لفظ المصطفى صلى الله عليه وسلم خرج مخرج الجواب لسؤال
علي رضي الله عنه
والسؤال معاد في الجواب غير المستقل
وهذا معنى العهد هنا ولا معيار لصحة العموم هاهنا
وقد ذكر علماء أصول الفقه أن اسم الجنس المضاف للمعرفة
أو المفرد المضاف للمعرفة
موضوع للعهد
وذكر بعض المحققين من النحاة أن أصل وضع الاضافة هو باعتبار العهد
فالأقسام الأربعة أعني العهد الخارجي و تعريف الجنس و الاستغراق
و العهد الذهني جارية في المضاف إلى معرفة جريانها
في المعرف باللام و الموصول
بهذا يمكنك أن تعرف أن المفرد المضاف إلى معرفة
أو اسم الجنس المضاف إلى معرفة
يفيد العهد
و بالتالي
فمنزلة هارون
الاضافة فيها للعهد
و أنها منصرفة إلى معهود مذكور في السياق السابق
و هو الاستخلاف المؤقت على المدينة أثناء غزوة تبوك
والحمدلله رب العالمين
فإن قال قائل: إن هذه المنزلة التي جعلها النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام إنما جعلها في حياته.
قيل له: نحن ندلك بدليل واضح على أن الذي جعلها النبي لعلي عليهما السلام بقوله:
أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلاأنه لا نبي بعدي " إنما جعله له بعد وفاته، لا معه في حياته فتفهم ذلك إن شاء الله. ومما(1) يدل على ذلك في قول النبي صلى الله عليه واله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " معنيان.
أحدهما: إيجاب فضيلة ومنزلة لعلي عليه السلام منه، والآخر نفي لان يكون نبيا بعده.(معاني الأخبار ص 84)
نوضح اكثر :
فإن قال قائل : إن هارون مات قبل موسى ولم يكن إماما بعده فكيف قيس أمر علي عليه السلام على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله " : هو مني بمنزلة هارون من موسى " ؟ وعلي عليه السلام قد بقي بعد النبي صلى الله عليه وآله .
قيل له : نحن إنما قسنا أمر علي على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله : " هو مني بمنزلة هارون من موسى " فلما كانت هذه المنزلة لعلي عليه السلام وبقي علي فوجب أن يخلف النبي في قومه بعد وفاته . ومثال ذلك ما أنا ذاكره إن شاء الله : لو أن الخليفة قال لوزيره : " لزيد عليك في كل يوم يلقاك فيه دينار ، ولعمرو عليك مثل ما شرطته لزيد " فقد وجب لعمرو مثل ما لزيد ، فإذا جاء زيد إلى الوزير ثلاثة أيام فأخذ ثلاثة دنانير ، ثم انقطع ولم يأته وأتى عمرو الوزير ثلاثة أيام فقبض ثلاثة دنانير فلعمرو أن يأتي يوما رابعا وخامسا وأبدا و سرمدا ما بقي عمرو وعلى هذا الوزير ما بقي عمرو أن يعطيه في كل يوم أتاه دينار وإن كان زيد لم يقبض إلا ثلاثة أيام . وليس للوزير أن يقول لعمرو : لا أعطيك إلا مثل ما قبض زيد . لأنه كان في شرط زيد أنه كلما أتاك فأعطه دينارا ولو أتى زيد لقبض وفعل هذا الشرط لعمرو وقد أتى فواجب أن يقبض . فكذلك إذا كان في شرط هارون الوصي ان يخلف موسى عليه السلام على قومه ومثل ذلك لعلي فبقي علي عليه السلام على قومه ، ومثل ذلك لعلي عليه السلام فواجب أن يخلف النبي صلى الله عليه وآله في قومه نظير ما مثلناه في زيد وعمرو ، و هذا ما لابد منه ما أعطى القياس حقه .