ان الكثير من الناس لا يدخرون جهدا في تعلم اللغات أو المهن والمهارات التي تدرّ عليهم مردوداً مالياً أو قيادة السيارات او استخدام الحاسوب، لكنهم لا يبالون بأمر دراسة أنفسهم. الذين تعجبهم حياتهم ويسعدون بها لا يتحدثون كثيرا عن سعادتهم، فهم منهمكون في صنع الحياة السعيدة، لأن السعادة فن لا يتقنه كل الناس.
السعادة، التي نريد التحدث عنها، كسائر الفنون يتعلمه الناس تعلما، وما أكثر الذين يتوقعون أن تحل بهم السعادة دون أن يبذلوا في سبيل ذلك أي جهد !
صحيح إن السعادة لا تتوفر بمجرد ضغط الأزرار، لكن يجب أن لا يغيب عنا أننا لا نولد وسر الحياة ملك أيدينا وإنما هو شيء يجب أن نتعلمه. نحن - مثلاً- قد نبحث عن السعادة الحقيقية في غير مكانها. فنحن نبحث عن مصدر السعادة خارج نفوسنا بينما هي بالحقيقة في داخلنا. فيجب أن ندرك اننا المسؤولون عن سعادتنا والمجتمع أيضا مسؤول عن خيباتنا. لكن؛ ليس هنالك مفتاح سحري نديره فتتدفق علينا السعادة تدفقاً! هنالك مواقف لابد من اتخاذها. ولكي نمارس المسؤولية تجاه حياتنا ينبغي أن نحدث تغييرا في طرق معالجتنا لكل الأشياء.
من سوء الطالع اننا نجهد في تجنب هذا التغيير وفي تحمل هذه المسؤولية، ثم نلوم غيرنا أو ظروفنا على واقعنا البعيد عن السعادة. نتكلم عن مشاعرنا الذاتية وكأنها مخلوقات تهبط علينا من الفضاء الخارجي لزيارتنا، كأننا أناس لا حول لنا ولا قوة، تتحكم في أمورنا قوى غامضة.
من الخطوات الكثيرة المهمة في تحصيل السعادة، إذا وقع اختيارك على قرار بمساعدة نفسك فأن بوسعك أن تختار الأمور التي تجعلك تحسّ بالرضى وتجلب لنفسك البهجة والسرور بدلا من اختيارك ما ينغص عليك حياتك.
قبل أن نقنع انفسنا سلفا باستحالة أداء ما نصبو الى أدائه، ينبغي أن نصرف طاقاتنا في البحث عن وسائل الأداء. يجب أن نشجع أنفسنا، فالإنسان لا يستطيع أن يفعل شيئا ويعتقد هو باستحالة أدائه.
إن انجازك لما تشعر أنه خير لك، لا يعتبر انسياقا وراء رغبات النفس، ولا أرضاء لناحية واحدة من نواحي ذاتك، وانما هو أرضاء لذاتك كلها، هذا يشمل مشاعرك و روابطك ومسؤوليتك تجاه الآخرين. نحن إذا لم نحب أنفسنا فكيف يتسنى لنا أن نحب غيرنا ؟ إن الحب هو تأكيد للذات الحية النامية فينا جميعا، فإذا كان الإنسان لا يملك الحب فانه لا يستطيع أن يمنحه للناس.
إن التخلي عن العادات السيئة يتطلب قدرا كبيرا من المثابرة، لا يكفي أن يود الإنسان لو يتغير، يجب أن يكون راغبا في التغيير وأن يراقب تصرفاته، كلما لاحظت انك مقدم على خذلان نفسك فتوقف واستدر ثم ادفع نفسك الى الأعلى أو غير طريقك.
الناس في الغالب يريدون أن يكونوا كاملين ويحسون بالإخفاق إذا لم يكونوا كذلك. يجب أن تعرف، ان الكمال لم يخلق لبني البشر. ان تحكم على نفسك بمقاييس فوق طاقة البشر، ما هو إلا طريقة أخرى من طرق إساءة معاملتك لنفسك، وعذر مستساغ للتخلي عن الأمور. حاول أن لا تقاض نفسك، اقبلها وانطلق من هذه النقطة.
عليك أن تتعلم كيف تحادث نفسك، انك في حاجة الى بعث الطمأنينة في نفسك. هذا يساعدك على اجتياز جميع المواقف الصعبة. فإذا نزعت الضعف والتردد من ذاتك، فان بوسعك أن توقف ذلك وأن تناقشه، باستطاعتك أن تقول: كلا لأشياء كثيرة. ان ذلك أمر صعب في بدء الأمر ولكنه يغدو سهلا بعد ذلك.
نحن غالبا ما نمضي في ارتكاب أمور ضد ذواتنا. ليكن العون المشبع بالحب الذي نقدمه مثلا لطفل ما، بوسعك أن تقدمه لنفسك. ولا تبقى تتذكر الهزائم والبقاء عندها طويلا بدلا من ذكر منجزاتك.