من كلام الإمام الحسن عليه السلام الذي يوضح فيه حال الأمة ذلك الوقت
كما حلله الكاتب
//////////
و هناك أرقام تأريخية كثيرة تؤكد لنا ان الإمام عليه السلام كان مدركا لموقفه و عارفا ان معركته مع معاوية مستحيلة الانتصار مع وجود ظاهرة الشك في الجماهير
و الإمام عليه السلام ببياناته التاريخية يرسم لنا أبعاد سياسته بوضوح في معالجته الواعية أزمة الأمة مع أصحابه و في مقارعته لأعدائه في بيان سياسي مؤثر نلحظ فيه عمق المرارة و بليغ الرفض ليؤكد من خلال كل كلمة من كلماته الحق الذي اطمأن اليه
و نحن نعطي دور الإيضاح و البيان للإمام عليه السلام ليكلمنا عن كل شئ عن مجتمعه و موقفه من مشاكل زمانه و عن الحلول التي خرج بها لحسم المشكلة :
( عرفت أهل الكوفة و تلونهم و لا يصلح لي ما كان فاسدا
إنهم لا وفاء لهم و لا ذمة في قول ولا فعل
أنهم لمختلفون و يقولون ان قلوبهم معنا و ان سيوفهم لمشهورة علينا )
////////////
( غررتموني كما غررتم من كان من قبلي مع أي امام تقاتلون بعدي ؟
مع الكافر الظالم الذي لا يؤمن بالله ولا برسوله قط ؟! )
///////////////
( أما و الله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة و لكن نقاتلهم بالسلامة و الصبر نشيب السلامة بالعداوة و الصبر بالجزع
و كنتم تتوجهون معنا و دينكم أمام دنياكم و قد أصبحتم الآن و دنياكم أمام دينكم و كنتم لنا و قد صرتم علينا )
لقد وصل الإمر في جمهور الإمام عليه السلام الى حد الخيانة و الإنحياز الى جانب معاوية طمعا
بما يغدقه عليهم من المال و الجاه و بما يهيؤه لهم من الإستقرار
حتى ان زعماء الكوفة كانوا يراسلون معاوية بتسليم الإمام عليه السلام مكتوفا إليه متى شاء ثم يأتون الى الإمام عليه السلام فيظهرون له الطاعة و الولاء
و يقولون له : ( أنت خليفة أبيك و نحن السامعون المطيعون لك فمرنا بأمرك )
فقال لهم الإمام عليه السلام :
( كذبتم و الله ما وفيتم والله لمن كان خيرا مني فكيف تفون لي ؟! و كيف أطمئن إليكم و لا أثق بكم ان كنتم صادقين فموعد ما بني و بينكم معسكر المدائن فوافوا الى هناك )
و خرج الإمام عليها لسلام الى المدائن فتخلف عنه أكثر الجيش .....
ان تاريخ الإمام الحسن عليه السلام و مواقفه الإيجابية تدين كل من يتهمه بالضعف و التنازل عن حقه راضيا أو أنه سلم الحكم الى معاوية دون ان يتصدى لتصفيته و محاربته
و نحن نؤكد موقف الإمام عليه السلام الإيجابي و موقفه متحديا الإنحراف و استعداده لمحاربة معاوية عندما قال عليه السلام :
( بلغني ان معاوية بلغه ان كنا أزمعنا على المسير إليه . فتحرك لذلك
اخرجوا رحمكم الله الى معسكركم بالخيلة حتى ننظر و تنظرون و نرى و ترون )
و في مجال آخر يشير الإمام عليه السلام الى استحالة خوض معركة منتصرة في هذا الجو من الشك و قلة الأعوان المخلصين
( و الله اني ما سلمت الأمر إلا لأني لم أجد أنصارا و لو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي و نهاري حتى يحكم الله بيني و بينه )
إذن
بقي على الإمام عليه السلام كما ذكرنا ان يخوض معركة يائسة يستشهد فيها و يقتل فيها من يقتل
يقول الإمام عليه السلام :
( اني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض
فأردت أن يكون للدين ناع )
و في مجال آخر يقول :
( و ان معاوية نازعني حقا هو لي دونه
فنظرت لصلاح الأمة و قطع الفتنة
فرايت ان أسالم معاوية و أضع الحرب بيني و بينه
و قد رايت ان حقن الدماء خير من سفكها
و لم أر إلا صلاحكم و بقاءكم
و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الى حين )
فالمؤشرات الإجتماعية كلها تشير بأن أي معركة يخوضها الإمام لا تؤدي الى اي نتيجة على الإطلاق و لن تؤدي مفعولا على مسنوى أهداف الإمام عليه السلام
من التغيير الذي تتطلبه الرسالة و ممارسة حياتية لكل الأجيال و على مدى العصور .
و لا بد أن نتساءل عن اهداف هذه المعركة خصوصا و الأمة تعيش ظروف محنة الشك و قسوة المواجهة و استحالة النصر .
و لا بد أن نتساءل عن اهداف هذه المعركة خصوصا و الأمة تعيش ظروف محنة الشك و قسوة المواجهة و استحالة النصر .
ما هي أهدافها ؟ و ما هي طبيعتها ؟
أهي مجرد عناد أم هي رسالة و أمانة ؟
يقول الحسن عليه السلام ( ان من ابتغاء الخير اتقاء الشر )
و يجيب عليه السلام عندما سأله سائل عن الجهل فأجابه :
( سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاتكمان منها و الامتناع عن الجواب
و نعم العون الصمت في مواطن كثيرة و ان كنت فصيحا )
و في حديث آخر له عليه السلام يبين لنا الموقف أكثر وضوحا عندما سئل عن معنى العقل قال عليه السلام :
( التجرع للغصة حتى تنال الفرصة )
و على ضوء هذه الحقائق التاريخية الثابتة يحق لنا أن نطمئن الى النتيجة القائلة :
لو أن الحسن عليه السلام خاض المعركة اليائسة لكانت معركته تشبه الى درجة كبيرة معركة ابن الزبير اليائسة التي لم تكن لتقدم أي عطاء للغسلام و لرسالته الخالدة .
و من هنا جاءت قرارات الإمام عليه السلام الصائبة بأن يهادن مؤقتا و يقبل بالصلح
و يفسح المجال لمعاوية يستولي على العالم الإسلامي
لكي يكشف واقعه وواقع أطروحته الجاهلية
و لكي يُعرّف هؤلاء المسلمين البسطاء و الذين لم يكونوا يعرفون إلا ما يرون بأعينهم و حواسهم
من هو معاوية و ما هو واقعه وواقع حكمه و من كان علي ابن ابي طالب و ماذا كانت أطروحته ؟
و بناء على هذا استجاب الإمام لدعوة الصلح في وقت اصبحت فيه الاستجابة نصرا على معاوية و فضحا لسياسته المخادعة و كشفا لخلقه أمام الجماهير
فقد كان معاوية في ذلك الوقت يتلبس وجه من يريد حقن دماء المسلمين بعد ان أدرك ان نتائج الحرب ستكون لصالحه و هو يرى تصلب الحسن عليه السلام و اصراره على خوض المعركة
فأراد أن يبرز كمحب للصلح و لحقن دماء المسلمين
و لكن سرعان ما فاجأته استجابة الإمام الحسن عليه السلام لعقد الصلح فشعر بخيبة في تحقيق سياسته الماكرة
خاصة ان بنود الصلح الزمته بأمور لم يكن له بد إلا القبول بها