علم الغيب له اطلاقان سنبينهما ان شاء الله
الاطلاق الاول : وهو ما غاب عن الحواس
واقصد به كل شيء لم تناله الحواس المتعارفة كحاسة السمع والبصر والخ وهذا الشيء قد يطلق عليه غيب عند البعض وحقيقته ليس علم غيب وانما بعد اخر من الابعاد وهذا ما تحدث عليه انشتاين صاحب نظرية البعد الرابع والذي ذكر ان الابعاد اربعة باضافة بعد رابع لهذه الابعاد وهو بعد الزمان ......
فذكر انشتاين ان المخلوقات متفاوته في امتلاكها لهذه الابعاد فمنها ماله بعدان ( الطول + العرض ) ومنها مالها ثلاث ( الطول + العرض + الارتفاع ) ومنها مالها اربعة ابعاد ( الطول + العرض + الارتفاع + الزمان ) وقال وهذه الكائنات التي تملك البعد الرابع قادرة على ان تشاهد ما يحدث في المستقبل على خط الزمان ولن هذا ليس غيبا بل هو بعد يضاف الى هذه الكائنات يجعلها تتمكن من مشاهدت الاحداث كما من يملك بعد الارتفاع يشاهد ما ياتي من خلال ذلك البعد .... وهذا البعد اتصور هو موجود عند كثير من البشر ومن لم يطلع فاليقراء عن ( مستر ادنوس ) وكيف يصف الاحداث
الاطلاق الثاني الغيب المكنون عند الله ونقول فيه
لقد ظلم الشيعة الإمامية من نسب إليهم القول بأن الأئمة يعلمون الغيب . ولا نعلم أحدا منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق . فأما ما نقل عن أمير المؤمنين ( ع ) ورواه عنه الخاص والعام من الأخبار بالغائبات في خطب الملاحم وغيرها مثل الإيماء إلى صاحب الزنج ، وإلى ما ستلقاه الأمة من بني مروان ، وما إلى ذلك مما أخبر به هو وأئمة الهدى من ولده ،
أما هذه الأخبار فإنها متلقاة عن النبي ( ص ) مما أطلعه الله عليه ، فلا معنى لنسبة من يروي عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أنه يعتقد كونهم عالمين الغيب ، وهل هذا إلا سب قبيح وتضليل لهم ، بل تكفير ، لا يرتضيه من هو بالمذاهب خبير ، والله هو الحاكم وإليه المصير " .
وإن افترض وجود خبر أو قول ينسب علم الغيب إلى الأئمة وجب طرحه باتفاق المسلمين ، قال الإمام الرضا : " لا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن ، وموافقة السنة ، إنا عن الله وعن رسوله نحدث ، ولا نقول قال فلان وفلان . فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه . إن لكلامنا حقيقة ، وإن عليه لنورا ، فما لا حقيقة له ، ولا نور عليه فذاك قول الشيطان " .
وبكلمة إن علوم الأئمة وتعاليمهم يحدها - في عقيدة الشيعة - كتاب الله وسنة نبيه ، وإن كل إمام من الأول إلى الثاني عشر قد أحاط إحاطة شاملة كاملة بكل ما في هذين الأصلين من الألف إلى الياء ، بحيث لا يشذ عن علمهم معنى آية من آي الذكر الحكيم تنزيلا وتأويلا ، ولا شئ من سنة رسول الله قولا وفعلا وتقريرا ، وكفى بمن أحاط بعلوم الكتاب والسنة فضلا وعلما ، أن هذه المنزلة لا تتسنى ولن تتسنى لأحد غيرهم ، ومن هنا كانوا قدوة الناس جميعا بعد جدهم الرسول تماما كالقرآن والسنة . وقد أخذ أهل البيت علوم الكتاب والسنة وفهموها ووعوها عن رسول الله ، تماما كما أخذها ووعاها رسول الله عن جبرائيل ، وكما وعاها جبرائيل عن الله ، ولا فرق أبدا في شئ إلا بالواسطة فقط لا غير ، ونظم الشاعر الإمامي هذا المعنى فقال :
إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا ينجيك يوم البعث من لهب النار
فدع عنك قول الشافعي ومالك * وأحمد والمروي عن كعب أحبار
ووال أناسا نقلهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
أخذ علي عن النبي ، وأخذ الحسنان عن أبيهما ، وأخذ علي بن الحسين عن أبيه ، وهكذا كل إمام يأخذ العلم عن إمام ، ولم ترو أصحاب السير والتواريخ أن أحدا من الأئمة ال 12 أخذ عن صحابي أو تابعي أو غيره ، فقد أخذ الناس العلم عنهم ، ولم يأخذوه عن أحد ،
قال الإمام الصادق : عجبا للناس يقولون : أخذوا علمهم كله عن رسول الله ، فعملوا به واهتدوا ، ويرون إنا أهل البيت لم نأخذ علمه ، ولم نهتد به ، ونحن أهله وذريته في منازلنا أنزل الوحي ، ومن عندنا خرج العلم إلى الناس ، أفتراهم علموا ، واهتدوا ، وجهلنا وضللنا ؟ . . .
وقال الإمام الباقر : لو كنا نحدث الناس برأينا وهوانا لهلكنا ، ولكنا نحدثهم بأحاديث نكنزها عن رسول الله ، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم . وبهذا يتبين الجهل ، أو الدس في قول من قال بأن الشيعة يزعمون أن علم الأئمة إلهامي ، وليس بكسبي ، وترقى بعضهم ، فنسب إلى الشيعة القول بنزول الوحي على الأئمة وبرد هذا الزعم بالإضافة إلى ما نقلناه من
أحاديث الأئمة الأطهار ما قاله الشيخ المفيد في كتاب " أوائل المقالات " : " قام الاتفاق على أن من يزعم أن أحدا بعد نبينا يوحى إليه فقد أخطأ وكفر
هي أقوال أئمة الشيعة وعلمائهم الثقات ، فأين الغلو وعلم الغيب ؟ . . . وأين الوحي والإلهام ؟ . . .
ومن الخير أن نشير هنا إلى طرف من أقوال علماء السنة الثقات التي تتصل بهذا الموضوع ،
لنرى : هل الغلو فيما قالوه أو فيما قاله علماء الشيعة ؟
روى البخاري في صحيحه ج 5 باب " مناقب عمر بن الخطاب " أن النبي قال : لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون - أي تحدثهم الملائكة - من غير إن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتي أحد فعمر " .
وقال الغزالي في كتاب " المستصفى " ج 1 ص 270 طبعة 1322 ه : قال النبي ( ص ) إن منكم لمحدثين ، وإن عمر لمنهم .
وقال الشاطبي في الجزء الثاني من الموافقات ص 266 : عمل الصحابة بالفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي ، كقول عمر ، وهو في المدينة يخاطب سارية بن حصن ، وهو في إيران بقوله : " يا سارية الجبل " وقد سمع سارية الصوت وصعد الجبل . إذا قيل بأن عمر علم الغيب وإن له ملكا يحدثه فلا غلو ،
وإذا قيل بأن الأئمة من أهل البيت يقولون الحق ويعرفون علوم الكتاب والسنة فكفر وغلو .
وقال ابن السبكي في " جامع الجوامع " باب " الاجتهاد " : يجوز أن يقال من قبل الله تعالى لنبي أو عالم : احكم بما تشاء ، فهو صواب ، ويكون مدركا شرعيا ، ويسمى التفويض . إذا قيل بأن الله يجوز أن يتخلى عن تشريع الحكام ، ويفوض أمر وضعها أو رفعها إلى عالم من العلماء فلا كفر ولا غلو ،
أما إذا قيل بأن أهل البيت يعرفون شريعة جدهم كاملة ، كما أنزلها الله على نبيه فكفر وغلو .
وقال الشاطبي في " الموافقات " ج 2 ص 267 : " إن أبا بكر انفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت " ،
أي إن رجلا مات ، ولم يوص في حياته ، ثم أوصى بوصايا بعد موته ، وأبلغ وصيته لمن أراد في المنام ، فنفذ أبو بكر هذه الوصية . فحكم أبي بكر استنادا إلى الأحلام والأطياف صحيح وحجة ، أما أحكام أهل البيت المأخوذة من الكتاب والسنة ففيها نظر .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
" حيدر الحسناوي "