اشتهر العالم الإنكليزي جوزيف بريستلي (1733ـ 1804) في تاريخ الكيمياء بأنه أول من اكتشف الأوكسجين، وإن كان لم يهتد إلى تعريف خصائصه وتركيبه. فلما جاء العالم الفرنسي لافوازييه، هداه البحث إلى خصائص هذا الغاز وصفاته.
والأوكسجين لفظة يونانية مركبة من مقطعين، يعني أولهما الحموضة، ويعني الثاني المولد، أي أن الأوكسجين (مولد الحموضة)، وإلى بريستلي يعزى اختيار هذا الاسم للغاز، برغم أن المدلول العلمي له كان مستعملاً فعلاً. ولا نقول هذا للإقلال من شأن الراهب الإنكليزي بريستلي الذي هجر الدير والرداء الديني، واستقر في المدرسة والمختبر، يجري تجاربه العلمية حول هذا الغاز، ولا ريب في أنه لو استمر في بحوثه العلمية لاستطاع الاهتداء إلى نتائج هامة أخرى، غير أنه انضم إلى حركة الثورة الفرنسية، وأيد المناضلين الفرنسيين، فجلب على نفسه سخط الإنجليز وبغضهم، واضطر إلى مغادرة وطنه بريطانيا إلى أمريكا حيث قضى بقية عمره، وهناك ألف ثلاثة كتب، ولكنها مبتوتة الصلة بالهواء أو بالمسائل العلمية التي كانت شغله الشاغل قبل ذلك.
والحقيقة التاريخية هي أن جعفراً الصادق (عليه السلام) هو أول من اهتدى إلى الأوكسجين أو مولد الحموضة، وأغلب الظن أنه اهتدى إليه وهو ما زال في مدرسة أبيه الباقر (عليه السلام). ولما شرع بعد ذلك في إلقاء دروسه المتصلة في حلقاته، أعمل فكره، وانتهى إلى أن الهواء ليس عنصراً بسيطاً بل هو مركب من عناصر مختلفة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن جعفراً الصادق (عليه السلام) لم يطلق على الأوكسجين اسم مولد الحموضة، ولكنه سبق غيره في الإشارة إلى أن الهواء هو مزيج من عناصر شتى يساعد بعضها على تنفس الكائنات الحية كما يساعد على الاحتراق.
ومضى الصادق (عليه السلام) في سبيله، فتوصل إلى أن محتويات الهواء لو جزئت، لكان من فعلها النفاذ في الأجسام وتذويب الحديد.
إذن، فقد كان جعفر الصادق (عليه السلام) سابقاً بألف سنة على بريستلي ولافوازييه في اكتشاف الأوكسجين، وإن كان لم يطلق عليه اسم الأوكسجين ولا اسم مولد الحموضة كما ذكرنا آنفاً. ثم أن لافوازييه الذي عين خصائص الأوكسجين، لم يوفق إلى تجربة ذوبان الحديد بفعل الأوكسجين، وهي التجربة التي اضطلع بها جعفر الصادق (عليه السلام) قبله بألف عام.
وقد برهن العلم الحديث على أنه متى حمي الحديد بالنار إلى درجة الاحمرار، ثم وضع في أوكسجين خالص، اشتعل وانبعث منه شعلة مضيئة شبيهة بالفتيل الذي كان يغمس في الزيت في المصابيح القديمة، وإن تكن الشعلة أقوى وأشد ضوءاً، وهذه هي النظرية التي يستند إليها في صنع المصابيح الكهربائية الحديثة التي تضيء مناطق شاسعة في الليالي الظلماء، وتظل مضيئة بصورة مستمرة ما دام سلك الحديد فيها مشتعلاً بفعل الأوكسجين المحبوس داخل المصباح.
وقد جاء في رواية أن الإمام محمداً الباقر (عليه السلام) قال: (إن الماء الذي يطفئ النار يستطيع أن يوقدها بفضل العلم) فحسب البعض أن هذا القول ملقى على عواهنه، أو أنه من قبيل الفكاهة أو خيالات الشعراء، ولكن الذي تحقق فعلاً منذ القرن الثامن عشر أن الماء يزيد النار اشتعالاً، ويولد قوة محرقة أشد بكثير من نار الحطب، لأن لغاز الهيدروجين (وهو أحد العنصرين الهامين في تركيب الماء) قوة إحراق إذا أضيفت إلى قوة الأوكسجين بلغت درجة حرارتهما 6664 درجة. ويطلق على هذه العملية اسم العملية الأوكسجينية الهيدروجينية (oxydrogene)، وهي تستخدم في لحام الحديد والفولاذ، أو في تقطيع الفولاذ وتثقيبه.
وقد طلع الإمام الباقر (عليه السلام) بهذه النظرية قبل اكتشاف الهيدروجين، ولا دليل لنا على أن الصادق (عليه السلام) تمكن من فصل الهيدروجين أو الأوكسجين من الماء، ولكن الذي لا ريب فيه أنه توصل بفضل تجاربه وأبحاثه إلى تحديد خواص الأوكسجين، ومن هنا يصح القول بأنه استفاد من هذا العنصر الهام في تحاليله، وأنه استخلصه من الهواء ممتزجاً بمواد وعناصر أخرى، أي دون أن يكون خالصاً نقياً.
ومن النتائج المؤكدة التي انتهى إليها جعفر الصادق (عليه السلام)، وما هي بنظرية مجردة، الحقيقتان التاليتان:
1ـ حقيقة أن في الهواء عنصراً يفوق العناصر الأخرى في أهميته، وهو العنصر الأساسي في الحياة والتنفس.
2ـ إن هذا العنصر قادر بمرور الوقت على تغيير شكل الأشياء والتأثير فيها بإفسادها وتحللها وتآكلها.
ولا ننسى أن هذا العنصر الهوائي يقوم بدور الوسيط في هذه العمليات، ومن هنا استطاع جعفر الصادق (عليه السلام) معرفة الأوكسجين.
ظن العلماء والباحثون بعد اكتشاف الأوكسجين على يدي (بريستلي) وبعد تحديد خواصه وآثاره وتغيير شكلها، فلما جاء العالم الفرنسي لويس (باستور) واكتشف الجراثيم، قال أن التغيير الذي يطرأ على شكل بعض المواد، كالأغذية ويؤدي إلى فسادها، أنما يعزى إلى الجراثيم وليس إلى الأوكسجين، كما قال أن الجراثيم تهاجم المواد الغذائية وتحللها، فيدب فيها الفساد. غير أن (باستور) لم يبين نوع العلاقة بين الجراثيم والأوكسجين، ولا توصل إلى أن الفساد الذي تحدثه الجراثيم، إنما يتم في وجود الأوكسجين، ولولا هذا الغاز، لما تمكنت الجراثيم من البقاء على الحياة أو التأثير في المواد. أما جعفر الصادق (عليه السلام)، فقد قال إن الهواء جزءاً (يعني الأوكسجين) يؤثر أحياناً بالواسطة في تغيير شكل المواد، ويؤثر أحياناً بغير واسطة متى تعرض لها الحديد بصورة مباشرة، فيحدث ما يسمى بالتأكسد (Oxyde) أو الصدأ.
ولئن كانت هذه النظرية الدقيقة تستعصي على الكشف إلا في المختبرات وإلا بالتحليل العلمي، فقد توصل إليها جعفر الصادق (عليه السلام) بفرط ذكائه ونبوغه، وإن كان الصادق لم يتوافر على إبراز ما للهواء أو الأوكسجين من خاصيات أخرى، فإنه اهتدى إلى أن الأوكسجين، الذي يعتبر عنصراً أساسياً في الهواء، والذي يغير أشكال المواد، والذي هو مناط الحياة، هو أثقل جميع العناصر الموجودة في الهواء.
وبعد ألف سنة، جاء لافوازييه، فأكد هذه النظرية، وزاد عليها بتعيينه وزن الأوكسجين ومقداره 9/8 الماء، أي أن في كل تسعة كيلو غرامات من الماء ثمانية كيلو غرامات من الأوكسجين. هذا من حيث الوزن، أما من حيث الحجم، فالهيدروجين الموجود في الماء يساوي ضعفي الأوكسجين، لأن الماء مركب من ذرتي هيدروجين وذرة أوكسجين.
ومع أن لافوازييه توصل إلى نتائج هامة في تحليله للهواء ومعرفة خواص الأوكسجين، إلا أنه لم يستطع تحويل هذا الغاز إلى سائل (أي إسالته)، وإن كانت الفكرة بقيت تراوده، وكادت تتحقق لولا أن الصناعة في أوروبا وقتئذ كانت ما تزال في بدايتها، ولم تكن قد قطعت أشواطاً تتيح للافوازييه تحقيق أمنيته حالاً. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أصدرت المحاكم الثورية في فرنسا حكمها المفاجئ القاسي بإعدام لافوازييه، فمات بالمقصلة.
وكان من رأي الكيميائيين بعد لافوازييه، وإلى وقت متأخر، أن هناك استحالة لإسالة غاز الأوكسجين، فلما جاء القرن العشرون بإنجازاته العلمية والتكنولوجية ومفاجآته الكثيرة، نجح العلماء في إيجاد برودة مفرطة (صناعياً) واستطاعوا بذلك أن يسيلوا غاز الأوكسجين بكميات غير محددة، وسخروا الأوكسجين السائل في أغراض كثيرة من طبية وصناعية وما إليها.
وقد تسنى هذا كله بفضل الوصول صناعياً بدرجة البرودة إلى ما تحت الصفر ب 183 درجة، وهكذا سال الأوكسجين في الجو العادي دون حاجة إلى ضغط قوي، وأمكن إنتاج كميات كبيرة من غاز الأوكسجين السائل.
والواقع أن هذه الدرجة من البرودة هي درجة مفرطة، ويقول العلماء إن الفرق بينها وبين البرودة المطلقة التي تشل الحركة الحيوية في المادة هو 90 درجة لا غير (273.16ـ 183).
ولئن لم يسمح عصر جعفر الصادق (عليه السلام) لهذا العالم بأن يتابع البحث إلى أن يحدد عناصر الهواء بأسمائها، ويعين الأوكسجين (أو مولد الحموضة)، فواقع الأمر أنه سبق بآرائه العلمية الفذة جميع العلماء والمكتشفين بألف سنة.
كان من رأي الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كغيره من المسلمين أن الإنسان خلق من تراب، ولكن التوضيح الذي أتى به لم يقل به غيره من المسلمين لا قبله ولا بعده في العصور المتعاقبة، ولم يقم أحد بشرح أفكار الإمام الصادق (عليه السلام) بشأن الكيان البشري ومصدر كل حاسة وخواصها. فإن وجدنا شرحاً في العصور التالية للإمام، فهو من صنع تلاميذه أو رواد مدرسته.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) إن جسم الإنسان يتألف من نفس العناصر الموجودة في الأرض، ولكن بنسب متفاوتة، فهناك عناصر توجد في جسم الإنسان بنسبة أكبر من نسبة وجودها في الأرض، وهناك عناصر أخرى توجد بنسبة أقل منها. كما كان يقول إن هناك أربعة أشياء توجد في جسم الإنسان بصورة أكبر من سواها، كما أن هناك ثمانية أشياء تأتي في مرحلة ثانية، وثمانية أشياء هي أقل مما في القسمين الأولين.
ولا ريب في أن هذه النظرية غريبة وبعيدة عن فهم الإنسان في عصرنا الحاضر، وإن المرء ليتساءل تلقاءها: هل كان للإمام الصادق علم باطني (غيبي)(1) كما تقول الشيعة؟ وهل استنبط هذه النظرية بعلم الإمامة دون العلم البشري؟
وفي رأينا أن من العسير التوصل إلى مثل هذه الحقائق العلمية دون مختبرات علمية عصرية، ولكن هذا هو ما تناهي إليه علم الصادق قبل اثني عشر قرناً. ولا غرو، فالعباقرة أقدر من سواهم على استنباط ما تعجز عنه العقول، لأن عيونهم تخترق الظلمات وترى وألا يراه غيرهم من المبصرين.
وثمة نظرية مؤداها أن المعارف والمعلومات كامنة في الشعور الباطني للناس جميعاً، ولكن هناك حجاباً يحول دون إدراك الشعور الظاهري لما هو كامن في الشعور الباطني غير المحدود، فإن استعصى على الإنسان العادي أن ينتفع بهذه الذخيرة المدخرة في باطنه فإن العباقرة قادرون على النفاذ إلى الباطن واستنباط ما هو مدخر فيه من معلومات ومعارف كامنة.
وقد ذهب الفيلسوف هنري برجسون(2) إلى القول بأنه كما أن الذرة وجدت منذ بدء الخليقة واجتمعت فيها جميع المعلومات المختلفة، فإن خلايا الجسم الموجودة في الكائن الحي، أحرى بها أن تنطوي على جميع المعلومات الخاصة بهذا العالم منذ بداية الخليقة وإلى يومنا هذا.
وإذا كان العلماء قد أطلقوا على الإحساس الداخلي اسم (الشعور الباطني أو الغيبي)، فإن الفيلسوف برجسون قد سماه (اندفاعة الحياة)، وكان يقول إن النوابغ يتميزون عن غيرهم بأن لهم حظاً من اندفاعة الحياة تزيد على حظوظ غيرهم وأنهم أقدر من سواهم على الاستفادة من ذاكرة خلايا أجسامهم.
ففي رأي الشيعة إذن أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان يرى بعلم الإمامة، أما القائلون بالشعور الباطني غير المحدود فيقولون إنه انتفع بهذا الشعور، في حين أن برجسون يرى أن الصادق (عليه السلام) كان يتمتع باندفاعة قوية للحياة.
ولا ريب في أن ما قاله الإمام الصادق (عليه السلام) عن تشريح جسم الإنسان، يكتب له بين المعاصرين له من المشتغلين بعلم الأحياء منزلة النبوغ، لا سيما وقد برهن التمحيص العلمي الدقيق لنظرية الإمام الصادق (عليه السلام) بعد اثني عشر قرناً ونصف قرن على أنها نظرية صحيحة، حتى وإن كان الإمام لم يعط أسماء معينة لأجزاء الجسم والمواد التي يحتوي عليها.
وقد قال الصادق (عليه السلام) إن العناصر الموجودة في الأرض، وعددها مائة واثنان، موجودة في جسم الإنسان بدرجات متفاوتة، وإن بعضها يذهب من القلة مذهباً يحول دون تعيين مقداره وحجمه بالدقة المطلوبة.
ربما قيل إن الصادق (عليه السلام) لم يأت بإعجاز فكري، لأن الإسلام يقول إن الإنسان قد خلق من تراب(3)، وقد ثبتت عقيدة المسلم على هذا منذ ما جاء القرآن، فأين هو الجديد الذي أتى به الصادق (عليه السلام) حين قال إن المواد الموجودة في التراب موجودة أيضاً في جسم الإنسان؟
نعم، ولكن نبوغ الصادق (عليه السلام) يتجلى في أنه قسم هذه المواد والعناصر إلى ثلاثة أقسام، يتضمن القسم الأول منها العناصر الأربعة التي توجد بوفرة، ويتضمن الثاني ثمانية عناصر توجد في جسم الإنسان بدرجة أقل، ويتضمن الثالث ثمانية عناصر أخرى هي أقلها توافراً.
والعلم الحديث في عصرنا اليوم يثبت ما قاله الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ أن العناصر الثمانية التي توجد في جسم الإنسان بمقدار ضئيل هي: (الموليبدنوم والسلنيوم والفلور والكوبلت والمنغنيز واليود والنحاس والرصاص الخالصين).
وأما العناصر الثمانية التي توجد في جسم الإنسان بكمية أكبر قليلاً، فهي (المغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلسيوم والفوسفور والكلور والكبريت والحديد).
أما العناصر الأربعة التي توجد في جسم الإنسان بوفرة فهي (الأوكسجين والكربون والهيدروجين والآزوت (النتروجين) ).
صحيح أن الإمام الصادق لم يسم هذه العناصر بأسمائها العلمية المعروفة اليوم، ولكنه استطاع تمييزها بعقله المستنير. في حين أن العلماء المحدثين لم يتسن لهم الاهتداء إليها إلا بعد بحث وتحقيق علميين وتجارب واسعة وعمليات تشريح دقيقة استمرت منذ بداية القرن الثامن عشر الميلادي، وكان لفرنسا والنمسا دور ريادي في أوربا في علم التشريح.
وبسبب الحظر التام الذي فرضته الكنيستان الكاثوليكية والأرثوذكسية على تشريح الجثث، وقد سايرتهما في هذا التحريم البلدان الشرقية، اقتصر هذا الكشف العلمي على فرنسا والنمسا دون الدول الأخرى.
وحتى في هاتين الدولــــتين، كانت عمليـــات التشريح تجـــري خفية خوفاً من معارضة الكنيسة، حتى جاء الطبـــيب الفرنسي (مارا)(4) وطالب بضرورة التشريح خدمة للإنسانية ولعلم الطب، واشترك مع العلامة الشهير الكيميائي لافوازييه(5) (الذي أعدم في عام 1894) في تحليل الأنسجة والخلايا في جسم الإنسان للوقوف على أسرارها ومكوناتها.
وبعد وفاة مارا، استمرت التجارب والتحاليل على جسم الإنسان يجريها تلامذته والمتأثرون به، وظلت هذه التجارب تجري طوال القرن التاسع عشر وإلى مطالع القرن العشرين.
واليوم، أصبح التشريح أمراً مألوفاً في جميع دول أوربا وسواها من دول العالم، وأصبحت التجارب والتحاليل أمراً عادياً في إطار التدريس في كليات الطب في العالم بأسره وفي مراكز العلوم، رغبة في اكتشاف مزيد من البيانات عن العناصر التي يتألف منها جسم الإنسان وكمياتها وكيفياتها، ولئن تشابهت نتائج هذه الأبحاث فإن الأرقام قد تنطوي على تفاوت جزئي، أما العناصر الهامة في جسم الإنسان فلا خلاف عليها. والمؤكد أن تقسيم العناصر الموجودة في جسم الإنسان والنسب الخاصة بكل منها تتفق فيها آراء الإمام الصادق (عليه السلام) مع التجارب التي أجريت في المراكز العلمية في دول العالم كله.
وعلى سبيل التوضيح، نذكر أن الإنسان الذي يزن 45 كيلو غراماً، يحتوي جسمه على كيلو غرام من الكربون، وهو عنصر من العناصر الأربعة التي توجد في الجسم بوفرة.
كذلك يوجد في جسم الإنسان 4.5 كيلو غرام من الهيدروجين، متى كان سليماً، فإن اعتل، نقصت كمية الهيدروجين. وتتساوى مقادير العناصر الأربعة، وهي الأوكسجين والكربون والهيدروجين والآزوت، في أجسام الناس جميعاً، سواء أكانوا من البيض أم السود أم من الذين اختلطت أنواعهم وجذورهم.
تلي هذه العناصر الأربعة ثمانية عناصر أخرى متوسطة المقدار، تليها العناصر الثمانية الضئيلة القدر، وتتساوى نسب هذه العناصر في جسم الإنسان، سواء أكان يعيش في القطب الشمالي أم في المنطقة الاستوائية ولا فرق بين أي اثنين في هذا إذا ما تساويا في الوزن والعمر.
وهكذا جاءت التجارب العلمية التي أجريت في فترة تربو على مائة وخمسين عاماً مؤكدة النظرية التي أتى بها الإمام الصادق (عليه السلام).
ذكرنا ـ في ما سبق ـ أنه لو قل أن يكون هناك موضوع علمي وليس للصادق (عليه السلام) رأي ذو وزن فيه.
وقد درسنا حتى الآن بعض النظريات التي طلع بها والتي تشهد له بأنه كان ذا عقلية علمية مرتبة، ولا تتوافر أمثال هذه العقليات إلا لأفذاذ العباقرة.
وللصادق كذلك نظرية تتعلق بضوء النجوم من مؤداها أن بين النجوم التي نراها في الليل ما هو أضخم من الشمس، وأن شمسنا تعتبر بالقياس إليها صغيرة الحجم ضئيلة الضياء.
واليوم، وبعد مضي اثني عشر قرنا ونصف القرن، أثبت العلم صحة نظرية الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ تبين للعلماء أن هناك مجموعات من النجوم السواطع تتضأل تلقاء حجمها وضيائها الشمس نفسها.
ويطلق على هذه النجوم (المجرات) اسم (الكوزرز) الواحدة منها كوزار(1) Quasars، وبعضها يبعد عن الأرض بمقدار تسعة آلاف مليون (أي تسعة مليارات) سنة ضوئية. وما يصل إلى المراقب الفلكية اليوم من الأمواج الضوئية الصادرة عن هذه المجموعات يقطع المسافة الشاسعة بين هذه المجموعات وبيننا في تسعة آلاف مليون سنة ضوئية.
وهناك مراقب راديو تلسكوبية ضخمة ترصد هذه النجوم والأنوار الساطعة المنبعثة منها حتى في النهار، منها مرقب (آرسي بوئه) في جزيرة (بورتوريكو) والذي يبلغ قطره ثلاثمائة مترا.
ويساوي الضوء المنبعث من بعض هذه الكوازر ضوء الشمس عشرة آلاف مليار مرة، (أي10.000.000.000.000) وهو رقم ليس فيه خطأ أو شطط.
ووحدة قياس الضوء التي يستند إليها علماء الفلك في قياس ضوء النجوم هي ضوء الشمس، وللمرء أن يتصور الضخامة المتناهية لبعض المجموعات من الكوازر إذا كان ضؤوها يعادل ضوء الشمس عشرة آلاف مليار مرة، فينحط ضوء الشمس أمامها كضوء شمعة صغيرة.
ورغبة في رصد هذه المجرات الضوئية الضخمة التي اكتشفت المجرة الأولى منها في سنة 1963م (وهناك أكثر من مائتي مجرة قد اكتشفت حتى الآن) فكر العلماء في صنع مرقب فلكي سعة دائرته ثلاثون ألف متر (ثلاثون كيلو مترا).
وبالنظر إلى استحالة صنع مرقب (راديو تلسكوب) له هذه السعة، بدأ العلماء يفكرون في صنع مرقب كهربي له هوائيات قوية ترتفع على شكل حرف Y بحيث تكون المسافة بين كل رأس من رؤوس هذا الحرف واحدا وعشرين كيلو مترا. أما الهوائي فينتقل بين المحاور الثلاثة ويتم التحكم فيه إلكترونيا، ويبلغ طول الهوائيات الثلاثة 21 كيلو مترا، ولها قدرة على الرصد كما لو سعة المرصد ثلاثين ألف مترا، ويتم توجيه هذا الجهاز إلى الكوازر لمشاهدتها بمزيد من الدقة.
وقد اعتاد الفلكيون منذ القرن الثامن عشر الميلادي على اكتشاف كتل ضوئية في السماء، وكانت المسافة السحيقة التي تفصل هذه الأجرام المضيئة عنا من الأمور المألوفة التي لا تثير دهشة العلماء آنذاك.
ولكن، لما رأى علماء الفلك مجموعة الكوازر البعيدة في عام 1963م مستعينين بمرقب (راديو تلسكوب) آرسي بوئه في بورتوريكو، استولت عليهم الدهشة لأنها تبعد عنا بمقدار 9مليارات سنة ضوئية، في حين أن العالم اينشتين كان يعتقد بأن قطر العالم ثلاثة مليارات سنة ضوئية.
ولكي تستطيع الأذهان إدراك مدى ضخامة هذه المسافة الشاسعة، نذكر أن الضوء يحتاج إلى سنة كاملة لكي يقطع بسرعته الفائقة مسافة 9500 مليار كيلو متر. فإن أردنا أن نعرف مقدار المسافة الحقيقية بين مجرات الكوازر والأرض، ضربنا 9500 مليار سنة في 9500 مليار كيلو متر.
وبغض النظر عن ضخامة هذه المسافة التي يتعذر على العقل تصورها، فإن مما يزيد في حيرة علماء الفلك أن مجرات الكوازر تطلق ضوءا ساطعا يساوي ضوء الشمس 10 آلاف مليار مرة، وحتى الآن لم يكتشف العلماء كنه هذه الكوازر والعناصر التي تتركب منها والتي تمكنها من توليد كل هذه الحرارة والطاقة العجيبة.
ويقول البروفسير آلفون الذي مر ذكره إن المصدر الوحيد في الكون الذي يمكنه توليد مثل هذه الطاقة هو المادة إذ تنفجر بعد اصطدامها بمضادها، ولو نجح علماء الذرة في الاتحاد السوفييتي مثلا في تفجير عنصر الهليوم بعد اصطدامه بمضاد الهليوم، لاهتدى العالم إلى مصدر للطاقة لا نفاذ له، ولهان على العلماء معرفة سر الحرارة والطاقة المنبعثة من مجرات الكوازر.
ومع انقضاء 29 عاماً(2) على التفجير النووي الأول الذي تم في الولايات المتحدة الأميريكية، لم يستطع علماء الذرة تفجير نوى ذرات العناصر والأجرام الأخرى، ما عدا اليورانيوم والبلوتونيوم (والبلوتونيوم يستخرج من اليورانيوم)، فهم لم يستطيعوا تفجير نواة ذرة الهيدروجين، أما الطاقة التي أمكن توليدها من الهيدروجين، فقد ولدت لا من شطر نواة ذرته كما هو الحال في اليورانيوم والبلوتونيوم، بل من ادغام عناصرها بعضها ببعض.
وإذا كان العلماء الذريون قد توصلوا إلى كشف مضاد الهليوم، فإنهم لم يوفقوا حتى الآن إلى كشف مضاد لعناصر أخرى كالأوكسجين أو الأزوت (النتروجين) مثلا.
ومعروف أن الحديد هو من العناصر المتوافرة في كل مكان، ولكن علماء الذرة لم ينجحوا حتى الآن في أحداث تفجير نووي في ذرات الحديد، مع أن نظرية تفجير نواة الذرة التي قد طبقت بنجاح على اليورانيوم والبلوتونيوم مفروض أنها تنطبق كذلك على الحديد والنحاس والرصاص والزنك (الخالصين) وغيرهما من العناصر، لأن تركيب ذرات هذه العناصر شبيه من حيث قابليته للشطر بتركيب ذرات اليورانيوم، ومع ذلك لم تستطيع الدول الحائزة للطاقة الذرية إحداث التفجير حتى الآن.
ثم إن المرقب الفلكي (الراديو تلسكوب) لم يرصد أشعة النجوم وحدها، وإنما رصد كذلك الجزيئات المتناثرة في الفضاء الرحيب حتى بلغت الأنواع التي كشفت منها حتى الآن أكثر من ثلاثين جزيئا. وتتكون الأحماض الأمينية أو البروتينية من قسم من هذه الجزيئات، بمعنى أن عناصر خلايا الكائن الحي موجودة في الجزيئات المتناثرة في الفضاء.
ويؤخذ من وجود هذه الجزيئات في الفضاء أن وجود الإنسان على الكرة الأرضية لم يكن أمرا عارضا، وإنما هو مرتبط بالوجود الشامل العام.
ويسوغ لنا اليوم أن نقول باطمئنان وثقة إن الأرض كانت في بادئ الأمر عارية من كل أثر للحياة لأنها كانت جرما منصهرا ذا حرارة شديدة تستحيل معها الحياة، فلما مالت الأرض إلى البرودة، انتقلت إليها الجراثيم الحيوية المبعثرة في الفضاء اللامتناهي، وأوجدت الخلية الحية، وخاصة الجزيئات الخمسة التي أطلقت عليها أسماء (أوراسيل، كوآنين، أوهنين، سيتورين) وهذه بدورها أوجدت الأحماض الأمينية والبروتينية في الأرض، ومن جملتها الخلايا الحية للحيوان والإنسان. ويعزى الفضل في هذا الكشف العلمي الضخم إلى المراقب الفلكية (الراديو تلسكوب).
وإلى وقت قريب، كانت المراقب الفلكية ترصد النجوم، وتقف من حلال طيفها على العناصر المكونة لها، وتستنتج درجة حرارة كل نجم، ولكنها لم تكن قادرة على رصد الجزيئات الموجودة في الفضاء، ولكن الراديو تلسكوب الفلكي قد نجح في كشف هذه الجزيئات التي فيها جرثومة الحياة، فكان هذا إنجازا كبيرا منه.
وإذا كانت الحياة قد وجدت على الكرة الأرضية لا بمحض الصدفة، ولا باعتبارها أمرا عارضا، ففي الوسع القول بأن هناك حياة وكائنات تعيش في الكواكب الأخرى الشبيهة بالكرة الأرضية، ولعلها سبقت الكرة الأرضية في نشأة الحياة عليها بآلاف الملايين من السنين، لأن هذه الكواكب سبقت الكرة الأرضية إلى الوجود بآلاف الملايين من السنين.
ولا يستبعد أن تكون الكائنات الحية التي تعيش في هذه الكواكب قد نجحت من آلاف السنين في حل المشكلات المعقدة التي ما زالت تنوء بالبشر، وإن كان القدم لا يعد في حد ذاته مقياسا للكفاءة والعلم. وهناك اعتقاد بأن البشر عاشوا على الكرة الأرضية قرابة مليوني سنة، ولكنهم لم ينطلقوا في النشاط العلمي إلا من عشرة آلاف أو خمسة عشر ألف سنة.
ويقول العلماء في يومنا الحاضر إن البشر ليسوا الكائنات الوحيدة في هذا الكون، لأن هناك كائنات حية تعيش في ملايين من السيارات الأخرى، وربما كانت أكبر ذكاء وأنبه عقلا وأنشط عملا من الكائنات البشرية. وسيظل الأمل يداعب الإنسان في إمكان تحقيق اتصال بهذه الكائنات ذات يوم والاستفادة مما يكون لديها من علوم وتجارب. وخير وسيلة متاحة الآن لتحقيق هذا الاتصال هي الأجهزة الراديو تلسكوبية الشديدة الحساسية.
ونعود إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وإلى نظريته القائلة إن لبعض النجوم ضوءا هو من الشدة بحيث يتضاءل أمامه ضوء الشمس. وها هو العلم الحديث قد برهن على صدق نظرية الإمام الصادق (عليه السلام)، ودلل على أن لبعض النجوم من الأشعة ما تضؤل أمامه الشمس وأشعتها، أفلا يستخلص من ذلك أن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني الهجري كان عبقريا في المباحث العلمية؟
وثمة سؤال قد يعن للباحث هو: أين مجرات (الكوازر) التي يبعد بعضها عن الكرة الأرضية بمسافة 9 آلاف مليون سنة ضوئية؟ هل تقع في مركز الكون أو في أوله أو في نهايته؟
ثم لنتأمل في قرص الشمس الذي يقوم كل أربع وعشرين ساعة بتحويل أربعمائة مليار طن من الهيدروجين إلى الهليوم لنشر الضياء والدفء في الكرة الأرضية والسيارات الأخرى التي تدور حولها، والذي لن يتوقف عن نشر الضياء والدفء إلى 10مليارات من السنين الأخرى. أليس عجيبا أن تكون هذه الشمس ضئيلة أمام مجرات (الكوازر) الساطعة الضوء؟
فإن كان لشمسنا هذا المقدار الهائل من الطاقة والقدرة، وإن كان ينتظرها عمر ممتد هذا مقداره، فكم يكون عمر مجرات الكوازر التي تبعد عن الكرة الأرضية مسافة 9آلاف مليون سنة ضوئية؟ أغلب الظن أن عمرها يزيد عن ألف مليار سنة.
وما دامت في العالم شموس أخرى كمنظومتنا الشمسية، فمن مؤدى ذلك القول عقلا بأننا لا نعيش في عالم واحد، وإنما هناك عوالم كثيرة يتألف من مجموعها الكون الأكبر.
وقد ثبت لعلماء الفلك أن بعض النجوم ينطفئ ضوؤه وتنتهي حياته، حتى ولو لم يستطع الفلكيون حصر هذه النجوم. وثبت لهم أيضا أن للأجرام السماوية و المنظومات الشمسية أعمارا، وأن عمر بعضها يزيد على 15 مليار سنة، وأن الشمس مثلا ما زال باقيا في عمرها 10 مليارات سنة، وأن مجرات الكوازر عمرها ألف مليار سنة أو أكثر، وهذا كله يقطع بأن هناك عوالم كثيرة أخرى في هذا الكون.
وقد سبق للإمام الصادق (عليه السلام) أن قال إن الكون لا ينحصر في عالمنا وحده، وإنما هناك عوالم أخرى، وها قد جاء العلم الحديث مبرهنا على هذه النظرية، وأقام الأدلة على أن هناك آلفا من العوالم والمنظومات الشمسية الشبيهة بعالمنا ومنظومتنا الشمسية، وأنها تفنى وتزول ما عدا مجرات الكوازر، فهي باقية على الدوام.
وقد قسم الإمام الصادق (عليه السلام) العلم إلى قسمين هما: العالم الأكبر والعالم الأصغر، ومعروف أن هناك عالم أوسط لم يذكرها الصادق (عليه السلام) اعتقادا منه بأن ذلك من نوافل القول. فالأمر كله نسبي، وفي الوسع اعتبار هذه العوالم الوسطى عوالم كبرى أو صغرى، وكل عالم يعتبر أكبر بالقياس إلى العوالم الأصغر منه، أو يعتبر أصغر بالقياس إلى العوالم التي تكبره. فتقسيم الصادق هو إذن تقسيم شامل لعوالم الكون كلها.
وعندما سئل الصادق (عليه السلام) عن عدد العوالم في كل قسم، قال إنها كثيرة، ولا يعلم ذلك إلا الله، وهي حقيقة أثبتها العلم الحديث. فالذي لا ريب فيه أن هناك أعدادا كبيرة من المنظومات الشمسية والنجوم والنيازك والمجرات في الكون، وهي تعز على الحصر ولا يعبر عنها بأرقام حتى ولو كانت أرقاما فلكية.
ويقول العالم اليوناني أرشميدس الذي عاش قبل الميلاد بثلاثة قرون أن عدد الذرات المبعثرة في العام هو عشرة مضروبة في نفسها 63 مرة وإن الذرة هي أصغر أجزاء المادة ولا تقبل التجزئة، ولهذا سميت بالجزء الذي لا يتجزأ.
وفي مطلع القرن العشرين جاء إدنجتون (العالم الفيزيائي البريطاني المتوفى سنة 1944م) فقال إن مجموع الذرات في العالم 10 مضروبة في نفسها 80 مرة.
وعندما طلع ادنجتون بهذه المعادلة الرياضية لحساب عدد الذرات، كان العلماء الفلك يعتقدون أن عدد الأجرام الضوئية والنيازك والشهب في السماء يصل إلى مليون.
وعندئذ لم يكن مرصد (بالومر) الأمريكي قد شيد بعد، وهو المرصد الذي قرب ضوء المجرات بمقدار ألفي سنة ضوئية، فأصبحت رؤيتها بالعين البشرية ممكنة، ولا كانت المراقب الراديو تلسكوبية الشديدة الحساسية قد اخترعت.
ولو أن العمر امتد بادنجتون إلى يومنا هذا، ورأى بأم عينه المجرات الضوئية والكوازر، لأعاد النظر قطعا في معادلته بأرقامها الشديدة التواضع.
والكون الذي عرفه علماء الفلك والفيزياء في عام 1900م يعتبر صغيرا، بل ضئيلا بالنسبة للكون الذي يعرفه علماء اليوم. وليس من المبالغة في شئ القول بأن الكون في عام 1900 كان بمثابة فنجان ماء بالنسبة لمحيطات المياه التي عرفناها عن الكون في يومنا هذا.
وبعد كشف المجرات الضخمة المسماة بالكوازر، ظهرت نظرية أخرى مؤداها أن هذه الكوازر تمثل التخوم الخارجية للكون، وأن عالمنا هذا الذي يحتاج إلى 9آلاف مليون سنة ضوئية ليصل إلى الكوازر هو البداية لفضاء أوسع تعجز الأجهزة الراديو تلسكوبية المتاحة لنا عن الوصول إليه، فلا قبل لها باستقبال أشعة النجوم أو العناصر الموجودة في ما وراء الكوازر. وإلى هذا اليوم، لم يتسن لنا رصد المجرات التي تلي الكوازر في موقعها منا.
وبناء على هذه النظرية، فهناك ما مجموعة مائة ألف مليون من الأجسام الضوئية والمجرات والشهب، ولكل منها عشرات الآلاف من ملايين الشموس، وهذه جميعا ترسل أشعتها إلى المراقب الكهربائية ذوات العدسات الكاسرة والمرايا العاكسة.
وليست هذه الأجرام من عالمنا الحقيقي، لأن حدود عالمها يبدأ من مجرات الكوازر وما وراءها، وطبيعي إذن أن يكون ضوء مجرات الكوازر مساويا لضوء الشمس عشرة آلاف مليار مرة.
وحتى يستطاع توليد كمية الضوء والأشعة التي تنبعث من الشمس كل أربع وعشرين ساعة، فلا بد من توافر مائة مليار طن من الهيدروجين المركز أو المجزأ. فما هي يا ترى كمية الهيدروجين المجزأ والمركز التي تحتاج إليها مجرات الكوازر كل أربع وعشرين ساعة لكي تولد هذا المقدار الأسطوري من الضوء؟ وكم يكون مقدار الأشعة التي تصدر عن اصطدام النقيضين: المادة ومضاد المادة؟
ونستطيع بحسبة بسيطة أن نصل إلى الأرقام الفلكية التالية: فإذا ضربنا أربعمائة مليار طن في عشرة آلاف مليار، كان حاصل الضرب رقم 4 وأمامه 27 صفرا، وهو رقم لا يمكن لفظه أو عده بسهولة.
فإذا كانت مجرات الكوازر تولد من الطاقة المشعة عشرة آلاف مليار ضعف لما تولده الشمس في كل أربع وعشرين ساعة، جاز إذن اعتبارها مركز العالم، وحق أن يقال إن العالم يبدأ من هذا المركز. ولكن لأن علماء الفلك والفيزياء لا يستطيعون رصد المجرات التي تقع خلف الكوازر بأجهزة الراديو ـ تلسكوب المتاحة حاليا، فلا سبيل إلى إحصاء عدد المجرات أو المجموعات الشمسية الموجودة في العالم، ناهيك بالمجرات والأجسام المبعثرة في جميع العوالم المحيطة بنا. ومن هنا تتضح صعوبة المحاولات التي قام بها العالمان أرشميدس وادنجتون لإحصاء الأجرام، كما تتضح خطورة الاعتماد على هذه الإحصائيات.
وهذا يؤكد ما قاله الإمام الصادق (عليه السلام) من أم العوالم الصغيرة والكبيرة لا يعرف عددها إلا الله، والفرق بين العالم الكبير والصغير عند الصادق هو (فرق في الحجم لا في الكتلة)، وهذه أيضا نظرية أثبتها علم الفيزياء الحديث.
وقد مر بنا أننا لو ملأنا الفضاء الخالي الموجود بين الإلكترونات ونواة الذرة، لكان حجم الكرة الأرضية مساويا لحجم بالونة اللعب، أما وزن هذه البالونة فيساوي وزن الكرة الأرضية، وقد ضربنا المثل بالبالونة لقربها إلى الأذهان، وربما كان الحجم أصغر حتى من البالونة. ولا بد من التذكير بأن الكرة الأرضية موجودة في الفضاء في حالة عدم وزن بفعل الجاذبية، بل ليس من المبالغة في شئ القول بأن وزن الكرة الأرضية في الفضاء مماثل لوزن ريشة النعام. وهذا القول ينطبق لا على الكرة الأرضية وحدها، بل على جميع السيارات التي تدور حول الشمس، وجميع الأجرام الأخرى التي يدور بعضها حول البعض الآخر في الفضاء الفسيح، فقانون الجاذبية يجعل هذه الأجرام جميعا في حالة عدم الوزن.
وتذهب نظرية الصادق (عليه السلام) إلى أن لكل ما في العالم الأصغر شبيها في العالم الأكبر، ولكن على ضخامة في الحجم وسعة، وأن لكل ما في العالم الأكبر شبيها في العالم الأصغر، ولكن على قلة في الحجم، ومن هنا يستطاع تحويل العالم الأصغر إلى العالم كبير، والعالم الأكبر إلى عالم صغير.
ونحن حين نستمع إلى مثل هذا الكلام منقولا من ملفات القرون الماضية، نحس وكأننا نصغي إلى حديث عالم فيزيائي في عصرنا الحاضر، أو كأننا نقرأ كتابا في علم الفيزياء الحديث، مع أن هذه النظريات سيقت قبل اثني عشر قرنا ونصف قرن.
ولقد سئل الصادق (عليه السلام): متى خلق العالم؟
فكان رده: إن العالم خلقه الله، ولا سبيل إلى تحديد زمانه أو وقته.
ولأن الشيعة تعتقد بإعجاز الأئمة، فهي تؤمن بأن إمامها الصادق (عليه السلام) لو أراد أن يميط اللثام عن هذه الحقيقة، لكشف السر بفضل علم الإمامة(3)، وهو العلم المطلق بالمفهوم الأوسع، كما سبق أن أوضحنا.
وتعلل الشيعة امتناع الصادق (عليه السلام) عن كشف أسرار الخليقة وغيرها من الأسرار المجهولة، بأنه لم ير في ذلك مصلحة للناس، أما البعض الآخر فيقول إن الصادق (عليه السلام) لم يبخل بعلمه على الناس، ولكن هذه الموضوعات تخرج عن نطاق علم الإمام، لأنها من علم الله، وهو يستأثر بها دون العباد جميعا، بما فيهم الإمام الصادق نفسه.
وللإمام الصادق (عليه السلام) نظرية علمية هامة أخرى، هي نظرية (انقباض العالم وامتداده) فهو يقول إن العوالم الموجودة لا تبقى على حال دائم من الأحوال، فهي تتسع تارة وتنقبض أخرى. وفي بادئ الأمر، اعتبر علماء الفلك هذه النظرية كغيرها من نظريات الصادق (عليه السلام)، ضربا من الخيال غير الواقعي، فلما وافى القرن الثامن عشر الميلادي، أقيمت المراصد ونصبت المراقب الفلكية الضخمة، وشاهد العلماء أجرام المنظومة الشمسية بل وسواها من الأجرام خارج المنظومة الشمسية. وجاء من بعده القرن التاسع عشر الذي تمكن العلماء في منتصفه من رصد أشعة النجوم ومعرفة العناصر التي تتألف منها الأجرام، ثم جاء القرن العشرون وتحقق في مطلعه أن الأجسام الضوئية القريبة من منظومتنا الشمسية يمكن رصدها بمزيد من الدقة، وإنها تبتعد عنا ثم تنتشر في الفضاء، وهو الكشف الذي توصل إليه الأب (إيه لمتر) الأستاذ اليسوعي في جامعة بروكسل البلجيكية والعلم الفلكي الكبير، والذي ضمنه تقريرا علميا أرسله إلى مراكز الرصد الأخرى طالبا من الفلكيين مساعدته في تعزيز هذا الكشف أو تصحيحه، فأكدته بعض المراصد الأوروبية والأمريكية وقالت إن بعض المجرات والأجسام الضوئية القريبة من الشمس تبتعد عنها وتنتشر في الفضاء.
ولكن قبل أن يتوصل (إيه لمتر) وزميله البريطاني (ادنجتون) إلى نظرية محققة، قامت الحرب العالمية الثانية، وتقطعت أسباب الاتصال بين المراكز العلمية وشعوب العالم، فتعثر البحث في موضوع المجرات والأجسام الضوئية إلى عام 1960م عندما تأكد أن المجرات والأجسام الضوئية المحيطة بالمنظومة الشمسية تتحرك وتنأى عنها.
وما زال البحث جاريا لمعرفة الحال بالنسبة للمجرات والأجسام الأخرى، كمجموعات الكوازر وهل تتحرك بدورها وتبتعد عن مدارها أم لا، وتعزى صعوبة التوصل إلى نتائج قاطعة في هذا الشأن إلى أن هناك مسافات ضوئية شاسعة تفصلنا عن هذه المجرات فأي تغير يحدث في الكوازر من حيث انعدام أشعتها أو غيابها، إنما يصل خبره إلى الكرة الأرضية بعد 9آلاف مليون سنة ضوئية، وهي المسافة التي تفصل عالمنا عن هذه الكوازر، كما سبق القول.
ولكن الأمر الذي تحقق منه العلم الحديث هو أن الكتل الضوئية المحبطة بمنظومتنا الشمسية يتمدد ويتسع، وإن كنا لا نعرف بعد منذ متى بدأ هذا التمدد والاتساع بسبب ابتعاد الأجسام الضوئية عن منظومتنا الشمسية.
وقد أكد العالم الفلكي (إيه لمتر) المذكور آنفا من رصد للأجسام والمجرات الضوئية أكد حدوث هذا الاتساع والتمدد، كما أكدته الأبحاث التي أجريت عن مقدار ابتعاد هذه الأجسام عن منظومتنا الشمسية إلى يومنا هذا. وكل هذه المعلومات تتعلق بالطبع بالمجرات والأجسام الضوئية المحيطة بمنظومتنا الشمسية والتي تصل أشعتها إلى أجهزة مراصدنا، ولكن ليس لدينا أي معلومات دقيقة عن المجرات والأجسام الضوئية الأخرى التي تحيط بغيرها من المنظومات والتي يستعصي على أجهزتنا الحالية رصدها.
وقد سبق الحديث عن الأجسام المظلمة التي تمتص أشعة الضوء عند سقوطها عليها فتنقبض وتتقلص، وهذه تؤكد بدورها نظرية الإمام الصادق (عليه السلام) بشأن أطراف العوالم الأخرى(4).
ولكن الاتساع والانقباض يحدثان شيئا فشيئا، ويستغرقان زمنا مديدا جدا، ومعروف أن الأجسام المظلمة (كوتوله) هي أجسام تكونت بعد أن أخذت ذراتها تفقد إلكتروناتها شيئا فشيئا، ثم تراكمت النوى بكثافة وانقبضت مكونة هذه الأجسام.
ففي حين تتباعد الأجرام في جانب من العالم، تتقارب في جانب آخر مكونة هذه الكتل الكثيفة.
وتنتهي المادة إلى موت حقيقي عندما تصطدم بالأجسام المظلمة الكثيفة، وتفقد إلكتروناتها وتغدو جزءا منها فتنتهي حركتها، أي أن المادة تنتهي من حيث الظاهر عندما يحدث التقاء بينها وبين الأجسام المظلمة، وتبقى نواتها بعد اندماجها بغيرها مفتقرة إلى إلكتروناتها.
وتتراكم هذه الأجسام المظلمة وتتكاثف بدرجة تزيد بمئات آلاف المليارات عن المواد المتراكمة المعروفة لنا في الأرض.
وصفوة القول إن علمي الفيزياء والفلك المعاصرين يؤكدان نظرية الإمام الصادق (عليه السلام) المتعلقة بانقباض العوالم واتساعها (تمددها).
التفكير الهندي:
حتى القرن الثامن عشر الميلادي، لم يكن الأوروبيون يعرفون شيئا عن التفكير الديني والفلسفي في نصف القارة الهندية إلا ما تعلق منه بالمسلمين لاحتكاكهم بهم في الحروب الصليبية، وقبل ذلك في فتوحات المسلمين لشرقي أوروبا وغربيها.
وشهد القرن الثامن عشر، وبعده القرن التاسع عشر، بداية حركة الترجمة في أوروبا، فنقلت إلى لغاتها الكتب الدينية والفلسفية الهندية القديمة. وبذلك عرف الأوروبيون معالم الفكر الديني والفلسفي للهند القديمة. ومن جملة أصول المعتقدات الدينية والفلسفية الهندية أن العالم يعيش مرحلة نشاط ويقظة ثم ينتقل منها إلى مرحلة ركود وسبات. وفي فترة اليقظة تتسع الدنيا إلى آفاق لا تخطر على بال إنسان ولا تعرف لها حدود أو بداية أو نهاية، وفي هذه الفترة يعم العالم الخاء فتكثر فيه جميع المواد من نباتات وأشجار وحيوانات من جميع الألوان والأنواع، وتستمر فترة الاتساع مئات من آلاف السنين، وفي أثنائها تزداد العناصر والمواد والكائنات الحية من نبات وحيوان تكاثرا وتوالدا وتضاعفا.
وبعد انقضاء فترة لا يعرف مداها ولا يتكهن أحد بزمانها، تبدأ حركة الانبساط والتوسع في الكون في الخمود، وتكف المواد والنباتات والحيوانات عن التكاثر، ويبدأ ما هو موجود منها فعلا في التناقص والفناء، وينقبض العالم حول مركزه. وتستمر هذه الفترة (أي فترة الانقباض) مئات من آلاف السنين أيضا، هي بدورها، فلا يعرف مداها، ولا يرجم أحد بموعد انتهائها.
وعندئذ، ينتهي العالم إلى فترة من الركود التام، فيمحي كل أثر من آثار الحياة أو المواد أو العناصر، ويعيش العالم في سبات لا يعرف أحد مداه، فقد يمتد إلى مئات الآلاف من السنين.
وبعد انقضاء هذه الفترة، يعاود العالم نهوضه من سباته، ويبدأ من جديد في التمدد والاتساع، وتدب فيه الحركة والحياة، وتكثر المواد، وتتوالد الحيوانات والنباتات، ويعود العالم إلى ما كان عليه من سعة في أول الأمر.
ولكن كل ما يظهر في اليقظة الثانية للعالم يختلف عما كان فيه من قبل، تستوي في ذلك المواد والنباتات والحيوانات. فمن الطبيعي أن يختلف إنسان هذه الفترة عن إنسان العالم السابق، ومن الطبيعي أيضا أن يكون أرقى منه وأفضل، لأن كل يقظة تحمل معها قفزة جديدة إلى الأمام فتتحسن جميع العناصر في العالم. فاليقظة تعني التجديد والتحسين، ولولا ذلك لبقي العالم في انحطاطه وفساده وانتهى بفنائه، بحسب هذه العقيدة الهندية القديمة.
وهكذا يزداد الإنسان تكاملا وسموا وارتقاء مع كل يقظة جديدة وميلاد جديد للعالم، لأن الإنسان ـحسب هذه العقيدة الهنديةـ لا يموت في فترة الانقباض والركود، شأن المواد والعناصر الأخرى في الكون، بل تذهب روحه في رحلة عامرة بالسعادة الأبدية. ومتى استرد العالم نشاطه ويقظته بعد فترة الركود والسبات، عاد الإنسان إلى الظهور وقد ازداد تكاملا وارتقاء وسموا.
ذلك بأن من أركان العقيدة الهندية القديمة أن روح الإنسان حية ولا تخضع لقانون الركود الذي يسري على العالم، فالمواد والعناصر الأخرى تموت وتنتهي بالعالم فترة السبات، أما روح الإنسان فتبقى في جنة الأرواح.
ويلوح أن حب النفس أو الذات هو مصدر هذه العقيدة، ولكن لو دققنا النظر ألفينا أن القائلين بهذا الرأي قد وضعوا الروح في منزلة تختلف عن منزلة المواد والعناصر الأخرى. لأن الروح ليست مادة من المواد في رأيهم، فهي بالتالي لا تخضع لقانون العدم والفناء، وتبقى خالدة بعد موت الإنسان عندما ينتقل إلى العيش في ما وراء هذا العالم المنظور.
تلك كانت عقيدة الأمم القائلة بالحياة الأخرى أو القيامة، ابتداء من قبائل الزنج في قلب إفريقيا وانتهاء بالشعوب التي تعتنق الأديان السماوية، فالروح باقية لأنها شئ غير المادة والمادة تفنى، أما الروح فخالدة كونها عنصرا غير مادي.
مما تقدم، يتضح لك أن عقيدة انبساط الكون كانت سائدة في الهند القديمة، وهناك صور دينية هندية تمثلها.
وسواء أكان الإمام الصادق (عليه السلام) هو المبدع لهذه النظرية أم أنها كانت موجودة قبله في الهند القديمة، فإن الكشوف الحديثة في علمي الفيزياء والفلك تثبتها.
وربما تعرض جزء من العالم ـ وليس العالم بأسره ـ للانقباض والتمدد، وهذا ما يؤكد ما قاله الإمام الصادق (عليه السلام) من أن في الكون عوالم كثيرة، منها ما يجنح إلى الانقباض، ومنها ما يميل إلى التمدد والانبساط، أما العالم الذي ينقبض فليس فيه للمادة أثر.
وقد عرفنا أن المادة تتكون من ذرات، ولكل ذرة فلك تدور فيه الإلكترونات حول النواة، فإن فقدت الذرة عامل الحركة داخل فلكها، لم تعد تعتبر من السواد.
إن الأجسام المظلمة (كوتوله) التي تتراكم فيها نواة الذرة قد تفسر لنا عقيدة قدماء الهنود القائلة بأن العالم تعتريه حالة ركود وسبات، فهل تدب الحياة في هذه الأجسام كما يقوله الهنود؟ إن الرد على هذا التساؤل يجئ من جانب علم الفيزياء الذي يؤكد أن هناك استحالة في عودة الحياة إلى الكتل التي تراكمت فيها النوى بكثافة حتى لم يعد هناك فضاء بين ذراتها، وحتى إن ذراتها قد فقدت حركتها نهائيا.
الرضاعة السليمة في رأي الإمام الصادق (عليه السلام)
من مظاهر عبقرية الإمام الصادق (عليه السلام) رأيه في الرضاعة السليمة، وتوجيهه الأمهات إلى إرضاع الطفل وهو راقد إلى الناحية اليسرى من أمه. وطوال قرون ممتدة ظلت الحكمة من هذه النصيحة خافيه على الكثيرين، الذين كانو يعتبرونها تدخلاً فيما لا يعنيه، وتزيداً لا لزوم له.
وعندما سئل الإمام محمد بن إدريس الشافعي، الذي ولد بعد وفاة الصادق (عليه السلام) بعامين (أي في سنة 150 للهجرة في مدينة غزة وتوفي في القاهرة في عام 199 هـ) عن رضاعة الطفل وهو راقد إلى الجانب الأيمن من أمه أو إلى الجانب الأيسر، رد قائلاً: لا فرق بين الأيمن و الأيسر، وللأم أن ترضع طفلها كما تشاء وبالأسلوب الذي يشعره بالراحة.
ورأي البعض أن الإمام جعفراً (عليه السلام) قد خالف ما جرت عليه الأمهات من وضع الطفل في الناحية اليمنى عند إرضاعه، وأن الأكرم للأم وللطفل أن يكون في ناحية الميمنة عند الرضاع.
وهكذا خفيت الحكمة من هذه النظرية في الشرق وفي الغرب، حتى عصر النهضة والتجديد، ولم يقع أحد على الفوائد المرتجاة من تطبيقها عملياً عند الرضاعة.
وفي القرن الثامن عشر الميلادي وهو عصر النهضة والتجديد، أنشئت جامعة كورنيل(1) في ولاية نيويورك (والتي يعزى الفضل في تأسيسها إلى عزرا كورنيل الذي عانى في صغره عناءً شديداً من مشكلات الرضاعة ومتاعبها) ومن هنا اعتزم أن يلحق بالجامعة مستشفى، وأن يلحق بالمستشفى معهداً لدراسة مشكلات الرضاعة والطفولة.
ولما استكملت الجامعة مرافقها، بدأ هذا المعهد في دراسة كل ما يتعلق بالطفولة والرضاعة، حتى أصبح من أهم المؤسسات العلمية المتخصصة في شؤون الطفل في العالم.
وقل أن تجد موضوعاً يتعلق بالطفل أو بالرضاعة إلا وقد وفاه هذا المعهد دراسة وبحثاً وخرج فيه بأسلم النتائج العلمية. وقد يندهش المرء إذا عرف إن هذا المعهد عني كذلك بدراسة اللوحات الزيتيه التي رسمها كبار الفنانين للأطفال والتي تقتنيها المتاحف الرئيسية، ولوحظ أن معظم هذه الصور كانت تمثل الأم حاملة طفلها من الناحية اليسرى. ذلك أن عدد الصور التي درست كان 466 صورة، تبين أن 373 صورة منها تمثل أمهات يحضن أطفالهن إلى الناحية اليسرى، في حين أن 93 صورة كان الطفل فيها محمولاً من الناحية اليمنى، أي أن 80%من الصور الموجودة في المتاحف، والتي تمثل، الأمومة، قد أظهرت الطفل محمولاً من الناحية اليسرى.
وفي ولاية نيويورك عدداً من مراكز الولادة ورعاية الطفل التابعة لمؤسسة كورنيل الجامعية للأطفال، وكلها توافي المعهد العلمي للجامعة بالتقارير والملفات الطبية الخاصة بالأطفال والأمهات لدراستها.
ويؤخذ من التقارير التي أرسلت إلى هذا المعهد العلمي في فترة غير قصيرة أن الطفل في أيامه الأولى يكون أهدأ وأقل بكاءً لو نام إلى الجانب الأيسر لأمه، أما إن نام إلى الناحية اليمنى، فهو يستيقظ في فترات قصيرة متقطعة وينخرط في البكاء.
ويلاحظ أن هذه الدراسة تتناول الأطفال البيض والسود دون تفرقة، وقد برهنت في جميع الحالات على أن الطفل، سواء أكان أبيض أو أسود أو هندياً أحمر، يجد مزيداً من الراحة والهدوء إذا رقد إلى الجانب الأيسر لأمه.
وقد أنفقت جامعة كورنيل وقتاً طويلاً في بحث هذا الموضوع إلى أن تم اكتشاف الأشعة التي يسرت على الأطباء رؤية الجنين في رحم أمه وتصويره، وتعرف باسم (هولو جرافي) وقد تبين من استخدام جهاز (هولو جرافي) أن ضربات قلب الأم تحدث أمواجاً تنتشر في جسمها وتصل إلى سمع الطفل. وبعد أن عرف الأطباء هذه الحقيقة، رغبوا في معرفة الآثار التي تظهر في الطفل عند توقف ضربات قلب الأم، ولا سيما لأن توقف نبض قلب الأم كان معناه الموت للأم وللطفل معاً، ومن ثم أجرى الأطباء تجارب على الحيوانات المرضعة، فتبين لهم إن إيقاف نبضات قلب الحيوان الحامل ينعكس على جنينه على الفور، وهي نتيجة تحققت من التجارب التي أجريت على فصائل شتى من الحيوانات، وقطع الأطباء بأن توقف قلب الأم يؤثر تأثيراً مباشراً في الجنين، وبوفاة الأم، يموت الجنين بدوره، لأن الجنين يتغذى من الشريان الأورطي المتصل بقلب الأم ويتأثر بنبضات قلبها، ولو توقف هذا النبض لانقطع الغذاء عن الجنين ولمات في بطن أمه.
وقد استنتج الأطباء من هذه التجارب أن الجنين لا يعتاد سماع ضربات قلب أمه وحسب، بل إن حياته ترتبط أيضاً بهذه الضربات وبالدفء الذي تشيعه، فإن توقفت الضربات انقطع الغذاء عن الجنين ومات. ولأن الطفل قد اعتاد على سماع ضربات قلب أمه منذ كان جنيناً في الرحم، فهو يرتبط بأمه ويتعلق بها ويشعر بهدوء وراحة بالقرب من نبضات قلبها، وهذا هو السر في أن حمل الطفل من ناحية الأم اليسرى يجعله أكثر اطمئناناً وهدوءً، وهو ما يفتقر إليه الجانب الأيمن للأم.
ولولا جهود المعهد العلمي الجامعي الذي أسسته جامعة كورنيل في دراسة أوضاع الطفل ومشكلاته الصحية والنفسية واسباب الرعاية السليمة التي تتاح له في أيامه الأولى، لما عرفنا أهمية النظرية التي ساقها الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في هذا المقام، ومؤداها أن الرضاعة تقتضي من الأم توسيد طفلها إلى جانبها الأيسر لا الأيمن.
وقد ارتأى مركز الولادة ورعاية الطفل التابع لجامعة كورنيل تجهيز جميع فروعه ووحداته بجهاز يوضع في غرفة الأطفال الحديثي الولادة ومهمته بث صوت شبيه بنبضات قلب الأم، وزودت أسرة الأطفال بجهاز مهمته نقل صوت هذه الضربات إليهم.
ومعروف أن قلب الشخص البالغ السليم يدق عادة مرة في الدقيقة، ومن التجارب التي أجريت على الأطفال زيادة عدد نبضات القلب إلى 120 نبضة في الدقيقة، فكان من أثر ذلك انزعاج الأطفال وارتفاع عقائرهم في البكاء، فإن اعيدت النبضات إلى وضعها الطبيعي، وهو 72 دقة في الدقيقة، كف الأطفال عن البكاء. وقد جربت هذه التجربة وأعيدت في مراكز الرضاعة مراتٍ كثيرة، فكانت نتيجتها واحدة.
وهناك تجربة أخرى أجريت على الأطفال الرضع، فقد وضعت مجموعة منهم في غرفة بها جهاز يقلد ضربات قلب الأم بحيث يسمعه الأطفال، ووضعت مجموعة أخرى في غرفة يخيم عليها الهدوء، وليس فيها جهاز كهذا. فاتضح للأطباء إن الأطفال الذين تضمهم المجموعة الأولى، وهم الذين يسمعون صوت النبضات، يزيد وزنهم بسرعة تفوق سرعة الوزن لدى أطفال المجموعة الثانية.
وقد قام الدكتور (لي سولك) وهو طبيب متخصص في طب الأطفال في معهد كورنيل الجامعي بجولة حول العالم لدراسة التقاليد التي تجري عليها الشعوب والأمم في إرضاع الطفل ورعاية الطفولة، وكتب في تقريره يقول إنه رأى في مناطق شتى من العالم أمهات يحتضن أطفالهن في الجانب الأيسر، وذلك أثناء نهوضهن بأعمالهن أو عند عبور الطرق.
كما لاحظ أن معظم الأمهات اللائي يحضن أطفالهن من الناحية اليمنى هن عسراءات (أي يستخدمن من أيديهن اليسرى).
وما قاله الدكتور (لي سولك) في تقريره إنه سأل عدداً من الأمهات عن سبب حملهن لأطفالهن من الناحية اليسرى وإرضاعهن لهم في هذا الوضع، فلم تستطع الأمهات تعليل ذلك ولا خطر ببال إحداهن أن تقول للدكتور سولك بأن الطفل يأنس بسماع صوت القلب عندما تحمله أمه من الناحية اليسرى، وهو الصوت الذي ألفه منذ أن كان جنيناً في الرحم.
وروى الدكتور سولك أن بعضاً من الأمهات قلن له إن أطفالهن يستيقظون في جنح الليل ويبكون طلباً للطعام، ولا يجدون مشقة في الاهتداء في الظلام إلى الثدي الأيسر دون مساعدة الأم، ولم تستطع الأمهات تعليل هذه الظاهرة، فقام الدكتور سولك من ناحيته بتعليلها، قائلاً أن الطفل يهتدي إلى الثدي الأيسر بسماعه ضربات قلب الأم، ولا تعليل سوى ذلك لهذه الظاهرة.
1 - تأسست جامعة كورنيل المشهورة في ولاية نيويورك في عام 1865 م بفضل أريحية المثري عزرا كورنيل الذي وقف جميع ممتلكاته وثرواته على هذه الجامعة، ومات معدماً.
موطن الفجل الاصلي وعلى الاغلب الصين ، وفي اليابان ، وكل آسيا المعتدلة واوروبا خصوصاً بريطانيا .
في ايام الفراعنة كان يُزرع الفجل بوفرة في مصر .
لم يبلغ الفجل اوروبا او بريطانيا قبل عام 1548م ، واول ذكر للفجل كان في كتابات جيرارد سنة 1597م حيث ذكر في كتاباته اربعة انواع للفجل .
يفضل عند استعمال الفجل تنظيفه وليس تقشيره ، وخلال الصيف والجفاف قبل اقتلاعه يجب ترطيب التربة لتسهيل اقتلاعه دون أذية الجذر .
تركيب الفجل
- ماء 85%
- بروتين ( ضئيل )
- مواد معدنية ( كمية ضئيلة )
- نشا ( كمية ضئيلة )
- فيتامين ج ( كمية ضئيلة )
- Amylclytic enzyme
- Phenyl – ethyl isothiocynate وهو زيت طيار ذو رائحه نفاذة
- الاوراق غنية بفيتامين أ وفيتامين ج ، وتحتوي على املاح الكالسيوم والحديد والكلوروفيل .
استعمالات و فوائد الفجل الطبية
- مدر للبول ، يعالج امراض الحصى والرمل .
- يعالج مرض نقص فيتامين ج .
- يعالج امراض تكوّن الحصى بالمرارة ومجاري الكبد .
- مضاد لفيروسات الرشح والحماية من الرشح ، يعالج احتقان الحنجرة .
- هناك ابحاث لإثبات مفعول الفجل في الوقاية من السرطانات .
- يزيد الفجل في كثافة العظام ويمنع ترقق العظام .
- له تأثير مضاد للجراثيم الهضمية ، ويزيد في الإفرازات الهضمية .
- الفجل يعتبر فاتح للشهية .
- الفجل يمنع جلطات الدم وامراضها .
- يمنع السعال وازمات الربو .
- يمنع سقوط الاسنان ، يمنع تسوس الاسنان عن طريق المادة إيسوثيوسياتاتس التي توقف عمل الانزيمات الموجودة بالفم والتي تعمل على تسوس الاسنان .
- بسبب الحديد يمنع فقر الدم . http://www.wasfati.com/ArticleDetails.aspx?ACID=6&Artid=337
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روى الشيخ الكليني في الكافي ( عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: الفجل أصله يقطع البلغم ولبه يهضم وورقه يحدر البول حدرا.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفاح
المحتويات الكيميائية للتفاح:
- 85% ماء .
- 12%سكر .
- 40 وحدة من فيتامين ب 1
- 90 وحدة من فيتامين أ .
- 20 وحدة من فيتامين سي .
- 4 غرامات من الألياف .
- و الكثير من الأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم و الكالسيوم و الفسفور و الحديد .
فوائد التفاح
1-تغسل الأسنان وتقوى اللثة
2-تقلل من معدلات الكوليسترول فى جسم الإنسان
3-تخلص جسم الإنسان من السموم
4-يقى الإنسان من الإصابة بالإمساك
5-مرطب ويطفئ العطش
6-مفيد في حالات الأمراض الألتهابية
7- مفيد للكبد و الكليتين و المثانة
8-يساعد في استقرار سكر الدم
9-يساعد على تفتيت حصى المرارة
10-يقوي الدماغ والقلب والمعدة ويسهل الهضم ويفيد في علاج أمراض المفاصل http://www.wasfati.com/ArticleDetails.aspx?ACID=6&Artid=596
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
روى الشيخ الكليني رحمه الله ( عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: التفاح نضوح المعدة)
وروى ايضا عن (
سمعت أبا الحسن موسى الكاظم عليه السلام يقول: التفاح ينفع من خصال عدة: من السم والسحر واللمم(4) يعرض من أهل الارض والبلغم الغالب، وليس شئ أسرع منه منفعة.)
اللمم محركة: الجنون وأصابته من الجن لمة اى مس، والعين اللامة المصيبة بسوء أوهى كل ما يخاف من فزع وشروشدة
ويوجد عندي عشرات الفوائد الطبية في الخضروات والفواكة اذا اردتي المزيد
التعديل الأخير تم بواسطة علي ذو النورين ; 13-04-2010 الساعة 04:43 PM.
أحسنت أخي الكريم كتاب بلا عنوان
كنت متابعه لك منذ يومين فقط وهي ضعيفة الست المهندسه اين هي الآن ؟
وأبسط شيء أنا قرأته أو بمعنى أصح المتداول والمنتشر هي النصيحه
ارضاع الطفل من الجهة اليسرى .
بارك الله فيك
اختي
هي اصلا مفلسة و هربت من اول رد عليها و سوت نفسها ما شافت شيء
و بعدها الكل يأتي بالاعجاز العلمي
بل اثبتنا ان كتبنا هنا هي الافضل و هي اثبتت
و كتبهم فرحانين بحديث واحد او اثنين و ايضا هي عندنا مثلها و اضعاف بالمئات ما عندهم
لذلك فضلت الهروب لانها عرفت كرامتها سوف تهبط امامنا و امام ابناءها
وهي عرفت ان الكافي له حقائق كبيرة و كثيرة في الاعجاز العلمي
-------------------------------------
الزميلة الكريمة "جويرية"
هداها الله تعالى لما يحب ويرضى والجميع
لم يقصر الموالون هنا بشتى ثقافتهم وعلمهم ومبلغهم من العلم بإدراج وإجابة طلبك في أصل موضوعك فجزى الله تعالى جهدهم كلهم خيراً وإياك
والمطلوب منك الآن سيدتي الكريمة إما الرد العلمي والحواري الحق وبلا تعصبٌ منك فيه
أو التسليم بما تعهدت به بالتسليم بعصمة الطيبين الطاهرين إذ تم بالردود والمشاركات إثبات عصمتهم بطريقة علمية على حد علمك ومبلغك من العلم وطلبك فيه مشكورة
وسوف لن يُقبل منك بغيره
والله وراء القصد
أحترامي لك وللجميع
-------------------------------------------------------