14 ـ كان تأثير احتجاج الصحابة الإثني عشر في المسجد قوياً ، فقد أحدث موجة ضد مؤامرة السقيفة ، وضعف أبو بكر وانكسر أمام خطبهم ، ولزم بيته ثلاثة أيام ، وأخذ يلوم عمر على توريطه في الأمر ، حتى أنه وآخرون من الحزب القرشي فكروا أن يعيدوا الخلافة شورى بين المسلمين! لكن عمر وبخهم ودبَّر موجة لمصلحة الحزب القرشي ، فاتفق مع جماعة من البدو القريبين أن يدخلوا المدينة ويبايعوا أبا بكر! قال الطبري في تاريخه:2/458: (حدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلمَ أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول: ماهوإلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر)!
15 ـ في يوم الجمعة الثانية لوفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب علي عليه السلام في مسجد النبي خطبته البليغة القوية المعروفة بـ (خطبة الوسيلة) ! وكانت تأكيداً لإقامة الحجة على أهل السقيفة وغيرهم ، بيَّن فيها مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام عند الله ، ويوم القيامة ، وواجب الأمة تجاههم . وجاء في مقدمتها قول الإمام الباقر عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي رحمه الله : إسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك إن أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه ، فقال: الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده ، وحجب العقول أن تتخيل ذاته ، لامتناعها من الشبه والتشاكل ، بل هو الذي لايتفاوت في ذاته ولايتبعض بتجزئة العدد في كماله...)الخ. وهي طويلة بليغة . ( الكافي:8 /18).
16– أما مجئ الصديقة الزهراء عليها السلام الى المسجد ، وخطبتها القوية المشهورة ، فوقتها بعد أحداث السقيفة وهجومهم على بيتها وضربها وإسقاط جنينها ! وبعد أن أجبروهم على البيعة ، وشنوا عليهم حرباً اقتصادية لإفقارهم ، فحرموهم الخمس الذي لهم ، وصادروا منهم أوقاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي سبعة بساتين وكانت بيدهم، وصادروا منهم مزرعة فدك التي أعطاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للزهراء عليها السلام عندما نزل قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ، ومنعوها أن ترث من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم أي شئ ، فرأت الصديقة الزهراء عليها السلام في ذلك مناسبةً لأن تخطب في المسجد ، وتؤكد إقامة الحجة عليهم ، وتفضح مؤامرتهم ، وقد تقدم ذلك !
17 ـ يبدو أن حادثة ضرب عمر للصديقة الزهراء عليها السلام كانت في الطريق بعد يوم أو أكثر من خطبتها في المسجد النبوي ، فقد ذهبت الى أبي بكر وكان وحده واحتجت عليه ، فكتب لها كتاباً بإرجاع فدك اليها ، فبلغ ذلك عمر ، فلحقها في الطريق وضربها وأخذ منها الكتاب ومزقه !