هذا رد لي في شبكة هجر على من أنكر ما نقلناه عن ابن العاص أو طالب إسناد الخبر .!
بسم الله الرحمن الرحيم
رب اشرح لي صدري
( أ ) – مقدمة :
1-أرى النسر يتوجّع من مواضيع مرآة التواريخ كثيراً ، فما الأمـر ؟!!;)
2-طلب النسر الإسناد - على غير عادته - دليل على توجّعه من النتيجة ، وهي كذلك شاء أم أبى .
3-لكن طلبه الإسناد من مرآة التواريخ دليل حماقته ، فمتى استند مرآة التواريخ على أمر وخرج منه بنتيجة مُوجعة إلا إذا كان مستنده صحيح وفق موازين خصمه ؟!! . فطلبه إسناد ما استندنا عليه – وإن كان من حقه الدستوري :rolleyes: – فهو دليل تفوُّقه على هبنّقة رضي الله عنه !!.
( ب ) – قاعدة حديثية :
في أحكام المرسل من الأحاديث والأخبار ، والمدلَّس منها ، والمعلق والمنقطع والمعضل .
قال التهانوي في كتابه "قواعد في علوم الحديث" الفصل الخامس ص138 بتحقيق عبدالفتاح أبي غدة ما نصه :
(قال ابن الحنبلي في "قفو الأثر" : والمختار في التفصيل قبول مرسل الصحابي إجماعاً ، ومرسَلِ أهل القرن الثاني والثالث عندنا (أي الحنفية) وعند مالك مطلقاً ، وعند الشافعي بأحد أمور خمسة : أن يُسنده غيرُه ، أو أن يُرسله آخر وشيوخهما مختلفة ، أو أن يعضده قول صحابي ، أو أن يعضده قول أكثر العلماء ، أو أن يُعرَفُ أنه لا يُرسل إلا عن عدل.اهـ) انتهى .
(و أما أحاديث سبب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند ولهذا قال الإمام احمد بن حنبل ثلاث علوم لا إسناد لها - وفي لفظ - ليس لها أصل : التفسير ، والمغازي ، والملاحم ، ويعني أن أحاديثها مرسلة .
والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها ، وحسب الأقوال أن منها المقبول ، ومنها المردود الموقوف ، فمن علم من حاله انه لا يرسل إلا عن ثقة قُبل مرسله ، ومن عرف انه يرسل عن ثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهذا موقوف ، وما كان من المراسيل مخالفا لما رواه الثقات كان مردوداً . وإذا جاء المرسل من وجهين ، كل من الراويين أخذ العلم عن [ غير ]شيوخ الآخر ، فهذا مما يدل على صدقه ، فان مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب كان هذا مما يعلم انه صدق ، فان المخبر إنما يؤتي من جهة تعمد الكذب ومن جهة الخطأ .
فإذا كانت القصة مما يُعلم انه لم يتواطأ فيه المخبران ، والعادة تمنع تماثلهما في الكذب عمداً والخطأ ، مثل أن تكون القصة طويلة فيها أقوال كثيرة رواها هذا مثل ما رواها هذا ، فهذا يعلم انه صدق.) انتهى المراد .
( ج ) – موقف ابن النابغة من الخليفة عثمان قبل بيعته لابن آكلة الأكباد .
تاريخ المدينة - ابن شبة النميري - ج 3 - ص 1088 - 1089
( كلام عمرو بن العاص في عثمان رضي الله عنهما )
حدثنا علي بن محمد ، عن أبي مخنف ، عن عبد الملك ابن نوفل بن مساحق ، عن أبيه قال : عزل عثمان رضي الله عنه عمرو بن العاص رضي الله عنه عن مصر ، فكان واجداً عليه !!.
حدثنا الحزامي قال ، حدثنا عبد الله بن وهب قال ، حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب : أن هدايا ابن سعد حين قدمت على عثمان بعث إلى عمرو بن العاص ليحضرها ، فلما حضرها وهي تُعرض قال : أبا عبد الله ، الآن درَّتْ اللقاح . قال عمرو : الآن هلكت الفصال !!.
حدثني محمد بن يحيى قال ، حدثني غسان بن عبد الحميد قال : كان عمرو بن العاص من أشد الناس طعنا على عثمان رضي الله عنه ، وقال : والله لقد أبغضتُ عثمان وحرَّضتُ عليه حتى الراعي في غنمه والسقاية تحت قربتها !!.انتهى
( د ) - موقف معاوية ابن آكلة الأكباد من مقتل عثمان
تاريخ المدينة - ابن شبة النميري - ج 4 - ص 1288 - 1290
حدثنا محمد بن منصور قال ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال ، حدثنا جويرية قال : أرسل عثمان رضي الله عنه إلى معاوية رضي الله عنه يستمده ، فبعث معاوية رضي الله عنه يزيد ابن أسد جد خالد القسري ، وقال له : إذا أتيت ذا خشب فأقم بها [ ولا تتجاوزها ، ولا تقل الشاهد يرى ما ] لا يرى الغائب .
قال : أنا الشاهد وأنت الغائب .
فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان رضي الله عنه !!.
فقلت لجويرية : لم صنع هذا ؟
قال : صنعه عمدا ليقتل عثمان رضي الله عنه فيدعو إلى نفسه !!.
حدثنا محمد بن يحيى قال ، حدثني غسان بن عبد الحميد قال : قدم المسور بن مخرمة على معاوية رضي الله عنه ، فدخل عليه وعنده أهل الشام .
فقال معاوية رضي الله عنه : يا أهل الشام هذا من قتلة عثمان .
فقال المسور : إني والله ما قتلت عثمان ، ولكن قتله سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وكتب يستمدك بالجند فحبستهم عنه حتى قتل وهم بالزرقاء !! .
حدثنا علي بن محمد ، عن أبي مخنف ، عن نمير بن وعلة ، عن الشعبي ، ومسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد بن يزيد ابن معاوية : أن معاوية رضي الله عنه وجه حبيب بن مسلمة الفهري في أربعة آلاف إلى عثمان رضي الله عنه ، فقدم يزيد بن أسد ابن جرير في ألف ، فلقيه الخبر بقتل عثمان رضي الله عنه بوادي القرى ، أو بذي خشب ، فانصرف .انتهى
اقول :
وثمة مصادر أخرى تذكر هذا الموقف ، فيكفينا مصدر واحد !.
(هـ ) - القول في مصادر الخبر (بيعة عمرو لمعاوية بالصفة المروية أعلاه) .
1- ابن الجوزي لا يذكر في تاريخه إلاّ ما صحَّ عنده
قال ابن الجوزي في مقدمة تاريخه المنتظم ج1/ 116 ، طبع دار الكتب العلمية ، ط2 ، سنة
1415هـ / 1995م ما نصه بالحرف :
(..فإذا انتهينا إلى مفتتح سني الهجرة ، وهي التي عليها التاريخ الى اليوم ذكرنا ما كان في كل
سنة من الحوادث المستحسنة والمهمة ، وما لا بأس بذكره ، ونضرب عن ما لا طائل في الإطالة به
تحته مما يضيع الزمان بكتابته ؛ إمّا لعدم صحته ، أو لفقد فائدته .
فإن خلفاً من المؤرخين ملأوا كتبهم بما يرغب عن ذكره ، تارة من المبتدآت البعيدة الصحة ، المُستهجن
ذكرها عند ذوي العقول كما قد ذكر في مبتدأ وهب بن منبه وغيره من الأخبار التي تجري مجرى
الخرافات ، وتارة بذكر حوادث لا معنى لها ولا فائدة ، وتارة بذكر أحوال ملوك يذكر عنهم شرب
الخمر وفعل الفواحش وتصحيح ذلك عنهم عزيز ، فإن صح كان ذلك إشاعة الفواحش ، وإن لم يصح
كان في مرتبة القذف ...
إلى أن يقول :
فكان هذا الكتاب مرآة يُرى فيها العالم كله والحوادث بأسرها ، إلاَّ أن يكون من لا وقع له ، فليس
لذلك ذكر ، أو حادثة لا يغنى تحتها ولا وجه لذكرها .
وقد انتقى كتابنا نقي التواريخ كلها ، وأغنى من يُعنى بالمهم منها عنها ، وجَمعَ محاسن الأحاديث
والأخبار اللائقة بالتواريخ ، وانتخبَ أحسن الأشعار عند ذكر قائلها ، وسلمَ من فضول الحشو ، ومرذول
الحديث ، ومن لم يدخل فيه ما يصلح حذفه .) انتهى بنصه .
2-جميع المؤرخين الذين نقلوا خبر بيعة ابن النابغة لابن آكلة الأكباد نقلوها مستروحين لها جداً ، ما يدل على ثبوتها لديهم بالطريقة التي نقلناها أعلاه.
3-جميع المؤرخين الذين سردناهم – وما لم نوردهم – هم غير متهمين في نقلهم خبر البيعة وبالصفة المذكورة .
4-أحد من نقل خبر البيعة – بالصفة المزبورة ومن دون نقدٍ لها - الذهبي ، مع انه معدود عند السلفيين وغيرهم بأنه نقّادة للروايات والأخبار جداً وقلما يمر على خبر أو رواية إلا ونقدها !.