نأتي الى نهاية هذه الملحمة القرآنية المهمة والفريدة والصعبة ، والتي حار العلماء والمفسرون فيها وخاصة هاتين الآيتين الأخيرتين
سوف نضع اطروحتنا بالاعتماد على نفس معلومات القرآن وبعض الآثار الروائية
( قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ) : القائل كما هو ظاهر ذي القرنين ، واسم الاشارة ( هذا ) يشير الى السد/ الردم الذي صنعه ، ووصفه بانه رحمة من الله هو على الاظهر علم بعاقبة الامور اطلع عليه وبينها القرآن في الاية التي تليها وما سيفعله يأجوج ومأجوج في آخر الزمان بعد ان يدك السد وينهار الحاجز ويموج بعضهم في بعض .
( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) : رهن بقاء الردم بيوم الوعد الإلهي ، وكل وعد إلهي آت لا محالة ، وكل لفظ قرآني لوعد إلهي غير مخصص ومحدد بحدث معلوم فهو متعلق بالوعد الاكبر وهو يوم القيامة .
وعليه سيكون : فإذا جاء ( اقترب ) يوم الوعد الإلهي الحق وهو يوم القيامة آن أوان موعد اندكاك السد . وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ~ اي متحقق لا بد منه لان الله لا يخلف الميعاد .
وهنا وهذه المرحلة من هذه الملحمة القرآنية نستعين بآيات اخرى من القرآن تخص ياجوج وماجوج في هذه المرحلة كما في سورة الانبياء : وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ
حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ
هنا اطروحتنا تقوم على هذا التصور : وهو ان قوم يأجوج ومأجوج في زمن ذي القرنين وبعد بناء السد انتهى امر ضررهم وخطرهم ولم يستطيعوا ان ينقبوا الردم ولا ان يظهروه ، وبقوا خلف الردم ما شاء الله الى ان انقرضوا وماتوا او اي تصور مقارب ولكن ليس كما يتصور البعض من وجودهم وانحباسهم خلف الردم الى يوم الوعد !
ولم يبقى لهم ذكر او وجود ولكن لهم كرة اخرى ورجعة الى الدنيا قبيل يوم القيامة ، سوف يحييهم الله وسوف يندك الردم
والرجعة عموما بحسب هذا التصور هي ستكون رجعتين
الاولى : الرجعة المتواترة عندنا والتي تحصل تدريجيا وبحدود مخصوصة مع موعد ظهور الامام الحجة ع ثم تتأكد وتتسع الى ما بعد رحيل الامام الحجة ع عن هذه الدنيا واول الراجعين هو الامام الحسين ع .
الثانية : هي الرجعة التي تكون بعد تحقق غاية دولة العدل الإلهي وغاية خلق البشرية ورحيل اخر حجج الله على الارض وكل مؤمن معه مع بقاء الاشرار من الخلق بعد ان ارجعهم الله - لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق عند الله / الحديث النبوي .
فإذا ذهب الله بالصالحين وارجع الكافرين ، دك سد يأجوج ومأجوج وارجعهم ايضا الى الدنيا مع رجعة الكافرين والاشرار ،
وعندها : وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ - اي ياجوج وماجوج مع الاشرار من خلق الله في الامم السابقة وهذا مقدمة وعلامة على اقتراب الوعد وقيام القيامة وبدأ الكون والارض تهتز مقدمتا لامر عظيم ( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ .)
وهنا تشخص الابصار وتتكشف الحقائق بعد الغفلة وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَظ°ذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ
ولا يترك القرآن فاصلة زمنية طويلة بعدها ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ) انتقل الحديث من موج بعضهم ببعض الى نفخة الجمع التي تاتي بعد نفخة الاحياء وكانها تقول كما قال الامام الحسين ع في كربلاء ( وكأن الدنيا لم تكن ، وكأن الاخرة لم تزل ) هذه وكانها تختصر قصة البشرية من الألف الى الياء ، والله اعلم
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 11-03-2023 الساعة 04:37 PM.