يتوسم في تلك الثورة الجنوبية صورة للحسين عندما ثار لينتصر على البغي...
فالجنود في الجنوب لم يهزموا "إسرائيل" ولم يمرغوا وجهها في التراب وفي
مستنقع الموت إلا بفضل تلك الإلهامات الحسينية،
وتلك الصورة الحية التي أخذوها من الحسين...
إليكم الأبيات:
سميتك الجنوب
يا لابسا عباءة الحسين
وشمس كربلاء
يا شجر الورد الذي يحترف الفداء
يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء
يا جسدا يطلع من ترابه
قمح وأنبياء
سميتك الجنوب
يا قمر الحزن الذي يطلع ليلا من عيون فاطمة
يا سفن الصيد التي تحترف المقاومة
يا أيام عاشوراء،
ويا مآذن الله التي تدعو إلى المقاومة
يا لعلعة الرصاص في الأعراس
يا فصائل النمل التي
تهرب السلاح للمقاومة.
وفي قصيدة أخرى "آخر عصفور يخرج من غرناطة..." يقول:
ظلي معي...
حتى يظل البحر محتفظا بزرقته
ظلي معي فلربما يأتي الحسين
وفي عباءته الحمائم، والمباخر، والطيوب
ووراءه تمشي المآذن والربى
وجميع ثوار الجنوب
في قصيدته "راشيل وأخواتها" التي تتكلم عن مذبحة قانا التي حدثت في جنوب لبنان وسكوت العرب عن هذه الجريمة النكراء واكتفائهم بالاستنكار
تطرق قباني إلى الإمام الحسين عليه السلام ووصف قدسية تراب الجنوب كقدسية عباءة الحسين عليه السلام ما أروعه من وصف :
دخلوا قانا .. كأفواج ذئاب جائعة ..
يشعلون النار في بيت المسيح .
ويدوسون على ثوب الحسين ..
وعلى أرض الجنوب ..
كما أنه شبه مذبحة قانا بكربلاء الثانية في أبيات أخرى من القصيدة:
كل من يكتب عن تاريخ (قانا)
سيسميها على أوراقه :
(كربلاء الثانية! ! .)
وفي أبيات أخرى يقول:
انتظرنا عربيا واحدا .
يسحب الخنجر من رقبتنا ..
انتظرنا هاشميا واحدا ..
انتظرنا قرشيا واحدا ..
واختياره للهاشمي والقرشي يدل على إن الهاشميين والقرشيين لا تخرج سوى الأبطال ورجال التاريخ
من قصيدة " منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل"
انقل لكم هذه الأبيات التي تطرق فيها إلى ذكر الحسين والزهراء عليهما السلام :
نأتي بكُوفيَّاتنا البيضاء والسوداءْ
نرسُمُ فوق جلدكمْ ..
إشارةَ الفِداءْ
من رَحِم الأيَّام نأتي.. كانبثاق الماءْ
من خيمة الذلّ الذي يعلكها الهواءْ
من وَجَع الحسين نأتي
من أسى فاطمةَ الزهراءْ ..
من أُحُدٍ .. نأتي ومن بَدْرٍ
ومن أحزان كربلاءْ ..
نأتي .. لكي نصحِّحَ التاريخَ والأشياءْ
ونطمسَ الحروفَ ..
في الشوارع العبرِيَّة الأسماءْ
وقد شبه قباني الجيش الإسرائيلي (في حصاره للفلسطينيين) بجيش معاوية وأبو عبيدة في هذه الأبيات:
مُحاصَرونَ أنتُمُ .. بالحقد والكراهية
فمِنْ هُنا.. جيشُ أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويَهْ ..
سلامُكُمْ ممزَّقٌ
وبيتكُمْ مطوَّقٌ
كبيت أيِّ زانيَهْ ..
ولنزار قصيدة بعنوان "قراءة ثانية في مقدمة ابن خلدون"
يتحدث فيها عن التاريخ الخالي من البطولات منذ رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ورحيل الحسين عليه السلام
إليكم الأبيات:
وكل ما سمعت عن حروبنا المظفرة
وكرّنا..
و فرّنا..
وأرضنا المحررة..
ليس سوى تلفيق..
هذا هو التاريخ, يا صديقتي
فنحن منذ أن توفى الرسول
سائرون في جنازة..
ونحن, منذ مصرع الحسين,
سائرون في جنازة..
ونحن, من يوم تخاصمنا
على البلدان..
والنسوان..
والغلمان..
في غرناطة
موتى, ولكن ما لهم جنازة !!
لا تثقي, بما روى التاريخ, يا صديقتي
فنصفه هلوسة..
ونصفه خطابة..