إباء
نشرت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزيرة العربية دراسة بعنوان (النظام السعودي كتب وفتاوى شيطانية) تدعو للقتل وتسلط الضوء على الفتنة الطائفية من خلال حرب الفتاوى والكتب والنشرات التكفيرية.
وبدأت الدراسة بعبارة "دولتنا لا تستقيم مع الروافض فأنتم من يساعدنا... منكم السلاح ومنا الشيوخ" وهي عبارة شهيرة أسرّ بها الملك عبد العزيز آل سعود إلى الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت في الاجتماع الذي عقد على ظهر الباخرة كوينسي عام 1945م.
ونظرا لأهمية المعلومات التي أوردتها تنشر (إباء) النص الكامل للدراسة وهو كما يلي:
(ما كان لدولة آل سعود أن تظهر لولا الدعم الذي تلقاه من مشايخ ورجال دين التقت مصالحهم في تأسيس دولة ذات كيان غريب لا ينتمي إلى جسد الأمة الإسلامية، متصلة جذورها بدعوات قديمة وآراء شاذة كانت بدايات لفتاوى تكفيرية ابتدأها مؤسس المذهب الوهّابي المتطرف محمد بن عبد الوهاب).
بداية الدولة:
إن سياسة الإقصاء تجاه الآخر وتراكمات الماضي التي خلفت هذا الموروث من الحقد والكراهية تغذيها دوائر ذات نفوذ وتمتلك رصيداً ذهنياً بإمكانها أن تستخدمه في حرف الحقائق وقلبها.
إنّ مبدأ تبادل المنافع والمصالح هو مبدأ غرائزي يقوم على أساس التعايش السلمي وبناء المجتمع ولكنه يستخدم في بعض الأحيان بطريقة انتهازية ونفاقية كما هو الحال في سلطة آل سعود. فنلاحظ في التاريخ أن معظم الأيدلوجيات الفكرية والحركات الدينية قد اندثرت ولم يقدر لها أن تستمر بسبب عدم وجود دعم سياسي لها أي أنها لم تعتمد على مبدأ تبادل المنافع. لذا تقوم السلطات المستبدة باستخدام الدين لتثبيت السلطان وتعزيزه.
لقد مرت دولة آل سعود بعدة حقب زمنية لتستقر أخيراً على دولة تحكم كامل شبه الجزيرة العربية بفضل التحالف ما بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود أمير مشيخة الدرعية في الحجاز على أن يكون هناك تقاسم ثنائي للسلطة حيث كانت ذات جناحين: جناح سياسي(آل سعود/ أحفاد محمد أل سعود) وجناح ديني (آل الشيخ/ أحفاد محمد بن عبد الوهاب). وما كان لمنهج عبد الوهاب أن ينجح بمجرد النظر إلى معتقداته لولا تبني هذا النهج سياسياً من قبل محمد بن سعود لأجل تثبيت سلطانه. كما ساعدت عوامل أخرى لتمرير هذا المشروع وهو ضعف قوة الإيمان لدى شعوب الجزيرة العربية حيث كانت المبادئ والعادات والتقاليد القبلية هي المسيطرة عليهم والولاء لرئيس القبيلة بدل الولاء للدين.
لقد اعتمد بن عبد الوهاب على منهج ابن تيمية في تعضيد وتقوية السلطان الجائر، لقد ساهم تبني ذلك المنهج في تغيير الطبوغرافيا السياسية لشبه الجزيرة العربية. لقد كان للمصالح السياسية أثر في نجاح التحالف الذي تم ما بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود حيث كان بن عبد الوهاب يبحث جاهداً عن أرض مستوية لتكون قاعدة لنشر أفكاره بعد ن طرد أو واجه مواقف سياسية من المناطق التي مر بها وفي المقابل فإن بن سعود قد وجد ضالته المنشودة بابن عبد الوهاب من أجل إقناع القبائل العربية بحكمه عن طريق إضفاء الشرعية الدينية عليه والتي يتبناها بن عبد الوهاب.
الحلف تم عام 1747 والذي اعتبر نواة الدولة السعودية. وكانت أول الدعوات والتي تعتبر البدايات الأولى للفتاوى التكفيرية والتي لعبت دوراً كبيراً في تثبيت السلطان هي فتاوى بن عبد الوهاب التي كانت تنص على تكفير المسلمين الذين يخالفون آراءه ولا يعتنقونها. كما أن هذه الفتاوى كانت مصحوبة بدعم سياسي تشوبه القوة والاستبداد من الحاكم السياسي. ففي إحدى فتاواه يقول: (من ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة، وجبت طاعته وحرم الخروج عليه).
لقد اعتمدت مملكة آل سعود على الغطاء الديني الذي توفره لهم الحركة الوهابية لتثبيت سلطتهم ورفع شعار الدين وتصحيح المفاهيم الخاطئة حسب زعمهم للعقائد والمفاهيم الإسلامية، إنّ هذا الأسلوب له جذور تاريخية كما هو في الحكم الأموي والعباسي عندما كان يستخدم علماء السوء والبلاط لإصدار فتاوى تحض على طاعة الخلفاء بغض النظر عن عدالتهم وظلمهم وجورهم. كما بدأوا بسلسلة من المعارك وبتحالف مع الأخوان في أنحاء شبه الجزيرة العربية ظاهرها تطهير الجزيرة العربية وبالخصوص مكة والمدينة المنورة حسب زعمهم الباطل من البدع والآثار التكفيرية المتمثلة بالمراقد الإسلامية ذات القدسية لدى كافة المسلمين مثل قبور البقيع والمساجد القديمة، بل تعدى الأمر إلى محاولتهم تدمير قبر الرسول(ص). فمن شعاراتهم(من عادى آل سعود يعادي الله، فخذ عدو الله لعهد الله واغدر به). أما باطنها هو تثبيت حكمهم بالقهر والاستبداد. فعندما دخل سعود مكة المكرمة في اليوم الثامن من محرم 1218هـ وطلب من الناس الاجتماع بالمسجد الحرام، خطب فيهم قائلا:" احمدوا الله الذي هداكم للإسلام وأنقذكم من الشرك. أطلب منكم أن تبايعوني على دين الله ورسوله وتوالوا من والاه وتعادوا من عاده في السراء والضراء والسمع والطاعة".
وفي بيان آخر لأهل مكة قال فيه: (فأخبر أن من جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك به. وذلك أن الشفاعة كلها لله.. وندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه بعد ما نقيم الحجة عليهم من كتاب الله وسنة رسوله (ص) وإجماع السلف الصالح من الأمة، ممتثلين لقوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله) فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان قاتلناه بالسيف والسنان.)(4) إنّ آخر حقبة زمنية لدولة آل سعود والتي بدأت رسمياً عام 1932 والتي لا زالت مستمرة حتى اليوم قائمة على ثلاث محاور رئيسية. المحور الأول الدعم الديني من آل الشيخ الذي يهدف إلى شرعنة النظام السياسي وإضفاء المشروعية الدينية على سياستهم والقرارات التي يصدرونها. وإعطاء شرعية دينية لسلوك وتصرفات آل سعود وما يصدرونه من أنظمة وقوانين واعتبار تلك القرارات وإن كانت مجحفة فهي تصدر من (ولي أمر المسلمين) وتكتسب الموافقة من رجال المؤسسة الدينية.
المحور الثاني: الحكم السلطوي المستبد الذي تهيأت له جميع أسباب القمع والتنكيل من قوات بشرية وأسلحة قمعية ووسائل أعلام ووسائل دعائية تحرف الحقيقة لتظهرها بصورة مغايرة للرأي العام العالمي والمحلي. المحور الثالث التحالف السياسي والعسكري ما بين دولة آل سعود والدول الكبرى بما فيها بريطانيا وبعدها الحليف الرئيسي(الولايات المتحدة الأمريكية) التي تعتبر حكومة آل سعود هي القاعدة الرئيسية والمهمة للولايات المتحدة في المنطقة.
المحور الرابع :الاقتصاد القوي الذي يعتمد على مخزونات هائلة من النفط قادرة على إدامة عجلة السحق والإيلام لشعوب شبه الجزيرة العربية.
إنّ ما يهمنا هنا هو المحور الأول وهو موضوع الدراسة حيث أن الأسس والقواعد التي تسند هذا المحور وهو الصبغة الدينية والشرعية لحكم آل سعود هو ما يصدره مشايخ السلطة من فتاوى تدعم الجانب السياسي وأخرى تطيح بالمعارضة السياسية وثالثة تحجم دور الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى التي تضم بين جنباتها شعباً ذا امتداد تاريخي بدأ منذ زمن الظهور الأول للرسالة الإسلامية ولا يزال. إنّ ما ينازع السلطة السعودية واستقرارها على الانحراف الديني والسياسي هو الطائفة الشيعية التي يعيش معظم أفرادها في المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية وبالأخص منطقتي الإحساء والقطيف وتوابعها.
لقد شكلت هذه المنطقة مصدراً للقلق لدى حكام آل سعود بسبب الخلاف العقائدي الديني مع هذه الطائفة وهم يعلمون بمدى مصداقية مبادئ وعقائد الطائفة الشيعية والتي من الممكن أن تسبب زعزعة النظام السياسي للدولة (السعودية) من خلال الطرح الصادق للعقائد الدينية والغير منحرفة للمذهب الذي تتبناه الطائفة الشيعية والمستمد من عقائد ومبادئ أهل بيت الرسول (ص)، ومع علم السلطة السعودية بخواء العقائد الوهابية المنحرفة وعدم شموليتها وقلّة من يتبناها وللمعارضة الشديدة لها حتى في داخل البلاد، فأصبح هدف الحكام السعوديين هو رسم حدود وهمية وشائكة حول شعب المنطقة الشرقية للحد من تسرب الأفكار التي يحملونها والخشية من المشاركة السياسية والاستئثار بالحكم من قبل عائلة آل سعود، وعلى هذا الأساس تبنى النظام مشروعاً تعسفياً وهو تكفير الطائفة الشيعية واعتبارها حركة دينية منحرفة مثل الحركات الإسلامية المنحرفة التي مرت بالتاريخ.
ويعلم النظام السعودي أن أهمية مثل هكذا مشروع لا يقل أهمية عن المشاريع الحيوية الأخرى من مشاريع عسكرية واقتصادية، فقام بتحشيد طاقات فعالة لهذا المشروع وأوعز إلى رجال (دين) المؤسسة الدينية والمؤسسات الحكومة التربوية والإعلامية له. وكان التركيز الأهم في هذا المشروع على إصدار الفتاوى الدينية وإصدار الكتب والنشرات التي تخدم هذا المشروع بالإضافة إلى تغيير المناهج المدرسية لخدمة هذا الغرض.
لقد اعتمدت سياسة التكفير على العناصر التالية: كتب تدعو للتكفير: (يسرني أن أضع بين يدي القراء الكرام رسالة متواضعة بذلت فيها من الجهد والوقت ما يعلمه الله تعالى، حاولت فيها إبراز الدليل والبرهان على القضية التي أودّ بيانها للآخرين، وذلك أن بعض المسلمين لا يزال يعتقد أن الرافضة فرقة من فرق المسلمين لا يجوز إخراجها عن دائرة الإسلام، وهذا الاعتقاد ناشئ عن الجهل بحقيقة الرافضة وأسس دينهم). عبارة مقتطفة من مقدمة كتاب (الشيعة وصكوك الغفران) لمحمد مال الله.
لقد قام النظام السعودي باستغلال جميع القنوات التي حاول من خلالها أن ينفذ لشن حملته المنظمة لترسيخ سياسة التمييز الطائفي والتي يمكن أن نطلق عليها حرب طائفية غير معلنة رسمياً القصد منها رسم حدود مصطنعة وخارطة مذهبية للإطاحة بآخر معاقل الوحدة والتآلف في داخل البلد الواحد، فقام بإطلاق يد الأقلام المأجورة التي كان لها الاستعداد للعب هذا الدور انطلاقاً من مبدأ التنافس وتهميش الرأي الآخر، فبدأت بعض المؤسسات وبالخصوص المؤسسة الدينية التي يقف خلفها موظفون أعطيت لهم صفة رجال دين بطباعة كتب وكراسات تتضمن أفكاراً هدامة هدفها زرع الفتنة بين أبناء البلد الواحد فامتلأت المكتبات بكتب سلفية متطرفة تنشر وتروج ثقافة الكراهية للمسلمين من المذاهب الأخرى ولغير المسلمين أيضا وتدعو إلى النيل من المذهب الشيعي واصفة إياه بدين الكفر والردة.
وتحاول المؤسسة الدينية وبدعم من النظام أن تقطع كافة الجسور التي يمكن لها أن تشد من لحمة المواطنين فتستخدم الكتب والمنشورات لإدانة الأديان والمذاهب الأخرى وبالخصوص المذهب الشيعي. فإن بعضاً من رجال الدين في المؤسسة الدينية السعودية يرفضون حسب زعمهم المساس بالثوابت الإسلامية، وأن سياسة الدولة قائمة على القرآن والسنة النبوية.
فهذه بعض الكتب المعتمدة لدى النظام السعودي بالإضافة إلى أهمية كتّابها: فيقول أحد كتّابهم المعتمدين والذي يتميز بكثرة مؤلفاته الهدامة والموجهة ضد المسلمين الشيعة، في كتابه (الشيعة وصكوك الغفران) حيث جاء في مقدمة الكتاب: (يسرني أن أضع بين يدي القراء الكرام رسالة متواضعة بذلت فيها من الجهد والوقت ما يعلمه الله تعالى، حاولت فيها إبراز الدليل والبرهان على القضية التي أودّ بيانها للآخرين، وذلك أن بعض المسلمين لا يزال يعتقد أن الرافضة فرقة من فرق المسلمين لا يجوز إخراجها عن دائرة الإسلام، وهذا الاعتقاد ناشئ عن الجهل بحقيقة الرافضة وأسس دينهم) ويقول الكاتب ضياء الدين الكاشف والذي يحمل شهادة الدكتوراه في كتابه (الشيعة شاهدين على أنفسهم بالكفر).
(إباء) تمت الدراسة بنصها الكامل ونترك التعليق للقارئ الحصيف والمتأمل المنصف.