اللهم صلى على محمد وآل محد وعجل فرجهم
السيد المرعشي النجفي قدس سره ، يعتبر من أبرز علماء وعرفاء قم المقدسة ، وقد كان له مقام رفيع جدا وكانى عالية في العلم والعرفان والكرامات والمعاجز العجيبة ، وكان من نوادر العلماء الذين تميزوا بالمامهم والهامهم بعلم الأنساب ، وقد أسس السيد رحمه الله مكتبة ضخمة جدا وفيها كتب مخطوطة لاتقدر باي ثمن وهي تعتبر من ابرز انجازات هذا السيد الجليل .
واليكم في السطور التالية واحدة من قصص ومعاجز هذا العالم العظيم قدس الله سره .
______________________________
السيد المرعشي يلتقي بالامام المهدي عليه السلام
آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي رحمه الله، يتحدث مع تلميذه صاحب الفضيلة السيد عادل العلوي قائلاً:
أيام دراستي للعلوم الدينية وفقه أهل البيت (ع) في النجف الأشرف، اشتقت كثيراً إلى رؤية جمال مولانا بقية الله الأعظم (عجّل الله فَرَجَه)، وتعاهدت مع نفسي أن أذهب ماشياً في كل ليلة أربعاء إلى مسجد السهلة لمدة أربعين مرة، لأفوز بذلك الفوز العظيم.
أدمت هذا العمل إلى (36) أو (35) ليلة أربعاء، ومن الصدفة أني تأخرت في هذه الليلة في خروجي من النجف الأشرف، إذ كان الجو غائماً ممطراً، وكان بقرب مسجد السهلة خندق، وحين وصولي إليه في الليل المدلهم، وأنا في وحشة وخوف من قطاع الطريق، سمعت صوت قدم من خلفي مما زاد في وحشتي ورعبي، فنظرت إلى الخلف، رأيت سيداً عربياً بزي أهل البادية، اقترب مني وقال بلسان فصيح: يا سيد سلام عليكم!.. فشعرت بزوال الوحشة من نفسي، واطمأنتْ وسكنتْ النفس، والعجيب كيف التفت إليَّ أني سيد في مثل تلك الليلة المظلمة؟..
على كلٍ تحدثنا وسرنا، فسألني: أين تقصد؟.. قلت: مسجد السهلة، فقال: بأي قصد؟.. قلت: بقصد التشرف بزيارة ولي العصر (ع)..بعد خطوات وصلنا إلى مسجد زيد بن صوحان، وهو مسجد صغير بالقرب من مسجد السهلة، فقال السيد العربي: حبذا أن ندخل هذا المسجد ونصلي فيه، ونؤدي تحية المسجد، فدخلنا وصلى
وأخذ السيد يقرأ دعاءً، وكأن الجدران والأحجار تقرأ معه، فشعرت وأحسست بثورة عجيبة في نفسي أعجز عن وصفها، ثم بعد الدعاء قال السيد العربي: يا سيد أنت جوعان، حبذا لو تعشيت، فأخرج مائدة من تحت عباءته، وكانت فيها ثلاثة أرغفة من الخبز واثنتان أو ثلاث خيارات خضراء طرية، وكأنها قُطفت من البستان وكانت – آنذاك – أربعينية الشتاء، ذلك البرد القارس، ولم انتقل إلى هذا المعنى أنه من أين أتى بهذا الخيار الطري في هذا الفصل؟!..
فتعشّينا كما أمر السيد، ثم قال: قم لنذهب إلى مسجد السهلة، فدخلنا المسجد، وكان السيد العربي يأتي بالأعمال الواردة في المقامات، وأنا أتابعه، وصلى المغرب والعشاء، وكأني من دون اختيار اقتديت به، ولم ألتفت أنه من هو هذا السيد؟..
وبعد الفراغ من الأعمال قال السيد العربي: يا سيد هل تذهب مثل الآخرين بعد الأعمال إلى مسجد الكوفة، أو تبقى في مسجد السهلة، قلت: أبيتُ في المسجد، فجلسنا في وسط المسجد في مقام الإمام الصادق (ع)..وقلت له: هل تشتهي الشاي أو القهوة أو السيجار حتى أعده لكم؟..
فأجاب بكلمة جامعة (هذه الأمور من فضول المعاش، ونحن نتجنب فضول المعاش)، أثّرت هذه الكلمة في أعماق وجودي، كنت متى ما أشرب الشاي وأتذكر ذلك الموقف وتلك الكلمة ترتعد فرائصي.
وعلى كل حال، طال المجلس بنا ما يقارب الساعتين،
وفي هذه البرهة جرتْ مطالب أشير إلى بعضها:
1- جرى حديث حول الاستخارة فقال السيد العربي: يا سيد!.. كيف عملك للاستخارة بالسبحة؟.. فقلت: ثلاث مرات صلوات وثلاث مرات (أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثم آخذ قبضة من السبحة، وأعدها، فإن بقي زوج فغير جيدة، وإن بقي فردٌ فجيدة.
فقال السيد: لهذه الاستخارة تتمة لم تصل إليكم، وهي عندما يبقى الفرد لا يحكم فوراً أنها جيدة بل يتوقف، ويؤخذ مرة أخرى على ترك العمل، فإن بقي زوج فيكشف أن الاستخارة الأولى كانت جيدة، وإن بقي فرد فيكشف أن الاستخارة الأولى وسط.
قلت في نفسي: حسب القواعد العلمية عليَّ أن أطالبه بالدليل، فأجاب:
وصلنا من مكان رفيع،
فوجدت بمجرد هذا القول التسليم والانقياد في نفسي، ومع هذا لم أتوجه أنه من هو هذا السيد؟..
2- ومن مطالب تلك الجلسة، تأكيد السيد العربي على تلاوة هذه السور بعد الفرائض الخمس، فبعد صلاة الصبح (سورة يس) وبعد الظهر (سورة عمّ) وبعد العصر (سورة نوح) وبعد المغرب (سورة الواقعة) وبعد العشاء (سورة الملك).
3- ومن المطالب: تأكيده على هذا الدعاء بعد الفرائض الخمس (اللهم!.. سرّحني من الهموم والغموم، ووحشة الصدر، ووسوسة الشيطان، برحمتك يا أرحم الراحمين!..).
4- لقد مجّد شرائع الإسلام للمحقق الحلي وقال: كلها مطابقة للواقع إلا عدة أسئلة.
5- التأكيد على تلاوة القرآن وهدية ثوابها للشيعة الذين ليس لهم وارث، أو لهم ولكن لم يذكروا أمواتهم.
6- التأكيد على زيارة سيد الشهداء (ع).
7- دعاء في حقي فقال: جعلك الله من خَدَمة الشرع.
8- قلت له: لا أدري هل عاقبة أمري بخير، وهل أنا مبيض الوجه عند صاحب الشرع المقدس، فقال: عاقبتك على خير، وسعيك مشكور، وأنت مبيض الوجه.
وهناك مطالب أخرى لا مجال لتفصيلها..........فأردت الخروج من المسجد لحاجة، فأتيت الحوض وهو في وسط الطريق،
قبل أن أخرج من المسجد تبادر إلى ذهني أي ليلة هذه؟..
ومن هذا السيد العربي صاحب الفضائل؟.. ربما هو مقصودي فما أن خطر على بالي حتى رجعت مضطرباً فلم أجد أثراً لذلك السيد ، ولم يكن شخص في المسجد، فعلمت أني وجدت من أتحسس عنه، ولكن أصابتني الغفلة، فبكيت ناحباً، كالمجنون رحت أطوف أطراف المسجد حتى الصباح كالعاشق الولهان الذي ابتلي بالهجران بعد الوصال، وكلما تذكرت تلك الليلة ذهلت عن نفسي، وهذا إجمال من تفصيل.
منقول
طال الانتظار