وفي هذا الحديث دليل للشافعي والأكثرين في جواز الصلاة على الميت في المسجد, وممن قال به: أحمد وإسحاق. قال ابن عبدالبر: ورواه المدنيون في الموطأ عن مالك, وبه قال ابن حبيب المالكي.
وقال ابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك على المشهور عنه: لا تصح الصلاة عليه في المسجد بحديث في سنن أبي داود "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له".
ودليل الشافعي والجمهور حديث سهيل بن بيضاء, وأجابوا عن حديث سنن أبي داود بأجوبة:
أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به, قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة, وهو ضعيف.
والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبي داود "ومن صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه" ولا حجة لهم حينئذ فيه.
الثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه قال: "فلا شيء" لوجب تأويله على "فلا شيء عليه" ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث وحديث سهيل بن بيضاء, وقد جاء (له) بمعنى (عليه), كقوله تعالى: {وإن أسأتم فلها}.
الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه. والله أعلم. اهـ.