يمكن التفرقة بين المقامين، أي بين مقام نهي أبي بكر عن الحزن كما في قوله تعالى: ((لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا))(التوبة:40), ونهي النبي(ص) عن الحزن كما في قوله جل وعلا: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ )) (الحجر:88),
إذ بعد أن ثبت عندنا بالأدلة العقلية عصمة الأنبياء (عليهم السلام) اقتضى العدول عن ظاهر الآية الكريمة إلى معنى انه لا يحزنك إصرارهم على الكفر والجحود ولا يضيق صدرك من مكرهم لابطال دعوتك وصدهم الناس عن سبيل الله فإنهم بعين الله وليسوا بمعجزيه ويجزيهم أعمالهم، فالآية مسوقة لتطييب نفس النبي (ص)،
وليس فيها نهي عن حزن مذموم كما هو الشأن في الآية التي ورد فيها نهي أبي بكر عن الحزن، اذ بعد القطع بعدم عصمة أبي بكر لا يمكننا إلا أن نحمل الآية الكريمة على ظاهرها، وهو النهي عن الحزن، فإن كان هذا الحزن حزن طاعة فلا يصح من النبي (ص) ان ينهى عن الطاعات، وإن كان حزن معصية فهو محل ذم لأبي بكر على حزنه هذا وليس منقبة كما يحاول البعض تأويله.