الخطبة الشّريفة متواترة دلالةً بلا خلافٍ نجده بيننا نحن الإماميّة منذ الصّدر الأول إلى يومنا هذا:
كما إنّ الخطبة صحيحة من النّاحية السَّنَديّة، فقد رواها الشّيخ الصّدوق المتوفَّى عام 381هــ،في علل الشرائع بسندٍ معتبر وإن كان فيه عكرمة عدوّ آل محمّد عليهم السلام، فقد رواها عن ابن عباس،ورواي الخصم لمكرمة أو منقصة في أوليائه ترفع من درجة إعتبارها.. وبعكرمة يرتفع السند وثاقةً فوق وثاقته لأنه ليس من صالح الأعداء رواية خطبة فيها الشكاية والظلامة من مختلسي الخلافة من صاحبها الشّرعي إمام المتقين عليّ (عليه السَّلام)، فكلّ رواية فيها ظلامة وراويها عاتية وعدوّ وناصبيّ لأهل البيت (عليهم السَّلام) تصبح قويّة وصحيحةً حتى ولو كان سندها ضعيفاً، فكيف إذا كان السّند صحيحاً وكان في ضمنه عكرمة، فإنّها تزداد قوّةً وصحّةً...كما وأنََّها رويت بطرقٍ مختلفة من غير طريق عكرمة،فهي أشهر من النار على المنار ومن الشمس في رابعة النهار.. والسّند كما في العلل:ج1 ص181 باب122: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه(1) عن عمّه محمّد بن أبي القاسم(2) عن أحمد بن أ بي عبد الله البرقي(3) عن أ بيه عن أبان بن أبي عمير(4) عن أبان بن عثمان(5) عن أبان بن تغلب(6) عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام) فقال: أمَا والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة....."
فالرّواية ــ إذاً ــ موثقة وصحيحة وكلّ رواتها أمناء سوى عكرمة المعروف بنصبه وعداوته لأهل البيت (عليهم السَّلام) ورأيه مشهور في تحريف آية التطهير حيث كان يخرج إلى السُّوق وينادي بأعلى صوته أنّ أهل البيت هم نساؤه... وإذا ما كان بهذه الدّرجة من العداوة لعترة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فحريٌّ أن تكون الرواية التي ينقلها في ظلامة أمير المؤمنين عليّ وشكايته ممن ظلمه واعتدى عليه أبلغ من أيّ حديث آخر شيعي في نفس المستوى والدّلالة، وكلّما كثرت رواية الظلامة والفضائل من طرق الأعداء كلّما جاد وحسُنَ سندها وارتقت إلى أعلى مراتب الصحة وذلك لقاعدة "إقرار العقلاء على أنفسهم جائز" و"الفضل بما شهدت به الأعداء".
بما تقدّم اتضح لكَ أخي السائل صحّة سند الخطبة الشقشقيّة المباركة، وأمّا الدلالة فلا مغمز عليها عندنا نحن الشيعة ولكنّ بعض علماء العامة طعنوا في نسبتها إلى الإمام أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) لما فيها من الشّكاية والظّلامة في أمر الإمامة ودلالتها على اغتصاب الخلافة، وادّعوا أنّ الخطبة من صنع السيد الرضيّ (رحمه الله).. وقد أفرط بعضهم وقال: إنّ الإمام عليّاً (عليه السَّلام) لم يصدر منه شكاية قط ولا كلام في هذا الأمر أصلاً.. وقد قال بها ثقاةٌ من علماء العامّة منهم إبن أبي الحديد وعمّن نقل عنه ــ كما سوف يأتيك ــ والقاضي عبد الجبار رغم تعصبه على الشيعة إعتقَدَ بصدورها عن الإمام عليّ (عليه السَّلام) إلاّ أنّه أوَّلَ المطاعن المشتملة عليها على وجه لا يوجب القدح في سلفه.
والحقّ إنّ الخطبة لا غبار على كونها من أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) ولا معنى لإنكار ذلك للوجوه التالية:
الوجه الأوّل: عذوبة ألفاظها وشدّة فصاحتها وحسن أسلوبها وبديع نظمها... كلّ ذلك يشهد على أنها كلام فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق، فهي بنفسها شاهد صدقٍ على صدورها من معدن الإمامة والولاية.
الوجه الثّاني: ضعف مستند المنكر، إذ الألفاظ المشتملة على التظلم والشكاية قد صدرت منه (عليه السَّلام) فوق حدّ الإحصاء، كما يشهد به ملاحظة أخبارالسقيفة وغيرها والمناقشة بينه (عليه السَّلام) وبين المغتصبين للخلافة فصارت من الضّروريات التي لا ينكرها إلاّ جاهلٌ أو متجاهل معاندٌ...
الوجه الثّالث: إنّ هذه الخطبة الشريفة قد وُجِدَت في كتب جماعة من العامّة والخاصّة وقد صُنِّفَتْ قبل زمن الرّضي (رحمه الله)، وقد تلونا عليكَ ــ أخي القارئ ــ مصدر الخطبة الشقشقيّة من كتاب العلل للشيخ الصدوق المتوفى عام 381هــ قبل السيد الرضي المتوفى عام405هــ..
قال البحراني رحمه الله شارح النّهج: "قد وجدتُها في موضعين، تاريخهما قبل مولد الرضي بمدّة، أحدهما: أنها مضمنة كتاب الإنصاف لأبي جعفر بن قبة تلميذ أبي القاسم الكعبي أحد شيوخ المعتزلة وكانت وفاته قبل مولد الرضي. الثاني: إني وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الفرات وكان وزير المقتدر بالله وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة، والذي يغلب على ظني أن تلك النسخة كانت كتبت قبل وجود ابن الفرات بمدّة".
وقال ابن أبي الحديد شارح النّهج:ج1 ص158: " فحدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمائة، قال: قرأت على الشيخ أبى محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة، فلما انتهيت إلى هذا الموضع، قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له: وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف ألا يكون بلغ من كلامه ما أراد! والله ما رجع عن الأولين ولا عن الآخرين، ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلا رسول الله صلى الله عليه وآله. قال مصدق: وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل، قال: فقلت له: أتقول أنها منحولة! فقال: لا والله، وإني لأعلم أنها كلامه، كما أعلم أنك مصدق. قال فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون إنها من كلام الرضي رحمه الله تعالى. فقال: إني للرضي ولغير الرضى هذا النفس وهذا الأسلوب! قد وقفنا على رسائل الرضى، وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر: ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضى بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضى. قلت: وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبى القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضى بمدة طويلة. ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبى جعفر بن قبة أحد متكلمي الإمامية وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب "الانصاف". وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبى القاسم البلخي رحمه الله تعالى، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضى رحمة الله تعالى موجودا." (شرح نهج البلاغة/إبن أبي الحديد:ج1 ص158ــ159).
وقال المحدّث العلاّمة المجلسي رحمه الله في البحار: " ومن الشواهد على بطلان تلك الدعوى الواهية الفاسدة أن القاضي عبد الجبار ـ الذي هو من متعصبي المعتزلة ـ قد تصدى في كتاب المغني لتأويل بعض كلمات الخطبة، ومنع دلالتها على الطعن في خلافة من تقدم عليه، ولم ينكر استناد الخطبة إليه. وذكر السيد المرتضى رضي الله عنه كلامه في الشافي وزيفه، وهو أكبر من أخيه الرضي قدس الله روحهما، وقاضي القضاة متقدم عليهما، ولو كان يجد للقدح في استناد الخطبة إليه عليه السلام مساغا لما تمسك بالتأويلات الركيكة في مقام الاعتذار، وقدح في صحتها كما فعل في كثير من الروايات المشهورة، وكفى للمنصف وجودها في تصانيف الصدوق رحمه الله، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وكان مولد الرضي رضي الله عنه سنة تسع وخمسين وثلاثمائة." [بحار الأنوار:ج29 ص508].
ملاحظة:
ذكر صاحب البحار تاريخ وفاة الصّدوق عام329هــ في حين ذكرنا سابقاً أنّ تاريخ وفاته كان عام 381هــ وقد جرينا في ذلك على ما هو مرقوم في ترجمة حياته في كتابه العلل وغيره، ولعلّ ما ذكره صاحب البحار هو الصّواب من تاريخ وفاته عام329هــ.
عَوْدٌ على بَدء:
الخطبة رواها مَنْ ذكرنا آنفاً، يضاف إلى ذلك أنّ الشيخ المفيد في الإرشاد قد رواها أيضاً، وهو شيخ الرضي وأستاذه... فقد ظهر واستبان مما ذكرنا كلّه أنه لا وجه لإنكار كون الخطبة منه (عليه السَّلام)، ويقيني أن من أنكر ذلك إنما أنكره من حيث أنه رأى صراحتها في الطعن على المنتحلين للخلافة، لذا بادر إلى الإنكار كي لا يلتزم بمقتضاها كما هو دأبهم وديدنهم في أكثر النصوص المفيدة لانحصار الخلافة به (عليه السَّلام) أو للطعن في غيره، وكفى بذلك إنكار بعضهم لحديث الغدير المتواتر الذي قاله النبي بمحضر مائة ألف ويزيدون... ولا نستغرب من بعض أدعياء التشيع أن يشككوا في الخطبة الشريفة سنداً ودلالةً، فإنّ لهم سوابق حيث قام سيد المشككين البيروتي بالتّشكيك في حديث الغدير وقد فنّدنا مقاله في كتابنا الفوائد البهية في شرح عقائد الإماميّة/الطبعتان الثانية والثالثة؛ فلتراجع.
إخواني الشيعة الأفاضل وفقكم الله لكل خير وسؤدد وهدانا الله وإياكم طريق الحق والصواب
سؤالي/
هل من الممكن الحصول على النص الكامل للخطبة الشقشقية مع ذكر المصدر حتى أرجع إليه وأقرأه !؟
شكراً لكم وأجزل الله لكم المثوبة وحشرنا الله وإياكم في زمرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جنة عرضها السماوات والأرض.
دمتم في حفظ الله ورعايته.
وهذه من مصادركم
مجمع الامثال
لابي الفضل الميداني
الجزء الاول
ص361
1987-شقشقه هدرت ثم قرت
ولاميرالمؤمنين علي رضي الله عنه
خطبه تعرف بالشقشقيه لان ابن عباس قال له حين قطع كلامه ياامير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حين انفضيت فقال
هيهات ياابن عباس تلك شقشقه هدرت ثم قرت
والوثائق
النهايه
في غريب الحديث والاثر
للامام ابي السعادات الجزري
ابن الاثير
الجزء الثاني
ص489
باب الشين مع القاف
شقشق-في حديث علي رضي الله عنه
ص490
ومنه حديث علي خطبه له (تلك شقشقه هدرت ثم قرت)
والوثائق
القاموس المحيط
للفيروزابادي
العلامه محمد بن يعقوب الفيروزابادي
الجزء الثالث
ص343
والخطبه الشقشيه العلويه
لقول ابن عباس لماقال لو تطردت مقالتك من حيث افضيت يابن عباس هيهات تلك شقشقه هدرت ثم قرت
والوثائق
تاج العروس
من جواهر القاموس
للسيد مرنضى الزبيدي
الجزءالخامس والعشرون
ص522
والخطبه الشقشقيه
هي الخطبه العلويه
نسبت الى علي سميت بذلك لقول ابن عباس عند قطعه كلامه ياامير المؤمنين لواطردت مقالتك من حيث افضيت
فقال ياابن عباس هيهات تلك شقشقه هدرت ثم قرت
والوثائق
لسان العرب
الامام ابن منظور المصري
المجلد العاشر
ص185
يقول(وفي حديث علي روان الله عليه في خطبه له تلك شقشقه هدرت
والوثائق
تحرير التحبير في صناعه الشعر والنثر
لابن ابي الأصبغ
ص132
باب الاستعانه
مانصه
كقول علي عليه السلام في خطبته المعروفه بالشقشقيه
والوثائق
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين المظلومين ..
احسنتم يا موالين ،،
وهذه الخطبة اقوى من الشقشقية :
الكافي للكليني (ج8 / ص67) : 23 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، ويعقوب السراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال: الحمد لله الذي علا فاستعلى ودنا فتعالى وارتفع فوق كل منظر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وحجة الله على العالمين مصدقا للرسل الاولين وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما فصلى الله وملائكته عليه وعلى آله. أما بعد أيها الناس فإن البغي يقود أصحابه إلى النار وإن أول من بغى على الله جل ذكره عناق بنت آدم وأول قتيل قتله الله عناق وكان مجلسها جريبا [ من الارض ] في جريب وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين فسلط الله عز وجل عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا مثل البغل فقتلوها وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا وأمات هامان وأهلك فرعون وقد قتل عثمان ، ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله) والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوطة القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سابقون كانوا سبقوا والله ما كتمت وشمة ولا كذبت كذبه ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت بهم في النار، ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها واعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم: " ادخلوها بسلام آمنين "، ألا وقد سبقني إلى هذا الامر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ومن ليست له منه نوبة إلا بنبي يبعث ، ألا ولا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم. حق وباطل ولكل أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ولئن قل الحق فلربما ولعل ولقلما أدبر شئ فأقبل ولئن رد عليكم أمركم أنكم سعداء وما علي إلا الجهد وإني لاخشى أن تكونوا على فترة ملتم عني ميلة كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولو أشاء لقلت: عفا الله عما سلف، سبق فيه الرجلان وقام الثالث كالغراب همه بطنه ، ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له ، شغل عن الجنة والنار أمامه ، ثلاثة وإثنان خمسة ليس لهم سادس: ملك يطير بجناحيه ونبي أخذ الله بضبعيه وساع مجتهد وطالب يرجوا ومقصر في النار ، اليمين والشمال مضلة والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوة، هلك من ادعى وخاب من افترى إن الله أدب هذه الامة بالسيف والسوط وليس لاحد عند الامام فيهما هوادة فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم، من أبدى صفحته للحق هلك .
صحح الاثر :
1- المجلسي في مرآة العقول (ج25 / ص151) : حسن
2- هادي النجفي في موسوعة أحاديث أهل البيت (ج1 / ص428) : الرواية صحيحة الإسناد
شرح الخطبة :
بحار الأنوار (ج29 / ص587) : قوله عليه السلام: فان البغي.. أي الظلم والفساد والاستطالة (3). قوله عليه السلام: وإن أول من بغى.. كأنها كانت مقدمة على قابيل. قوله عليه السلام: وأول قتيل قتله الله.. أي بالعذاب. قوله عليه السلام: في جريب.. لعل المراد أنها كانت تملا مجموع الجريب بعرضها وثخنها. وفي تفسير علي بن ابراهيم: وكان مجلسها في الارض موضع جريب (4)، وفيما رواه ابن ميثم (5) - بتغيير ما -: كان مجلسها من الارض جريبا. قوله عليه السلام - مثل المنجلين.. المنجل - كمنبر - ما يحصد به (6). قوله عليه السلام: وأمات هامان.. أي عمر، وأهلك فرعون.. يعني أبا بكر، ويحتمل العكس، ويدل على أن المراد هذان الاشقيان: قوله عليه السلام: وقد قتل عثمان قوله عليه السلام: ألا وإن بليتكم.. أي ابتلاءكم وامتحانكم بالفتن (7). قوله عليه السلام: لتبلبلن بلبلة.. البلبلة: قال ابن ميثم: وكنى بها عما يوقع بهم بنو أمية وغيرهم من امراه الجور من الهموم المزعجة، وخلط بعضهم ببعض، ورفع أراذلهم، وحط أكابرهم عما يستحق كل من المراتب (1). وقال الجزري: فيه: دنت الزلازل.. والاظهر أن المراد اختلاطهم واختلاف أحوالهم ودرجاتهم في الدين بحسب ما يعرض لهم من الفتن. قوله عليه السلام: لتغربلن غربلة.. الظاهر أنها مأخوذة من الغربال الذي يغربل به الدقيق، ويجوز أن تكون من قولهم: غربلت اللحم.. أي قطعته (4)، فعلى الاول الظاهر أن المراد تمييز جيدهم من رديهم، ومؤمنهم من منافقهم، وصالحهم من طالحهم، بالفتن التي تعرض (5) لهم، كل أن في الغربال يتميز اللب من النخالة، وقيل: المراد خلطهم، لان غربلة الدقيق تستلزم خلط بعضه ببعض. وقال ابن ميثم: هو كناية عن التقاط آحادهم وقصدهم بالاذى والقتل، كما فعل بكثير من الصحابة والتابعين (6)، ولا يخفى ما فيه. قوله عليه السلام: حتى يعود أسفلكم أعلاكم.. أي كفاركم مؤمنين، وفجاركم متقين، وبالعكس، أو ذليلكم عزيزا وعزيزكم ذليلا، موافقا لبعض الاحتمالات السابقة. قوله عليه السلام: وليسبقن سابقون كانوا قصروا.. يعني عليه السلام به قوما قصروا في أول الامر في نصرته ثم نصروه واتبعوه، أو قوما قصروا في نصرة الرسول صلى الله عليه وآله وأعانوه صلوات الله عليه. قوله عليه السلام: وليقصرن سابقون كانوا سبقوا.. يجري فيه الاحتمالان السابقان، والاول فيهما أظهر كطلحة والزبير وأضرابهما، حيث كانوا عند غصب الخلافة يدعون أنهم من أعوانه صلوات الله عليه، وعند البيعة أيضا ابتدوا بالبيعة وكان مطلوبهم الدنيا، فلما لم يتيسر لهم كانوا أول من خالفه وحاربه. قوله عليه السلام: والله ما كتمت وشمة.. أي كلمة (4) مما أخبرني به الرسول صلى الله عليه وآله في هذه الواقعة، أو مما أمرت باخباره مطلقا، ويمكن أن يقرأ على البناء للمجهول، أي لم يكتم عني رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا..