مجلس بكاء الأئمّة والسيّدة الزهراء على الحسين عليه السلام
بتاريخ : 25-10-2014 الساعة : 06:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
عن أمير المؤمنين عليه السلام, أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا.
وعن الإمام الرضا عليه السلام, أنّه قال: إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال, فاستُحلّت فيه دماؤنا، وهُتكت فيه حرمتنا، وسُبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيران في مضاربنا، وانتُهِب ما فيها من ثقلنا، ولم تُرْعَ لرسول الله حرمة في أمرنا؛ إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كربٍ وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون, فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام. ثمّ قال عليه السلام: كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يُرى ضاحكاً, وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قُتل فيه الحسين صلى الله عليه.
وعن أبي هارون المكفوف قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا هارون أنشدني في الحسين عليه السلام, قال: فأنشدته, قال: فقال لي: أنشدني كما تنشدون يعني- بالرّقة-، قال: فأنشدته:
أُمْرُرْ عَلَى جَدَثِ الحُسَيْنِ فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِيَّهْ
قال: فبكى ثمّ قال: زدني، فأنشدته القصيدة الأخرى، قال: فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر, قال: فلمّا فرغت قال: يا أبا هارون من أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى عشرة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى خمسة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت لهما الجنّة, ومن ذُكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدمع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله عزَّ وجلَّ، ولم يرض له بدون الجنّة.
وعن الريّان بن شبيب قال: دخلت على الإمام الرّضا عليه السلام في أوّل يومٍ من المحرَّم, فقال لي: يا بن شبيب, أصائمٌ أنت؟ فقلت: لا, فقال: إنَّ هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكريّا ربَّه عزَّ وجلَّ فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء﴾ فاستجاب اللهُ له وأمرَ الملائكةَ فنادت زكريّا وهو قائمٌ يصلّي في المحراب أنّ اللهَ يُبشّرُكَ بيحيى، فمَن صام هذا اليوم ثمّ دعا اللهَ عزَّ وجلَّ استجاب اللهُ له كما استجاب لزكريّا.
ثمَّ قال: يا بن شبيب إنَّ المحرّم هو الشهر الّذي كان أهلُ
الجاهليّة فيما مضى يحرّمون فيه الظّلمَ والقتالَ لحرمته، فما عرفت هذه الأُمّةُ حرمةَ شهرها، ولا حرمةَ نبيِّها، لقد قتلوا في هذا الشّهر ذرّيته، وسبَوا نساءه وانتهبوا ثقلَه فلا غفر اللَّه لهم ذلك أبداً.
يا بن شبيب, إن كنت باكياً لشيءٍ فابكِ للحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام, فإنَّه ذُبحَ كما يُذبح الكبش، وقُتل معه من أهل بيته ثمانيةَ عشرَ رجلاً، ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماواتُ السبعُ والأرضون لقتله...
يا بن شبيب, لقد حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه أنّه لمّا قُتل جدّي الحسين عليه السلام, أمطرت السماءُ دماً وتراباً أحمر.
يا بن شبيب إن بكيت على الحسين عليه السلام, حتّى تصيرَ دموعُكَ على خدّيك غفر اللهُ لك كلَّ ذنبٍ أذنبتَهُ صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
يا بن شبيب, إن سرّكَ أن تلقى اللَّه عزّ وجلّ ولا ذنبَ عليك فزُر الحسين عليه السلام.
يا بن شبيب ,إن سرَّكَ أن تسكنَ الغرفَ المبنيّة في الجنّة مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فالعن قتلةَ الحسين عليه السلام.
يا بن شبيب, إن سرَّكَ أن يكون لك منالثواب مثلُ ما لِمَن
استُشهد مع الحسين عليه السلام فقل, متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً.
يا بن شبيب, إن سرَّكَ أن تكون معنا في الدّرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنَّ رجلاً تولّى حجراً لحشره اللَّه معه يوم القيامة.
وكان الإمام يقول ذلك ودموعه جاريه على خدّيه, وهكذا حال جميع الأئمّة عليهم السلام, فقد كانوا يقيمون مجالس العزاء والبكاء لمصاب سيّد الشهداء عليه السلام, والمعزّى في هذه الأيّام صاحب العصر والزمان الذي يقول فيه مخاطباً جدّه الحسين عليه السلام: يا جدّاه... فلئن أخّرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكيَنَّ عليك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً، حتّى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتياب.
وكيف لا يبكي ولا يحزن وقد أريق في مثل هذه الأيّام دماء حفيد رسول الله صلّى الله عليه وآله, وداست الخيل بحوافرها صدره وهشّمت عظامه, ويرى أمّه الزهراء تبكي على مصاب
ولدها الحسين وهي التي رأت المشاهد المروّعة, لذلك يروى لمّا كان يوم العاشر من المحرّم دنت من ذلك الجسد تعاينه, (الله أكبر أم ترى ولدها بهذه الحالة, ماذا تصنع؟) صرخت وابناه, وامقتولاه، واذبيحاه، واحسيناه، واغريباه، يا بنيّ قتلوك وما عرفوك ومن شرب الماء منعوك.
وكأنّي بها تنادي بصوت حزين: