وأما بالنسبة لكتاب فصل الخطاب فقد اتخذ منه هؤلاء الجهلة وأعداء الشيعة والمفترون عليهم أمثال التونسوي ومحب الدّين الخطيب وإحسان إلهي ظهير والجبهان وغيرهم وسيلة للطعن على جميع طائفة الشيعة الإمامية الإثنا عشرية مع أن ما أورده في كتابه هذا لا يمثل رأي جميع أفراد هذه الطائفة بل يمثل رأيه الشخصي ، فإن أساطين علماء هذه الطائفة في مختلف القرون والأزمنة يذهبون إلى صيانة القرآن الكريم عن التحريف من كل باطل سواء كان بزيادة فيه أو نقيصة منه وقد سردنا سابقاً أقوال جمع من هؤلاء فليرجع إليها من أراد .
وقد قام بعض علماء الشيعة من المعاصرين للشيخ النوري والمتأخرين عنه بالرّد عليه والنقد لكتابه ، فقد ردّ عليه من معاصريه الفقيه المحقق الشيخ محمود بن أبي القاسم الشهير بالمعرّب الطهراني في رسالة قيّمة أسماها ( كشف الارتياب في عدم تحريف الكتاب ) وأيضاً معاصره العلامة السيد محمد حسين الشهرستاني في رسالة أسماها ( حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف ) . وأمّا من المتأخرين عنه فقلما ألف عالم من الشيعة كتاباً في نفي التحريف عن القرآن الكريم إلاّ وتعرض بالنقد والرّد على كتاب الشيخ النوري فصل الخطاب بالنقد .
وقد أثار كتابه هذا في أوساط العلماء وطلبة الحوزة العلمية ضجة كبيرة ضدّ الشيخ النوري وهذا الكتاب ، يدلّنا على ذلك ما كتبه السيد هبة الدين الشهرستاني في رسالة كتبها تقريظاً على رسالة البرهان التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدسة سنة 1373 هـ ، قال فيها : ( ... كم أنت شاكر مولاك إذْ أولاك بنعمة هذا التأليف المنيف لعصمة المصحف الشريف عن وصمة التحريف . تلك العقيدة الصحيحة التي آنست بها منذ الصغر أيّام مكوثي في سامراء ، مسقط رأسي ، حيث تمركز العلم والدين تحت لواء الإمام الشيرازي الكبير ، فكنت أراها تموج ثائرة على نزيلها المحدّث النوري ، بشأن تأليفه كتاب فصل الخطاب فلا ندخل مجلساً في الحوزة العلمية إلاّ ونسمع الضّجة والعجّة ضدّ الكتاب ومؤلّفه وناشره يسلقونه بألسنة حداد ...) ( البرهان للبروجردي ص 143 - 144 ) .
فمنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ينال هذا المؤلف النقد ويطاله الرّد من قبل علماء هذه الطائفة ، فكيف يكون كتاب هكذا حاله مورد تشنيع على الطائفة بأجمعها وعلماؤها ينقضون ما جاء فيه ويبطلونه ، ويثبتون خلافه ؟ !! .
ثمّ إنّ هذا الرّجل لا يعرف متى يكون الأمر أو الشيء ضروري من ضروريات الدّين أو المذهب ، فنقول له : إنّ الضروري من الدّين أو المذهب هو الّذي تسالم وأجمع عليه علماء الدّين أو المذهب ، والضروري من الشريعة هو الّذي لا يحتاج اثباته إلى إقامة الدّليل عليه ، فأين هذه المسألة من هذا التعريف ، بل إن الضروري الّذي عليه الشيعة الإمامية الإثنا عشرية هو عكس ما يقوله هذا الرّجل وهو قولهم بعدم التحريف حيث الإجماع من أساطين علماء هذه الطائفة منعقد على ذلك ، ولا عبرة برأي الشواذ من بعض حشوية الأخبارية .