سَلِ الباب
عـظـم الله أجـوركـم بـوفـاة سـيـدة نـسـاء الـعـالـمـيـن فـاطـمـة الـزهـراء (عـلـيـهـا الـسـلام)
عـلـى دَكّـةِ الـبـابِ يـلـهـثُ قـلـبـي وصـوتٌ يـلـحُّ
سَلِ الـبـابَ عـلَّ يـردُّ الـجـواب
سَـلِ الـطـارقـيـن
سَـلِ الـمُـتـعـبـيـن
سَلِ الـمُـغـبـريـن
هُـوَ الـبـابُ يـشـرحُ لـي كـيـفَ يُـفـتـحُ لـلـعـابـريـن الـذيـن تـطـاردُهـم لـعـنـاتُ الـزمـانِ
وتـطـردُهـم أعـيـنُ الـمُـتـرفـيـن
هُـوَ الـبـابُ يـحـكـي عـن الأولـيـاءِ
عـن الـمُـلـهـمـيـن
عـن الـطـيـبـيـن
ويـسـمـعـنُـي أغـنـيـاتِ الـرَّحـى وهـيَ تـطـحـنُ قـمـحَ الـسـمـاءِ
بـلـحـنٍ مُـبـيـن ..
لـتـخـبـزَ قـرصـاً لِـمَـن يـسـتـظـلـونَ أفـقَ الـكـسـاء
مـجـرّدُ قـرصٍ لـكـلِّ خـمـيـصٍ
بـطـعـمِ الـرضـا ..
عـابـقٌ بـالـيـقـيـن ..
وقـبـلَ الـفـطـور
يـجـيءُ ويـطـرقـنـي جـائـعٌ مُـوقِـنٌ أنّـه لـنْ يُـردَّ
ولـو بـاتَ أهـلُ الـكـسـا جـائـعـيـن
بـأوَّلِ يـومٍ أتـى يـتـعـثـرُ بـالـفـقـرِ مـسـكـيـنُ دربٍ
يـقـولُ : أمـا مـن يـدٍ فـي بـيـاضِ الـسـحـابِ تـكـيـلُ الـعـطـاءَ وتُـزجـي الـطـعـام ؟
وقـبـلَ تـمـامِ الـكـلامِ تُـمـدُّ لـه خـمـسـةُ الأرغـفـة
فـيـشـكـرُهـم
: لا نـريـدُ جـزاءً .. لـوجـهِ الإلـه ..
عـلـى حـبِّـه .. نـطـعـمُ الـقـاصـديـن
ويـأتـي نـهـارٌ طـويـل ..
يـمـرُّ كـمـا مَـرَّ سـابـقـهُ لا يـريـدُ الـرحـيـل..
وقـبـلَ الـفـطـورِ تـمـامـاً
يَـجـيءُ ويـطـرقـنـي جـائـعٌ مُـوقِـنٌ أنّـه لـن يُـردَّ
ولـو بـاتَ أهـلُ الـكِــسـا جـائـعـيـن
: يـتـيـمٌ عـلـى بـابِـكـم لا يـحـنّ سـواكـم عـلـيَّ
أتـيـتُ لألـتـقـطَ الـحـبَّ مـثـلَ الـحـمـام
وقـبـلَ تـمـامِ الـكـلامِ
تُـمـدّ لـه خـمـسـةُ الأرغـفـة
فـيـشكـرُهـم
: لا نـريـدُ جـزاءً .. لـوجـه الإلـه ..
عـلـى حـبِّـه .. نـطـعـمُ الـقـاصـديـن
ونـامـوا جِـيـاعـاً
ولاحَ نـهـارٌ وئـيـدُ الـخـطـى يـتـعـكـزُ مـثـلَ الـعـجـائـزِ
مَـرّ كـمـا مَـرَّ سـابـقـهُ مـثـلَ ضـيـفٍ ثـقـيـل
يـجـيءُ ويـطـرقـنـي جـائـعٌ مُـوقِـنٌ أنـه لـن يـردَّ
ولـو بـاتَ أهـلُ الـكِـسـا جـائـعـيـن
: أسـيـرٌ عـلـى بـابِـكـمْ يـتـسـوَّلُ فـيـضَ الـكـرام
وقـبـلَ تـمـامِ الـكـلامِ تُـمـدُّ لـه خـمـسـةُ الأرغـفـة
فـيـشـكـرهـم
: لا نـريـد جـزاءً .. لـوجـهِ الإلـه ..
عـلـى حـبِّـه .. نـطـعـمُ الـقـاصـديـن
ونـامـوا جِـيـاعـاً
ولاحَ نـهـارٌ وئـيـدُ الـخُـطـى يـتـعـكّـزُ مـثـلَ الـعـجـائـز
مَـرَّ كـمـا مَـرَّ سـابـقـهُ مـثـلَ ضـيـفٍ ثـقـيـل
يـجـيءُ ويـطـرقـنـي جـائـعٌ مُـوقِـنٌ أنـه لـن يُـردَّ
ولـو بـاتَ أهـلُ الكِـسـا جـائـعـيـن
: أسـيـرٌ عـلـى بـابِـكُـمْ يـتـسـوَّلُ فـيـضَ الـكـرام
وقـبـلَ تـمـامِ الـكـلام
تـمـدّ لـه خـمـسـةُ الأرغـفـة
فـيـشـكـرهـم ..
: لا نـريـدُ جـزاءً .. لـوجـهِ الإلـه ..
عـلـى حـبِّـه .. نـطـعـمُ الـقـاصـديـن
ويـذهـلـنـي كـلُّ هـذا الـعـطـاء !!
وكـم يـؤثِـرون تـحـارُ عـيـونـي ؟
فـمـا بـالـكـم تـعـبـرونَ سـريـعـا ؟
عـلـى رسـلِـكـم كـيـف لا تـطـرقـونـي ؟
أنـا بـابُ فـاطـمـةٍ لا يُـردُّ هـنـا الـسـائـلـون
يـقـاطـعُـنـا الـصـوتُ وهـو يـلـحُّ
سَـلِ الـبـابَ ؟
عـلّ يـردّ الـجـواب ؟
ويـدرك أنـي سـأعـنـي الـمـصـاب !
هـنـا يـتـلـعـثـمُ !
يـشـهـقُ حـتـى تـكـادُ تـفـيـضُ الـمـدامـعُ مـن ضـفـتـيـهِ
أتـعـنـي .. ؟
أتـعـنـي انـتـهـاك الـقـداسـةِ يـوم الـفـجـيـعـةِ آآآه
لا تـسـلـنـي .. سَـلِ الـدارَ !!
سَـلِ هـذه الـعـتـبـات
ودعـنـي وشـأنـي
فـلـسـتُ أطـيـقُ الـتـذكّـر
مـازال نـزفُ الـبـتـولـةِ فـي كـفّـتـيَّ
وإنـي بـريءٌ ولـسـتُ كـأخـوةِ يـوسـف
كـالـذئـبِ .. إنـي بـريءٌ
ومـا كـنـتُ أقـصـد أن أسـحـقَ الـضـلـعَ
مـا كـان يـدركُ مـسـمـاري الـمـتـهـجـدُ أن سـوفَ يـثـقـبُ صـدرَ الـجِـنـان
وكـنّـا نـودُّ لـو الأرضُ تـنـشـقّ
تـبـلـعُـنـا قـبـلَ مَـسِّ الـجـنـيـنِ الـذي كـم تـرقـبـتُ أن أتـبـاركَ يـومـاً
بـلـمـسـةِ حـنـوٍ تـداعـبـنـي حـيـن يـكـبـرُ
لـكـن ..
ولـكـن عـصـيٌّ عـلـيَّ الـكـلام
يـجـيءُ الـلـئـام
آآآآآهٌ
لأسـمـعَ أنَّـاتِـهـا تـعـتـريـنـيَ مـثـلَ الـضـرام..
أرى الـطـهـرَ
مـشـكـاةَ نـورِ الإلـهِ تـسَـرّبُ أنـفـاسَـهـا
وتـكـادُ مـن الـنـزفِ تـطـفـأ بـيـنـي وبـيـن الـجـدارِ
ولـيـسَ بـوسـعـي سـوى أن أصـرَّ صـريـراً مـريـر ..
ويـرتـدُّ طـرفـيَ عـن كـوثـرِ الله مـثـلَ الـحـسـيـر ..
أنـا الـبـابُ ..
يـحـرسُ لـلـزهـرِ ظـلّـي
ومـا كـانَ جـبـريـلُ يـدخـلُ إلا بـإذنٍ
أنـا الـبـابُ ..
لـسـتُ كـأبـوابِ غـيـري غـلّـقـهـا الله إلّاي
لـيـسَ كـمـثـلـي
وكـان الـرسـولُ يـنـبـئـهـم أنـنـي مـثـلَ بـابِ الإلـهِ
ولا يـدخـلُ الـبـاب إلا طـهـور..
فـكـيـفَ اجـتـرَأ الـرجـسُ أشـعـلَ نـارَ الـتـمـرُّدِ
فـي صـدره يـتـلـوى الـحـطـب
فـيـالـلـعـجـب كـأنـيَ بـالـسـامـري يـعـود بـعـجـلٍ يـخـور..
وأطـرقَ مـسـتـرجـعـاً .. ثمَّ غـاب ..
كـمـثـلِ الـدراويـشِ يـصـفـنُ حـيـنَ يـشـفُّ الـجـواب ..
ومـازالَ يـرشـحُ مـنـه الـنـدا
ومـازلـتُ أطـرقُ لا بـابَ لـي غـيـر بـاب الـبـتـولـةِ
مـازال يـرتـدُّ عـنـه الـصـدى :
لا نـريـدُ جـزاءً ..
لـوجـهِ الإلـه ..
عـلـى حـبّـه ..
نـطـعـمُ الـقـاصـديـن
إيمان دعبل