ويترتب على هذا الفهم أنَّ النص القرآني لم يكن مقصورا على الكم اللغوي المحض فقط
بل أضحى مَعيناً لمعان غير متناهية لا تنضب أبدا.
وهذا ما يجعله يرتفع عن مُحدد الزمان والمكان.
وإلى هذا المعنى قد أشارت الروايات الصحيحة
عن الإمام علي :عليه السلام: عن رسول الله محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم :
قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يقول :
إنَّها ستكون فتن
قلتُ فما المَخرجُ منها يا رسول الله
قال:ص:
كتاب الله ، فيه خبر ما قبلكم
ونبأ ما بعدكم
وحكم ما بينكم .
هو الفصل ليس بالهزل
هو الذي لا تزيغ به الأهواء .
ولا تشبع منه العلماء . ولا يَخلق عن كثرة رد .
أي لا يبلى:
ولا تنقضي عجائبه .
وهو الذي من تركه من جبار قصمه الله
ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله
هو حبل الله المتين ، وهو الصراط المستقيم
وهو الذي من عمل به أُجِرَ .
ومن حكم به عدل
ومن دعا إليه دعا إلى صراط مستقيم
:المُختصر النافع : المُحقق الحلي :ص1.
إنَّ الذي جعل النص القرآني مَعيناً لا ينضب هو ما توفر عليه من خصائص وميزات ذاتية
صيَّرتْ منه مصدرا للتشريع والتفريع والتنظير في كل منحى منحى من مناحي الحياة.
وأهم تلك الميزات الذاتية
هي:
:1:
ميزة العموم والإطلاق والإستيعاب
فالقرآن الكريم اعتمد في أغلب نصوصه الشريفة
على سياقيّة العموم والإطلاق والإستيعاب
وتجاوز محور الخاص في المورد بنكاته العامة والمطلقة
والتي بها اكتسح حد القضية الشخصية والزمان والمكان.
والذي يُعزز هذه الحقيقة الذاتية في النص القرآني
هو براعة البنيّة المعرفية والمنطقيّة في كينونة النص القرآني ذاتيا.
فمثلاً نلحظ دائما شدة الربط القرآني في العرض والغرض والحكمة في صياغة الآيات الشريفة
بين السابقين واللاحقين من الأمم وحتى الأفراد.
وهذا بحد ذاته يعني أنَّ النص القرآني قادرٌ على تخطي حدود الزمان والمكان وتلبيّة حاجة الإنسان أيّاً كان
وكشاهد على ذلك
ما ختم به القرآن الكريم آياته الشريفة في سورة يوسف
والتي عرضها في صورة القصة الحكيمة والهادفة والمُؤسِّسة في موضوعاتها وغاياتها حياتيا .