|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 74470
|
الإنتساب : Sep 2012
|
المشاركات : 63
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الثقافي
لا تنسى التبولة ( جنون القلم)
بتاريخ : 04-11-2012 الساعة : 04:09 PM
لا تنسى التبولة
هي ورقة الخريف التي تتطاير مع الهواء تأبى أن تهجر الوطن خشية الغربة ,هو عصفور الدوري الذي يتحمل البرد القارس خشية الغربة ,هي غيمة في السماء تسرع وتمطر في أرض الوطن خشية الإمطار في الغربة, هو أنا أجبرتني الحياة الإغتراب رغم خشيتي من الغربة.
كان المنزل يغص بالأقارب والأصحاب المودعين دموع هنا وأخرى هناك الجميع يتنهنه من البكاء. جميعهم يطلبون مني عدم الذهاب ولكن فات قد الآوان . هذه ليست رغبتي إنها رغبة الحياة التي إتخذت قراري دون أن تسألني, هي رغبت قدري الذي لم يترك لي خيار آخر, هو مستقبلي الذي ستكون حجارته من هناك في آخر العالم من الغربة .الدقائق كانت تسرع الموعد أمسى قريب البقاء لخمسة دقائق إضافية لا ينفع لقد حان وقت الرحيل .تركت الأقارب خلفي وصعدت في سيارة والدي خشيت النظر إلى الخلف لم أعد أحتمل مراقبة وداعهم, لقد كان موقفا صعبا شغل والدي السيارة وتحركنا من أمام المنزل. لقد تركتهم خلفي وأياديهم مازالت مرتفعة تلوح لي وعيونهم تغمرها الدموع.كان والدي يقود على مهل كي يكسب بعض الوقت معي ولكنني أصريت على أن يسرع كي لا نتأخر عن الطائرة. وصلنا إلى المطار
حملت حقيبتي التي خبئت فيها قليل من تراب الوطن وذكريات الطفولة , مشيت بخطوات حزينة يصعب عليها أن تغادر من أحبت ولكن قدرها أن تغادر التراب الذي أسعدها . أكملت سيري والدموع الحارة ترشح من عيوني تحاول التساقط كي تعبر عن رفضها لما يحصل ولكن دون جدوى.دخلت حرم المطار والأهل إلى جانبي .وصلنا إلى آخر نقطة النقطة التي ستفصلنا والتي ستبعدنا عن بعض ,نظرت النظرة الأخيرة ويا ليتني لم أنظر لأن تلك النظرة دمرتني وجعلتني أفكر بالعودة لم أستطع تحمل تلك اللحظة وكيف أستطيع تحملها و وجه والدتي تغطيه دموع الوداع أما والدي فكان يتفجر غضبا. حاولت أن أقول لهم وداعا فلم أفلح, فأشرت لهم بالذهاب ,أحببت أن أشاهدهم يرحلون بدلا من أن يروا لحظة رحيلي. نظرا إلي بنظرة وداع أخيرة وأداروا ظهرهما من بعد إصراري على ذلك.وساروا أمامي كما تسير الأيام الجميلة التي لا تعود, وفي لحظة مفاجئة عاد والدي مسرعا أمسك بيدي وقال بني {لاتنسى التبولة}لم أفهم ما عناه في تلك الكلمة وسرت بإتجاه غرفة الإنتظار متسائل عما يكون المقصود. حان موعد إقلاع الطائرة كنت جالسا بالقرب من النافذة كي أتمكن من توديع وطني الحبيب وبحرنا الجميل
كانت المسافة بعيدة بدأت أضجر إن كان ركوب الطائرة يشعرني بالضجر فماذا عن السنين التي سأمضيها في الغربة يا ترى ؟ كم ستتحمل أيها القلب؟..وصلنا أخيرا إلى بلاد الغربة من بعد 11 ساعة من التحليق ,خرجت من المطار إلى حيث لا يشبهني أحد لا بلغتي ولا بضحكتي لا بملابسي ولا بعاداتي, نعم لقد وصلنا إلى حيث التراب مختلف إلى حيث الزهور مختلفة والهواء مختلف والشمس فيها مختلفة أيضا. لقد كنت على موعد إستراحة أسبوع قبل بداية العمل كنت أجوب الغرفة ذهابا وإيابا كما السجين أفكر بما أفعله أتسائل لماذا أنا هنا مالذي سأجنيه من هنا ؟.إنتهت الإستراحة وبدأت بالعمل الذي كان يأخذ أغلب وقتي ولا يترك لي أية دقائق للراحة, الراتب لم يكن كاف فكنت أعمل في مصنع لصيانة السيارات نهارا و بجلي الصحون في المطاعم ليلا, هكذا إستطعت أن أجني بعض النقود الإضافية. فخشيتي كانت أن أعود إلى الوطن دون مال حينها ساكون قد خسرت شبابي سدا.الأيام في الغربة تمضي ببطىء وقدعلمتني دروس لا تنسى, وقد أسقتنيي كأس مريرا مليىأ بلوعة الغربة بالشوق لتراب الوطن ولكنها خسئت إن استطاعت أن تغيير هويتي أو أن تجعلني شخصا منهم. لقد بقيت كما كنت رجل شرقي بكل معنى الكلمة . أما في أوقات الفراغ كنت أذهب إلى السوق كي أشتري ما أنا بحاجة إليه وكي أمضي بعض الوقت ,كان المارة هنا وهناك أصوات البائعين تلعلع في سماء السوق وما لفت نظري هي لافتة لمطعم عربي ,هرعت إليه دخلت بلهفة جلست على طاولة بالقرب من النافذة حملت لائحة المأكولات وبدأت بطلب كل ما تشتهيه عيوني, لم أكن جائعا ولكن شوقي للمأكولات العربية كان يسيطرعلي كانت القائمة كبيرة فاكتفيت بما طلبته ,وبالصدفة وجدت اسم التبولة نعم مكتوب على الائحة تبولة هههه يوجد تبولة !!!كانت فرحتي لا توصف لقد وجدت ما أبحث عنه, طلبت صحن تبولة وما هي إلا عشرة دقائق حتى حضرت الأطباق وحضر معها شوقي لها ,فبدأت بالأكل بشهية لا توصف نعم رائحة بلادي في هذه الأطباق أما التبولة فكانت سيدة الطاولة فحصلت على معاملة خاصة مني .لقد كان ذالك اليوم من أجمل الأيام التي أمضيتها في الغربة, لقد أعادتني تلك الأطباق إلى أرض الوطن نعم هذه الأطباق سفيرة الوطن في الغربة . أمضيت أربعة سنوات في بلاد الإغتراب لا أعرف الليل من النهار , فكما كان هناك بداية أضحت النهاية قريبة, جمعت حقائبي ودعت غرفتي ودعت المجتمع الذي عشت معه والبلد الذي استضافني, ودعت تلك الشمس الشحيحة وذالك القمر الخجول والنجوم التي رافقتني طوال تلك المدة ,حملت حقائبي من بعد أن جمعت كل أغراضي . كان الموعد عند السابعة وحينها حلقت فوق الغيوم فوق القمر الحنون في الفضاء الأزرق, كانت المسافة ساعات أحسستها أعوام ,ولكن اللقاء قد حان وصلت إلى المطار وكما كان الفراق كان اللقاء, المشهد نفسه الأهل والأصحاب ينتظروني في المطار . إنتهيت من الإجراءات الأمنية وخرجت إلى صالة الإنتظار وجوه الأحبة كانت تضيىء الصالة كانت عيوني تبحث عن شخص كي ترد له الجواب الذي عمره 4 أعوام. الحشود كانت كبيرة ولكنني بقيت أبحث عنه, كل واحد منهم ينتظرني كي أدنوا منه ,لم أتقدم من أي أحد بقيت أبحث عن صاحب اللغز وأخيرا وجدته لقد كان جالسا نعم لقد أجلسته الفرحة وضعت الأمتعة جانبا وركضت باتجاهه وأنا أصرخ أبي أبي... وصلت إليه ركعت أمامه وقبل أي كلام أو سلام عيوني كانت تدمع والدموع كانت تتساقط بحرارة جمعت نفسي ثانية نظرت إليه وقلت لقد حللت اللغز بابا بابا لم أنسى التبولة.
عزيزي القارىء عندما نقول تبولة نتذكر دائما لبنان لأنه البلد الذي شتهر بها وعندما قال أبي لا تنسى التبولة يقصد أن لا تنسى الوطن أي لبنان فهو اختصر كل شيىء بهذه النوع من السلطة اتمنى أن تكون قصتي المتواضعة قد نالت من إعجابكم انتظر ردودكم
اخوكم موسوي
|
|
|
|
|