل الفرد فلا تحقق على الحقيقة للإنفاق الموصل إلى
البر بغير ذلك .
والرائع في المؤمن المنفق هو احتياجه لذلك المال فهو محتاج إلى ذلك المال وليس بفائض فينفقه وهو محتاج إليه فيؤثر امر الله تعالى على نفسه واحتياجها ويقدم أمر الله تعالى على أمر نفسه .
رغم انهم قالوا ان أعلى و أسنى واشرف وأكمل وأفضل أنواع الإنفاق حينما يكون حب الله أعلى من حبه لنفسه , يعني هذا عدم حب الإنسان للمال وإنما حب الله تعالى اكبر في صدره من حبه للمال .
والنوع الثاني من الإنفاق هو الإنفاق المعنوي ،
مثل العلم والمعرفة وذلك بنشره وتعليمه للجهلاء . بما في ذلك العلوم التي تحوي على فوائد دنيوية أو أخروية على أن تكون نية التعليم أو التثقيف بأي صورة هي النظرة إلى الجهة الإلهية دونما الجهات الأخرى وكلما كان العلم اعز في نفوس أهله واقرب إلى قلوبهم كان الإنفاق منه أكرم في نظر الله .
وكذلك فان من انواع الإنفاق مسامحة الآخرين
ومغفرة أخطاءهم فان الإنسان اي واحد منا يحب أن يتجاوز الله تعالى والاخرين عن أخطاءه ويجد أحيانًا صعوبة في غفران أخطاء الآخرين والتجاوز عنهم لصعوبة نتائج هذه الصفة .
المهم قد ورد انه (( ذبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم شاة، وأخذ يفرق لحمها حتى لم يبق منها شيء يذكر، فقالت إحدى زوجاته ــ وكانت حاضرة -: يا رسول الله: لم يبق منها إلا الرقبة، قال الرسول: لم يفن منها إلا الرقبة ))
فما يصرفه الإنسان من ماله يفنى، أما ما يقدمه إلى الله سبحانه فهو الباقي، فليقدم الإنسان شيئاً من ماله ليبقى، وقد ذكر الله سبحانه: ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له)، فالمال الذي يقدمه الإنسان إنما هو قرض لله سبحانه، ثم الله يضاعفه له، ويرجعه إليه، فهل ينتظر شيء اكثر من ذلك؟
ومرة خرج الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو وعبده: (قنبر) إلى السوق، واشترى ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم والآخر بدرهمين، فأعطى ذا الثلاثة لقنبر، وأخذ لنفسه ذا الدرهمين..
وفي ليلة زواج فاطمة (عليها السلام): اعترضتها مسكينة، فنزعت فاطمة ثوبها الجديد، وأعطته إياها، ولبست هي ثوبها العتيق، فلما ورد عليها الرسول صبيحة العرس وعليها الثوب الخلق قال: يا فاطمة! أين ثوبك الجديد؟ قالت أنفقته في سبيل الله، قال الرسول ــ وهو يريد اختبارها لتعليم الناس ــ: هلا أنفقت الثوب الخلق؟ قالت: لأني سمعت أن أمي خديجة ليلة زواجها سألتها مسكينة، فأعطتها ثوبها الجديد، وهي دخلت غرفة الزفاف بثوبها الخلق…
تزوج رجل بامرأة زاهدة من الأخيار، وبعد مدة ماتت أم الرجل، فأخذت المرأة تنظر إلى الجنازة نظرة غريبة، وخرجت من الغرفة مما أثار غضب ذوي الميت واستيائهم، وظنوا أنها خولطت خبلاً، ثم: عاتبها زوجها على ما فعلت، قالت إني رأيت الشياطين بصقوا على الجنازة، حيث ان الأم كانت غير صالحة، وهذا ما أوجب أن تستغرب وتخرج من الغرفة، (وبعض الأحاديث يدل على ذلك) ثم: لما أرادوا إخراج الجنازة رأيت أن ملكاً عقد فردة حذاء عتيقة على عود أمام الجنازة، وذلك: ما أثار تبسمي، ولما سألت عن السبب (أو: علمت بذلك نقراً في قلبي) قالوا: إن هذه الفردة هي كل ما قدمته في سبيل الله في زمن حياتها!..
فهل نحب أن نكون كذلك؟ إن الإنسان يخجل إذا قدم هدية دون ما يقدمه الآخرون إلى من تقدم إليه الهدايا كالعريس، والمسافر القادم من سفر بعيد، ومن رزق ولداً أو بنى داراً.. أفلا تخجل من أن تقدم أتفه الأشياء أو أحقرها إلى الله سبحانه؟
جاء رجل إلى بيت الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلم ير فيه أثاثاً، فقال: يا أمير المؤمنين! أين متاع البيت؟ قال الإمام (عليه السلام): نقلناه إلى دارنا الأخرى، فظن الرجل أن الإمام انتقل من هذه الدار إلى دار ثانية، فلما سأل عن دار الإمام الأخرى قالوا له: إن الإمام يقصد الدار الآخرة.
ابو فاطمة العذاري
|
|
|
|
|