8 ربيع الثاني 232ﻫ، المدينة المنوّرة. أُمّه(عليه السلام) وزوجته
أُمّه السيّدة سَوْسَن المغربية، وقيل: حديث، وهي جارية، وزوجته السيّدة نرجس خاتون بنت يشوع بن قيصر الروم، وهي أيضاً جارية. مدّة عمره(عليه السلام) وإمامته
عمره 28 سنة، وإمامته 6 سنوات. حكّام عصره(عليه السلام) في سني إمامته
المعتَز، المهتدِي، المعتمِد. عبادته(عليه السلام)
إنّ أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) هم القدوة والأُسوة في عبادتهم لله وإخلاصهم له تعالى، والتعلّق به دون غيره، وروي أنّ الإمام العسكري(عليه السلام) عندما أُودع في السجن وكّل به رجلان من الأشرار بقصد إيذائه، فتأثّرا به وأصبحا من الفضلاء، فقيل لهما: ويحكما ما شأنكما في هذا الرجل؟ قالا: ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كلّه، ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة؟ وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا(1). عظمته(عليه السلام) في القلوب
لقد كان الإمام العسكري(عليه السلام) كآبائه أُستاذاً للعلماء وقدوة لسالكي طريق الحقّ، وزعيماً للسياسة، وعلماً يُشار إليه بالبنان، وتأنس له النفوس وتكنّ له الحبّ والموالاة، فكان من ذلك أن اعترف به حتّى خصماؤه.
وهذا أحمد بن عبيد الله بن خاقان واحد منهم، يصفه ببعض جوانبه وتعلّق الناس به وإكبارهم له؛ إذ يقول: «ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا، في هديه وسكونه، وعفافه ونبله، وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم، وتقديمهم إيّاه على ذوي السن منهم والخطر، وكذلك القوّاد والوزراء وعامّة الناس»(2). من كراماته(عليه السلام)
عن علي بن شابور قال: «قحط الناس بسرّ من رأى في زمن الحسن بن علي العسكري(عليه السلام)، فأمر المتوكّل بالاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيّام يستسقون ويدعون فما سقوا، وخرج الجاثليق في اليوم الرابع مع النصارى والرهبان، وكان فيهم راهب، فلمّا مدّ يده هطلت السماء بالمطر، وخرجوا في اليوم الثاني فمطرت السماء، فشكّ أكثر الناس وتعجّبوا، وصبوا إلى دين النصرانية، فأنفذ المتوكّل إلى الحسن العسكري(عليه السلام)، وكان محبوساً فأخرجه من الحبس، وقال : إلحق أُمّة جدّك(صلى الله عليه وآله) فقد هلكت.
فقال(عليه السلام): «إنّي خارج ومزيل الشكّ إن شاء الله تعالى»، قال: فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرهبان معه، وخرج الحسن(عليه السلام) في نفر من أصحابه، فلمّا بصر بالراهب قد مدّ يده أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين أصبعه ففعل، وأخذ منه عظماً أسوداً، فأخذه الحسن(عليه السلام) وقال له: «استسق الآن» فاستسقى، وكان في السماء غيماً فتقشع الغيم وطلعت الشمس بيضاء، فقال المتوكّل: ما هذا العظم يا أبا محمّد؟ فقال(عليه السلام): «إنّ هذا الرجل مرّ بقبر من قبور الأنبياء فوقع في يده هذا العظم، وما كشف عن عظم نبي إلّا هطلت السماء بالمطر».
لحا الله قوماً وازنوك بمن عتى ** على الله عدواناً فهدم دينه
يظنّون أنّ القطر ينزل سرعة ** إذا مدّ من غطّى العقول يمينه
ولم يعلموا عظم النبي بكفّه ** ومن أين هذا السر يستخرجونه
فلولاك ردّت للتنصّر أُمّة ** لجدّك قدما دينه يرتضونه
أيا شرّ خلق الله كيف عمدتم ** إلى نور خلاق الورى تطفئونه
صلاة إلهي لا تزال تحفّه ** متى البان أهفى الريح منه غصونه(3). سبب شهادته(عليه السلام)
أصبحت قيادة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) وامتدادها الجماهيري بين أوساط الأُمّة الإسلامية مصدر خطرٍ على السلطة العبّاسية، فأخذ الخليفة المُعتمد يفكّر جدِّياً بتصفية شخص الإمام العسكري(عليه السلام)، فدسّ إليه السُم. تاريخ شهادته(عليه السلام) ومكانها
8 ربيع الأوّل 260ﻫ، مدينة سامراء. مكان دفنه(عليه السلام)
مدينة سامراء، بجوار قبر أبيه الإمام الهادي(عليه السلام). من أقوال الشعراء فيه
1ـ الشيخ علي بن عيسى الأربلي(قدس سره):
يا راكباً يسري على جسره ** قد غبرت في أوجه الضمر
عرّج بسامراء والثمّ ثرى ** أرض الإمام الحسن العسكري
عرّج على من جدّه صاعد ** ومجده عال على المشتري
على الإمام الطاهر المجتبى ** على الكريم الطيب العنصر
على ولي الله في عصره ** وابن خيار الله في الأعصر
على كريم صوب معروفه ** يربي على صوب الحيا الممطر
على إمام عدل أحكامه ** يسلّط العرف على المنكر(4).
2ـ قال أحد الشعراء:
مضى خير خلق الله بعد محمّد ** وآبائه تلك الكرام الأماجد
قضى وهو مسموم فوا لهفي لهم ** فيا لك من نور إلهي خامد
فلا وفّق الله الموفق إذ أتى ** بخطب شنيع يا له من منابد
أدك رواسي الكائنات بأصلها ** وطبّق أرباب النهي والفوائد
وأخمد نور الله بعد سنائه ** وعطّل أركان الهدى في الهوامد
فيا قلبي المضنى أدم في صبابة ** ويا دمع عيني سل دماً غير نافد
فقد مات سلطان الورى وابن خيرة ** الأنام وكهف للملا في الشدائد(5).
3ـ قال السيّد صالح القزويني(قدس سره):
أيا صفوة الهادي ويا محيي الهدى ** ومُحكمَ دين المصطفى وهو دارس
ولمّا مضى الهادي أريت معاجزاً ** بها أرغمت من شانئيك المعاطس
بنفسي ما نالت به سرَ من رأى ** فخاراً له تعنوا النجومُ الكوانس
بنفسي من أبكى النبيّ مصابُه ** وأظلم فيه دينُه وهو شامس
بنفسي محبوساً على حبس حقّه ** مضى وعليه المكرماتُ حبائس
بنفسي من في كل يومٍ تسومُه ** هواناً بنو العباس وهي عوابس
بنفسي مسموماً تشفّت به العدى ** قضى وبها لم تُشف منه النسائس
بنفسي مكروباً قضى بعد سمّه ** بكاه الموالي والعدوُّ المشاكس
فلا كان يوم العسكريِّ فإنّه ** ليومٌ على الدين الحنيفي ناحس(6).