المتأمل في هذه الكتب التي جمعت ما أسموه السنة النبوية يلاحظ أن الراوي الأول وصاحب العدد الأكبر من الأحاديث المروية عن رسول الله (ص) ليس من الخلفاء الأربعة , أبو بكر الصديق أوعمر بن الخطاب (رض) اللذان لزما رسول الله (ص) طيلة حياته من مكة إلى المدينة وسمعا منه الكثير وحدثا به , وليس عثمان بن عفان (رض) زوج بنتا رسول الله (ص), وليس علي بن أبي طالب باب مدينة علم الرسول (ص) وهارون الأمة, وأعلم الأمة وأقضاها وأفقهها والذي لم يفارق نبي الله (ص) منذ مبعثه حتى مماته (ص) , كما أنه ليس من العشرة المبشرين بالجنة ولا من المهاجرين الذين آمنوا وصدّقوا وهاجروا في سبيل الله وليس من الأنصار الذين آووا ونصروا ... , بل أن صحبته لرسول الله (ص) لم تزد عن ثمانية عشرة شهرا لا غير وقد أسلم بعد غزوة خيبر بالمدينة عند ما وصلها قادما من اليمن , فعدد أحاديثه في صحيح البخاري مثلا 446 حديثا من أصل أربعة آلاف حديث هي جملة ما في البخاري , في حين ما روي عن الإمام علي كان تسعة عشر حديث لا غير , وجملة ما رواه الخلفاء الراشدين الأربعة لا يتعدى 27% مما رواه هو بمفرده , وقد اجتهدت كثيرا لأعرف اسمه واسم أبيه ولكن كان الاختلاف عليه شديدا بين المؤرخين لكنه عرف بين الناس وفي التاريخ بكنيته " أبو هريرة "
لعل السبب في كثرة رواياته يرجع إلى " كيسه " الذي كان يتحدث منه و يروي عنه وجعله أحد مصادر التشريع بعد كتاب الله وسنة رسوله (ص) , وقد عانى الكثير من الصحابة والتابعين بل وحتى أمهات المؤمنين من كيس أبي هريرة هذا , حتى أن بعضهم كان يسأله عقب كل رواية يرويها : أسمعت هذا من رسول الله يا أبا هريرة ؟ فيقول لا هذا من كيسي أو هذا من كيس أبي هريرة , رغم أنه كان يبتدئ روايته بقول : قال رسول الله !!!
وإليك بعض من هذه الأحاديث نوردها من غير تعليق:
روى البخاري في صحيحه قال حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا ابو صالح قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول, تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى من تدعني, فقالوا : يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا هذا من كيس أبي هريرة .
وفي مسند أحمد قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أفضل الصدقة ما ترك غني .تقول امرأتك : اطعمني و إلا طلقني، ويقول خادمك : اطعمني و إلا فبعني، و يقول ولدك: إلى من تكلني ؟ قالوا : يا أبا هريرة هذا شيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هذا من كيسك ؟ قال : بل هذا من كيسي
وفي مسند أحمد أيضا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ثنا شعبة عن المغيرة قال سمعت عبيد الله بن أبي نعم يحدث قال أبي إنما هو عبد الرحمن بن أبي نعم ولكن غندر كذا قال انه سمع أبا هريرة قال ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب قال وعسب الفحل قال وقال أبو هريرة هذه من كيسي
وفي سنن النسائي قال :أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، قال : جدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، والد العليا خير من اليد السفلة، و ابدأ بمن تعول, تقول المرأة : إما أن تنفق علي، أو تطلقني، ويقول الابن : إلى من تكلني و يقول العبد : أنفق علي، واستعملني قيل : يا أبا هريرة، هذا عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : لا هذا من كيسي
وفي التمهيد لابن عبد البر حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن الجهم بن الجهم قال حدثنا عبد الوهاب أخبرنا عمر بن قيس عن عطاء ابن ميناء عن أبي هريرة أنه قال كنت حدثتكم من أصبح جنبا فقد أفطر فإنما ذلك من كيس أبي هريرة فمن أصبح جنبا فلا يفطر
روى مسلم في صحيحه قال :حدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق بن همام أخبرنا بن جريج أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقص يقول في قصصه ثم من أدركه الفجر جنبا فلا يصم فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه فأنكر ذلك فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما فسألهما عبد الرحمن عن ذلك قال فكلتاهما قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا حلم ثم يصوم قال فانطلقنا حتى دخلنا على مروان فذكر ذلك له عبد الرحمن فقال مروان عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة فرددت عليه ما يقول قال فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله قال فذكر له عبد الرحمن فقال أبو هريرة أهما قالتاه لك قال نعم قال هما أعلم ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك, قلت لعبد الملك أقالتا في رمضان قال كذلك كان يصبح جنبا حلم ثم يصوم.
وفي فتح الباري : عبد الله بن عمرو والقارى سمعت أبا هريرة يقول ورب هذا البيت ما أنا قلت من أدرك الصبح وهو جنب فلا يصم محمد ورب الكعبة قاله !!!لكن بين أبو هريرة كما مضى أنه لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سمعه بواسطة الفضل وأسامة وكأنه كان لشدة وثوقه بخبرهما يحلف على ذلك !!!
التعديل الأخير تم بواسطة ابو طالب الشامي ; 11-09-2010 الساعة 12:06 AM.