|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 68620
|
الإنتساب : Oct 2011
|
المشاركات : 12
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
قصة واقعية.. مصري شيعي يأتي مشياً من مصر لزيارة الحسين عليه السلام
بتاريخ : 08-12-2013 الساعة : 12:55 PM
روي أن المتوكل العباسي(لعنه الله) لشدة عداوته لأهل البيت(عليهم السلام) منع من زيارة الحسين(عليه السلام) أشد المنع، ثم أمر بتخريب القبر الشريف ومحو أثره بالحرث وإجراء الماء.
فبلغ الخبر إلى رجل من أهل الخير يقال له (زيد المجنون) وكان ذا عقل سديد، ورأي رشيد.. فسمع بخراب قبر الإمام(عليه السلام)، فاشتد حزنه وتألمه، وكان مسكنه يومئذٍ بمصر.. فخرج ماشياً من مصر هائماً على وجهه، شاكياً همه وكربه إلى الله، وبقي حزيناً كئيباً، حتى بلغ الكوفة.
وكان بهلول يومئذٍ فيها فلقيه زيد، فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له بهلول: من أين لك بمعرفتي، ولم ترني قَطّ؟
فقال زيد: يا هذا، اعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
فقال له بهلول: يا زيد، ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابة ومركوب؟
فقال: والله ما خرجت إلا من شدة وجدي وحزني، وقد بلغني أن هذا اللعين أمر بحرث قبر الإمام الحسين(عليه السلام)، وتخريب بنيانه، وقتل زواره.. فقال بهلول: وأنا والله كذلك، فقال له: قم بنا نمضي إلى كربلاء..
فأخذ كلٌّ بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين(عليه السلام)، فإذا هو على حاله لم يتغير، وكلما أجروا الماء عليه غار وحار واستدار، ولم تصل قطرة واحدة إلى القبر.. فتعجب زيد المجنون مما شاهده وقال: أنظر يا بهلول {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الـلَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَالـلَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، قال: ولم يزل المتوكل يأمر بحرث قبر الحسين(عليه السلام) مدة عشرين سنة، والقبر على حاله لم يتغير..
فلما نظر الحارث إلى ذلك، قال: آمنتُ بالله تعالى، وبمحمد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والله لأهربن على وجهي، وأهيم في البراري، ولا أحرث قبر الحسين(عليه السلام).. وإني منذ عشرين سنة أنظرُ آيات الله تعالى.. ولا أتعظ ولا أعتبر..
وأقبل يمشي نحو زيد، فقال له: من أين أقبلت يا شيخ؟ قال: من مصر، قال: ولأي شيء جئت إلى هنا؟ وإني لأخشى عليك القتل، فبكى زيد وقال: والله قد بلغني حرث قبر الحسين(عليه السلام) فأحزنني ذلك.. فانكب الحارث على أقدام زيد يقبلهما، وهو يقول: فداك أبي وأمي.. إني ومنذ عشرين سنة وأنا أحرث هذه الأرض، وكلما أجريت الماء إلى قبر الحسين(عليه السلام) غار وحار واستدار، ولم يصل إلى قبر الحسين(عليه السلام) منه قطرة، وكأني كنتُ في سُكر، وأفقت الآن ببركة قدومك إليّ، فبكى زيد وقال شعراً:
تالـلَّهِ إِنْ كانَتْ أُمَيَّةُ قَدْ أَتَتْ * * * قَتلَ اِبنِ بِنتِ نَبِيِّها مَظلُوما
فَلَقَد أَتاهُ بَنو أَبيهِ بِمِثلِهِ * * * هذا لَعَمرُكَ قَبرُهُ مَهدُوما
أَسِفوا عَلى أَن لا يَكونوا شارَكوا * * * في قَتلِهِ فَتَتَبَعوهُ رَميما
فبكى الحارث، وقال: ها أنا الآن ماضٍ إلى المتوكل بسُرّ مَن رأى أعرّفه بصورة الحال، إن شاء يقتلني، وإن شاء يتركني، فقال زيد: أنا أيضاً أسير معك..
قال: فلما دخل الحارث على المتوكل وخبّره بما شاهد استشاط غيظاً.. وأمر بقتل الحارث، وأمر بشد رجله بالحبل، وسحبه على وجهه في الأسواق، ثم صلبه.. وأما زيد المجنون فإنه ازداد حزنه وبكاؤه، وصبر حتى ألقوا الحارث في الزبالة، فجاء إليه فاحتمله إلى دجلة فغسّله وكفّنه، وصلّى عليه ودفنه، وبقي زيد ثلاثة أيام يتلو القرآن على قبره.
فبينما هو ذات يوم جالس، إذ سمع صراخاً عالياً ونوحاً شجياً وبكاء عظيماً، ونساءً بكثرة منشرات الشّعور مشققات الجيوب مسودّات الوجوه، ورجالاً بكثرة يندبون بالويل والثّبور، والنّاس كافّة في اضطراب شديد، وإذا بجنازةٍ محمولةٍ على أعناق الرّجال وقد نُشرت لها الأعلام والرّايات، والنّاس من حولها أفواجاً قد انسدّت الطّرق من الرّجال والنّساء.
قال زيد: فظننتُ أنّ المتوكل قد مات. فتقدّمت إلى رجل منهم، وقلت له: مَن يكون هذا الميت؟
فقال: هذه جنازة جارية المتوكل، وهي جارية سوداء حبشية وكان اسمها ريحانة، وكان يحبّها حبّاً شديداً.
ثمّ إنّهم عملوا لها شأناً عظيماً، ودفنوها في قبر جديد وفرشوا فيه الورد والرّياحين والمسك والعنبر، وبنوا عليها قبّة عالية، فلمّا نظر زيد إلى ذلك، ازدادت أشجانه وتصاعدت نيرانه، وجعل يلطم وجهه ويمزّق أطماره، وحثى التّراب على رأسه وهو يقول:
وا ويلاه! وا أسفاه عليك يا حُسين! أتُقتل بالطّفِّ غريباً وحيداً ظمآناً شهيداً، وتُسبى نساؤكَ وبناتُكَ وعيالُكَ وتُذبح أطفالُكَ، ولم يبكِ عليكَ أحدٌ من النّاس، وتُدفن بغير غُسلٍ ولا كفنٍ، ويُحرثُ بعد ذلك قبرُك؛ ليطفئوا نورَكَ وأنتَ ابنُ عليٍّ المُرتضى وابن فاطمة الزّهراء، ويكون هذا الشّأن العظيم لموت جارية سوداء، ولم يكن الحزنُ والبكاء لابن مُحمّدٍ المُصطفى؟!
قال: ولم يزل يبكي وينوح حتّى غُشي عليه والنّاسُ كافّة ينظرون إليه، فمنهم مَن رقّ له ومنهم مَن جثا عليه، فلمّا أفاق من غشوته، أنشأ يقول:
أيُـحرثُ بالطفِّ قبرُ الحُسينِ * * * ويُعمر قبرُ بني الزانية
لعلَّ الزمانَ بهم قد يعودُ * * * ويأتي بدولتهم ثانية
ألا لعن اللهُ أهلَ الفسادِ * * * ومَن يأمَن الدنيةَ الفانية
قال: ثمّ إنّ زيداً كتب هذه الأبيات في ورقة وسلّمها لبعض حُجّاب المتوكل، قال: فلمّا قرأها، اشتدّ غيظه وأمر بإحضاره، فأُحضر، وجرى بينهما من الوعظ والتّوبيخ ما أغاظه حتّى أمر بقتله، فلمّا مثل بين يديه، سأله عن أبي تراب: مَن هو؟ استحقاراً له، فقال:
والله، إنّك عارف به وبفضله وشرفه وحسبه ونسبه، فوالله، ما يجحد فضله إلا كلّ كافر مرتاب ولا يبغضه إلا كلّ منافق كذّاب.
وشرع يعدّد فضله ومناقبه، حتّى ذكر منها ما أغاظ المتوكل، فأمر بحبسه فُحبس، فلمّا أسدل الظّلام وهجع، جاء إلى المتوكل هاتفٌ ورفسه برجله، وقال له: قُم وأخرِجْ زيداً وإلاّ أهلكَكَ اللهُ عاجلاً.
فقام هو بنفسه وأخرج زيداً من حبسه وخلع عليه خلعةً سنيةً، وقال له: اطلب ما تريد.
قال: أريد عمارةَ قبرِ الحُسينِ، وأن لا يتعرض أحدٌ بزوّاره.
فأمر له بذلك، فخرج من عنده فرحاً مسروراً، وجعل يدور في البلدان وهو يقول: مَن أراد زيارة قبر الحُسين، فله الأمان طول الأزمان.
(انظر: المنتخب، للطريحي (رحمه الله): ص114)
أخوكم
منير فاضل الحزامي
كربلاء المقدسة
|
|
|
|
|