|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
بتاريخ : 20-07-2014 الساعة : 03:49 PM
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
____________
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى في مُحكمِ كتابه العزيز
(( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) (53) الأحزاب
إنّ هذه الآيةَ الشريفة رغم أنّها نزلتْ في واقعة خارجيّة مخصوصة عنتْ بها
زوجات النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلّم ) .
إلاّ أنها لم تتحدد بحيثيّة الواقعة الخارجيّة آنذاك بل إسترسلتْ في إطلاقها
القيمي لتفيد قصداً حقيقيّاً يُعنى به الإنسان في كل زمان ومكان .
وتحكي هذه الآية الشريفة فنَّ التعاطي الشرعي بين الرجال الأجانب والنساء .
لتضعَ السلوك بين الطرفين على بساط القيمة المُتمثِّلة ب(مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)
وهذه القيمة النفسية والسلوكية تكتنه الستر الباطني والطُهر الذاتي
إذ أنّ الحاجة لكل من الطرفين لبعضهما البعض تقتضي غالبا النظر إلى الآخر
والمحادثة وسماع الصوت والإطلاع على معالم الشخصية الظاهرية .
مما يتطلب ذلك وضعا برزخياً عمليا وقيمياً يحجز بين الطرفين حكماً وأثرا
لما للإنفتاح من مخاطر كبيرة لايمكن تلافيها إلاّ بحاجز مادي أو معنوي
وهو ( من وراء حجاب )
والحجاب هنا فيه سمة الإطلاق فهو إسمٌ لما يُحتَجبُ به من ساتر معين ما
أو أي مصداق آخر كالستر المعنوي والنفسي والسلوكي .
والذي يقوى في تحديد القصد القرآني في هذه الآية الشريفة
هوالستر المعنوي و ستر الداخل (داخل المرأة وداخل الرجل)
والستر النفسي والسلوكي .
بدليل التعليل في ذيل الآية الشريفة والذي جاء يمسَّ الداخل البنيوي في الشخصية البشرية (رجل أو إمرأة )
(( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ))
إنّ الآية الشريفة تُقدِّم نوعاً ومثالاً مؤسّساًً للصورة الشرعيّة لتعاطي الرجل
مع المرأة الأجنبية في منطقة المُباحات والضرورات
فيما إذا كان للرجل حاجة ما أو إستخبار ما مع المرأة الأجنبية أو طلب مُطلق
ما يمكن الإنتفاع به من تلك المرأة كما لو كانت في مقام ما يمكنها أن
تقضي من خلاله حاجة المتعاطي معها شرعا .
فالشرع الحكيم هنا يرشد إلى إباحة وجواز التعاطي بملاك ومقياس
(من وراء حجاب )
ذلك دفعاً للمفسدة المترتبة على خلو التعاطي الثنائي من قيمة
(من وراء حجاب)
فما من شك أنّ الميل النفساني وغريزة الداخل الماهوي في شخصية الإنسان بصنفيه (الذكر والأنثى )
سوف ينقدح في حَراكه طالباً الولوج إلى منطقة المحظورات الشرعية .
والقرآن الكريم قد رصد حَراك الداخل الإنساني المشبوه فلجمه بالشرع الحنيف
كما في قوله تعالى
(( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)) (32)الأحزاب
إذاً ما بين منطقة التعاطي المُباح شرعاً ومنطقة المحظورات ثمةَ برزخٍ أخلاقي مكين وهو
قِيمة (من وراء حجاب) يحفظُ نمط ولون العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية
خاصة في وقتنا وقت الرقمنة والتقنيات الذكيّة التي باتت تضرب بيدٍ فنية وخفيّة كل حجابٍ حجاب .
لتجعلنا أمام إمتحان عسير لافوز فيه إلا بالتمسك بقيم القرآن الكريم التي
تهدي للتي هي أقوم سبيلا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
______________________________
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف .
|
|
|
|
|