اللهم صلّ اللهم صل ّعلى محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
لكل زوج و زوجة_الشيخ حبيب الكاظمي
هذه مجموعة من الكلمات المشرقة
و التي لا بد من معرفتها من قبل كلا الزوجين
فهي تؤسس لشراكة متينة مبنية على قواعد راسخة
مقدمة
إن من أقدس المشاريع ، وأكبرها ، وأجلّها خطرا على مسيرة الأمم والأفراد ، هو تكوين ما يسمى بـ ( العش الزوجي ) الذي يتفرّع عليه - على مدى القرون المتمادية - ترعرع آلافٍ من الأجيال البشرية التي قد تكون حصيلة زواج واحد ، كالمليارات البشرية التي عاشت على وجه الأرض كبركة للزواج الأول ، المتمثل بزواج أبوينا آدم وحواء
ولطالما اتفق أن أثمر فساد العلاقة بين زوجين محدّدَين - وما يترتب عليها من فساد التربية-انحراف جيل بشرى كامل ، أوجبت بعض الكوارث التاريخية ، ولطالما سجّل التاريخ بعض تلك الكوارث .. وعليه فليس من بِدْع القول أن ندعو إلى ضرورة وجود دورات تخصصية-مقروءة أو مسموعة-لمعرفة رموز هذه العلاقة ( المقدسة والمعقدة ) في آن واحد ، ومن المعلوم أن أسرار اقتران روحين متفاوتين ، لا تدرك إلا بالملاحظة الدقيقة ، التي قد لا يلتفت إليها الزوجان ، إلا بعد فوات الأوان وفقدان التحكم على سير الأمور ، بتفسخ العلاقة بين الزوج والزوجة من جهة ، وبينهما وبين الأولاد من جهة أخرى .. وعليه فلا بد من نقل ثمرات تجارب الخطأ والصواب ، وما يستفاد من الروايات والأخبار ، لتحكيم أواصر تلك الحياة الكريمة
فإلى صاحبَـي ذلك ( العش السعيد ) أهدي بعض هذه النقاط:
(1) واقع الزواج
الالتفات إلى أن واقع الزواج ، هو التزاوج بين النفوس ، لا الأبدان فحسب .. فإن الآية الكريمة تفيد أن الغاية هي السكون ،وأن المجعول هي المودة والرحمة ، ولم تتطرق للعلاقة البدنية بشكلٍ مباشر ، وإن كان إشباع الجانب الغريزي من موجبات السكون أيضا .. ومن هنا يُعلم أن التزاوج النفسي يحتاج إلى بلوغ خاص ، وأن عدم الوصول إلى مرحلة الرشد والبلوغ النفسي في هذا المجال ، قد يكون من موجبات انتكاس الحياة الزوجية ، حتى عند الإلتزام ببعض الظواهر الشرعية ، إذ أن الالتزام الشرعي التقليدي ، قد لا يلازم حتماً مرحلة الرشد والوعي لمفردات الحياة الزوجية .. وقد أفردت كتب الحديث أبوابا واسعة لقيمة العقل ( الذي يمثل رصيد الرشد والبلوغ ) في قرب الإنسان من الحق المتعال ، بل نجاحه في حياته الدنيا والأخرى
(2) المرأة تطلب لأمور
إن المرأة تطلب عادة لأمور منها : الاستمتاع الغريزي ، وتدبير شؤون المنـزل ، والتناسل ، والانس والإرتياح النفسي ..ومن المعلوم أن الأول يقل عنفوانه بتقدم العمر والأفول التدريجي للجمال ، أو وجدان الرجل من يستمتع بها غير زوجته
وأما الثاني فإن من الممكن أن يقوم به الغير .. وأما الثالث فإن له أمد ينتهي بسن اليأس أو إعراض الزوج عن النسل .. وأما الرابع فقد يفقد بريقه بتكرار التعامل والمواجهة الرتيبه ، إذ أن لكل جديد بهجة ،ومن هنا يتحتم إضافة عنصر آخر يتمثل في : الإحساس بالمسئولية تجاه الرعية ، وفي أن الزوجة أمانة من الحق المتعال أودعها - إلى أجل مسمىً - بيد الزوج ، وهو مسؤول عنها إلى آخر العمر ، بل إلى يوم الحساب ،يوم يُنادى المرء :
الاعتقاد بأن الحياة الزوجية عند المؤمن لا تنتهي بانتهاء الحياة الدنيا ، بل أن المرأة الصالحة تلتحق بالزوج مع أبنائها ( بشرط الصلاح ) في الجنة بمقتضى قوله تعالى :
{جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم }
و
{ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم }
إن هذا الإحساس بالاستمرارية ، بل الخلود في العلاقة الزوجية بلوازمها ، يضفي على الحياة الزوجية رباطاً لا ينفصم بتقادم الدهور والأعوام .
(4) مباركة الحق لحياة الزوجية
إن من أهم عوامل التجاذب الروحي بين الزوجين - إضافة إلى سعي كل منهما في إيجاد موجبات ذلك التجاذب - هي مباركة الحق المتعال لتلك العلاقة ، ولهذا يسند الحق المتعال التوفيق إلى نفسه ، عند إرادة الإصلاح من الزوجين بقوله :
{ إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما }
ومن هنا كانت الاستقامة العملية للزوجين في ساحة الحياة - داخل البيت الزوجي وخارجه - من موجبات نظرة الحق المتعال لهما ، مع ما تستتبعها من الألفة والثبات في العلاقة الزوجية
(5) الوصف الإيماني لا الشخصي
إن من الضروري أن ينظر كل من الزوجين إلى الآخر بوصفه الإيماني لا بوصفه الشخصي .. فإن عدم وجود الرقابة البشرية داخل البيت ، وانفراد كل منهما بالآخر في كثير من الساعات ، يهيئ الأرضية للتعدي وتجاوز الحدود ، إذ أن الإحساس بالرقابة الإلهية المتصلة من موجبات الالتزام بالحدود والقيود ، وإن غاب الرقيب البشريّ .. وقد أكّد الحق تعالى هذه الحالة من الرقابــة بقوله :
{ والله يسمع تحاوركما }
(6) تحديد تحرك المرأة
إن من الأفضل - بل المتعيّـن في بعض الحالات - تحديد تحركات المرأة ، وخاصة في ما لو استلزم التعامل المريب مع الرجال ، إذ أنها قد تفتقد بذلك تفرّغها لما هي أهم لهـا و أقرب إليها من شؤون الزوج والأولاد ، بل قد تفقد في بعض الحالات أنوثتها من خلال الاحتكاك المستمر بعنصر الرجال ، وهو ما نشاهده بوضوح في بعض البيئ المختلطة ، وخاصة مع ضعف الروادع الدينية .. ولا ننسى القول : أن للضرورات أحكامها ، إلا أنها تتقدّر بقَدَرها
(7) الثابت والمتغير في السعادة
ينبغي التركيز على أن الثابت والمؤثر في سعادة الزوجين هو جانب الدين والأخلاق ، فهما العنصران المتحركان في تنظيم العلاقة بين الزوجين ، بل هما العنصران المتجددان اللذان لا يوصفان بالبِـلى والقِـَدم .. وأما الجمال فهو أمر نسبي ، تألفه العين في درجاته المختلفة ، وعليه فإن المطلوب هي نسبة مقبولة من التناسب في المظهر الخارجي .. ولا شك في أن الإقدام على الزواج من المنطلقات الإيمانية مما يوجب مباركة الحق المتعال لذلك الإرتباط المقدس ، كما نلاحظه من خلال التجارب المختلفة
(8) الجميلة والمليحة
ينبغي التفريق بين الجاذبية الباطنية ( والتي لهـا معادلات غير معروفة بشكل واضح ) وبين الجاذبية الشكلية ، ولهذا يفرقون بين المليحة والجميلة .. ومن المعلوم أن الأول نوع جمال يستند إلى الخصال الباطنية ، التي لو اكتملت في فردٍ ، قذف الله تعالى محبته في قلوب الآخرين ، كما هو مشاهدٌ بالوجدان
(9) التوافق الثقافي
لا مانع من الزواج فيما لو كان الزوجان في سنين متطابقة أو متقاربة ، مع وجود شيئ من التوافق الثقافي والمزاجي .. فالملحوظ أن الفارق الشاسع بين مستوى الزوجين في المجال العلمي والثقافي ، مما يوجب شيئاً من الارباك في الحياة الزوجية ، لعدم وحدة لغة التفاهم والتخاطب بينهما ، مما يعمّق هوة الخلاف عند أدنى مثير في الحياة الزوجيّة
(10) خضراء الدمن
لا بد من الالتفات إلى التعبير بـ ( خضراء الدمن ) فيما روي عن النبي (ص) ، وهي المرأة الجميلة في منبت السوء .. فإن المنبت العائلي له دور فعال في سلوكيات المرأة قبل الزواج وبعده ، إذ أن التأثير اللاشعوري للوالدين في حياة الأبناء مما لا يمكن إنكاره ، حتى في السنين المبكرة جداً ، فكيف في سنوات المراهقة والرشد؟!
إن الموعظة والهداية في حال الغضب ، تذهبان أدراج الرياح ، بل قد تزيدان المخاطب عتوّا وعناداً ، وعليه فلا معنى للموعظة في حال الغضب وهيجان أحد الزوجين أو كليهما .. وقد رفعت بعض النصوص التكليف بالنهي عن المنكر أمام صاحب السوط!! .. فليتحيّـن الزوجان الساعة المناسبة لإبداء الملاحظات التي لا بد من إبدائها
(32) الاهداء سنة محمودة
إن الإهداء سنة محمودة يعمّق حالة المودة والألفة بين الزوجين .. فكم من الجميل أن يهدي كل من الزوجين الآخر ، ما يلائم المناسبة المختصة بكل منهما !! .. ولا شك في أن النظر إلى تلك الهدية - وخاصة إذا بقيت كذكرى لهما - مما يجدّد العواطف التي اكتنفت تلك المناسبة ، وذلك الإهداء
(33) الصرف على الزينة
اعتاد بعض الزوجات على صرف ما يعتد به من أموال الزوج فيما هو من زينة الحياة : من الملبس والأثاث وما لا يُعدّ من ضروريات العيش .. وقد يبدأ الخلاف فيما لو أصرت الزوجة على اقتناء ما لا يرضى به الزوج ، فهل من المنطق أن يكدّر الزوجان صفو حياتهما ، فيما هو من فضول العيش وزينته ؟! .. وعليه فإن المناسب هو القَدْر المعقول من الزينة في مختلف شؤون الحـياة
(34) القناعة بما قسم الله تعالى
إن نظرة الزوجة لمستوىً معيشي أرقى من رتبتها وقدرات زوجها ، يجعلها لا تعيش حالة الشكر من النعمة التي هي فيها ، وعليه فإن الزوجين اللذين يخشيان على أنفسهما تخلل حالة الكفران في وجودهما ، أن يتحاشيا معاشرة من توجب معاشرتهم تلك الحالة .. هذا كله فضلا عن معاشرة اللذين يخشى من معاشرتهم على فساد الدين وانحراف الخلق القويم ، ولطالما جرّت معاشرة واحدة ويلات على الزوجين ، لم تنته إلا بالفراق
(35) الهجرة إلى بلاد الكفر
إن الهجرة إلى بلاد الكفر غير سائغ في غير حال الضرورة .. بل قد يحرم إذا استلزم انحرافا في عقيدة أو عمل ، سواء كان ذلك بالنسبة إلى الزوجين أو بالنسبة إلى أبنائهما ، ولا شك أن الجيل الذي سيتربى في تلك البـيئ الفاسدة يُخشى على تمسكه بأصل الدين ، فضلا عن الانحراف السلوكي في مقام العمل ، وقد سمعنا عن بعض السلالات التي فقدت إسلامها ، لسوء اختيار الموطن ، رغبة في شيء من حطام الدنيا
(36) ترويح الزوجة
إن استغراق أوقات الزوجة في إدارة شؤون المنـزل بين جدرانٍ أربع ، يورثها شيئا من التبرّم وضيق الصدر و المزاج ، خلافا للزوج الذي له مجال واسع في التحرك .. وعليه فإن من الإنصاف أن يدخل الزوج على زوجته جوا من التغيير والترويح ، المتمثل في سفرة إلى أحد الديار المقدسة ، أو رحلة قصيرة هادفة خالية من التبعات والآثام
(37) التثقيف الذاتي
إن وجود مكتبة صوتية وغيرها من الكتب والمجلات النافعة توفّر فرصة جيدة لتثقيف الزوجين - بنفسيهما - في أوقات الفراغ ، وخاصة مع ضعف الوسائل العامة في تأمين الثقافة النافعة ، بل مساهمتها في بعض الحالات في تفتيت العش الزوجي ، من خلال عرض ما يوجّه كل من الزوجين إلى عالم الانحراف المناسب لكل منهما
(38) مراقبة الزيارات العائلية
إن الزيارات العائلية ينبغي أن تراعى فيها القيود الشرعية من عدم الاختلاط المريب ، إضافة إلى عدم التفاعل المشبوه بين المراهقين وخاصة مع وجود الجنس المخالف ، فإنها من المضان الكبرى لاستنبات بذور الفساد بكل أبعاده
(39) حفظ الاسرار الزوجية
إن على الزوجين أن يحفظا أسرار حياتهما الزوجية في أوج الخلاف والشقاق .. فإن كثيرا من هذه السلبيات المنكشفة عن طريق أحد الزوجين ، مما يسبب الهتك لهما أو لأحدهما مما لا يرضى به الشارع لعبده ، ومن المعلوم أن إحساس الآخر بما تعرّض له من الهتك والإساءة ، مـما قد يسدّ أبواب المصالحة والوفاق
(40) الغيرة وسوء الظن
إن من روافد المشاكل بين الزوجين : الغيرة التي لا مبرر لهـا من جانب الزوج أو الزوجة ، وسوء الظن الذي لا موجب له ، سوى استيلاء الوهم الذي لا يغني عن الحق شيئاً ، والمهم أولا وآخراً في هذا المجال : هو تحكيم الشرع فيما أجاز وحرّم ، وإن كان بخلاف ميل أحدهما أو كليهما .. فإن زمام التحريم والتحليل إنما هو بيد صاحب هذا الوجود ، وهل هناك من يملك القدرة في منازعة الحق في سلطانه وأحكامه ؟!
بارك الله فيكم على هذا الموضوع الهادف
وبارك الله بالمربي الفاضل الشيخ حبيب الكاظمي حفظه الله
على من يرغب بتكوين اسرة مسلمة ومتفاهمة ان يتمثل بمنزل السيدة فاطمة الزهراء والامام علي عليهما الصلاة والسلام
شكرااااااا لكم