|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 66236
|
الإنتساب : Jun 2011
|
المشاركات : 3
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
ضعف الانسان امام الشهوات
بتاريخ : 02-08-2011 الساعة : 01:43 AM
بالحقيقة ان الإنسان حينما ينظر الى نفسه يجد أشكالا من الضعف في نفسه, الإنسان يدعي القوة ولكنه ضعيف غاية الضعف بالوجدان والحس, لكنه في الحقيقة ادعي لنفسي أني قوي ولكن الحال خلاف ذلك وهو إني ضعيف غاية الضعف ومع ذلك أكابر وأماطل على انه أنا قوي ولست ضعيفا.
في الحقيقة الإمارات والدلائل على ضعفي كثيرة :
أولا: الضعف أمام الشهوات التي أضعها طرفا للمزاحمة مع المستحبات, وأحيانا مع الواجبات.
يعني, ان قلت لنفسي انه أنا لا اتبع الشهوات الا بمقدار الضرورة, يجاب ذلك بأنه لا لو كانت بمقدار الضرورة لكانت الشريعة مقدمة على الشهوات بمستحباتها وواجباتها, مع العلم انك تقدم الشهوة على الشريعة بمستحباتها وواجباتها.
فلو فرضنا مثلا من جملة الأمثلة البسيطة جداً انه حينما يؤذن المؤذن, الإنسان لا يصلي وإنما يأكل، وكذلك المغرب حينما يؤذن المؤذن لا يصلي وإنما يأكل، فيقدم المصلحة الدنيوية على المصلحة الأخروية، وكثيرون يقدمون المصلحة الدنيوية حتى على الواجبات والمحرمات فضلاً عن المستحبات والمكروهات.
ثانيا: وكذلك أنا ضعيف تجاه الشيطان الرجيم تجاه وسوسة الشيطان ضعيف غاية الضعف، وذلك لأكثر من وجه واحد :
انني إذا علمت كما يقول الله سبحانه وتعالى: [إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً][ (1) ] فانا اضعف من الضعيف؛ لان الشيطان ضعيف وأنا أيضا ضعيف أمام الشيطان, إذن فانا بالغ الضعف ومتطرف في الضعف لو صح التعبير، إذن ماذا لي من القوة أما لكوني اعرفه وأطيعه وهذا ما يحدث كثيراً، وأما لأني أتوهم انه ليس كذلك ان هذا ليس من الشيطان وإنما هو نتاج حكمة وعقل وعدل ونحو ذلك، ولكنه في الواقع حينما تمخض مخاضه لا تجده شيئاً ــ هواء في شبك ــ إنما هو خداع الشيطان, مقدمة من مقدمات هذه البراهين التي يسطرها لنفسه شيطاني والنتيجة تتبع تلك المقدمات مع شديد الأسف.
ثالثا: شيء آخر إني ضعيف أمام النساء أكيدا, واستطيع ان أقول بان غالب أو لعله فوق الـ95% من الرجال ضعفاء أمام النساء؛ لأن كيد النساء [إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ][ (2) ] اقوي من كيد الشيطان في الحقيقة كيد الشيطان ضعيف وكيد النساء عظيم, فإذا كنت أنا ضعيف في الحقيقة أمام الضعيف, فكيف لا أكون ضعيفا تجاه العظيم والقوي والشديد.
والمكر الذي يمكرنه والأمور الأخرى التي من قبيل ان اغلبهن لا ورع لهن ولا تقوى ولا تفقه, فمن هذه الناحية الرجل يقع بين حدي السكين, مع ذلك هو يحاول ان يتبع هوى نسائه من قبيل زوجته أو بناته أو عماته أو أخواته أو أي شيء من هذا القبيل, مع العلم انه على القاعدة ان الطالب سواء كان ذكرا أو أنثى ان طابق كلامه القواعد نطبق كلامه ونحترمه وان خالف كلامه القواعد نعصيه, فالرجل اذا اتبع هوى المرأة يكون عبد عبده لماذا؟ لأنه بحسب الأصل[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء][ (3) ] بهذا المعنى ان المرأة يملكها الرجل ملكاً جنسيا واقتصاديا واجتماعيا, لكنه هي تملكه فيكون عبدا لعبده لماذا لا، ليس هذا عيباً لأنه ينبغي ان نتكلم بصراحة.
رابعا:ضعيف أنا أيضاً تجاه الآمال في الدنيا والآخرة, تجاه جلب الخير في الدنيا والآخرة وتجاه دفع الشر في الدنيا والآخرة ضعيف.
صحيح أنا أحاول ولكن كثيراً ما افشل؛ لأن جلب الخير في الدنيا بالحقيقة ليس بيدي وإنما أولاً بيد الأسباب وثانياً بيد مسبب الأسباب.
__________
(1) سورة النساء: الآية 76.
(2) سورة يوسف: الآية 28.
(3) سورة النساء: الآية 34.
وكثيراً ما ــ كما يقول المثل ــ (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن) ونحو ذلك من الأمور، فإذا جرت الرياح بما لا اشتهي ولا أريد.
ماذا يكون الحال: ينبغي ان اعترف بضعفي وقلة حيلتي واني لا املك لنفسي نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً وإنما التدبير بيد مدبر الأمور، وكذلك هل إني استطيع ان ادفع البلاء الدنيوي عن نفسي لعلي استطيع بمقدار ما الإنسان الرشيد يدبر نفسه بمقدار ما يستطيع, ولكنه إذا كان لا يستطيع يأتيه داهم من البلاءات من مرض أو فقر أو أي شيء آخر, فماذا يفعل ينبغي ان يسلِّم بضعفه, هذا دليل ضعفه ولو كان قويا لما ابتلى بطبيعة الحال, ولن يكون قويا؛ لأنه إنما الإنسان يكون قويا بالله سبحانه وتعالى, فإذا قال أنا قوي أي بالإرادة الاستقلالية, أوكله الله الى أرادته والى عمله والى نفسه فيفشل بطبيعة الحال ويبتلى بالسوء بدل ان يبتلى بالخير.
فمن هذه الناحية أيضا يكون الاعتراف بالضعف ضروريا فخير الدنيا لا يمكن جلبه أي كله او اغلبه, وكذلك شر الدنيا لا يمكن دفعه كله او اغلبه, واذا كان هذا البسيط المتناهي والقصير المدة انا لا اسيطر عليه ولا اقدر عليه, فكيف بالشيء الذي هو كبير وأساسي وعظيم الذي هو خير الآخرة وشر الآخرة.
طبعا أنا اقل من ان أكون قادرا على ذلك, وأحقر من ان أكون قادرا على ذلك, واجهل من ان أكون قادرا على ذلك, ليس بمعنى العجز التكويني الذي ينفي التكليف بطبيعة الحال لا, لكنه بمعنى انه يكون من قبيل هذا الذي ورد في الخبر : (لا يعملن عامل ولا يطمعن طامع – ما مضمونه – الا بعمل معه رحمة), الرحمة وحدها لا تأتي بدون عمل, والعمل لا يفيد بدون رحمة؛ لأن الله تعالى ليس بمجبور على ان يعطي حتى العاملين, ليس بواجب ان يعطي. والحكم العقلي العملي في شيء واحد وهو قبح ان يكون الإنسان محسنا ويعاقب, معاقبة المحسن هذا قبيح , أما إثابة المحسن ليس ضرورية لا يعاقبه ولا يثيبه, [َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ][ (1) ] لا يعطيه الآخرة, ليس بواجب ان يعطيه ثوابا عظيما لا, مع ذلك هو يعطي ويعطي ويعطي, [وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ][ (2) ], [وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ] الى ما لا نهاية, هذا إنما هو من الرحمة وليس من العمل.
الإنسان يعمل في الدنيا ليبلغ ثمانين سنة، يذهب منها وقت النوم ويذهب منها وقت الصغر ويذهب منها وقت الطعام ويذهب منها وقت الشهوات، ماذا يبقى منها للعبادة إلا أقل القليل, مع ذلك يخلد في الجنة مادامت
__________
(1) سورة الإسراء: الآية 15.
(2) سورة ق: الاية 35.
السموات والأرض، فلذا يقول الإمام سلام الله عليه : (إذا نظرت إلى نفسي فزعت وإذا نظرت إلى رحمتك طمعت).
بالحقيقة هذا كله بالرحمة، العمل إنما هو جزء ضئيل, وإنما هو بتوفيق الله سبحانه وتعالى. لو ان الإنسان قدم عمله لله يقول له أنا أعطيتك هذا العمل، إنما عملت بالإحساس الذي أنا أعطيته، والفرصة التي أعطيتها، والمكان والزمان والإمكانيات التي عطيتها. فأتي بشيء أنا لم أعطيك إياه، لا يوجد شيء، تنقطع الحجة بطبيعة الحال. إذن فأعمال الدنيا والآخرة أنا في غاية الضعف عليها.
|
|
|
|
|