|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 32162
|
الإنتساب : Mar 2009
|
المشاركات : 430
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابن جبير
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 13-04-2009 الساعة : 10:06 AM
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم..
سماحة السيد جعفر مرتضى..
لقد ذكرتم في كتابكم >عاشوراء بين الصلح الحسني والكيد السفياني< أنكم تشكون في صحة الادعاء القائل إن أبا لؤلؤة قاتل عمر بن صهاك ليس مجوسياً, لذلك نود من سماحتكم أن تجيبونا على الأسئلة التالية:
ما الدليل على قولكم؟ وما هو دينه؟
كيف كانت علاقته بأمير المؤمنين عليه السلام؟
ما رأيكم في الترحم عليه، أو القول >رضوان الله عليه<؟
هل صحيح أن له قبراً في كاشان؟
ما رأيكم في اعتبار اليوم التاسع من ربيع الأول عيداً بمناسبة استجابة الله دعاء مولاتنا الزهراء عليها السلام على ابن صهاك؟
أيدكم الله للدفاع عن آله الأطهار..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
هل كان أبو لؤلؤة مجوسياً؟:
فقد سألتم عن الدين الذي كان يلتزم به أبو لؤلؤة فيروز النهاوندي، الذي كان أخاً لذكوان، والد أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض، والشعر، والنحو، والحديث، والفقه..([1]).
وفي مقام الجواب عن ذلك، أقول: إنني كنت قد أعربت عن شكي بما ينسبونه إليه من أنه كان مجوسياً.. ومنشأ هذا الشك هو الأمور التالية:
1 ـ إن في كلمات المؤرخين اختلافاً في خصوص هذه النقطة، إذ إن هناك من يدعي أنه كان نصرانياً([2]).
وهناك من يرميه بالمجوسية([3]).
وهناك من يقول بإنه كان مسلماً([4]).
فالجزم بمجوسيته من دون تحقيق في هذا الأمر يصبح مجازفة، لا يليق بالإنسان العاقل والمنصف، أن يلجأ إليها..
2 ـ ولعل ابن كثير، يوافقنا على هذا الرأي، حيث إنه يرى: أنه كان في الأصل مجوسياً، فقد قال، وهو يتحدث عن عمر: >فاتفق له أن ضربه أبو لؤلؤة فيروز، المجوسي الأصل، الرومي الدار<([5]).
3 ـ قال الميرزا عبد الله الأفندي: إن فيروز قد كان من أكابر المسلمين، والمجاهدين، بل من خُلَّص أتباع أمير المؤمنين عليه السلام([6]).
وقال: >والمعرف كون أبي لؤلؤة من خيار شيعة علي<([7]).
4 ـ وروي عن أمير المؤمنين علي السلام، أنه قال لعمر بن الخطاب: >إني أراك في الدنيا قتيلاً، بجراحة من عبد أم معمر، تحكم عليه جوراً، فيقتلك توفيقاً<([8]).
فهو عليه السلام يعتبر: أن ما فعله أبو لؤلؤة كان من التوفيقات التي نالته، وفي هذا نوع من المدح له، كما هو ظاهر.
5 ـ ويمكن تأييد ذلك بما روي من أنه بعد قتل عمر بن الخطاب بادر عبيد الله بن عمر، فقتل الهرمزان، وجفينة، وبنتاً صغيرة لأبي لؤلؤة، فأشار الإمام علي عليه السلام على عثمان أن يقتله بهم، فأبى..([9]).
فإن هذا يشير إلى أن أمير المؤمنين عليه السلام يعتبر ابنة أبي لؤلؤة في جملة أهل الإسلام، ويطالب بقتل قاتلها، ولا يقتل المسلم بكافر، فإذا كانت صغيرة لم تبلغ سن التكليف، فإن لحوق حكم الإسلام بها إنما يكون من أجل تبعيتها لأبويها المسلمين، أو لأحدهما إذا كان مسلماً..
وهذا يثير احتمال أن يكون أبوها مسلماً، وقد لحقت هي به، مع احتمال أن تكون أمها هي المسلمة وقد ألحقت بها..
والشواهد المتقدمة تؤيد أن يكون أبوها مسلماً أيضاً..
والظاهر: أن الآخرين قد تنبهوا لهذا الأمر، فحاولوا التعمية على الناس بمثل قولهم: >كانت صغيرة تدَّعي الإسلام<([10]).
مع أن من الواضح: أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء..
ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر: أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين، حتى إنهم يذكرون: أنه لما طعن عمر قال لابن عباس: >لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال: إن شئت فعلت. أي إن قتلنا.
قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم..<([11]).
6 ـ قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: >لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، وروي أيضاً أن عمر لما سمع بهذا الحديث بادر إلى إخراج غير المسلمين من جزيرة العرب<([12]).
ونحن وإن كنا نشك في صحة هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ونستقرب أن يكون عمر نفسه هو الذي قال: لا يجتمع بأرض العرب دينان. كما أوضحناه في موضع آخر([13])، وكما يشير إليه نسبة الحديث إلى عمر فقط، من قِبَل القاسم بن سلام([14]).
غير أن ذلك لا يضر في صحة الاستدلال به على ما نحن بصدده، لأن مفاده أن عمر بن الخطاب كان يرى أنه لا يصح أن يبقى أي إنسان غير مسلم في جزيرة العرب.
7 ـ وأخيراً، فقد ورد في حديث عن الإمام الهادي عليه السلام، أن حذيفة رحمه الله روى قضية قتل أبي لؤلؤة لعمر، قال حذيفة في أواخر كلامه: فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام.. إلى أن قال: وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه([15]).
فالترحم على أبي لؤلؤة سواء أكان من حذيفة، أو من الإمام، أو من الراوي، يدل على أن من فعل ذلك يرى هذا الرجل مسلماً، وليس مجوسياً ولا نصرانياً..
8 ـ روي عن جابر الأنصاري، أنه قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمراً فقال عمر: يا عدو الله، ما حملك على قتلي؟ ومن الذي دسك إلى قتلي؟!
قال: اجعل بيني وبينك حكماً حتى أتكلم معك.
فقال عمر: بمن ترضى بيننا حكم عدلٍ؟!
قال: بعلي بن أبي طالب عليه السلام..
فلما جاءه الإمام علي عليه السلام، قال عمر لأبي لؤلؤة: تكلم، فقد حكم بيننا حكم عدل!
فقال: أنت أمرتني بقتلك يا عمر.
قال: وكيف ذلك؟!
قال: إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنت تقول: كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة وقانا الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، وقد عدت أنت إلى مثلها.
فقال له: صدقت. ثم أغمي عليه ومات.. ([16]).
تاريخ قتل عمر:
وعن تاريخ قتل عمر نقول: إننا نريد أن نتعامل مع مختلف الأقوال: ونقيس بعضها إلى بعض، وسوف نجد فيما نعرضه من افتراضات مختلفة، أن ثمة انسجاماً فيما بينها يجعل الباحث يقف متعجباً من مؤدياتها وهي تتوافق على نفس الأمر الذي يحاولون تحاشية وتلافيه، فإذا رجعنا إلى أقوال المؤرخين فسنجد أن معظم مؤرخي أهل السنة يصرون على أنه قد قتل في السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة..([17])، أو نحو ذلك..
بل لقد ادعي الإجماع على ذلك..([18]).
وقيل: بل قتل في التاسع من شهر ربيع الأول. وهذا القول كان متداولاً ومعروفاً من زمن ابن إدريس المتوفى في القرن السادس الهجري. وعلى كل حال، فقد قال المجلسي: >المشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا، هو أنه اليوم التاسع من ربيع الأول<([19]).
وقال الكفعمي: >جمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب<([20]).
وقد أنكر ابن إدريس ذلك وتابعه الكفعمي عليه، قال ابن إدريس: من زعم أن عمر قتل فيه، فقد أخطأ بإجماع أهل التواريخ والسير، وكذلك قال المفيد رحمه الله في كتاب التواريخ الشرعية..([21]).
ونحن لا نوافق ابن إدريس على تشدده في إنكاره لهذا الأمر، وذلك لما يلي:
أولاً: إن عمر بن الخطاب قد تولى الخلافة لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة 13 للهجرة([22])، وقد صرح اليعقوبي بأن مدة ولاية عمر كانت عشر سنين وثمانية أشهر([23]).
وهذا يدل على أن وفاة عمر قد تأخرت عن شهر ذي الحجة حوالي شهرين، الأمر الذي يشير إلى صحة قولهم: إنه توفي أوائل شهر ربيع الأول، خصوصاً إذا لاحظنا أنهم يسقطون الزيادات اليسيرة في مثل هذه الموارد..
ولا يلتفت هنا إلى التناقض الذي وقع فيه اليعقوبي، حين ذكر أن عمر قد قتل في ذي الحجة أيضاً([24]). فإن هذه الغفلة قد نشأت من ارتكاز لديه نشأ عن قراءته لأقوال المؤرخين الذين يصرون على مقولتهم حول تاريخ قتله.
ثانياً: إن مما يشير إلى عدم التسليم بصحة قولهم: إن قتله كان في ذي الحجة، قول ابن العماد، واليافعي: إن مدة خلافة عمر هي عشر سنين وسبعة أشهر وخمس ليال، وقيل غير ذلك..([25]).
فإذا قارنا ذلك بما يقولونه من أن أبا بكر قد مات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله بسنتين ونصف، كما روي عن عائشة بسند حسن، وروي مثله عن الهيثم بن عمران، عن جده بسند رجاله ثقات([26]).
فإن النتيجة تكون هي التالية:
إذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد توفي في آخر شهر صفر، وبدأت خلافة أبي بكر منذئذٍ، واستمرت سنتين وستة أشهر، فذلك يعني أن أبا بكر قد توفي في آخر شهر شعبان، فبدأت خلافة عمر منذئذ، واستمرت عشر سنين وستة أشهر وأيام كما يقولون([27])، وانتهت في آخر شهر صفر، أو أوائل شهر ربيع الأول..
وقد قلنا: إنهم يسقطون الزيادات والأيام اليسيرة في حالات كهذه، فكيف إذا كان المسعودي يقول: إن خلافة عمر قد استمرت عشر سنين وستة أشهر وثمانية عشر يوماً([28]).
وعند ابن إسحاق: وخمس ليال([29]).
وعند أبي الفداء: وثمانية أيام([30]).
وذلك كله.. إنما يناسب القول بأنه قد قتل في شهر ربيع الأول، لأننا إذا أضفنا سنتين ونصفاً (مدة خلافة أبي بكر) إلى عشر سنوات وستة أشهر وأيام: (خمسة، أو ثمانية، أو..) (وهي مدة خلافة عمر بن الخطاب) فالمجموع هو ثلاث عشرة سنة وأيام، فإذا بدأنا العد من حين وفاة النبي صلى الله عليه وآله في 28 صفر، فإن النتيجة هي أن قتله قد كان في أوائل شهر ربيع الأول..
ثالثاً: إذا أخذنا بما أخرجه الحاكم عن ابن عمر، قال: ولي أبو بكر سنتين وسبعة أشهر([31])، فإن معنى ذلك: أن ولاية عمر قد بدأت في آخر شهر رمضان المبارك، سنة ثلاث عشرة للهجرة، فإذا أضفنا إليها عشر سنوات وستة أشهر، هي مدة ولاية عمر، فإن تاريخ قتله يكون آخر ربيع الأول..
رابعاً: إن الطبري يقول: إن مدة ولاية عمر هي عشر سنين، وخمسة أشهر، وإحدى وعشرين ليلة، من متوفى أبي بكر، على رأس اثنتين وعشرين سنة، وتسعة أشهر، وثلاثة عشر يوماً من الهجرة([32]).
فإذا انضم ذلك إلى قولهم: إن مدة ولاية أبي بكر هي سنتان وسبعة أشهر، أو ستة أشهر، كانت النتيجة هي رجحان القول بأنه قتل في شهر ربيع الأول أيضاً..
خامساً: ومما يدل على أن قتل عمر قد كان في شهر ربيع الأول، رواية مطولة رواها أحمد بن إسحاق القمي رحمه الله، عن الإمام الهادي عليه السلام، مفادها: أن حذيفة بن اليمان دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم التاسع من ربيع الأول، وعنده علي والحسنان عليهم السلام، وهم يأكلون مع النبي صلى الله عليه وآله.. وهو يخبرهم بمقتل رجل في هذا اليوم تصدر منه أمور هائلة تجاه أهل البيت عليهم السلام، منها: أنه يحرق بيت الوحي، ويرد شهادة علي عليه السلام، ويكذب فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، ويغتصب فدكاً، ويسخن عين الزهراء، ويلطم وجهها، ويدبر على قتل علي عليه السلام، ويغصب حق أهل البيت، وأن فاطمة عليها السلام تدعو عليه، ويستجيب الله لها في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام.. إلى أن قال: وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه([33]).
قال المجلسي: >قال السيد: نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طي رحمه الله..
ووجدنا فيما تصفحنا من الكتب عدة روايات موافقة لها، فاعتمدنا عليها<([34]).
وقال المجلسي أيضاً معلقاً على ما ورد في الإقبال: >ويظهر من كلام خلفه الجليل ورود عدة روايات دالة على كون قتله (يعني عمر) في ذلك اليوم، فاستبعاد ابن إدريس، وغيره رحمة الله عليهم، ليس في محله.. إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة، سلفاً وخلفاً، لا يقصر عما ذكره المؤرخون من المخالفين..
ويحتمل أن يكونوا غيروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة الخ..<([35]).
هل انتحر أبو لؤلؤة:
وقد ذكرت مصادر كثيرة: أن أبا لؤلؤة قد وجأ نفسه فقتلها، حين تكاثروا عليه، وأخذوه([36]).
ولكن ذلك أيضاً موضع ريب وشك، وذلك لما يلي:
1 ـ روى ابن أعثم: أن أبا لؤلؤة جرح عمر >ثلاث جراحات: جراحتين في سرته، وجراحة فوق سرته، ثم شق الصفوف، وخرج هارباً.
قال: وعلم عمر: أنه مقتول، فأمر عبد الرحمان بن عوف أن يصلي بالناس، فصلى في الركعة الأولى بأم الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وفي الركعة الثانية بأم الكتاب، وقل هو الله أحد.
فلما سلَّم وثب الناس يتعادون خلف أبي لؤلؤة، وهم يقولون: خذوه، فقد قتل أمير المؤمنين.
فكان كلما لحقه رجل من المسلمين ليأخذه وجأه أبو لؤلؤة بالخنجر، حتى جرح من المسلمين ثلاثة عشر رجلاً، فمات منهم ستة نفر.
قال: ولحقه رجل من روائه، فألقى عليه برنساً، فأخذه، فلما علم أبو لؤلؤة أنه قد أخذ وجأ نفسه وجأة، فقتل نفسه..<([37]).
ونقول: إنه إذا كان قد مضى هذا الوقت الطويل، الذي صلى فيه الناس ركعتين على النحو الذي ذكرته الرواية، وكان أبو لؤلؤة قد ولى هارباً، فإنه لا بد أن يكون قد قطع مسافات طويلة، أو تمكن من أن يغيِّب نفسه في مكان لا يصل إليه فيه أحد.. خصوصاً، وأن ظلمة الليل كانت لا تزال قائمة، وتمنع من الرؤية لمسافات بعيدة..
فما معنى أن تقول هذه الرواية: إنهم بعد أن أتموا صلاتهم لحقوا به، وأخذوه؟!..
إلا أن يكون أبو لؤلؤة على درجة كبيرة من البطء في مشيه، أو كان معاقاً بسبب عاهة أو غيرها، مع أن التاريخ لا يشير إلى شيء من ذلك فيه، بل هناك ما يدل على عكس ذلك، كما سنرى..
2 ـ ورد في رواية أخرى: >فطعنه طعنتين، واحدة في قلبه، وأخرى في سرته، وولى هارباً، فوثب الناس خلفه، وهم يقولون: خذوه، خذوه. فلم يقدروا عليه..
وكان أبو لؤلؤة رجل شجاع (الصحيح: رجلاً شجاعاً) سريع الركض. وكان كل من لحقه من الناس ضربه بذلك المنقار، حتى قتل ثلاثة عشر رجلاً، ونجى هارباً<([38]).
3 ـ إن رواية البخاري تفيد أن الناس في المسجد لم يعرفوا بما حصل، وأن من عرف ذلك هم أفراد قليلون جداً، وهم الذين كانوا قرب عمر، فقد قال عمرو بن ميمون بعد أن ذكر أنه طعن عمر، وطعن معه ثلاثة عشر رجلاً.. مات منهم سبعة، ثم نحر نفسه: >وتناول عمر يد عبد الرحمان بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى. وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمان بن عوف الخ..([39]).
وبهذه الرواية يجمع بين الرواية القائلة: إنهم لحقوه بعد صلاتهم وبين الرواية التي تقول: إنه جرح ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم ستة..
لكن يبقى سؤال يحتاج إلى جواب، هو أنه إذا كان ذلك قد حصل في صلاة الصبح، فإن المتوقع أن يكون الحضور قليلاً، فمع قتل هذا العدد الكبير من المصلين وجرحهم، كيف بقي سائر أهل المسجد غافلين عما يجري، مع أن المسجد لم يكن آنئذ كبيراً كما هو عليه الآن؟!..
4 ـ تقدمت رواية جابر الأنصاري التي تقول: إنه لما طعن أبو لؤلؤة عمراً، قال له عمر: يا عدو الله، ما حملك على قتلي، ومن الذي دسك إلى قتلي..
إلى أن تقول الرواية: إنه قال له: أنت أمرتني بقتلك يا عمر.
قال: وكيف ذلك؟!
قال: إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنت تقول: كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة، وقانا الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، وقد عدت أنت إلى مثلها..
فقال له: صدقت، ثم أغمي عليه ومات([40]).
وهذا معناه: أن أبا لؤلؤة قد أخذ حياً، وأنه عاش إلى ما بعد موت عمر، فإن صحت الرواية التي تقول: إنه قد ولى هارباً، ولم يقدروا عليه. فلعله قد أفلت منهم حين انشغالهم ودهشتهم بموت عمر، فاغتنمها أبو لؤلؤة فرصة، ونجا بنفسه..
والله هو العالم بحقيقة الحال، وإليه المرجع والمآل..
لماذا يقتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب؟!
ونذكر أخيراً: أن ما يذكرونه سبباً لإقدام أبي لؤلؤة على قتل عمر، لا نرى أنه يصلح سبباً لذلك، بل هو يصلح مبرراً لأن يقتل مولاه المغيرة بن شعبة، وأن يشكر الخليفة عمر..
لأن السبب الذي يذكرونه هو أنه شكا مولاه المغيرة إلى عمر بن الخطاب بسبب ثقل الخراج الذي وضعه عليه المغيرة([41]).
وتذكر بعض النصوص أن عمراً قد تعاطف معه..
فسواء قبل الخليفة شكواه أو ردها، فإن حقده ونقمته يجب أن يتجه نحو ظالمه، الذي يستغله، ويرهقه بالضرائب..
فكيف وهم يزعمون أن عمر قد كلم مولاه المغيرة في أمره، فوعده بأن يفعل ما طلبه منه، ثم عاد أبو لؤلؤة إلى عمر ثانية، وثالثة، فأخبره عمر بأنه قد أوصى مولاه به([42]).
فلماذا يحقد عليه أبو لؤلؤة والحال هذه؟!، ولماذا يقتله؟! ويترك المغيرة؟!
التاسع من ربيع الأول.. يوم عيد!!
وأما بالنسبة لاعتبار اليوم التاسع من شهر ربيع الأول يوم عيد، فقد قيل: إن سبب ذلك هو أن عمر بن سعد قد قتل في هذا اليوم، أو أنه يوم ورود رأسه إلى المدينة من الكوفة، بخدمة مولانا السجاد عليه السلام([43]).
واحتمل العلامة المجلسي أن يكون سبب تعظيم تاسع ربيع الأول هو أنه أول يوم بدأت فيه ولاية الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، بعد استشهاد أبيه الإمام الحسن العسكري في الثامن منه([44]).
قبر أبي لؤلؤة:
وأما بالنسبة للسؤال عن القبر الذي في بلدة كاشان، فقد سمعت عنه، ولكنني لم أره، فيرجى من السائل الكريم أن يتحقق بنفسه منه، ومن صحة نسبته إلى هذا الرجل، أو إلى غيره.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..
جعفر مرتضى العاملي
([1]) سفينة البحار ج7 ص560 عن الاستيعاب، وعن الذهبي في كتابه: المختصر في الرجال.
([2]) راجع: البحار ج31 ص118 والاستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص470 وسفينة البحار ج7 ص561 عن رياض العلماء عن الذهبي، وتاريخ الأمم والملوك ط عز الدين المجلد الثاني ص405 ودول الإسلام ص10 وتاريخ الخميس ج2 ص248 و249 والبدء والتاريخ ج5 ص188 و189 والعبر وديوان المبتدأ والخبر المجلد الثاني قسم2 ص124 وعمدة القاري ج16 ص211.
([3]) سفينة البحار ج7 ص561 عن رياض العلماء، والبحار ج3 ص118 والاستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص470 وتاريخ الخلفاء ص126 وراجع الإمامة والسياسة ج1 ص22 وتاريخ الخميس ج2 ص249 والمعجم الكبير ج1 ص71 ومروج الذهب ج2 ص320 والفتوح لابن أعثم المجلد الأول ج2 ص323 ط دار الأضواء والبدء والتاريخ ج5 ص194 وإرشاد الساري ج6 ص112.
([4]) راجع: سفينة البحار ج7 ص560 عن رياض العلماء وعمدة القاري ج16 ص211.
([5]) البداية والنهاية ج7 ص154 ط دار إحياء التراث العربي.
([6]) سفينة البحار ج7 ص559 عن رياض العلماء.
([7]) رياض العلماء ج5 ص507.
([8]) سفينة البحار ج7 ص559 عن البحار ط قديم ج8 ص228
([9]) سفينة البحار ج7 ص561 عن البحار ط قديم ج8 ص331 عن الكامل لابن الأثير، وعن الاستيعاب، وعن روضة الأحباب، وكثير من أرباب السير.
([10]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص258 ط دار التحرير.
([11]) صحيح البخاري ج5 ص84 و 85 ط المكتبة الثقافية بيروت. ونيل الأوطار ج6 ص158 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص416 وشرح نهج البلاغة ج12 ص188 وأسد الغابة ج4 ص75 والسنن الكبرى ج8 ص47.
([12]) راجع: الدر المنثور ج6 ص189 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، والبيهقي في الدلائل، وابن المنذر، ومجمع البيان ج9 ص258 والبحار ج20 ص160 والروض الأنف ج3 ص251 وبهجة المحافل ج1 ص215 و 216 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج28 ص34 و19 و22 والكشاف ج4 ص499 وجوامع الجامع ص486 والمصنف للصنعاني ج5 ص358 و359 وج4 ص126 وراجع: ج10 ص359 و360 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص332 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص262 والتبيان ج9 ص557 عن البلخي، ولباب التأويل ج4 ص245 ومدارك التنزيل (مطبوع بهامش لباب التأويل) ج4 ص245 وراجع: فتح القدير ج5 ص199 والسيرة الحلبية ج2 ص268، والمغازي للواقدي ج2 ص717 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص371 والبداية والنهاية ج4 ص249 ط دار إحياء التراث، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 وعمدة القارئ ج13 ص306 وفتح الباري ج5 ص240 ط المطبعة الكبرى بولاق ـ مصر عن ابن أبي شيبة وغيره، والموطأ (مطبوع مع تنوير الحوالك) ج3 ص88 وغريب الحديث لابن سلام ج2 ص67 وراجع: وفاء الوفاء ج1 ص320 والمجموع للنووي ج15 ص209 ط دار الفكر المبسوط للسرخسي ج23 ص4 ط دار المعرفة مجمع الزوائد ج4 ص121 ط دار الكتب العلمية تاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص183 منشورات دار الفكر تاريخ اليعقوبي ج2 ص155 دار صادر ـ بيروت.
([13]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ج8 ص145 ـ 163.
([14]) الأموال ص143.
([15]) ستأتي مصادر هذه الرواية إن شاء الله تعالى.
([16]) عقد الدرر ص80 و81.
([17]) راجع: البحار ج31 ص113 و115 و118 و119 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص365 ط دار صادر بيروت، ومسار الشيعة ص42 والعدد القوية ص328 و329 والمصباح للكفعمي ص677 ط الأعلمي سنة 1414 هـ، والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص70 ومصادر ذلك كثيرة جداً.
([18]) المصباح للكفعمي ص677 ط الأعلمي سنة 1414 هـ والبحار ج31 ص119.
([19]) البحار ج31 ص119 و120.
([20]) راجع المصباح للكفعمي ص677 ط الأعلمي سنة 1414هـ
([21]) البحار ج31 ص119 وراجع: السرائر ص96 ط حجرية، وط جماعة المدرسين ج1 ص419 والمصباح للكفعمي ص677 ط الأعلمي سنة 1414هـ
([22]) تاريخ الخلفاء ص153 عن الحاكم ط دار الجيل بيروت.
([23]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص111 ط سنة 1375 دار الفكر بيروت.
([24]) المصدر السابق.
([25]) شذرات الذهب ج1 ص33 ومرآة الجنان ج1 ص80.
([26]) راجع: المعجم الكبير ج1 ص58 و61 ومجمع الزوائد ج9 ص60 وتاريخ الخميس ج2 ص237.
([27]) الاستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص467 و 468 والبحار ج31 ص118 وراجع: البدء والتاريخ ج5 ص88 و167..
([28]) التنبيه والإشراف ص251.
([29]) المعارف ص79 والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج2 ص128 ط دار الكتب العلمية، وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص467 ط دار الفكر، وأسد الغابة ج4 ص177 أنتشارات اسماعيليان.
([30]) المختصر في أخبار البشر ج1 ص165.
([31]) راجع: تاريخ الخلفاء ص100 ط دار الجيل، والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص58 ط دار المعرفة، والمستدرك للحاكم ج3 ص65 ط دار المعرفة، وتاريخ مدينة دمشق ج28 ص247 ط دار الفكر.
([32]) راجع: تاريخ الطبري ط عز الدين المجلد الثاني ص407.
([33]) راجع: البحار ج31 ص120 ـ 132 وج20 ص332 وج95 ص351 ـ 355 وهوامش البحار، عن كتاب زوائد الفوائد، وعن كتاب المحتضر للشيخ حسن بن سليمان ص44 ـ 55 وعن دلائل الإمامة، وعن مصباح الأنوار للشيخ هاشم بن محمد، وعن الأنوار النعمانية، وراجع: مستدرك الوسائل ج1 ص155 عن الشيخ المفيد..
([34]) البحار ج95 ص355 وج31 ص120 ـ 132.
([35]) البحار ج31 ص132.
([36]) راجع: البداية والنهاية ج7 ص154 و155 ط دار إحياء التراث ومروج الذهب ج2 ص320 والوافي بالوفيات ج22 ص463 وتاريخ الخميس ج2 ص249 ودول الإسلام ص10 والفخري في الآداب السلطانية ص96 والاستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص470 وتاريخ الخلفاء ص156 ط دار الجيل والعقد الفريد ج4 ص258 دار إحياء التراث والبحار ج31 ص113 و115 و118 وج95 ص199 عن العدد القوية ص328 و329 والطبقات الكبرى ج3 ص250 و252 و صحيح البخاري ج5 ص84 و 85 ط المكتبة الثقافية بيروت. ونيل الأوطار ج6 ص158 والسنن الكبرى ج8 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص416 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص188 وأسد الغابة ج4 ص75.
([37]) الفتوح لابن أعثم، المجلد الأول ج2 ص326 و327.
([38]) عقد الدرر ص74.
([39]) راجع: صحيح البخاري ج5 ص84 و85 ط المكتبة الثقافية بيروت، والسنن الكبرى ج8 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص416 وأسد الغابة ج4 ص75 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص188 ونيل الأوطار ج6 ص158.
([40]) عقد الدرر ص80 و81.
([41]) راجع: تاريخ الخلفاء ص156 و 157 ط دار الجيل، وراجع: تاريخ الأمم والملوك، المجلد الثاني ص406 ط عز الدين، وتاريخ الخميس ج2 ص248 والاستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص469 وإرشاد الساري ج6 ص111 وفتح الباري ج7 ص49 و50 ط دار إحياء التراث العربي سنة 1408هـ
([42]) الفتوح المجلد الأول ج2 ص323 و324.
([43]) رياض العلماء ج5 ص507.
([44]) راجع: البحار ج95 ص355 و356.
|
التعديل الأخير تم بواسطة ابن جبير ; 13-04-2009 الساعة 10:09 AM.
|
|
|
|
|