|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 7384
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 263
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
طيار
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 29-03-2008 الساعة : 12:29 AM
مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، و وقف على ما يحدث هناك و كتب إلى الحسين يدعوه إلى الخروج إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه .
و قد تتابعت النصائح من الصحابة و التابعين تنهى الحسين عن الخروج إلى الكوفة ، و من الذين نصحوا : محمد بن الحنفية أخوه - ، و ابن عباس ، وابن عمر وابن الزبير و أبو سعيد الخدري و جابر بن عبد الله ، و غيرهم الكثير ، ينهونه عن القدوم إلى الكوفة ، غير أن هذه النصائح الغالية الثمينة لم تؤثر في موقف الحسين حيال خروجه إلى الكوفة ، بل عقد العزم على الخروج ، فأرسل إلى المدينة و قدم عليه من خفّ من بني عبد المطلب ، و هم تسعة عشر رجلاً و نساء و صبياناً من اخوته و بناته و نسائه ، فتبعهم محمد بن الحنفية وأدرك الحسين قبل الخروج من مكة فحاول مرة أخرى أن يثني الحسين عن خروجه لكنه لم يستطع . انظر : ابن سعد في الطبقات (5/266-267) .
و جاء ابن عباس و نصحه فأبى إلا الخروج إلى الكوفة ، فقال له ابن عباس : لولا أن يزري بي و بك ، لنشبت يدي في رأسك ، فقال أي الحسين - : لإن أقتل بمكان كذا و كذا أحب إلي من أستحل حرمتها ، يعني الكعبة ، فقال ابن عباس فيما بعد : و كان ذلك الذي سلى نفسي عنه . و كان ابن عباس من أشد الناس تعظيماً للحرم . انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5/96-97) بإسناد صحيح ، و الطبراني في المعجم الكبير (9/193) و قال الهيثمي في المجمع (9/192) و رجاله رجال الصحيح ، و الذهبي في السير (2/292) و غيرهم الكثير .
إن حقيقة الأمر في موقف ابن الزبير رضي الله عنه مثل باقي كبار الصحابة الذين نصحوا الحسين بعدم الخروج ، والحجة في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن قال : لقي عبد الله بن الزبير الحسين بن علي بمكة فقال : يا أبا عبد الله بلغني أنك تريد العراق ، قال : أجل ، فلا تفعل ، فإنهم قتلة أبيك ، الطاعنين بطن أخيك ، وإن أتيتهم قتلوك . المصنف (7/477) .
و لما علم ابن عمر بخروج الحسين أدركه على بعد ثلاث مراحل من المدينة فقال للحسين أين وجهتك ؟ فقال : أريد العراق ، ثم أخرج إليه كتب القوم ، ثم قال : هذه بيعتهم و كتبهم ، فناشده الله أن يرجع ، فأبى الحسين ، ثم قال ابن عمر : أحدثك بحديث ما حدثت به أحداً قبلك : إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخيره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ، و إنكم بضعة منه ، فوالله لا يليها أحد من أهل بيته ، ما صرفها الله عنكم إلا لما هو خير لكم ، فارجع أنت تعرف غدر أهل العراق و ما كان يلقى أبوك منهم ، فأبى ، فاعتنقه و قال : استودعتك من قتيل . ابن سعد في الطبقات (5/360) و ابن حبان (9/58) وكشف الأستار (3/232-233) بسند رجاله ثقات . و عند غيرهم .
لكن هذه النصائح والتحذيرات لم تثن الحسين عن إرادته و عزمه على الخروج نحو الكوفة .
و هنا يبرز سؤال ملح : و هو كيف يجمع عدد من الصحابة و كبراؤهم و كبار التابعين و أصحاب العقل منهم ، و من له قرابة بالحسين على رأي واحد و هو الخوف على الحسين من الخروج وأن النتيجة معروفة سلفاً ، و في المقابل كيف يصر الحسين على رأيه وترك نصائح الصحابة وكبار التابعين ؟
و الإجابة على هذا السؤال تكمن في سببين اثنين :-
الأول : وهو إرادة الله جل وعلا و أن ما قدره سيكون و إن أجمع الناس كلهم على رده فسينفذه الله لا راد لحكمه ولا لقضائه سبحانه وتعالى .
الثاني : و هو السبب الواقعي الذي تسبب في وجود الأمر الأول ، و هو أن الحسين رضي الله عنه أدرك أن يزيد بن معاوية لن يرضى بأن تكون له حرية التصرف والبقاء بدون حمله بالقوة على البيعة ، و لن يسمح يزيد بأكثر مما حدث ، فرسل تأتي و رسل تذهب و دعوة عريضة له بالكوفة ، كل هذا يجعل الحسين يدرك أن موقفه في مكة يزداد حرجاً ، و هو يمانع البيعة للخليفة دون أن يكون هناك ما يبرر موقفه بشكل واضح ، ثم إن خشية الحسين من وقوع أي مجابهة بينه و بين الأمويين في مكة هو الذي جعله يفكر بالخروج من مكة سريعاً ، و هو ما أكده لابن عباس ، ولعل الأمر الذي جعله يسارع في الخروج إلى الكوفة هي الصورة المشرقة والمشجعة التي نقلها له ابن عمه لحال الكوفة و أنها كلها مبايعة له .
و في نظري أن مسلم بن عقيل و الحسين رضي الله عنهما لم يكونا يحيطون بكثير من أمور السياسة ، فمسلم بن عقيل وثق في تلك الآلاف المبايعة للحسين و ظن أن هؤلاء سيكونون مخلصين أوفياء و لم يجعل في حسبانه أن العاطفة هي المسير لتلك الأعداد ، فكان على مسلم بن عقيل أن يستثمر الوضع لصالحه وأن يعايش الواقع الفعلي حتى يخرج بتصور صحيح ، وأما أن يرسل للحسين منذ الوهلة الأولى و يوهمه بأن الوضع يسير لصالحه ، فهذا خطأ كبير وقع فيه مسلم بن عقيل ، ثم إن الحسين رضي الله عنه وثق بكلام مسلم بن عقيل و صدق أن الكوفة ستقف معه بمجرد مجيئه إليها ، و نسي أن الكوفة هي التي عانى أبوه منها أشد المعاناة من التخاذل والتقاعس و عدم الامتثال لأوامره ثم كانت النهاية باغتياله رضي الله عنه ، ثم إن أخاه الحسن واجه الغدر والمكيدة من أهل الكوفة ، وكان يحذره منهم حتى على فراش الموت ، ثم إن الذين نصحوه يحملون حساً سياسياً واضحاً فالكل حذره و بين خطأه الذي سيقدم عليه ، و من المستحيل أن يكون كل الناصحون على خطأ و أن فرداً واحداً هو على الحق و بالأخص إذا عرفنا من هم الناصحون ، لكنه قدر الله ، و حدث ما حدث و قتل الحسين في معركة كربلاء .
أما عن صفة مقتله رضي الله عنه : قلت : ذلك الفتق الذي لا يرتق و الثلمة التي لم تسد و الصدع الذي لم يرأب ، إنه جرح الأمة الإسلامية في فلذة كبدها و التي لا تزال تتألم من المرارة و الحسرة منه ، إنه مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في لحظة من أحرج اللحظات و أصعبها على أمة الإسلام و المسلمين .
قال الطبري (5/343) : إن ابن الزبير و الحسين لما دعيا إلى البيعة ليزيد أبيا و خرجا من ليلتهما إلى مكة ، فلقيهما ابن عياش و ابن عمر جائيين من مكة فسألاهما ما وراءكما ؟ قالا : موت معاوية و البيعة ليزيد ، فقال لهما ابن عمر : اتقيا الله ولا تفرقا جماعة المسلمين . أما ابن عمر فقدم المدينة فأقام أياماً فانتظر حتى جائت البيعة من البلدان فتقدم و بايع .
و عندما قرر الحسين رضي الله عنه الذهاب إلى العراق ، بعد أن كثرت عليه المراسلات و هو في مكة ، تدعوه بالخروج إليهم حاول بعض أصحابه منعه من ذلك ، أمثال ابن عمر و ابن الزبير رضي الله عنهما .
و هنا تجدر الإشارة و الرد على مزاعم الإخباريين حول تحريض ابن الزبير للحسين بن علي رضوان الله عنهم أجمعين على الخروج على يزيد بن معاوية . و أن ابن الزبير ضاق من وجود الحسين بمكة ، و أنه كان يطمع بالخلافة ، و أن يخلو له الجو كما يقولون ، و أن تخلو له الساحة و الميدان .
و حقيقة الأمر أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان من جملة الصحابة والتابعين الذين نصحوا الحسين رضي الله عنه بعدم الخروج . و قد ذكرت قبل قليل الدليل على ذلك .
فلما ذهب رضي الله عنه و كان قد أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إليهم ، و تابعته طائفة ، ثم قدم عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ، فقاموا مع ابن زياد و تخلوا عن مسلم و قتل رضي الله عنه ، فلما بلغ الحسين ذلك ، و أراد الرجوع وافته سرية عمر بن سعد و طلبوا منه أن يستأسر لهم ، فأبى و طلب أن يردوه إلى يزيد ابن عمه ، حتى يضع يده في يده ، أو يرجع من حيث جاء أو يلحق بالثغور ، فامتنعوا من إجابته إلى ذلك بغياً و ظلماً و عدواناً ، و كان من أشدهم تحريضاً عليه شمر بن ذي الجوشن حيث لحق بالحسين و وقع القتال بينهم حتى أكرم الله الحسين و عدد من أهل بيته بالشهادة رضي الله عنهم و أرضاهم . من رسالة بعنوان رأس الحسين لشيخ الإسلام (ص 200) ضمن كتاب استشهاد الحسين للإمام الطبري . و هو كتاب مملوء بالروايات الضعيفة و الموضوعة .
و لم يختلف المؤرخون بل و الناس فيما عرض لهم و عرض عليهم من مسائل التاريخ مثلما اختلفوا في مقتل الحسين رضي الله عنه ، من بدايتها حتى نهايتها من الدوافع الأولية إلى الخديعة و خيانة الأعراب .
و النظرة التاريخية الفاحصة بعيداً عن الشطط أو الإغراق أو المغالاة تجعلنا في حيرة و أي حيرة ، لأن كل فريق له رأيه و له حجته فيما انتهى إليه ، و علينا أن ندعو لهم و نستغفر الله لنا ولهم .
و في يقيني أن أمر النزاع بين الحسين و يزيد يجب الإمساك عن الخوض فيه ، لأن هذا أفضل من الكلام في ما لا نعلم ، و صفوة القول أن الحسين قد أفضى إلى ربه شهيداً مجاهداً ، رضي الله عنه و أرضاه و ألحقنا بالصالحين في دار المقامة .
و عن هذا الصراع الدموي الأليم العنيف بين الحسين و يزيد أقول : يفصل الله بينهم يوم القيامة ، فإني لا أجرؤ بما توافر لدي من آراء و أبحاث و مراجع على القول بغير هذا : عفا الله عنا و عنهم .
و عن حياة الإمام الحسين رضي الله عنه قال ابن عبد البر في الاستيعاب : قتل الحسين يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى و ستين ، بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة و عليه جبة خز دكناء ، و هو ابن ست و خمسين سنة ، قاله نسابة قريش الزبير بن بكار ، و مولده لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، و فيها كانت غزوة ذات الرقاع و فيها قصرت الصلاة و تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم سلمة رضي الله عنه . الاستيعاب (1/393) و انظر التذكرة للقرطبي (2/645) و نسب قريش للزبير بن بكار (ص 24) .
|
التعديل الأخير تم بواسطة البريدي ; 29-03-2008 الساعة 12:32 AM.
|
|
|
|
|