اختلاف المدارس و الرؤى و الافكار وجدلية طرحها لمبدأ الاختلاف لا تمثل مشكلة ,, على اعتبار ان ما يطرح سوف يستمد بقاءه من تقبل المتلقي سواء شئنا ام ابينا ,, لذا فأن عملية الطرح كل بحسب رؤاه كفيل بترجيح الكفة الاصلح او الاكثر صلاحاً لحل مشاكل المجتمعات و الافراد ,, و ذلك حتماً سوف يؤدي الى تحجيم احدى الرؤيتين و تقزيمها قبالة اتساع الاخرى و هيمنتها ,, و هذا ما نراه في الشريط التأريخي للأمة الشيعية من بعد غيبة الامام الثاني عشر صلوات الله عليه ارواحنا فداه الى حين قيام الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني رضوان الله عليه ,, حيث ظهرت اطروحات و خفتت اخرى كما يحدث التأريخ عن الاخباريين و اصطدامهم بالاصوليين ,, و كذلك اشكاليات المشروطة و المستبدة و غيرها ..
أما مسألة تقليد الاعلم و غيره من الامور فلنترك النقاش فيها الى مناسبات اخرى غير انني اكتفي بأن اقول لشخصكم الكريم ان قضية تقليد الاعلم هي مبدأ عقلي لا يوجد نص واحد صادر من المعصوم يصرح به ,, كما لا يوجد اي نص آخر صادر عن المعصوم يحدد مرتكزات الاعلمية و يعين ميادين التفوق العلمي لعالم على الاخر ..
و عليه فأن الامة الشيعية امام مجموعة من الاحكام الفقهية الظنية لا القطعية يرجح البعض قسم منها و يوهن القسم الآخر في مسألة اختيار شكل الحياة المدنية و الاجتماعية و السياسية التي تريدها ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الرجل الحر
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و جمعة مباركة ان شاء الله عليك و على جميع المؤمنين ..
اخي العزيز ...
مما لا ريب فيه ان الفقهاء متعددون و اراؤهم الفقهية كذلك هي الاخرى متعددة , و هذا التعدد مما لا شك فيه ينبع من اجتهادهم في فهم النص المعصوم ,
و لكن اتباع اي فقيه هل هو المعذر امام مولانا صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟؟
و هذا لا نطيل فيه كونه ليس محل النقاش حول الاعلمية , فهي جاءت في سياق الكلام و ضرب المثال , و لكن لا بأس بنقل كلام الوحيد البهبهاني و كلامه عن ضرورة رجوع الامة لفقهاء الاسلام ( و هذا كما اتوقع محل التقاء بيني و بينك ) ..
يقول رحمه الله : مركوز في خواطر كل واحد ان كل امر مجهول يرجع فيه الى اهل خبرته و الماهر في فنه , فاذا اراد ان يعرف درهما هل هو زيف ام لا ؟ يرجع فيه الى الماهر في المعرفة , و يبذل جهده في تحصيل الماهر و في معرفته , و كذا اذا اراد معرفة عيب شيء و ان كان اقل من درهم , و كذا يرجع الى الطبيب في المرض , و لو رجع الى غيره يكون آثما بالبديهة , مع انه فساد أو هلاك دنيوي , فكيف لا يرجع الى اطباء الاديان ؟ مع ان خطأه فساد اخروي و هلاك سرمدي !!.
اخي العزيز ..
كلامي هو باتباع الفقهاء الجامعون للشرائط , و بالتالي فان تكليف الفقيه هو الذي يجعله يقود الامة وفق ما يتوفر عنده من ادلة ..
و اما حكم الناس على النتائج بين رؤية هذا الفقيه او ذاك , فليس بمقياس بتاتا ..
لا اقامة الدولة دليل على النجاح , و لا عدم اقامتها من قبل اخر يعني غياب المشروع !!
و هذا بطبيعة الحال لا يبيح للطرف الاخر ان ينتقد منهج ما في كل مناسبة يتفاخر بها بهذا المنهج او المشروع !!
سيدي الكريم ..
نحن في زمن الغيبة مأمورون بالرجوع للفقهاء , و بالتالي , فان الفقهاء هم الامناء على المجتمع ,
و لكل دليل يقوده في ليل الغيبة الدامس ..
فكما يقول بعض الفقهاء بولاية الفقيه الموسعة , يأتي غير هؤلاء ليقول بالشورى , و يأتي طرف اخر ليقول بالحسبة و هكذا دواليك ..
و من المسلم به انهم انما يعتمدون على ادلة متوفرة لهم كل بحسب طبيعة اجتهاده و قوته في استنباط الحكم الشرعي ..
و اخيرا ..
على سبيل المثال لا الحصر , اضع عندك بعض الاشارات التي قد يعتمد عليها بعض الفقهاء كدليل على صحة ما يسيرون عليه ايام الغيبة ..
1. في مبحث الثغور و غيرها , هناك رأي فقهي موجود في الجواهر , يتحدث عن فيه عن نصح بعض الائمة لعدم القيام في ثغور الظالمين , و يتحدث عن موت الموالي لهم على فراشه منتظرا لامرهم , فيبعث كالمتشحط بدمه .
2. في رواية عن جابر الجعفي عن الامام الباقر ع يقول له : يا جابر الزم الارض و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات احدثك عنها ...... الرواية موجودة في غيبة النعماني .
3. في بعض الاشارات عند دخول السفياني للكوفة , هناك حديث عن ان الشيعة هناك لو غيبوا وجوههم لتجنبوا الاعداد الكبيرة الكثيرة من القتلى ..
و غير ذلك ..
فهناك فقيه يفهم منها امرا , و هناك من يضعف الامر و لا يأخذ دلالة منها كما الفقيه الاخر ..
و هكذا ..
فهل المشكلة تكمن في الرؤى و الافكار , في مشاعرنا الجياشة او نفسنا الثورية ؟؟؟
انا حينما امتثل لامر مرجعي , و اقف على ركن وثيق منه , فلا يهمني قول قائل و لا عتب معاتب , و لا شماتة شامت ..