اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
من أهداف الثورة الحسينية
قال الإمام الحسين بن علي : " أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً ، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ أَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ ، وَ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ " . هذا و إنا نجد أن هذه الأهداف المعلنة من قِبل الإمام حسين تحققت تماماً ، فالإسلام باقٍ و الأذان باقٍ و الصلاة باقٍية، و ذكر النبي و ذكر أهل بيته باقٍ ، و في المقابل لم يبق لبني أمية أي ذكر ، إلا اللعنة و التاريخ السيء المظلم . و قد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنَّهُ قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، اسْتَقْبَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ قَالَ :
يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ، مَنْ غَلَبَ ـ وَ هُوَ يُغَطِّي رَأْسَهُ وَ هُوَ فِي الْمَحْمِلِ ـ ؟
قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ غَلَبَ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ ثُمَّ أَقِمْ". أي انه ما دام الأذان و الإقامة و الصلاة موجود فالإسلام هو الغالب و المنتصر . نعم إذا أردت أن تعرف المنتصر ألق بنظرة إلى كربلاء خاصة في مثل هذه الأيام ، محرم و صفر ستعرف من المنتصر، و انظر أيضاً إلى مجالس الحسين في العالم فستعرف من هو المنتصر و من هو المهزوم، و انظر أيضاً إلى ضريح الحسين في كربلاء و إلى الجموع المليونية في كل مناسبة و غير مناسبة التي تحوم حول القبر الشريف تعرف من المنتصر . انظر أيضاً إلى ضريح السيدة زينب عليها السلام بالشام فلا ترى سوى الشموخ والإباء و العظمة و العز و الكرامة . و كذلك لا بُدَّ لك و أن تلق بنظرة خاصة إلى الضريح المتألق الشامخ لطفلة الإمام الحسين و التي لم يكن عمرها يتجاوز الثالثة السيدة رقية عندما ماتت حزناً على أبيها في الشام فدفنت هناك ، ثم بعد هذه النظرات إسأل عن قبر يزيد و معاوية فستعرف من المنتصر ! نعم لقد غلب الدم السيف ، و غلب المظلوم الظالم ، و كما يقول غاندي : تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر . و لقد أجاد الشاعر السوري محمد مجذوب حين صور هذه الحقائق في قصيدته الغراء حينما وقف على قبر معاوية فجادت قريحته فبدأ يخاطبه هكذا :
أين القصور أبـا يزيـد و لهوهـا
والصافنـات وزهوهـا والسـؤددُ
اين الدهاء نحـرت عزتـه علـى
أعتـاب دنيـا زهوهـا لا ينفـدُ
آثرت فانيها علـى الحـق الـذي
هو لو علمت على الزمـان مخلـدُ
تلك البهارج قد مضـت لسبيلهـا
و بقيـت وحـدك عبـرة تتجـددُ
هذا ضريحك لو بصرت ببؤسـه
لأسال مدمعك المصيـر الأسـودُ
كُتلٌ من التـرب المهيـن بخربـةٍ
سكر الذباب بهـا فـراح يعربـدُ
خفيـت معالمهـا علـى زوارهـا
فكأنهـا فـي مجهـل لا يقصـدُ
و القبـة الشمـاء نكـس طرفهـا
فبكـل جـزء للفنـاء بهـا يــدُ
تهمي السحائب من خلال شقوقهـا
والريـح فـي جنباتهـا تـتـرددُ
و كـذا المصلـى مظلـم فكـأنـه
مذ كـان لـم يجتـز بـه متعبـدُ
أ أبا يزيـد و تلـك حكمـة خالـق
تجلى على قلـب الحكيـم فيرشـدُ
أ رأيت عاقبـة الجمـوح و نـزوة
أودى بلبـك غّيـهـا المتـرصـدُ
تعدوا بها ظلما علـى مـن حبـه
دين و بغضتـه الشقـاء السرمـدُ
ورثـت شمائلـه بـراءة أحمـد
فيكاد مـن بريـده يشـرق احمـدُ
و غلوت حتى قد جعلـت زمامهـا
ارثـا لكـل مـدمـم لا يحـمـدُ
هتك المحارم و استبـاح خدورهـا
ومضـى بغيـر هـواه لا يتقيـدُ
فأعادهـا بعـد الهـدى عصبيـة
جهـلاء تلتهـم النفـوس و تفسـدُ
فكأنمـا الإسـلام سلعـة تاجـر
وكـأن أمـتـه لآلــك أعـبـدُ
فاسأل مرابض كربـلاء و يثـرب
عن تلكـم النـار التـي لا تخمـدُ
أرسلـت مارجهـا فمـاج بحـره
أمس الجـدود و لـن يجّنبهـا غـدُ
و الزاكيات مـن الدمـاء يريقهـا
باغ علـى حـرم النبـوة مفسـدُ
و الطاهـرات فديتهـن حـواسـرا
تنثـال مـن عبراتهـن الأكـبـدُ
و الطيبيـن مـن الصغـار كأنهـم
بيض الزنابق ذيد عنهـا المـوردُ
تشـكـو الظـمـا و الظالـمـون
أصمهم حقد أناخ على الجوانح موقدُ
و الذائديـن تبعثـرت اشـلاؤهـم
بـدوا فثمـة معصـم و هنـا يـدُ
تطـأ السنابـك بالطغـاة أديمهـا
مثل الكتاب مشـى عليـه المُلحـدُ
فعلى الرمال من الأبـاة مضـرج
وعلى النياق مـن الهـداة مصفـدُ
و على الرمـاح بقّيـة مـن عابـد
كالشمس ضاء به الصفا و المسجـدُ
ان يجهل الأثماء موضـع قـدره
فلقـد دراه الراكـعـون السّـجـدُ
أ أبـا يزيـد و سـاء ذلـك عثـرة
ماذا أقول و باب سمعـك موصـدُ
قم و ارمق النجف الشريف بنظـرة
يرتد طرفـك و هـو بـاك أرمـدُ
تلك العظام أعـز ربـك قدرهـا
فتكاد لـولا خـوف ربـك تعبـدُ
ابـدا تباركهـا الوفـود يحثـهـا
من كـل حـدب شوقهـا المتوقـدُ
نازعتها الدنيـا ففـزت بوردهـا
ثم انقضـى كالحلـم ذاك المـوردُ
وسعت الى الأخرى فخلد ذكرهـا
في الخالدين و عطف ربـك أخلـدُ
أ أبـا يزيـد لتلـك آهـة موجـع
أفضى اليـك بهـا فـؤاد مُقصـدُ
أنا لست بالقالي و لا أنـا شامـت
قلب الكريم عـن الشماتـة أبعـدُ
هي مهجـة حـرى اذاب شغافهـا
حزن على الاسلام لم يـك يهمـدُ
ذكرتها الماضـي فهـاج دفينهـا
شمل لشعـب المصطفـى متبـددُ
فبعثتـه عتبـا و ان يـك قاسـيـا
هو في ضلوعـي زفـرة يتـرددُ
لم استطع صبـرا علـى غلوائهـا
أي الضلوع على اللظـى تتجلـدُ
الى القسم الثالث : النصر للمؤمنين في الدنيا و الآخرة بنص القرآن
نسألكم الدعــاء