الرجاء واليأس والخوف والأمن
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
كثيراً ما نستخدم عبارات مثل أرجو وأتمنى وأنتظر فما المقصود بهذا العبارات وما معناها؟ وما هو موقف الإسلام منها ؟
كل من يتوقع حصول مطلوب له في المستقبل وحصل له ظن بوجود أسبابه وحصل له في باطنه فرح مقارن لتصور حصوله يسمى ذلك الفرح رجاء
وإن كان هذا المتوقع واجب الحصول والوقوع في المستقبل فإن ذلك يسمى إنتظار المطلوب وحينئذٍ يكون الفرح أقوى
وإن لم تكن الأسباب معلومة الوقوع ولا مظنونة فإن ذلك يُسمى تمنياً
وإن كان عدم حصول الأسباب معلوماً وكان توقع الحصول باقياً كان ذلك غرور وحماقة
يقول الله تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ }
إن المؤمن الحق هو الذي يعتقد إعتقاداً راسخاً إن الأسباب كلها بيد الله لذلك هو يعيش حالة الرجاء بشكل دائم وهذا ما يبعث به على التفائل والترقي في درجات الكمال وسرعة السير في طريق وصوله إلى المطلوب وأيضاً الرجاء يقتضي حسن الظن بمغفرة الباري تعالى وعفوه والثقة برحمته
جاء في الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي "
ومن الأخطاء الشائعة الإعتقاد بأن الرجاء يقابله الخوف والأصح أن الرجاء يقابله اليأس والقنوط وهو مذموم عند الله قال تعالى
{....وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
أما الخوف فهو يقابل الغرور والأمن من مكر الله والخوف ممدوح ومطلوب لأنه يقتضي نفس ما يقتضيه الرجاء وهو الحث على الترقي والعمل وبذل الجهد
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }
لا حظوا أن الطمع هنا ما هو إلا اعلى درجات الرجاء والتجافي عن المضاجع إنما سببه حالتي الخوف والطمع فتدّبروا
إن حقيقة المسألة أن التفكر بدلائل النقص والكمال وتوقع وقوع كل واحد منها وتصور أن إنتهاء السلوك إلى مقصدهم هو أعلى المقاصد يتطلب تقارن الخوف والرجاء ولا يجب ترجيح أحدهما على الآخر لأنه لو رجح الرجاء لزم الأمن في غير موضعه { أفأمنوا مكر الله } وإن ترجيح الخوف لزم يأس موجب للهلاك { إنه لا ييأس من روح الله ...} لذلك قلنا أن الرجاء يقابله اليأس والخوف يقابله الأمن
جاء في الحديث الشريف " لو وُزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا"
والحمد لله رب العالمين
نسألكم الدعاء