الحمدلله رب العالمين والصلاة ولسلام على أشرف الخلق اجمعين سيد الكائنات أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين
قال تعالى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى } {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } , سورة النجم الآيات 11-13 , ماالذي رآه النبي ص ؟ هل رأى الذات الإلهية ؟ بالطبع من يقول بهذا يكون كافرا لأن أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم نهونا عن التفكر في ذات الله أو الحديث عن الذات الإلهية , فما الذي رآه النبي ص؟ تعالوا لنبحر في تفاسير أهل البيت عليهم السلام التي تخلو بيوت بعض الشيعه مع شديد الأسف منها ولنتفكر في ما ورد ونتأمل ونتدبر, ففي تفسير الصافي للعلامة الفيض وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه سئل عن هذه الآية فقال رأيت نوراً , وفي الكافي والتوحيد عن الرضا عليه السلام انّه سئل عن ذلك فقال ما كذب فؤاد محمد صلّى الله عليه وآله ما رأت عيناه ثم اخبر بما رأى فقال لقد رأى من آيات ربّه الكبرى فآيات الله غير الله.
أقولُ: وقد سبق انّه رأى عظمة ربّه بفؤاده وانّما اختلفت الاجوبة لاختلاف مراتيب افهام المخاطبين وغموض المسؤول عنه. (تعليق الفيض) وعن الرضا عليه السلام لمّا اسري به الى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سمّ الابرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله ان يرى , وعن الباقر عليه السلام قال فلمّا انتهى الى سدرة المنتهى تخلّف عنه جبرئيل فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تخذلني فقال تقدّم امامك فوالله لقد بلغت مبلغاً لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربّي وحال بيني وبينه السّبحة قيل وما السّبحة فأومى بوجهه الى الأرض وبيده الى السماء وهو يقول جلال ربّي جلال ربّي ثلاث مرّات.
وفي العلل عنه عليه السلام ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى يعني عندما وافى به جبرئيل حين صعد الى السماء فلمّا انتهى الى محلّ السدرة وقف جبرئيل دونها وقال يا محمد انّ هذا موقفي الذي وضعني الله عزّ وجلّ فيه ولن اقدر على ان اتقدّمه ولكن امض انت امامك الى السدرة فوقف عندها قال فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وآله الى السدرة وتخلّف جبرئيل قال انّا سمّيت سدرة المنتهى لأنّ اعمال اهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة الى محلّ السدرة والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفع اليهم الملائكة من اعمال العباد في الأرض قال فينتهون بها الى محلّ السدرة قال فنظر رسول الله صلّى الله عليه وآله فرأى اغصانها تحت العرش وحوله قال فتجلّى لمحمّد صلّى الله عليه وآله نور الجبّار عزّ وجلّ فلمّا غشي محمد النّور شخص ببصرة وارتعدت فرائصه قال فشدّ الله عزّ وجلّ لمحمد صلّى الله عليه وآله قلبه وقوّى له بصره حتّى رأى من آيات ربّه ما رأى وذلك قول الله عزّ وجلّ ولقد رآه نزلة اُخرى عند سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى يعنى الموافاة قال فرأى محمّد صلّى الله عليه وآله ما رأى ببصره من آيات ربّه الكبرى يعني اكبر الآيات قال عليه السلام وانّ غلظ السدرة لمسيرة مأة عام من ايّام الدنيا وانّ الورقة منها تغطّي اهل الدنيا.
وفي كتب أهل الخلاف مثل كتاب سنن الترمذي لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي ج5 دار الفكر بيروت الطبعة الثانية 1983 ص69 ح3333 عن عكرمة عن ابن عباس قال : رأى محمد ربه , قلت ك أليس الله يقول لا تدركه الابصار وهو يدرك الأبصار ؟ قال :ويحك ذاك إذا تجلى بنور الذي هو نوره وقد رأى محمد ربه مرتين , هذا حديث حسن غريب , وفي ص70 ح3336 عن عبدالله ابن شقيق قال : قلت لأبي ذر : لو أدركت النبي ص لسألته , فقال : عما كنت تسأله ؟ قلت : أسأله هل رأى محمد ربه ؟ فقال : قد سألته فقال : نورا أنى أراه , هذا حديث حسن .
وأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم هم النور لذلك نقول في الأدعية والزيارات كنتم نورا في الأصلاب الشامخه والأرحام المطهرة , وفي ارشاد القلوب للديلمي ج2 ص258 عن النبي ص أنه قال : يا علي خلقني الله وأنت من نوره حين خلق آدم ع فافرغ ذلك النور في صلبه فافضى به الى عبدالمطلب ثم افترقا من عبدالمطلب أنا في عبدالله وأنت في أبي طالب لا تصلح النبوة إلا لي ولا تصلح الوصية إلا لك فمن جحد وصيتك فقد جحد نبوتي ومن جحد نبوتي أكبه الله على منخريه في النار . وقد رأى رسول الله ص من آيات ربه الكبرى كما في التفاسير , وفي بحار الأنوار للمجلسي رحمه الله ج39 ص 336 عن ابن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه ، أنا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه ، أنا صفي رسول الله وصاحبه ، أنا ابن عم رسول الله و زوج ابنته وأبوولده ، أنا سيد الوصيين ووصي سيد النبيين ، أنا الحجة العظمى والآية الكبرى والمثل الاعلى وباب النبي المصطفى ، أنا العروة الوثقى وكلمة التقوى وأمين الله تعالى ذكره على أهل الدنيا . وفي ص349 وقال عليه السلام : أنا دحوت أرضها ، وأنشأت جبالها ، وفجرت عيونها ، وشققت أنهارها ، وغرست أشجارها ، وأطعمت ثمارها ، وأنشأت سحابها ، وأسمعت رعدها ، ونورت برقها ، وأضحيت شمسها ، وأطلعت قمرها ، وأنزلت قطرها ، ونصبت نجومها وأنا البحر القمقام الزاخر ، وسكنت أطوادها ، وأنشأت جواري الفلك فيها ، وأشرقت شمسها ، وأنا جنب الله وكلمته ، وقلب الله وبابه الذي يؤتى منه ، ادخلوا الباب سجدا أغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين ، وبي وعلى يدي تقوم الساعة ، وفي يرتاب المبطلون ، وأنا الاول والآخر والظاهر والباطن وبكل شئ عليم .
جعلنا الله واياكم من المتعطشين لمقاماتهم بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها