هل سيطال الهدم الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية والهندوسية والبهائية في البحرين بعد مساجد الشيعة ؟
هدمت القوات البحرينية وبمشاركة القوات السعودية عدداً من مساجد وحسينيات الشيعة في البحرين، كما تستمر بتدنيس حرمة وتحطيم محتويات مساجد وحسينيات أخرى، ويعتبر السعوديون الوهابيون الشيعة مشركين، وبالتالي فالمساجد ودور العبادة الخاصة بهم هي في نظرهم أماكن لممارسة طقوس شركية، وليست بأفضل من مسجد ضرار الذي هدمه الرسول الأعظم، لذا لا جدوى من محاججتهم حول هذا الموضوع.
الوهابيون واتباعهم السلفيون يتبجحون بأنهم الفرقة الناجية، لأنهم أكثر الناس حرصاً على الإلتزام بأحكام القرآن والسنة النبوية، وأشدهم تمسكاً بسنة السلف الأول، الذي يعدونه صالحاً بالمطلق على الرغم من الحقائق التاريخية المدونة في كتبهم، وهم مطالبون بالدليل القاطع على كونهم أشد الناس غيرة على السنة النبوية، وفي هذا الوقت بالذات، وفي البحرين على وجه التحديد.
يذكر مائيير نونو، وهو بحريني يهودي، بأن في البحرين نصارى، ولديهم ثلاث عشرة كنيسة، كما يسكن البحرين هندوس- وهم وثنيون - ولديهم معبد أيضاً، ويضيف نونو على موقع يهودي على الانترنت ( (
http://www.haruth.com/JewsBahrain.htm: " أبلغنا ولي العهد البحريني بأن الحكومة على استعداد لمنحنا – أي اليهود - أرضاً لتشييد معبد يهودي عليها، لأننا لم نعيد بناء المعبد القديم، والذي هو الآن في موقع غير جيد من المدينة (لعله قريب من منطقة الشيعة؟) ويؤكد يهودي بحريني آخر، يدعى مائيير داوود روبين، بأن اليهود البحرينيين لا ينتابهم أي قلق أو خشية من تعدي أحد على مؤسسات أعمالهم، ويدلل على ذلك بقوله بأنه وكيل لشركة شارب العالمية منذ عام 1965، وهو واثق تماماً من حماية الحكومة البحرينية لأرواحهم ومصالحهم، وبضيف بأن أخاه يرأس عدداً من الشركات المسجلة على بورصة البحرين، وله أخ متوفي شغل منصب المدير العام لشركة دور السينما البحرينية، ووفقاً لما ذكره اليهودي روبين فإن جميع اليهود في البحرين ناجحون في حياتهم العملية.
عندما تزور البحرين هذه الأيام لا تشاهد مساجد للمسلمين للشيعة ( او ما تبقى منها بعد هدم العشرات من مساجد وحسينيات الشيعة مؤخراً) والسنة فقط بل أيضاً معبداً يهودياً ومعابد للهندوس وأربعة معابد للسيخ، وعلى الرغم من أن حكومة البحرين لا تعترف بدين البهائية، وهم أقلية صغيرة في البحرين، لكنها تسمح لهم بحرية العبادة من دون تصريح.
ويبين تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية بالبحرين لعام 2005م
بأنه يوجد في البحرين "عدة معابد للهندوس رسمية وغير رسمية"، ويفهم من ذلك بأن المقصود بالمعابد غير الرسمية غير المرخص لها، وفي الوقت الذي تهدم القوات البحرينية والسعودية عشرات المساجد والحسينيات الشيعية بذريعة كونها غير مرخص لها فلم نسمع بإجراءات مماثلة لمعابد الهندوس والبهائيين غير المرخص لها، إلا إذا كان ملكا البحرين والسعودية وعلماء بلاطيهما يحسبان البهائية والهندوسية ضمن المذاهب السنية المعترف بها، ولعلهم من الفرقة الناجية أيضاً، كما يشير التقرير أيضاً إلى أن بعض الفرق المسيحية تمارس شعائرها من دون ترخيص حكومي. ويذكر التقرير الخاص بعام 2005م بأن أي من كنائس المسيحين أو معابد اليهود والهندوس والسيخ وغيرهم لم تتعرض للتخريب، لكن طالت أيدي المخربين دور العبادة الخاصة بالشيعة، فما أشبه اليوم بالبارحة في البحرين.
ويوثق التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية انواعاً من الاضطهاد والتمييز الطائفي الممارس من قبل حكومة البحرين السنية على شيعة البحرين، ومنها أن الحكومة البحرينية ترفض احياناً طلبات ترخيص تقدم بها شيعة لبناء مساجد، فقد رفضت هذه الحكومة طلباً بإنشاء مسجد للشيعة في منطقة الرفاع بدعوى أن المنطقة خاصة بالعائلة الحاكمة، وهو ما يكذب ادعاء الحكومة البحرينية مؤخراً بأنها لم ترفض طلباً واحداً للشيعة لإنشاء مساجد وحسينيات، مبررة بذلك هدمها للمساجد والحسينيات بذريعة عدم وجود تراخيص لها.
لو صدقنا ادعاء حكومة البحرين، بأن المساجد والحسينيات الشيعية التي هدمتها غير مرخص لها فمن حقنا أن نساءلها: لم استثنيت الكنائس والمعابد الهندوسية والبهائية غير المصرح لها من اجراءات الهدم؟ وهل يجوز في مذهب السنة هدم مساجد الفرق الإسلامية الأخرى أصلاً سواءً كانت مرخصة أم لا؟ والواجب على كافة المسلمين الاحتكام إلى القرآن الكريم في ذلك إذ يقول الله تعالى في سورة البقرة ( 114): وَمَنْ أَظْلَمُمِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِأَنْيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌوَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وفي هذه الآية الكريمة يتوعد الله مخربي المساجد التي يذكر فيها اسمه بالخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، وحكام البحرين والسعودية وبقية دول الخليج وجيوشهم وقوات أمنهم وأتباعهم خربوا المساجد في البحرين، أفلا يستحقون بالتالي الخزي والعذاب العظيم؟
لو ادعى هؤلاء بأن مساجد وحسينيات الشيعة غير إسلامية؟ فالرد عليهم يكون إذن أكملوا مهمتكم بهدم الكنائس والمعابد اليهودية والهندوسية والسيخية والبهائية المصرح بها وغير المصرح بها.
أما ادعاؤهم بأنهم أشد الناس حرصاً على الالتزام بالسنة النبوية، كما يروونها، فهو باطل أيضاً، ولو استحضرنا روح شيخهم وكبيرهم محمد بن عبد الوهاب لاتفق معنا، ففي كتاب موسوعة توحيد رب العبيد (الجزء 11، ص 32) نقرأ له: " فالآن أصبحنا في محنة وخطر عظيم ، لأنه يخشى على أبنائنا وأبناء قومنا أن يركنوا إلى هؤلاء ويوادوهم ويحبوهم ، ولذلك يجب أن تخلص هذه البلاد بالذات منهم ، فهذه البلاد قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " لآخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً " ، وقال " أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب " وقال "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، وهذا كله من أجل أن لا يشتبه الأمر على الناس ويختلط أولياء الله بأعدائه " وهذا هو التبرير الذي تقدمه الحكومة السعودية وعلماء بلاطها لمنع تشييد دور العبادة لغير المسلمين في السعودية، والآن وبعد دخول القوات السعودية أرض البحرين وهي أصلاً جزء من الجزيرة العربية - إلا إذا قالوا بأنها تقع ضمن الخليج الفارسي - فلم امتنعوا عن هدم الكنائس والمعابد اليهودية والوثنية، أسوة بما فعلته طالبان بتماثيل بوذا في أفغانستان؟
في ضوء هذه الحجج الدامغة يكون حكم المذهب السلفي على حكومتي البحرين والسعودية وعلماء وأتباع المذهب الوهابي السلفي بواحدة من إثنتين: عصيان أمر الله في القرآن الكريم المتوعد هادمي المساجد أو عصيان أمر الرسول الأعظم بطرد اليهود والنصارى والوثنيين من جزيرة العرب وتخريب معابدهم، والأرجح هم مخالفون للقرآن الكريم والسنة النبوية كليهما، والله أعلم.
22 نيسان 2011م