وفي طريق ابن جريج عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة أن زينب بنت جحش هي التي سقت العسل، وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه، فالله أعلم. وقد يقال: إنهما واقعتان، ولا بعد في ذلك، إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر، والله أعلم.
ومما يدل على أن عائشة وحفصة، رضي الله عنهما، هما المتظاهرتان الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة. فتبرز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، اللتان قال الله تعالى: { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } ؟ فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس -قال الزهري: كره-والله ما سألته عنه ولم يكتمه قال: هي حفصة وعائشة.
__________
(1) صحيح مسلم برقم (1474).
(2) زيادة من م.
(3) انظر: الصحاح للجوهري 2/908 ولسان العرب لابن منظور، مادة "جرس". (8/162)
تفسير القرآن العظيم المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي [ 700 -774 هـ ] المحقق : سامي بن محمد سلامة
فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فما قضيت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا عمر بن يونس، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: ثنا سماك أبو زميل، قال: ثني عبد الله بن عباس، قال: ثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه، دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب،
(23/485)
( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) ... الآية، وكانت عائشة ابنة أبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله وإن تظاهرا عليه ) يقول: على معصية النبي صلى الله عليه وسلم وأذاه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قال ابن عباس لعمر: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسالك عن أمر وإني لأهابك، قال: لا تهبني، فقال: من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: عائشة وحفصة.
وقوله فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين )
يقول: فإن الله هو وليه وناصره، وصالح المؤمنين، وخيار المؤمنين أيضا مولاه وناصره.
.
(23/486)
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا (5) (23/488)
161 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن ابن عمر ، قال : دخل عمر على حفصة وهي تبكي ، فقال لها : « ما يبكيك ؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ؟ إنه قد كان طلقك مرة ، ثم راجعك من أجلي ، والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا »
(1/164)
162 - حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن صالح بن أبي صالح ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان « طلق حفصة ثم راجعها » . حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، وغيره بإسناده نحوه
كم مرة أساءت حفصة الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ؟
الصوامة القوامة دائما تغضب زوجها و تؤذيه!!!!
وفي « صغت » ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعني زاغت ، قاله الضحاك .
الثاني : مالت ، قاله قتادة ، قال الشاعر :
تصغي القلوب إلى أغر مبارك ... من نسل عباس بن عبد المطلب
والثالث : أثمت ، حكاه ابن كامل .
وفيما أوخذتا بالتوبة منه وجهان :
أحدهما : من الإذاعة والمظاهرة .
الثاني : من سرورهما بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من التحريم ، قاله ابن زيد .
{ وإن تظاهرا عليه } عين تعاونا على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
{ فإن الله هو مولاه } يعني وليه { وجبريل } يعني وليه أيضا .
{ وصالح المؤمنين } فيهم خمسة أقاويل :
/
/
/
{ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن } أما نساؤه فخير نساء الأمة .
وفي قوله { خيرا منكن } ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني أطوع منكن .
والثاني : أحب إليه منكن .
والثالث : خيرا منكن في الدنيا ، قاله السدي .
{ مسلمات } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني مخلصات ، قاله ابن جبير ونرى ألا يستبيح الرسول إلا مسلمة .
الثاني :يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة كثيرا ، قاله السدي .
الثالث : معناه مسلمات لأمر الله وأمر رسوله ، حكاه ابن كامل .
{ مؤمنات } يعني مصدقات بما أمرن به ونهين عنه .
{ قانتات } فيه وجهان :
أحدهما : مطيعات .
الثاني : راجعات عما يكرهه الله إلى ما يحبه .
{ تائبات } فيه وجهان :
أحدهما : من الذنوب ، قاله السدي .
الثاني : راجعات لأمر الرسول تاركات لمحاب أنفسهن .
{ عابدات } فيه وجهان :
أحدهما : عابدات لله ، قاله السدي .
الثاني : متذللات للرسول بالطاعة ، ومنه أخذ اسم العبد لتذلله ، قاله ابن بحر .
{ سائحات } فيه وجهان :
أحدهما : صائمات ، قاله ابن عباس والحسن وابن جبير .
قال ابن قتيبة : سمي الصائم سائحا لأنه كالسائح في السفر بغير زاد .
وقال الزهري : قيل للصائم سائح لأن الذي كان يسيح في الأرض متعبدا لا زاد
(4/292)
النكت والعيون
المؤلف : أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي