خريف الجماجم
خجلت \مللت الحاحهم ، ولكني لن أسمح لهم بالزيارة .!
بودي فقط أن أعرف .. إلى أين تشرد عيونك حين تهذي ؟ وفى أي نبضة من الوجود تلهو ؟ فقط.!
هل أبدو غريبا حقا وأنا أقدم امتناني للموت حين قطفها فى الوقت المناسب ، مع فاتورة بقيمة خمسون عاما قضتها برفقتك حسب ظنها ؟!
- هل أحببتها؟
- ولماذا تسئلين ؟
- تسئلين ؟!!.. أنا رجل .
- أحببتها .. ولكني لاأتذوق اغوائها إلا حين تسرق الزكام ويتكهرب صوتها بنغمته .. اشتهي صوتها المتورط بلوثة الزكام ،المفضوح بغنته، أغرم به ، أتمنى ألا تشفى منه ، تسحبني الى عشق عتيق لمذيعة اخبار أحببتها وأنا على قيد المراهقة، لذيذ صوتها وهي تقرأ نشرة الأخبار ، لذيذ حتى وان كانت تعلن عن حدوث أفدح الكوارث .!
-أحبتك ؟
- بكل ماتعنيه هذه الكلمة البلوى .. تستحم وتتجاهل المنشفة فيلفحها الهواء البارد ، تتنشق الكثير من مسحوق التبغ، تنزع ثياب بصلة حارة وتلصقها بعينيها وانفها ، من أجل أن تحصل على نوبة زكام .!
- العمدة يبلغك سلامه ويود زيارتك .
- بالكاد يطهى الدجاج فى بيت العمدة .. زوجته الاولى تشتري لحما والثانية تشتري لحما أيضا، والجزار اللعين يجهز الخراف ويبتسم.
-أففففف... عاد سيل الفوضى يزبد من جمجمتك الخرفة .
- للبقر لسان يلعق كل شي ، ولا يلعق أي شي .
- وصديقك السمسار ،هو الآخر يبلغك سلامه الحار ويتشوق لرؤيتك .
- مراب خبيث ، بخيل ، زوجته كانت رائعة ، حيوية وجذابة ،أدمنت تنشق مسحوق التبغ ، ونزع ثياب البصل ومصافحة الهواء البارد وهي مبللة.
- هراؤك الخرف سيجر علينا مصائب .. هل تعي ذلك ؟
- للبقر لسان يلعق كل شي ، ولا يلعق أي شي .
ما هذا الشعور الذي يعصف بداخل نفسي الان وانا أمشي بازقة الحارة ، وقد لغمت روحي ،وأشبعتها تلك الجمجمة الكهلة بهذيانها المتكرر ، وحيث لاأقطع بصحته أو عدمها ؟.!
متعب ومؤلم أن لاتجد لبحر الشكوك ساحل ، أو صخرة فى طريق عومك ال يلهث ؟!
قاس كل القسوة ، أن تكتشف عمقك مرفأ ترقص في حوضه الكثير من سفن الشك ، القليل من سفن اليقين .!!!
- بائع الخضار يصر على زيارتك ويخصك بسلامه .
- طيب ، وساذج ، يتملق العمدة -والعمدة يتردد على بيته - أنجب الكثير من الأرانب ، ولكن ثمة أرنب بينهم لو دققت فيه ستجدينه عمدة.
- بس .. كفى ..تعبت ، وربي تعبت .
- للبقر لسان يلعق كل شي ، ولايلعق أي شي .
- للمرة الالف ، جارنا الجزار يصر على رؤيتك ، وعسى أن تنجو زوجته من سهام جمجمتك الصدئة .
- كانت أمه تتردد على بيتنا ، تتردد فى الاوقات التى ترفرف فراشة البيت فى الخارج تصطاد زكاما ، تدخل بيتنا بعطسة أو بكحة على أقل تقدير .
لو أعلم بمدى هذه المهلة كم ستطول ..وكم من الأعذار يتوجب علي أن أخلقها حين نفذت جميع الأعذار ؟
أيها الموت ..هل ستكون ذكيا كعادتك ؟
هل أسمح لهم بالزيارة ؟!.