كتب معاوية إلى جميع عماله في الآفاق: " لاتتركوا خبراًُيرويه أحد من المسلمين في أبي تراب (أي الإمام علي عليه السلام) إلا وتأتون بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب أحب إلي وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته."
وقد وضع معاوية قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيخة في علي عليه السلام، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه؛ وجعل لهم على ذلك جُعلا يُرغَبُ في مثله؛ فاختلفوا في أرضاءه منهم شيخ المضيرة وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير.
زوى الأعمش قال: لما قدم [شيخ المضيرة ] العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جَثا على ركبتيه، ثو ضَرب صَلعته مراراً، وقال:يا أهل العراق، أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار ! والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن لكل نبيٍّ حَرَاماً، وإنّ حَرَامي بالمدينة، ما بين عَير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملاءكة والناس أجمعين " أشهد بالله أن علياً أحدث فيها: فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة.
روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم بن عمر بن عبدلغفار أنه (أي شيخ المضيرة) لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه وقال: أنشدك الله أسمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب: أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ؟ فقال: أللهم نعم! فقال: فأشهد بالله، لقد واليت عدوه، وعاديت وليه، ثم قام عنه بعد أن وخزه هذه الوخزة ألآليمة.
وقد روي أن معاوية بذل لسمرة بنجُنْدَب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلة في علي بن أبي طالب: " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجُبكَ قَوْلَهُ في الحَيَاةِ الدنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى مَافي قَلْبهِ وَهْوَ الَدُّ الخْصَام * وإذَا تَوَلىَّ في الأرض لِيُفْسِدَ فِيها وِيهلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ واللهُ لا يِحُبُّ الفسَادَ " وأن الآية الثانية نزلت في ابن مُاجم، وهي قوله تعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشرِيْ نَفْسَه ابْتَغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ " فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلثمائة ألف درهم فلم يقبل، فيذل له أربعمائة ألف فقبل، وروى ذلك.
وروى أحمد بن بشير عن مسعود بن كدام، قال: كان سمرة بن جندب أيام سير الحسين عليه السلام إلى الكوفة على شرطة عبيد الله بن زياد وكان يحرض الناس على الخروج إلى الحسين عليه السلام وقتاله.
وروى الواقدي أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن بن علي عليه السلام وأجماع الناس إليه خطب فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي " إنك ستلي الخلافة من بعدي، فأختر الأرض المقدسة، فإنها فيها الابدال، وقد أخترتكم، فالعنوا أبا تراب، فالعنوه، فلما كان من الغد كتب كتاباً، ثم جمعهم فقرأه عليهم، وفيه: هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية، صاحب وحي الله الذي بعث محمداً نبياً، وكان امياً لايقرأ ولا يكتب فاصطفى له من أهله وزيراً كاتباً أميناً، فكان الوحي ينزلُ على محمد ,انا أكتبه، وهو لا يعلم ما أكتبه، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه، فقال له الحاضرون كلهم صدقت يا أمير المؤمنين.
قال المسعودي في "مروج الذهب" وبلغ من إحكامه السياسة وإتقانه لها واجتذابه قلوب خواصه وعوامه قد بلغ من أمرهم في طاعتهم له أنه صلى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة يوم الأربعاء، وأعاروه رؤوسهم عند القتال وحملوه بها، وركنوا إلى قول عمرو بن العاص: أن علياً هو الذي قتلَ عَمَّار بن ياسر حين أخرجه لنصرته، ثم أرتقى بهم الأمر في طاعته إلى أن جعلوا لعن علي سُنَّة، ينشأ عليها الصغير، ويهلك عليها الكبير.
روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث قال كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب (يعني أمير المؤمنين علي عليه السلام)وأهل بيته (يعني أهل رسول الله صلوات الله عليهم) فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً، ويبر}ن منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته.
لقد صبرت على المكروه أَسمعـه ***** من معشر فيك لولا أنت ما نطقوا
وفيك داريت قــــوماً لا خلاق لهــم ***** لـولاك ما كنت أدري أنهم خُلقوا
أحسنتم وجزاكم الله خير الجزاء
ووفقكم لنشر فضائل أهل البيت عليهم السلام
ورزقكم الشفاعة الكبرى على هذا الجهد
وأماتنا واحيانا واياكم على حُبهم آمين
؛
وواللهِ لن يموت ذكرهم روحي فداهم
فأين معاوية اليوم انه في مزبلة التأريخ
؛
وبقي امير المؤمنين شمساً تشرق على الكون لتحييه