وشهد شاهد من أهلها!!!!! صحيح البخاري فيه الصحيح وفيه المطعون في صحته....وفيه المتناقض مع بعضه
نقلاً عن صحيفة العرب القطرية
دَرءاً عـن عِرض الحبيب وشرعِه
خالد المحمود
2009-07-08
لعل سمة (الاضطراب الشديد) هي أبرز ما يسم الأحاديث الواردة في شأن عمر أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وهذا الاضطراب الوارد في غالبية كتب الحديث والسِّـيَر له أكثر من دلالة.
الأولى، أن الجهد الجبار الذي بذله المُحَدثون وعلماء المسلمين الأوائل ليس كافياً لوضع صيغة التقديس عليه، وحسبُنا من ذلك أن نقدّر لهم جهدهم، ونترضى ونترحم عليهم لما قاموا به من جمع لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. فحتى كتاب الإمام البخاري (المتعارف عليه بين علماء الأمة على أنه أصحُّ كتاب بعد القرآن الكريم) لم يسلم من بعض هنـَّات وتناقضات في بعض رواياته. وقد استدعى الأمر من عدد من علماء الحديث في تتبع ما ورد فيه من علل وهنات، كان منهم ابن حجر في (هدي الساري) وهو مقدمة كتابه الشهير (فتح الباري، شرح صحيح البخاري)، إضافة إلى كتاب الإمام الدارقطني (الإلزامات والتتبع) الذي انتقد نحو مئتي حديث في صحيح البخاري، كما أن الشيخ الألباني، من بين المعاصرين، كان أحد من ضعّفوا بعض أحاديث البخاري، ثقة منه في صواب ما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه (أبَى اللهُ أنْ يُتِمَّ إلا كِتابَه). تأكيداً منه على أن الزلة واردة فيما عدا القرآن الكريم.
أما الدلالة الثانية، وهي ما نحن بصدده منذ الأسبوع الماضي، أن حديث هشام بن عروة الذي يرويه عن السيدة عائشة رضي الله عنها ليس حديثاً يمكن الركون إليه، أو بناء الأحكام على أساسه. وقد عرضنا رأي بعض كبار المحدثين (ومنهم أنس بن مالك) ممن ردوا أحاديث هشام بن عروة بعدما انتقل للعراق، حيث ضعفت ذاكرته، وأصبح يخلط الخطأ بالصواب. وهذا ما أورده الدكتور الأميركي المسلم (شانافاس T. O. Shanavas) في بحث بهذا الخصوص.
أما في مسألة متن الحديث الذي تقول فيه السيدة عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي في السادسة، ودخل عليها وهي في التاسعة، فإن الباحث قارن بين ما ورد فيه مع أحاديث أخرى (بعضها في البخاري أيضاً) ليجد فيها تعارضاً لا يقبله العقل مطلقاً.
من ذلك أن ما يفيده حديث عائشة أنها ولدت في العام الرابع للبعثة النبوية، أي بعد عام واحد من انتهاء المرحلة السرية والجهر بالدعوة. لكن ذلك يتعارض مع نصوص تثبت أن جميع أبناء وبنات أبي بكر الصديق ولدوا له في الجاهلية (تاريخ الأمم والملوك للطبري). ثم إن مقارنة عمر السيدة عائشة بالسيدة فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم (العصابة في التمييز بين الصحابة لابن حجر) تفيد بأن السيدة فاطمة رضي الله عنها ولدت في عام بناء الكعبة، عندما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة، ومما يُروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها تصغر السيدة فاطمة رضي الله عنها بخمس سنين، أي إنها ولدت عندما كان عمره صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وهو العام الذي بُعث فيه صلى الله عليه وسلم.
وخلاصة ما يخرج به الباحث لما سلف أن كلاً من حديث البخاري وكلام الطبري وكلام ابن حجر يتعارضون بشكل لا يمكن الاعتماد على شيء منه بشكل قاطع.
وفي المقابل، فإن مقارنة عمر السيدة عائشة رضي الله عنها بشقيقتها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فإن الثابت أن أسماء رضي الله عنها توفيت في عام ثلاثة وسبعين للهجرة بعدما قتل الحجاج ابنها عبدالله ابن الزبير، وكان عمرها آنذاك مئة عام. وهذا يعني أنها كانت تبلغ السابعة والعشرين عام الهجرة. والثابت أيضاً أن السيدة عائشة رضي الله عنها تصغر أختها بعشرة أعوام. وهذا يعني أن عمرها عام الهجرة كان سبعة عشر عاماً.
كما أن ابن كثير في (البداية والنهاية) أثبت الذين سبقوا بإسلامهم (ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر، وعائشة وهي صغيرة، فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو خفية). وحتى تسلم السيدة عائشة وهي صغيرة، فإن المحتم أنها ولدت قبل البعثة ببضع سنوات على الأقل.
ناهيك عن أحاديث أخرى تثبتها السيدة عائشة رضي الله عنها عن نفسها، تقول في أحدها إنها كانت جارية عندما نزلت سورة القمر. والثابت في كتب التفسير أن سورة القمر نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل سبع سنوات من الهجرة (أي في العام الخامس من البعثة). وهذا يعني أنها السيدة عائشة كانت في عمر يتراوح بين السابعة والرابعة عشرة (الجارية عند العرب هي الفتيّة من النساء)، وليست طفلة رضيعة كما يفترض حديث هشام بن عروة.
ثم إن الثابت أن السيدة عائشة حضرت غزوتي بدر وأحد، وهذا يتنافى مع كونها لم تبلغ الخامسة عشرة أثناء الغزوتين، إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرد من لم يبلغ الخامسة عشرة من الراغبين في المشاركة في الجيش، كما ورد ذلك في عدة أحاديث عن صغار السن من الصحابة، ومنهم سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. ومن نافلة القول أن انضمام أي شخص إلى جيش محارب إنما غايته تقديم العون، لا أن يكون هذا الشخص عبئاً على غيره. فكيف تـُقبل فتاة لم تبلغ العاشرة، فيما يُردّ الفتيان دون الخامسة عشرة!
كما أن الإمام البخاري نفسه أثبت في باب (جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم) أن عائشة رضي الله عنها قالت: (لمْ أعقِل أبويَ قط إلا وهُما يَدينان الدينَ، ولمْ يَمُرّ علينا يومٌ إلا يَأتينا فيهِ رسولُ الله طرفي النهار بُكرَة وعَشِية. فلمّا ابتـُلِيَ المسلمون خرجَ أبو بكر مُهاجراً قِبَلَ الحبشة). وهذا النص يفيد أن السيدة عائشة كانت واعية تماماً لما كان يدور إبان سنوات الدعوة السرية الثلاث، وأنها كانت في سن يؤهلها لإدراك الأذى الذي نال المسلمين بعد الجهر بالدعوة، وكذلك هجرة أبيها إلى الحبشة في العام الخامس من البعثة. وهذا يعني استحالة أن تكون ولدت قبل الهجرة للحبشة بعام واحد فقط.
وقد جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل أن خولة بنت حكيم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، فسألته (ألا تتزَوجُ يا رَسولَ الله؟ فقالَ: مَن؟ قالت: إنْ شِئتَ بكراً وإنْ شِئتَ ثيـّباً. قال: فمَن البكرُ؟ قالت: أحَبُّ خلق اللهِ إليكَ، عَائشة ابنَة أبي بَكر). ومن الواضح أن خولة ما كانت لتعرض على النبي صلى الله عليه وسلم طفلة في السادسة من عمرها، بأن تصفها بـ (البكر)، إذ إنه وصفٌ قاصر على من بلغت من الفتيات مبلغ الزواج. وحيث إن الثابت أن السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تكبر السيدة عائشة، فإن لنا أن نتأمل في ردّ الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر وسيدنا عمر بن الخطاب اللذين خطباها منه قبل الهجرة، فردهما قائلاً {إنَّها صَغِيرَة}. وما نعرفه عنها رضي الله عنها أنها ولدت قبل البعثة بخمس سنوات، وهذا يجعلها في أقل تقدير بلغت من العمر ثلاثة عشر عاماً، حين خطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن ذلك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من وصفها بأنها صغير. فكيف يُعقل أن يخالف النبي صلى الله عليه وسلم بفعله (بزواج عائشة) ما يقوله هو لأصحابه (بأن ابنته صغيرة)!
* * *
كل هذه الدلائل تشير إلى أن حديث هشام ابن عروة مطعون فيه من أوجه عديدة، سواء في قوة حفظه عند روايته الحديث، أو في موافقته منطقياً لأحاديث روتها السيدة عائشة عن نفسها، أو رواها غيرها بخصوصها، أو حتى توافقها مع الحسبة الرياضية لعمرها مقارنة بعمر شقيقتها السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أو السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
وهذا يعني أننا فعلاً بحاجة إلى مراجعة الحديث، وإعادة النظر في اعتباره من جملة الصحيح الذي جاء في كتاب الإمام البخاري، مع التأكيد الشديد أننا لسنا بصدد الطعن في مصداقية الإمام البخاري رضي الله عنه أو في كتابه. لكننا نؤكد في المقابل أنه بشر ينقل عن بشر لكلام سيد البشر، وكل هذا يشير إلى أن ورود الخطأ غير المقصود في النقل ممكن، دون أن يكون مطعناً في صحيح البخاري.
* * *
لا يساورنا الشك في أن الإساءات التي تشوب تراثنا غير مقصودة البتة. ولكننا لن نتمكن من مراجعتها والوقوف على ما يوافق الحق منها إلا إذا توقفنا عن تقديس علمائنا الأجلاء وآراءهم، وتوقفنا عند تقديرهم وتحِيّتِهم على الجهد الذي بذلوه في سبيل الوصول إلى ما نقلوه لنا من تراث زاخر. ذلك أن ديننا قائم في شأن التلقي عمن سبقنا على أصل ثابت يقول {قـُلْ هَاتوا بُرْهَانَكُمْ}. وحين نقوم بذلك، كما في شأن مسألة سن أم المؤمنين عائشة، فإننا لن ندفع الأذى عن شخص رسولنا صلى الله عليه وسلم فحسب، إنما عن دينه كذلك.
والله أعلم وأعلى وأجلّ.
مثلما تجرأ عثمان الخميس
في نكر ان حديث الثقلين ليس موجود في صحيح مسلم .. وهو كذب واضح !!
سيقومون بإنكار صحة البخاري من جلده لجلده
لعلمهم بأن البخاري هذا ليس الا غزعبلات واكاذيب كلها مكذوبه