لما كان الإسلام الدين الخاتم ، وأنه الذي إرتضاه عزوجل للإنسانية ليقودها نحو الرشد الدنيوي والأخروي ، فإن الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ حتى يضمن للنبوة إستمرار وظيفتها في الأمة ، بعيدا عن تأويل المحرفين و تنطع المتفيهقين ، ويبق للإسلام مساره الصحيح و نهجه السوي ، فقد حدد ذلك من خلال مجموعة من الأحاديث المتواترة ، خاصة " حديث الثقلين " حيث
قال الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ :١ـ إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا:كتاب الله وعترتي أهل بيتي ( كنز العمال ـ ١/٤١ ؛ أخرجه الترمذي و النسائي عن جابر)
٢ـ إني تركت ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي :كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض و عترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ،فانظروا كيف تخلفوني فيهما (م س ؛ أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم)
٣ـ وإني تارك فيكم الثقلين:كتاب الله و أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (المستدرك ٣/١٤٨)
٤ـ أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا ،فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال هذا علي مع القرآن و القرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ( الصواعق ١٢٤ ـ ينابيع المودة ٢٨٥ ـ عبقات الأنوار ١/٢٧٧)
٥ـ قال إبن حجر الشافعي في صواعقه :ثم إعلم أن لحديث التمسك بالثقلين طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا (ص ١٢٤)٠
وهذا الحديث هو في الحقيقة سبب إستبصاري ،إذا لما سمعت به أول مرة ،تفاجئت كيف تم طيه و محاولة ستره و عدم ذكره ،إذ ما هو معروف عند العامة وهو حديث ( ما أنا عليه و أصحابي ـ أصحابي كالنجوم ...) مع العلم أن مثل هذه الأحاديث قطع أكثر من واحد بضعفها٠
إن "حديث الثقلين" إذا أضفنا إليه أحاديث أخرى صحيحة ـ أوردها حتى "العامة" في كتبهم ـ مثل "حديث سفينة نوح" و "حديث الأمان لأهل الأرض"...حينذاك لن يكون هناك بد من التسليم والإقرار بأن آل البيت ـ عليهم السلام ـ هم الفهم الصحيح ، و المنهاج السوي لفهم الإسلام المحمدي الرباني ، لأن إقران رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ(وماينطق عن هوى إن هوإلاوحي يوحى) القرآن الكريم بالعترة الطاهرة و أنهما لن يفترقا حتى يوم القيامة هو إشارة إلى إن عندهم علم القرآن الكريم بحقيقة المنزلة ، وأن التمسك بهم يعصم من الضلالة و لا يغني أحدهما عن الآخر و أن العترة لا تفارق القرآن الكريم أبدا ، وهكذا أصبح يحرم التقدم على العترة الطاهرة ، كما يحرم الإبتعاد عنهم ـ عليهم السلام ـ و بالتالي إلزامية و حجية الأخذ بأقوالهم و الإقتداء بهم و إتباع منهاجهم النبوي٠ فهم المصداق الحقيقي لشخصية الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ ؛إلا أن النفوس التي أشربت النفاق ، وإمتلأت حقدا على الإسلام ،رغم سعيها الحثيث لطمس معالم النبوة و حجبها تارة بجدران من حديد و تارة بستائر من حرير و إستبرق ، رفعت أقوال أناس، بأسهم بينهم شديد ،حتى مزقوا الأمة لأكثر من "بضع وسبعين" فرقة !!! كل فرقة تحكم على الأخرى بالضلال و الزيغ ، مما جر على الأمة مصائب جمة أقلها هذا الحصار الأخطبوطي الذي تضربه قوى الإستكبار العالمي ، و إستئساد " الأعلون " من بني جلدتنا علينا ؛ فإلى الله المشتكى ، و لا حول و لا قوة إلا بالله !٠