إسماعيل الذبيح والحسين
(عليهما السلام)
في هذه النقطة وما بعدها نحاول إظهار البعد والعمق التاريخي للثورة الحسينية والسعة والشمولية لأهل الأرض والسماء , فإبراهيم الخليل (عليه السلام) عندما عقد العزم على السير والسلوك إلى اقرب الدرجات من الحضرة الإلهية المقدسة , تمنى ان يقدم اعز قربان إلى الله تعالى حتى يرتقي في السلم القدسي , فاستجاب الله تعالى دعوته وأمنيته فأبدل التضحية والذبح لابنه إسماعيل الذبيح (عليه السلام) بتضحية وذبح أعظم واكبر وأكثر حزناً وألماً الذي يحصل في طف كربلاء حيث يذبح الإمام الحسين (عليه السلام) فيغتم إبراهيم (عليه السلام) ويحزن حزناً شديداً على هذا المصاب الجلل لان صاحب المصاب (عليه السلام) أفضل وأحب إليه من ابنه إسماعيل الذبيح (عليه السلام) .
وبهذا يثبت ان الثورة الحسينية تعيش في واقع الحياة ووجدان المجتمع ونفوس وقلوب الأنبياء والصالحين (عليهم السلام) منذ بدأ الخليقة .
واليك بعض ما يشير إلى هذا المعنى :
1- عن الإمام الرضا (عليه السلام) : (لما أمر الله عز وجل إبراهيم (عليه السلام) ان يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي انزله عليه , تمنى إبراهيم (عليه السلام) ان يكون قد ذبح ابنه إسماعيل وتمنى انه يؤمر بذبح ذلك الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح اعز ولده بيده عليه , فيستحق بذلك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب , ....
فأوحى الله عز وجل : يا إبراهيم من أحب خلقي إليك ؟
قال إبراهيم (عليه السلام) : يا ربي ما خلقت خلقاً هو أحب إليّ من حبيبك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
فأوحى الله تعالى إليه : فهو أحب إليك أم نفسك ؟
قال إبراهيم (عليه السلام) : بل هو أحب إليّ من نفسي .
قال الله تعالى : فولده أحب إليك أم ولدك ؟
قال إبراهيم (عليه السلام) : بل ولده .
قال الله تعالى : فذبح ولده ظلماً على أيدي أعداءه أوجع لقلبك , أم ذبح ولدك بيدك في طاعتي ؟
قال إبراهيم (عليه السلام) : يا ربي بل ذبحه على أيدي أعداءه أوجع لقلبي .
قال الله تعالى : يا إبراهيم فإن طائفة تزعم انها من شيعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ستقتل الحسين من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش , ويستوجبون بذلك سخطي .
قال الإمام الرضا (عليه السلام) : فجزع إبراهيم (عليه السلام) لذلك وتوجع قلبه واقبل يبكي ...
فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم (عليه السلام) : قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك, بجزعك على الحسين وقتله , وأوجبت لك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب) .
2- ومما يشير إلى حزن إبراهيم (عليه السلام) بعض ما ورد عن المعصومين (عليهم السلام) في احد وجوه تفسير قوله تعالى : (إني سقيم) الصافات / 88 .
انه سقم عندما علم بما يحصل للإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف , حيث ورد : (ان إبراهيم (عليه السلام) قال : اني سقيم , يعني بما يفعل بالحسين (عليه السلام) لأنه عرفه من علم النجوم ...)