اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
مواضع ردت فيها الشمس أو حبست لعلي (عليه السلام)
ونحن نشير هنا إلى بعض ما ورد من ذلك، فنقول:
في منزل الرسول (صلّى الله عليه وآله):
ذكر العياشي: أن علياً (عليه السلام) دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه، وقد أغمي عليه، ورأسه في حجر جبرئيل، وجبرئيل في صورة دحية الكلبي، فقال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك، فأنت أحق به مني؛ لأن الله تعالى يقول: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}.. ثم ذكر القضية(1).
وعن ابن مردويه، عن أسماء بنت عميس، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، والحسين بن علي (رضي الله عنهم): أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان ذات يوم في منزله، وعلي بين يديه، إذ جاء جبرئيل يناجيه عن الله عز وجل.
فلما تغشاه الوحي توسد فخذ علي، ولم يرفع حتى غابت الشمس، فصلى العصر جالساً، يومئ لركوعه وسجوده إيماءً.
فلما أفاق قال لعلي: أفاتتك صلاة العصر؟
فقال: صليتها إيماءً. أو قال: لم أستطع أن أصليها قائماً لمكانك يا رسول الله، والحال التي كنت عليها في استماع الوحي.
فقال: ادع الله حتى يرد عليك الشمس حتى تصليها قائماً في وقتها، كما فاتتك، فإن الله يجيبك؛ لطاعتك لله ورسوله.
فسأل الله في ردها، فردت عليه حتى صارت في موضعها من السماء وقت صلاة العصر، فصلاها، ثم غربت الخ...
وفي نص آخر، لهذه القضية قالت أسماء: حتى بلغت الشمس حجرتي، ونصف المسجد.
وفي نص آخر قالت: فرجعت الشمس حتى رأيتها في نصف الحجر، أو نصف حجرتي
وفي نص آخر عنها أنها قالت: كان (صلى الله عليه وآله) في هذا المكان ومعه علي، إذ أغمي عليه الخ..
والمقصود بالإغماء هنا: برحاء الوحي، كما دلت عليه سائر الروايات.
يوم بدر:
عن أنس قال: أعطي علي بن أبي طالب خمس خصال، رأيتهن، لم يعطها أحد قبله: رد له الشمس يوم بدر، حيث اشتغلوا بالغنائم
في مشربة:
عن جعفر، عن أبيه، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي وهو نائم في مشربة، فضربه برجله، فاستيقظ، فقال: يا علي صليت العصر؟
قال: لا. وقد كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اللهم احبسها عليه.
قال: وكتب (وحبست)(1).
ونحن لا نستطيع القبول بقوله: (فضربه برجله) فإن ذلك لا يناسب أدب رسول الله (صلى الله عليه وآله).. ولعل الصحيح هو أنه حرك علياً (عليه السلام) برجله؛ لأن تحريك رجل نائم يجعله يستيقظ هادئاً غير مذعور.
ولكن ذلك لا يضر بأصل الحدث، فإن بطلان الخصوصية لا يبطل الرواية بمجموعها.
في الصهباء في غزوة خيبر:
روى حديث رد الشمس في خيبر عدد من الحفاظ، وفي الكثير من المصادر
رد الشمس لعلي (عليه السلام) ببابل:
وقد روي رجوعها له (عليه السلام) في العراق ومعه جيشه، وذلك بعد قطعهم معه (عليه السلام) جسر الصراة ـ نهر بالعراق ـ من أرض بابل، حيث إنه (عليه السلام) لم يصل في تلك الأرض، معللاً ذلك بقوله: (إن هذه أرض معذبة، لا ينبغي لنبي ولا لوصي نبي أن يصلي فيها)(1)، وذلك بعد رجوعه من حرب الخوارج.
والظاهر: أن المراد: أنه لم يصل فيها صلاة المختار، فلا مانع من أن يكون قد صلى فيها في حال السير مومياً للركوع والسجود.
لكن ذكر في نص آخر: أنه: (لما أراد أن يعبر الفرات ببابل، اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم، فصلى (عليه السلام) بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس، وفاتت الصلاة كثيراً منهم. وفات الجمهور فضل الاجتماع معه.
فتكلموا في ذلك. فلما سمع كلامهم فيه، سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه، لتجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها، فأجابه الله في ردها عليه الخ..(1).
وبعد أن ذكر ابن كثير ذلك، قال: وقد نظمه الحميري، فقال:
ردت عليه الشمس لمـا فاتـهوقت الصـلاة وقد دنت للمغرب
حتى تبلج نورهـا في وقتهـاللعصر ثـم هوت هـوي الكـوكب
وعليه قـد ردت ببابـل مـرةأخرى، ومـا ردت لخـلق مقـرب
وقال حبيب بن أوس:
فردت علينا الشمس والليل راغـم بشمس لهم من جانب الخدر تطـلـع
نضا ضوؤها صدغ الدجنة وانطوى ببهجتها نـور السمـاء المـرجَّـع
فــوالله مــا أدري عَلِيٌ بـدا لنـا فردت له أم كان في القوم يوشع؟!
قال ابن كثير: وهذا الشعر تظهر عليه الركاكة، والتركيب، وأنه مصنوع)(2).
ولا ندري: كيف تظهر الركاكة على هذا الشعر مع أن أهل الصناعة يدركون أنه في أعلى درجات البلاغة؟! وأظن أنه لم يفقه المقصود من الشعر، أو أن تعصبه دعاه إلى ارتكاب أمر يعلم بأنه لا يرضاه أحد ممن له بصر بالشعر ومعانيه..
وعلى كل حال، فإن الشعراء قد أكثروا من ذكر هذه القضية الفريدة في شعرهم.
وقد ذكر العلامة الشيخ محمد باقر المحمودي: مقطوعات كثيرة من ذلك، فراجع
في مسجد الفضيخ:
هذا.. وقد روي أيضاً أنها ردت له (عليه السلام) في مسجد الفضيخ، فراجع(1).
ولعل هذا هو المسجد الذي أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبنى في موضع صلاة العصر التي صلاها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ليصلى فيه، ويزار.
في حنين:
وحديث ردها لعلي (عليه السلام) في حنين، رواه المجلسي وغيره فراجع.
أول شعر وصل إلينا:
هذا وقد قالوا: إن حسان بن ثابت قال في هذه المناسبة:
يـا قـوم مـن مثـل علي وقــدردت عليه الشـمـس مـن غـائـب
أخـو رســـول الله وصـهــرهوالأخ لا يعــدل بـالصــاحـب(1)
وقال السيد الحميري:
فلما قضى وحي النبي دعـا لـهولم يك صلى العصر والشمس تنزع
فردت عليه الشمس بعد غروبهـافصـار لها في أول الليل مطلع(2)
وقال سفيان بن مصعب العبدي الكوفي:
لك المناقب يعيا الحاسبون بهـاعـدا ويعجز عنهـا كـل مـكتـتب
كرجعة الشمس إذا رمت الصلاةوقد راحت توارى عن الأبصار بالحجب
ردت عليك كأن الشهب ما اتضـحتلنـاظـر وكـأن الشمس لـم تـغب
وقال ابن الرومي:
وله عجائب يوم صـار بجيـشـهيبغـي لـقصر النهـروان المخرجـا
ردت عليه الشمس بعد غـروبهابيضـاء تـلـمـع رقـدة وتأججا(3)
والشعر الذي أنشدوه في هذه القضية كثير جداً لا مجال لتتبعه.