بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال الرسول الأعظم: (إِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَانٍ كَثِيرٍ فُقَهَاؤُهُ قَلِيلٍ خُطَبَاؤُهُ ، قَلِيلٍ سَائِلُوهُ ، كَثِيرٍ مُعْطُوهُ ، الْعَمَلُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْعِلْمِ) خير بمعنى أكثر أو بمعنى أنه هكذا بنظر الناس (وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ ، كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ ، قَلِيلٌ مُعْطُوهُ ، كَثِيرٌ سَائِلُوهُ ، الْعِلْمُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ).
وهذا الحديث إخبار بالغيب، لأنه صورة ناطقة بأوضاعنا، فأنّى اتجهت تسمع الخطباء في المجالس والمساجد وفي الإذاعات، أما الفقهاء العلماء حقاً، أما العاملون المخلِصون فأندر من الكبريت الأحمر، وكذا مَن يسأل أكثر ممن يُعطي، ومن لا يعمل أكثر من العاملين، تماماً على عكس ما كانت الحال في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل: من علامات هذا العصر السرعة.. والحقيقة أن أظهر علاماته ودلائله: الكذب والرياء، واللامبالاة بالدين والضمير، فالإذاعة تكذب والصحف تكذب، والساسة لا يصدقون، حتى الكثير من الخطباء والوعّاظ، وأكثرهم يكذبون على الله وعلى أنفسهم، ويقولون ما لا يفعلون.
رحمة الله:
(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّـهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف:56] فالله سبحانه لا يرحم مَن يظلم الناس، ويفسد في الأرض، وإنما يرحم المحسنين، وهم الذين يدعون الله خوفاً من عقابه، وطمعاً في ثوابه، وفي الحديث: (من لا يَرحم لا يُرحَم) وقال أمير المؤمنين: (إن لأهل الدين علامات يُعرَفون بها: صدق الحديث وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء) فمن يذهب ويقول: الله كريم الله رحيم، ويستشهد بقوله تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف:156] ويتجاهل آية الأعراف (56) كمن يستشهد بالآية (53) من سورة الزمر وهي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ويدع الآية المتصلة بها بلا فاصل وهي: (وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ).
فالله سبحانه يغفر الذنوب، كل الذنوب، حتى الشرك، ولكن بعد التوبة والإنابة، ولو جاز لأحد أن يستدل بكلمات من آي الذكر الحكيم أو سنة النبي الكريم، ويترك السياق الذي وردت فيه، لجاز لإبليس أن يقول: انا شئ، ورحمة الله تسع كل شئ، فرحمته تسعني. وأنا مذنب، والله يغفر الذنوب جميعاً، فجميع ذنوبي يغفرها الله !