|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 67974
|
الإنتساب : Sep 2011
|
المشاركات : 2,555
|
بمعدل : 0.53 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
د. حامد العطية
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 31-07-2013 الساعة : 04:16 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الدكتور العزيز ،، الأخوة الفضلاء
لنقل العراق ما بين التجربة الصومالية و التجربة الكورية الجنوبية و لنضع بينهما ما شئت ،، على فرض أننا نسير وفق خط شروع تكون الصومال فيه إلى يسار الصفر حيث يقف العراق مثلاً ،، بينما باقي الدول إلى يمينه ،، ما هي المؤهلات المطلوبة لكي نبتعد عن الصفر و ما دونه ،، و ما هي العوامل المساعدة في ذلك ،،
بحسب تصوري أننا أولاً بحاجة إلى هوية ،، فالعراقي اليوم يعيش ازمة هوية حقيقية ،، فلا السني يستطيع التأقلم مع حالة التقزيم التي فرضتها عليه أصول اللعبة السياسية الجديدة و أبجديات الواقع الديموغرافي و التي سلبتة نهبه الذي انتهبه منذ ألف و أربعمئة عام عندما أحتل أجدادنا العرب أرضاً تعود ملكيتها التأريخية و الواقعية بصورة عامة إلى السومريين و الكلدانيين و البابليين و الآشوريين و الساسانيين و استولوا عليها و حولوها مع القرون من أرض الحضارات و بلاد السواد لخضرتها إلى صحراء عشعش فيها فرخ الفساد و الجهل و التخلف اليوم و الفقر ،،
و لا الشيعي العراقي اليوم يستطيع أن يتحسس هويته كمالك بحكم الديموغرافيا لبلاد النهرين بحجمها العملاق إقتصادياً و تأريخياً لربما لأنه لا يزال يخضع بحكم العقل الباطن إلى إسطورة القصور الإداري في عقلية التشيع العراقي لإفتقارها إلى الخبرة في فن إدارة الدولة و التي هي نقطة لصالح المتسيد السني ،،
و حتى الكوردي الذي حصل على استقراره السياسي و الإقتصادي و الثقافي منذ بدايات التسعينات لا يتخيل إمكانية العودة إلى حيث يكون خاضعاً لحاكم عربي يسوق النكات التي تتندر على الكوردي بأنه لايعرف أذنه اليمنى من اليسرى علماً أن الواقع التأريخي يشهد بتفوق العنصر الآري حضارياً و مدنياً على شعوبنا العربية البدوية الإصول و الجذور ،،
أزمة الهوية بين مكونات العراق و الخوف على ضياع الثقافة و الحقوق و ضياع المكتسبات التأريخية و إن جاء معظمها بقوة القهر و البطش كمكتسبات الحكم السني على العراق أدى إلى تناحر سياسي يحرم إلى حد بعيد تشكيل منظومة قيمية وطنية تكتنف الهويات تحت ظلال هوية واحدة واعدة هي هوية العراق المتعدد الأطياف شأنها شأن الهوية الهندية و الأميركية و غيرها ..
و عليه فأول خطوة أمام حركة الإصلاح السياسي في العراق هو ترسيخ الهوية العراقية ليس من خلال طمس باقي الهويات كالكوردية و الشيعية و السنية بل على العكس من خلال إبرازها و أعلانها كهويات مختلفة ليس من مجال لتذويبها و صهرها أو مصادرتها لأية غاية كانت ،، و العمل على إعطائها أحجامها الحقيقية ديموغرافياً فلا تزال الأنفاس السنية مثلاً تتجه إلى أن الأغلبية في العراق هي الطائفة السنية العربية و هذا بحد ذاته عامل خطر على استقرار العراق حيث يبقى الشعور بالغبن ملازماً لتلك الطائفة إلى أن يثبت العكس الأمر الذي ينزع من ذهنياتها أي مطالبة لحقوق غير موجودة أساساً و أهمها رئاسة الحكومة العراقية و التحكم بالبلد ،،
و من ثم العودة بحدود العراق الإدارية إلى ما قبل التغييرات البعثية الآثمة و إن كانت الأرقام الجغرافية تشير إلى غلبة الجانب الكوردي في هذا المجال غير أن تلك التضحية قد تكون بمثابة إحدى العمليات القيصرية لعلاج الوباء الدموي في العراق ،، حتى الوصول إلى إعلان الأقاليم بحسب المناطقية ،، و توزيع الثروة بحسب إستحقاقات الأقاليم المنتجة ،، و تغيير المناهج الدراسية بحسب العمق الآيديولوجي و الثقافي لغالبية سكان كل إقليم كما هو حاصل في كوردستان ،، الأمر الذي سوف ينتج هوية فيدرالية يكون التعامل مع مكوناتها الأساسية تعاملاً مصلحياً مصيرياً مرتبطاً بإستحقاقات الثقل الإقتصادي و الممرات المائية الدولية و مصادر المياه و مجاريها ..
قضية الهوية الفيدرالية التي تعترف و تبرز الهويات الرئيسة الأخرى في العراق لابد و أن تكون مادة الثقافة و بالتالي مادة الحل في عقلية السياسة العراقية و إلا فإننا سوف نبقى نعيش حالة من التغطية على الجراحات و الثغرات لا تلبث أن تتحول إلى حلقة مفرغة لا تفضي إلى نهاية أبداً ..
هنالك أمر آخر غاية في الأهمية ،،
هو المبالغة في حجم الشخصية العراقية و قدرتها على الإبداع و التغيير و هذا ما قد يؤدي إلى تأخير و تسويف جميع السبل الرامية إلى التقدم و الإنتقال النوعي في عقلية الإنسان العراقي أولاً و في عقلية السياسة العراقية ثانياً و في واقع العراق ثالثاً ،،
لابد لنا كعراقيين أن نعترف بقصورنا و تقصيرنا و بعدنا الشاسع عن مصاف العلم و التقدم المعرفي و الإبداع و أننا بلد يكاد أن يكون خالياً من العقليات و الكفاءات المحلية التي تنافس نظرائها في العالم بل في محيطنا الإقليمي كما هو الحال في إيران و تركيا و إسرائيل ،، و بعض البلدان العربية المستقرة سياسياً
بل مع شديد الأسف تحولت كفاءاتنا المفترضة إلى آفة تقتل إقتصاد البلد و تقتل روح الأجيال من خلال نقل فيروسات الشوفينية الواهية الذهانية إلى عقول الأجيال الجديدة التي لا يبدو أنها تستجيب كموجات بشرية شبابية إلى القفزات الحضارية و المدنية في جميع مجالات التحضر و التمدن و العلوم في العالم بل على العكس رحنا نشهد ظهور طبقات من الشباب الفاشلين دراسياً من آباء أصحاب تخصصات جامعية ..
و مشكلة النظرة المتورمة تجاه الذات إلى العراقيين الذين لا يزالون ينظرون إلى العراق على أنه بلد عظيم و هو أبعد ما يمكن عن اي مظهر من مظاهر العظمة بكل المقاييس ،، هي أنها تمنع المجتمع من تتبع أخطاءه و بالتالي إصلاحها ،،
فلا يزال الطبيب العراقي يعتبر نفسه و يعتبره العراقيون أفضل طبيب في العالم في حين عندما هاجر الدكتور الكبير و الجراح المبدع في طب العين الدكتور نبيل بنيامين ممو إلى كندا تاركاً بغداد هروباً من الحرب الطائفية بعد سقوط كلب العوجة عمل مجرد فاحص بصر في مستشفى كندي حسبما أخبرني بعض زملائه في المهنة ،، و عندما بدأت قوافل المرضى تسافر إلى الهند و غيرها من الدول لغرض العمليات الجراحية أكتشفوا أن أطباء العراق لا يرتقون إلى مستوى ممرض في مستشفيات فورتيس الهندية على الأقل من الناحية الأخلاقية و الإنسانية و اكتشف الكثيرون أن هنالك أملاً طبياً لم يكن يصدر من على ألسنة أطباء العراق من قبل ،،
كذلك المهندسون العراقيون الذين يعتبرون أنفسهم الأفضل في مجالات الهندسة عجزوا لحد الساعة من بناء جسر وفق المواصفات العالمية للجسور من تحدبات كاملة و منحنيات هندسية رصينة تضمن سلامة البناء لعشرات السنين بل لم نر منهم لحد الساعة طريقاً إسفلتياً بدون تعرجات ،، كذلك يأتي الضباط العراقيون القدامى لينسجوا القصص الخيالية عن قوة العسكر العراقي الذي أسس كيانه على العدوان و الإنهزام و اليوم يفشل كبار العسكريين أمام التحديات الأمنية التي يتقدم فيها يوماً بعد يوم فلول القاعدة الموتورين ..
المشكلة أن الأكاديمية العراقية بدأت بتخريج أصحاب إختصاصات لا يفقهون كثيراً بإختصاصاتهم فكم من مدرس لغة عربية ينصب الفاعل و يرفع المفعول به و كم من متخصص لغة إنكليزية لا يقدر على تكوين جملة من خمس كلمات أو ست بدون أخطاء و كم من فيزيائي منغلق على فيزياء القرن الماضي .
كنت قد سمعت مرة كلاماً أضحكني من بعض الأخوة قالوا أن الغرب يحترم العقلية العراقية و لو مر عراقي في أي بلد في أوروبا فأن الأوروبيين يؤدون له التحية من قيام ،، فعلقت قائلاً : قبل أن يخترع فليمنك البنسلين كان العراقي يتورم من رأسه إلى أخمص قدمه ثم يتعفن جسمه و يموت لربما بسبب جرح بسيط ،، و قبل أن يخترع لويس باستير لقاح داء الكلب كان العراقي إذا عضه الكلب المصاب ينبح كالكلاب لمدة أربعين يوماً و يموت فماذا قد ابتكر العراقي من أجل الإنسانية في عصورنا الحديثة غير الحروب و العدوان و احتلال البلدان و حرق القرى الآمنة على أهلها من نساء و أطفال بالأسلحة الكيمياوية و اليوم راح العراقي يرسل لإخوته في الماء و الهواء و التراب و النفط و الغاز إنتحاريين يكبرون اسم الله العلي العظيم ثم يفجرون أجسادهم النجسة وسط الأطفال و الأبرياء ،،
ما هو موجود من إنعدام لأي خطوة على طريق بناء المشاريع التنموية الإستراتيجية على الأقل في المناطق الآمنة سيكون له الفضل في أن الوضع الإقتصادي لن يكون أفضل من اليوم على مدى العقود القليلة القادمة
و بدون أي تغيير لتلك العقلية التي لا تبصر أخطاءها فإن ثروات العراق النفطية سوف لن تكون كافية في عام 2040 لسد تعويضات الإرهاب و الرواتب التقاعدية للبرلمانيين و القضاة و العسكريين وسط استمرارية عسكرة المجتمع بدون خلق عقليات أمنية متطورة مدعومة بوسائل التكنولوجيا الأمنية الحديثة ..
و بفضل التحالفات المناطقية مع أجندات الخارج سوف يكون العراق أسوأ من الصومال ،، أللهم إلا إذا استطاعت الجماهير العراقية خلق إطروحات أخرى تسبب نقلة نوعية في واقع البلد
|
|
|
|
|