من المسائل العقائدية الفاسده التي انتشرت في وسطنا انتشار النار في الهشيم
هي العقيدة المنسوبة الى اهل البيت (عليهم السلام) بأن الله سبحانه وتعالى لما خلق الائمة (عليهم السلام ) فوض إليهم خلق العالم فهم خلقوا العالم وكل مافيه بإذن الله
ولكن هل هذه العقيدة ثابته من القران واحاديث الرسول والعتره حتى نعتقد بها ونصدقها وندين الله بها ؟
وهل يوجد فرق بين هذه العقيدة والعقيدة التي حكها القران بحدوث المعجزات على يد الانبياء كما حصل لعيسى وموسى ...الخ ؟
وهل هذه العقيده يقبلها كبار علماء الشيعه ومحققيهم ؟
ومن هم المفوضه ؟ وهل المفوضه هم فقط من يقولون باستقلال اهل البيت عن الله كما يقول بعض السطحيين ؟
كل هذه الاسئلة قد أجاب عليها علماء الشيعه بالتفصيل في كتبهم وبينوا عقيدتهم فيها وردوا على من خالفهم بالادله والبراهين
لذلك جمعت بعض كلمات أكابر علمائنا حتى يُحصّن المؤمن نفسه من هذه الطوائف والتيارات التي بدأت تنتشر وتريد ان تجرف المؤمنين الى الهلكات والشبهات والاعتقاد بما لم يعلم صحته عن الله ورسوله واهل بيته (عليهم السلام ) ويريدون ان يجعلو المؤمنين يخالفون ما نصت عليه الايات الواضحات !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1) الشيخ المجلسي (رحمه الله ) صاحب كتاب بحار الانوار
يقول في كتاب مراة العقول (ثم اعلم أن التفويض يطلق على معان بعضها منفي عنهم عليهم السلام، و بعضها مثبت لهم.
فالأول التفويض في الخلق و الرزق و التربية و الإماتة و الإحياء فإن قوما قالوا إن الله تعالى خلقهم و فوض إليهم أمر الخلق فهم يخلقون و يرزقون و يحيون و يميتون و هذا يحتمل وجهين:
" أحدهما" أن يقال: إنهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم و إرادتهم و هم الفاعلون لها حقيقة فهذا كفر صريح، دلت على استحالته الأدلة العقلية و النقلية، و لا يستريب عاقل في كفر من قال به.
و ثانيها: أن الله تعالى يفعلها مقارنا لإرادتهم كشق القمر و إحياء الموتى و قلب العصا حية و غير ذلك من المعجزات، فإن جميعها إنما تقع بقدرته سبحانه مقارنا لإرادتهم لظهور صدقهم فلا يأبى العقل من أن يكون الله تعالى خلقهم و أكملهم و ألهمهم ما يصلح في نظام العالم، ثم خلق كل شي ء مقارنا لإرادتهم و مشيتهم، و هذا و إن كان العقل لا يعارضه كفاحا لكن الأخبار الكثيرة مما أوردناها في كتاب بحار الأنوار يمنع من القول به فيما عدا المعجزات ظاهرا بل صريحا، مع أن القول به قول بما لا يعلم، إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم، و ما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان و أمثالها فلم توجد إلا في كتب الغلاة و أشباههم، مع أنه يمكن حملها على أن المراد بها كونهم علة غائبة لإيجاد جميع المكنونات و أنه تعالى جعلهم مطاعا في الأرضين و السماوات، و يطيعهم بإذن الله تعالى كل شي ء حتى الجمادات، و أنهم إذا شاءوا أمرا لا يرد الله مشيتهم، لكنهم لا يشاءون إلا أن يشاء الله.
و ما ورد من الأخبار في نزول الملائكة و الروح لكل أمر إليهم، و أنه لا ينزل من السماء ملك لأمر إلا بدأ بهم فليس لمدخليتهم في تلك الأمور، و لا للاستشارة بهم فيها، بل له الخلق و الأمر تعالى شأنه، و ليس ذلك إلا لتشريفهم و إكرامهم و إظهار رفعة مقامهم.
و قد روى الطبرسي (ره) في الاحتجاج عن علي بن أحمد القمي قال: اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز و جل فوض إلى الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا و يرزقوا، فقال قوم: هذا محال لا يجوز على الله، لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز و جل، و قال آخرون: بل الله عز و جل أقدر الأئمة على ذلك و فوض إليهم فخلقوا و رزقوا، و تنازعوا في ذلك تنازعا شديدا، فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك ليوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر عليه السلام، فرضيت الجماعة بأبي جعفر و سلمت و أجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة و أنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته: أن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام و قسم الأرزاق لأنه ليس بجسم و لا حال في جسم ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير، فأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق، و يسألونه فيرزق إيجابا لمسألتهم، و إعظاما لحقهم.....) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 3، ص: 143
أقول : والروايه الاخيره جدا مفيده تثبت المطلوب ، لان المعروف من زمن رسول الله الى عصر اخر امام من أئمة الحق (عليهم السلام ) انهم كانو يدعون الله لاصحابهم بالبركة او الشهاده
ولم نرى روايه تقول ان احد اصحاب الائمة عليهم السلام المخلصين كسلمان وابو ذر وغيرهم أتى الى الامام وقال له أرزقني ! بل الوارد انهم يقولون لهم ادعو الله لنا ... فتأمل .
2) اية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتاب (بحوث فقهيه مهمه)
قال (الرّابع ـ التفويض في أمر الخلقة .
ولا إشكال أيضاً في بطلانه، إذا كان المراد التفويض الكلّي بمعنى أن الله خلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين وجعل أمر خلق العالم ونظامه وتدبيره إليهم، فإنه شرك بيّن. ومخالف لآيات القرآن المجيد، الظاهرة، بل الصريح في أن أمر الخلق والرزق والربوبية وتدبير العالم بيد الله تعالى لا غيره.
نعم يظهر من بعض كلمات العلاّمة المجلسي معنى آخر للتفويض الكلّي بمعنى جريان مشية الله على الخلق والرزق مقارناً لارادتهم ومشيتهم، وأنه لا يمنع العقل من ذلك، ولكن صرّح بأن ظاهر الأخبار بل صريحها بطلان ذلك، ولا أقل من أن القول به قول بما لايعلم.
قلت : بل ظاهر الآيات القرآنية مخالف له أيضاً، وأن أمر الخلق والرزق والاماتة والاحياء بيد الله ومشيته لا غير.
نعم ورد في بعض الروايات الضعيفة مثل خطبة البيان التي نقلها المحقّق القمي (قدس سره)في جامع الشتات مع الطعن فيها، أن أمرها بيد الأئمّة (عليهم السلام) أو بيد أميرالمؤمنين علي (عليه السلام)، لكنّه ضعيف جداً مخالف لكتاب الله عزّوجلّ.
ولكن ظاهره المعنى الأوّل الذي لايمكن القول به، ولا يوافق الكتاب ولا السنّة، بل قد عرفت أنه نوع من الشرك أعاذنا الله تعالى منه.
قال الله تعالى : (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كلّ شيء وهو الواحد القهار).
وإن كان ولابدّ من توجيهها فليحمل على العلّة الغائية، مثل «لولاك لما خلقت الافلاك» و «بيمنه رزق الورى» فتدبّر جيداً.
وأمّا «التفويض الجزئي» في أمر المعجزات والكرامات إليهم، كشق القمر واحياء بعض الموتى بأيديهم وشبه ذلك فهو ممّا لا مانع منه عقلاً ونقلاً ..... ولنختم الكلام ببعض الروايات الواردة في المقام وكلمات أعاظم المذهب ممّا يؤكد ما ذكرنا في هذه المسألة، أي نفي التفويض في امر الخلقة.
قال الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) في رسالة الاعتقاد : اعتقادنا في الغلاة) والمفوضة أنهم كفّار بالله جلّ جلاله، وأنهم شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية... إلى قوله كفّاراً .
ونقل العلاّمة المجلسي في مرآة العقول عن زرارة أنه قال : قلت للصادق (عليه السلام) : إن رجلاً من ولد عبدالله بن سنان يقول بالتفويض فقال : وما التفويض ؟ قلت : إن الله تبارك وتعالى خلق محمّداً (صلى الله عليه وآله) وعلياً (عليه السلام) ففوض إليهما، فخلقا ورزقا وأماتا وأحييا، فقال (عليه السلام) : كذّب عدو الله إذا أنصرفت إليه فأتل عليه هذه الآية من سورة الرعد (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كلّ شيء وهو الواحد القهار)فانصرفت إلى الرجل فأخبرته فكأني ألقمته حجراً، أو قال فكأنما خرس .) ص 550
أقول : كلام الشيخ ناصر مكارم الشيرازي جدا عميق ومفيد ، ولكن للانصاف ان الحديث الذي ذكره (لولاك لما خلقت الافلاك ) هو حديث لم يثبت كما صرح به بعض المراجع كاية الله محمد اصف المحسني (كما اثبتنا هذا الامر في بعض المواضيع الاخرى ) ، وقوله عن العلة الغائية ان كان يعني بالعلة الغائية لخلق الخلق هم اهل البيت فأيضا يحتاط بعض المراجع كالسيد فضل الله (رحمه الله ) ان يطلق هذا الوصف على اهل البيت لورود الايات التي تقول {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12
فيقولون ان العلة التي من اجلها خلق الله الخلق هي المعرفة فإذا عرفوه عبدوه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }.
ويقولون ايضا (إذا كان اهل البيت هم علة وجود العالَم فماهي علة وجود أهل البيت أصلا ؟سنرجع من جديد الى إثبات إن علة وجود اهل البيت - والتي ستكون عندئذ هي العلة العُظمى - الشاملة لخلقهم ولخلق وبقية الانس والجن وهي ليعبدون) ) ..فتأمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
3) الشيخ علي اكبر غفاري محقق كتاب الكافي
يقول (...ولعله كان غرضهم ما نسب اليهم من انه تعالى لما خلق انوار الائمة عليهم السلام فوض اليهم امر خلق العالم فهم خلقوا جميع العالم وقد نفوا عليهم السلام ذلك وتبرؤوا منه ولعنوا من قال به وقد وضعوا الغلاة اخبارا في ذلك ..) هامش كتاب الروضه حديث القباب .
وذكر الشيخ نفس هذا المعنى في كتابه دراسات في علم الدرايه ص 149
أقول : في كلام الشيخ إشاره لطيفه وهي حثه المؤمنين على التفحص من الاحاديث وبالخصوص العقائدية لان الغلاة وضعوا أحاديث كما ان النواصب وضعوا احاديث ايضا في الطعن بأهل البيت .
فلا يصح ان ندين الله بشئ لا نعلم صحته عن اهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص في العقائد
(وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) نعوذ بالله ان نكون منهم .
4) اية الله الشيخ جعفر السبحاني (حفظه الله )
يقول في كليات في علم الرجال ( "التفويض ومعانيه"
إن الفرقة المعروفة بالغلو هي فرقة المفوضة، غير أنه يجب تحقيق معناها حتى يتبين الصحيح عن الزائف فنقول: إن التفويض يفسر بوجوه: الاول: تفويض خلقة العالم إلى النبي والائمة عليهم السلام وأنهم هم الخالقون والرازقون والمدبرون للعالم.
وغير خفي أن التفويض بهذا المعنى شرك على وجه، وباطل على وجه آخر.
فلو قالوا بأن الله سبحانه فوض أمر الخلق والتدبير إليهم عليهم السلام واعتزل هو عن كل شئ، فهذا هو الشرك والكفر، يخالفه العقل والبرهان، ويضاده صرحى الآيات.
قال سبحانه * (بديع السموات والارض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم * ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل) * الانعام101 102.) وقال سبحانه: * (إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون) * يونس: 3.
ولو زعموا أن النبي والائمة من جملة الاسباب لخلق العالم وتدبيره، وأن الفاعل الحقيقي والسبب الواقعي هو الله سبحانه، وهو لم يعتزل بعد، وإنما جعلهم في مرتبة الاسباب والعلل، فهذا القول وإن كان لا يوجب الشرك، لكنه غير صحيح، فان النبي والائمة عليهم السلام ليسوا من أسباب الخلقة، بل هم يستفيدون من تلك الاسباب الطبيعية وتتوقف حياتهم على وجود العلل والاسباب المادية، فكيف يكونون في مرتبة العلل والاسباب؟ فالنبي والامام يستنشقان الهواء، ويسدان جوعهما بالطعام، ويداويان بالادوية إلى غير ذلك من الامور التي يتصف بها كل الناس.
نعم إن للعالم الامكاني ظاهره وباطنه، دنياه واخراه مدبرا ومدبرات يدبرون الكون بأمره سبحانه كما ينبئ عنه قوله تعالى: * (فالمدبرات أمرا) * النازعات: 5.
وقال سبحانه: * (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) * التحريم: 6.
وقال الصادق عليه السلام: " أبي الله يجري الاشياء إلا بأسباب فجعل لكل شئ سببا، وجعل لكل سبب شرحا، وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن ".
ومع هذا الاعتراف فليس النبي والامام من أسباب الخلق والتدبير، وإنما هم وسائط بين الخالق والخلق في إبلاغ الاحكام وإرشاد العباد، وسائر الفيوض المعنوية من الهداية الظاهرية والباطنية.
فان قلت: قد تواترت الروايات بأنه لولا الحجة لساخت الارض بأهلها، وقد عقد الكليني في كتاب الحجة بابا لذلك وقال: " إن الارض لا تخلو من حجة " وأورد فيه روايات تبلغ ثلاث عشرة رواية .
قلت: لا إشكال في صحة هذه الروايات، ولكنها لا تهدف إلى كون النبي والامام من الاسباب والمدبرات التي نزل به الذكر الحكيم، ونطق به الحديث الصحيح، وإنما تهدف إلى أحد أمرين: الاول: إن النبي والامام غاية لخلق العالم، ولولا تلك الغاية لما خلق الله العالم، بل كان خلقه أمرا لغوا.
وبعبارة اخرى إن العالم خلق لتكون الانسان الكامل فيه، ومن أوضح مصاديقه هو النبي والامام، ومن المعلوم أن فقدان الغاية يوجب فقدان ذيها، ولاجل ذلك يصح أن يقال: إن الانسان الكامل يكون من بسببه الوجود سببية غائية، لا منه الوجود سببية فاعلية معطية له فهو سبب غائي لا علة فاعلية، فاحفظ ذلك فإنه ينفعك.)
اللهم اجعلنا من الحافظين لقول الشيخ (حفظه الله ) واعصمنا من التيارات الفاسده والاقوال الكاسده التي شوهت صورة مذهب اهل البيت (عليهم السلام ) والدين الاسلامي بدعوى حب اهل البيت !!! كما ان الوهابية شوهو صورة الاسلام بالقتل والارهاب لمن يختلفون معه بالخصوص مع شيعة أمير المؤمنين !!! فلعنة الله على الظالمين من المفوضه والقالين .
5) آية الله العظمى زعيم الحوزة العلمية الحاج السيد محمد رضا الگلپايگاني
( الكلام حول المفوضة وهم فرقة قائلون بانعزال الله تعالى عن الافعال وارجاع الامور إلى العباد و انه سبحانه فوض الافعال إلى المخلوقين هذا. والحق ان التفويض على اقسام: منها القول بان الله لما خلق العباد اعطاهم قدرة اغناهم بها عنه فهم بعد ذلك مستقلون في الامور قائمون على وفق مشيتهم وارادتهم وقدرتهم ولا يحتاجون إليه والى حوله وقوته وهو بمعزل عن الامور لتفويض الامر إليهم و ذلك مثل ان مثريا اعطى فقيرا مالا وامره بالتجارة لنفسه فهذا الآخذ بعد قبضه و اخذه المال المزبور يتجر لنفسه ولا يحتاج إلى المعطى اصلا، وعلى هذا فالله تعالى وان كان قادرا الا ان العبد ايضا قادر لا يحتاج إليه بعد ذلك، غاية الامر ان الله قادر بذاته، والانسان قادر بالله سبحانه. ولعل الذى حملهم على هذا الاعتقاد هو ما رأوه من القبائح والسوء و الفحشاء الصادرة من الانسان فزعموا انه لو لم يقولوا بتفويض الامور إلى العبد لزم نسبة تلك الذنوب والقبائح إليه تعالى فلاجل تنزيه الله عن ارتكاب الجرائم قالوا بان الله فوض الامور إلى العباد ولا دخل له سبحانه في امورهم اصلا. ومنها القول بتفويض امر الخلق والرزق إلى بعض عباده كان يقال ان الله لما خلق الارض فوض الامر إلى النبي صلى الله عليه وآله فخلق هو صلى الله عليه وآله ما فيها أو انه تعالى خلق محمدا صلى الله عليه وآله وفوض إليه امر العالم فهو الخلاق للدنيا وما فيها. وبطلان كلا القولين واضح لان ازمة الامور كلها بيد الله ولا غناء عنه لاحد ابدا ولا يملك العبد في الحقيقة شيئا والله تعالى خلق الخلق وهو مدبر عالم الوجود ومديره حدوثا وبقاءا ولو لا عناية الله تعالى وافاضة الفيوض الربانية لما بقى شئ، ولما استقام امر. وعلى الجملة فحياة الانسان وتصرفاته كلها منوطة بالله والخلق كلهم عياله وفى قبضته ومحتاجون إليه آنا فآنا. وله القدرة التامة والسلطنة الكاملة في كل آن من الآنات. ولازم القول بالتفويض على كلا القسمين هو سلب القدرة عن الله تعالى و اخراجه عن سلطانه كما ورد عن الامام الصادق عليه السلام: انهم ارادوا ان لا ينسبوا إلى الله القبائح فسلبوا عنه القدرة. ) نتائج الأفكار، الأول
6) الشريف المرتضى
يقول (وبهذا توصلنا إلى ابطال قول المفوضة الذين قالوا : ان الله تعالى فوض إلى
محمد وعلي عليهما السلام الخلق والرزق وغير ذلك .) رسائل الشريف المرتضى .
7) الشيخ عبد الله شبر
يقول ( "تحقيق وإيضاح "
الاخبار بهذا المضمون كثيره رواها المحدثون في كتبهم وحاصلها أن، الله سبحانه فوض أحكام الشريعه الى نبيه بعد أن أيده واجتباه وسدده وأكمل له محامده وأبلفه الى غاية الكمال والتفويض بهذا المعنى غير التفويض الذي أجمعت الفرقة المحقه على بطلانه وقال به بعض أهل المذاهب الباطله والمقالات الفاسدة حيث ذهبوا الى ان الله تعالى خلق محمدا صلى الله عليه واله وفوض اليه امر العالم فهو الخلاق للدنيا ومافيها او أنه فوض اليه أمر الرزق دون الخلق أو انه فوض العباد في الفعل على وجه الاستقلال . وبطلان التفويض في الاولين من ضرويات الدين .
وفي الاخير من ضروريات المذهب وما ورد في ابطال التفويض وذم المفوضه ولعنهم فهو ناظر الى ذلك وقد تقدم الكلام في المعنى الاخير مستقصى . وروي عن الرضا عليه السلام انه قال : .....ومن زعم أن الينا الخلق وعلينا الرزق فنحن منه براء كبراءة عيسى بن مريم من النصارى . وعن زرارة قال : قلت للصادق عليه السلام : إن رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض فقال وما التفويض ؟ فقلت : ان الله عز وجل خلق محمدا وعليا ثم فوض الامر اليهما ، فخلقا ورزقا وأحييا واماتا ، فقال عليه السلام : كذب عدو الله إذا رجعت اليه فاقرا عليه الايه التي في سورة الرعد (أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
مصابيح الانوار ج1 ص 368
أقول : بعد عرض كل هذه النصوص الصريحه نستنتج عدة أمور :
أولا : بطلان زعم البعض في قولهم (ان التفويض هو فقط بالاعتقاد بإستقلالية اهل البيت عن الله اما الاعتقاد بان اهل البيت يخلقون باذن الله فليس تفويض) !!! وتبين لنا ركاكة وسقوط هذا القول الذي يردده البعض الى يومنا هذا .
ثانيا : لم يفوض الله تعالى خلق العالم الى أحد ، والايات القرانية توضح هذا الامر {أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } وهي مطلقه
ولا يمكن تقييد هذه الايات بالروايات حتى وإن كانت صحيحة السند لان الظني لا يقيد القطعي في باب العقائد كما قرره اهل التحقيق في محله فضلا ان تكون هذه الروايات من المرسلات والضعفاف والتي رواها المجاهيل او فاسدي العقيدة فكيف يمكن ان تقيد هذه الروايات القران ?!! .
ثالثا : من يزعم ان الله منزهه عن خلق العالم يُرد عليه ان الله ايضا منزهه عن خلق اهل البيت لانه ليس بجسم ولا ماده فكيف خلقهم ؟!! فهذا الاعتقاد فيه منافذ ربما توصل المؤمن الى الشرك (والعياذ بالله ) بالقول ان اهل البيت خلقو انفسهم بانفسهم لان الله منزه عن خلق احد ومجانسة مخلوقاته !!! .
رابعا : قبول معاجز وكرامات أهل البيت (عليهم السلام) كإحياء بعض الموتى وشفاء المرضى بإذن الله إن ثبتت هذه الروايات بالطرق القطعيه ، حتى نكون النمرقة الوسطى التي لا تقبل الكذب ومرويات الدجل والخرافات في المعاجز والخوارق ، وفي المقابل لا ننكر الروايات ونبخس حق أهل البيت (عليهم السلام) إن كانت ثابته كما هو حال من يخالفونا وبالخصوص اتباع بني امية .
ثم يجب ان لا يُغفل ان العلماء والمراجع العظام مختلفين أختلاف كبير جدا في كيفيفة إحياء عيسى ابن مريم الموتى وشفاء المرضى
هل هو بدعاء المسيح عليه السلام ؟ او يستطيع عيسى ان يحييي الموتى مباشره بإذن الله ؟
يقول السيد الطبطبائي في الميزان وهو من اصحاب الرأي الاول قال (وقوله " وإذ تخرج الموتى باذني " أي اذكر اذ تدعوني فأحيي الموتى عند دعائك وأخرجهم من القبور حتى يشادهم الناس أحياء. وانما نسبه إلى عيسى لما بينا من أنه كان بدعائه.) وعلى هذا الرأي جماعه من المراجع والعلماء
ويقول البعض الاخر من العلماء كآية الله ناصر مكارم الشيرازي(حفظه الله ) (وأمّا «التفويض الجزئي» في أمر المعجزات والكرامات إليهم، كشق القمر واحياء بعض الموتى بأيديهم وشبه ذلك فهو ممّا لا مانع منه عقلاً ونقلاً، واصرار بعض على كون هذا أيضاً من قبيل الدعاء والطلب من الله بأن يخلق كذا عند دعائهم ممّا لا وجه له، بعد ظهور قوله تعالى : (وإذ تخرج الموتى بإذني) في كون المحيي هو المسيح (عليه السلام)ولكنّه بإذن من الله وتأييد منه تعالى.) .
أقول : مع هذا الاختلاف الواسع والشاسع الامر في الاعتقاد يكون للمكلف بعد ان يبحث ويحقق هل يكون مع اصحاب الرأي الاول او الثاني
وظهر لي (ولا أتحمل من يأخذ بما اقول الا بعد التأمل ) ان الرأي الاول هو الاقوى (والله اعلم )
لماذا ؟
لان روايات أهل البيت (عليهم السلام) تثبت هذا المعنى وتصرح ان عيسى بن مريم كانت له هذه القدرات بسبب (الاسم الاعظم) الذي أعطاه الله إياه
روي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال ان الله عزوجل جعل اسمه الاعظم على ثلثة وسبعين حرفا فاعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفا واعطى نوحا منها خمسة عشر حرفا واعطى منها ابراهيم ثمانية احرف واعطى موسى منها اربعة احرف واعطى عيسى منها حرفين وكان يحيى بهما الموتى ويبرئى بهما الاكمه .
أقول : والاسم الاعظم هو من الاقوال التي علمها الله بعض الاولياء والخواص فيدعونه فيستجب لهم
وهذا هو الوارد عند الشيعه والسنة سواء
عن الرسول في كتب المخالفين واهل البيت ان (الاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب) http://www.dorar.net/enc/hadith?skey...D=1&d%5B2%5D=2
ونقرأ في الادعيه المرويه عن اهل البيت في كتبنا (اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت و إذا دعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج بالرحمة انفرجت و إذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت و إذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت و إذا دعيت به على كشف البأساء و الضراء انكشفت ...) دعاء السمات .
فعيسى ابن مريم علم بعض المعاني للاسم الاعظم الذي إذا دعي الله به أجاب .
فإن قيل هذا لعيسى فما تقول في إحضار آصف بن برخيا وصي سليمان عرش بلقيس ؟
نقول ايضا وردت روايات من الطرفين شيعه وسنة ان وصي سليمان كان عنده علم من الاسم الاعظم
راجع http://www.dorar.net/enc/hadith?skey...°ree_cat0=1
التوحيد في الخالقية عند الإمامية
اتفق المسلمون على أن الخالق الوحيد لهذا الكون وما فيه هو الله، ولا خالق سواه ، وإذا كان كذلك فما ثمرة البحث هذا؟
الثمرة تتضح فيما إذا قلنا أنه يمكن أن يتصور أن يكون هناك خالق ما لشيء ما في وقت ما بناء على تصورات وذهنيات معينة ، وقد كتبت هذا البحث المختصر في الواقع لمجموعتين:
الأولى: من السنة وهي التي ترى أن الشيعة يرون أن الأئمة والأنبياء يخلقون وبالتالي يحكمون عليهم بالكفر والضلال ، لأنهم - الشيعة – يتخذون مع الله إلهاً آخر في نظر السنة بهذا الاعتقاد، وهذا كما سيتضح بهتان وزور على الشيعة.
الثانية: بعض الأحبة من الشيعة الذين يرون هذه النظرة إما لقصور في ذهنياتهم، أو لقصور في اطلاعهم، أو لما يمتلكونه من عقيدة موروثة مكتسبة بطريقة خاطئة لا تستند إلى نظرة قرآنية دقيقة.
لذا حاولت أن أرد على هذه الفرية على الشيعة بصورة تقرب للأذهان الصورة الحقيقة للنظرة الشيعية من خلال الكتاب والسنة وعلماء الطائفة الأجلاء، وبه تعالى نستعين وعليه نتوكل إنه الفعال لما يريد ، خالق كل شيء ومدبر كل شيء .
التوحيد في الخالقية
(المراد منه هو أنه ليس في صفحة الوجود خالق أصيل غير الله ، ولا فاعل مستقل سواه سبحانه ، وأن كل ما في الكون من كواكب وأرض وجبال وبحار ، وعناصر ومعادن ، وسحب ورعود ، وبروق وصواعق ، ونباتات وأشجار ، وإنسان وحيوان ، وملك وجن ، وكل ما يطلق عليه أنه فاعل وسبب فهي موجودات غير مستقلة التأثير ، وأن كل ما ينتسب إليها من الآثار ليس لذوات هذه الأسباب بالاستقلال ، وإنما ينتهي تأثير هذه المؤثرات إلى الله سبحانه ، فجميع هذه الأسباب والمسببات - رغم ارتباط بعضها ببعض - مخلوقة لله ، فإليه تنتهي العلية ، وإليه تؤول السببية ، وهو معطيها للأشياء ، وهو مجرد الأشياء من آثارها إن شاء).[1] فهل هناك خالق غير الله لهذا الكون ؟
بلا شك ولا ريب لا وألف لا، ولكن هناك من يقول أن أئمة أهل البيت عليهم السلام يخلقون بطريقة وأخرى، نأتي على ذكرها في طيات البحث، وقبل ذلك نثبت من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية أن لا خالق إلا الله، ثم نعرج على نقاط مختلفة :
الآيات الدالة على أن الله هو الخالق الوحيد
قوله سبحانه : (قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) ( الرعد - 16 ) .
وقوله سبحانه : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ( الزمر - 62 ) .
وقوله سبحانه : (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) ( غافر - 62 ) .
وقوله سبحانه : (ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ( الأنعام - 102 ) .
وقوله سبحانه : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى..) ( الحشر - 24 ) .
وقوله سبحانه : (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).( فاطر – 3)
وقوله سبحانه : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ( الأنعام - 101) .
وقوله سبحانه: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) ( الأعراف - 54 )
فمنطوق ومفهوم الآيات أن لا خالق غير الله لهذا الكون وما فيه وما يجري فيه (هل من خالق غير الله) . الروايات الدالة على أن الله هو الخالق الوحيد
وردت روايات عديدة تتحدث عن أن الله هو الخالق الوحيد وهو خالق كل شيء نكتفي بذكر شيء منها:
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - في الدعاء - : يا لا إله إلا أنت ، ليس خالقا ولا رازقا سواك يا ألله، وأسألك باسمك الظاهر في كل شيء بالقدرة والكبرياء والبرهان والسلطان يا ألله . [2]
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : قال الله عز وجل : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ! فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة . [3]
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : سبحانك الذي لا إله غيره . . . بديع السماوات والأرض ، المبدع غير المبتدع ، خالق ما يرى وما لا يرى . [4]
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن الله عز وجل خلق الخلق لا شريك له ، له الخلق والأمر والدنيا والآخرة ، وهو رب كل شيء وخالقه ، خلق الخلق وأوجب أن يعرفوه بأنبيائه ، فاحتج عليهم بهم ، والنبي (صلى الله عليه وآله) هو الدليل على الله عز وجل ، وهو عبد مخلوق مربوب اصطفاه الله لنفسه برسالته . [5]
ماذا يعني الخلق ؟
الخلق له معنيان :
1- بمعنى الإيجاد ، أي إيجاد الشيء من العدم ، أو إيجاد شيء من لا شيء ، المعبر عنه ( بكن فيكون ) وهذا مما لا يدخل في مقدور البشر ، وإنما من فعل الله كما تدل عليه الآيات السابقة الذكر. وهذا ما أشار إليه الحلي في عدة الداعي بقول (الخالق : المبدء للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق قال الله سبحانه (هل من خالق غير الله)). [6]
2- بمعنى التقدير والتصوير والصنع كما في قوله تعالى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) معناه أقدر لكم وأصور لكم من الطين مثل صورة الطير، وهذا ما أشار إليه الحلي أيضا بقوله (أراد أقدر لكم والله خالقه في الحقيقة ومكونه – وليس هو الخالق -) وهذا التقدير والتصوير مما يدخل في مقدور البشر، ومثل قوله تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أي أحسن المصورين والمبدعين لا أن هناك خالقين والله هو أحسنهم فتأمل ! وإلا جعلنا مع الله سبحانه شركاء في الخلق. وهذا ما جاء في قوله تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) .
وبمعنى أوضح ما المقصود من قوله (خالقين) في قوله تعالى ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) هل هو المعنى الأولى أم الثاني ؟ فإن قلنا الأول وهو بعيد فقد أشركنا بالله لأنه إيجاد شيء من شيء وإن قلنا الثاني قلنا بالإمكان ولذا قال شيخ الطائفة الطوسي:
(المعنى، والمراد بالخلق والتقدير دون الإحداث ..... وأما التصوير والنفخ ، ففعله ، لأنه مما يدخل تحت مقدور القدر ، وليس كذلك انقلاب الجماد حيوانا فإنه لا يقدر على ذلك أحد سواه تعالى. [7]
وقال الشيخ الطبرسي تأييداً لهذا المعنى:
وأصل الخلق التقدير - أقدر لكم شيئا مثل صورة الطير -، يقال : خلقت الأديم : إذا قسته لتقطع منه شيئا. وقال حذيفة في هذه الآية : ( تصنعون ويصنع الله وهو خير الصانعين ) . وفي هذا دليل على أن اسم الخلق قد يطلق على فعل غير الله تعالى ، إلا أن الحقيقة في الخلق لله سبحانه فقط. فإن المراد من الخلق إيجاد الشيء مقدرا تقديرا ، لا تفاوت فيه . وهذا إنما يكون من الله سبحانه وتعالى ، ودليله قوله (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) . [8]
ما المقصود من قوله ( كهيئة الطير ) :
تذرع بعض من يدعي أن أهل البيت يخلقون بقوله تعالى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) فما المقصود من قوله إني أخلق لكم من الطين ( كهيئة الطير ) هل بالمعنى الأول أم لا ؟ وبمعنى آخر من هو الخالق للطير ؟ وكيف خلق ؟
من تذرع بذلك قال أن الخلق من فعل عيسى ومن فعل عيسى يعني أنه أوجده من العدم وهذا خلاف الحقيقة فإن ما فعله عيسى هو التقدير والتصوير والصنع دون الإيجاد من العدم وهذا ما قاله الطبرسي في البيان ( وأصل الخلق التقدير ... وفي هذا دليل على أن اسم الخلق قد يطلق على فعل غير الله تعالى ، إلا أن الحقيقة في الخلق لله سبحانه فقط . فإن المراد من الخلق إيجاد الشيء مقدرا تقديرا ، لا تفاوت فيه . وهذا إنما يكون من الله سبحانه وتعالى ، ودليله قوله( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ).
ولهذا جاء عن شيخ الطائفة والشيخ الطبرسي والسيد الطباطبائي في معنى الآية:
وقوله " أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ " إنما فصل الخلق من الأمر ، لأن فائدتهما مختلفة لان " له الخلق " يفيد أن له الاختراع ، " وله الأمر " معناه له أن يأمر فيه بما أحب فأفاد الثاني ما لم يفده الأول . [9]
وقال السيد مرتضى العسكري في كتابه عقائد الإسلام:
وبناء على هذا فإن الخلق كله من الله تعالى وحده ، وهو الذي يخلق الخلق ويوجد كل موجود ويحيي ويميت وهو مالك كل شيء ، فلا يوجد مؤثر آخر في عالم الخلق غير الله تعالى كي نتجه إليه في طلب حاجاتنا .....) [10] .
ولعل السيد العسكري يلمح لمن يوجهون الدعاء إلى أهل البيت دون الله ، فالله هو الخالق وهو الموجد وإليه يتوجه الطلب والدعاء لا إلى غيره .
ولهذا جاء تفسير قوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) عند الشيخ الطبرسي: أي كل مخلوق من الأجسام والأعراض التي لا يقدر عليها غيره. [11]
وبعد هذا التوضيح نقول: ما معنى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ)؟ .
هنا أنقل بعض كلمات المفسرين لنفهم منها كلام الله وما يقصد من ذلك:
يقول الشيخ الطبرسي في مجمع البيان:
معناه: وهذه الآية أني أقدر لكم، وأصور لكم من الطين مثل صورة الطير. (فَأَنفُخُ فِيهِ) أي: في الطير المقدر من الطين. وقال في موضع آخر: (فيها) أي : في الهيئة المقدرة (فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) وقدرته . وقيل : بأمر الله تعالى . وإنما وصل قوله : (بِإِذْنِ اللّهِ) بقوله : (فَيَكُونُ طَيْرًا) دون ما قبله ، لأن تصور الطين على هيئة الطير ، والنفخ فيه ، مما يدخل تحت مقدور العباد . فأما جعل الطين طيرا حتى يكون لحما ودما ، وخلق الحياة فيه ، فمما لا يقدر عليه غير الله ، فقال : (بِإِذْنِ اللّهِ) ليعلم أنه من فعله تعالى ، وليس بفعل عيسى. [12]
فخلق الطير كما هو واضح من كلام الشيخ من الله فقط وما فعله عيسى إنما صور ثم نفخ ولم يكن من عيسى إيجاد الطير لحماً ودماً لأن هذا من مقدور الله فقط ، فعيسى بنص الآية لا يخلق وإنما يقدر ويصور وما كان ذلك أصلاً إلا لإثبات نبوته ليس إلا ، وهذا ما قاله الشيخ البلاغي في تفسيره:
(والتقدير هي (أَنِّي أَخْلُقُ) وأصور (لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) وليس في ذلك آية – تأمل -، فإن تصوير الطين مقدور للبشر (الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا) حقيقاًً ، (بِإِذْنِ اللّهِ) وخلقه له طيرا ، والحجة بإظهار الله لهذا المعجز على يد المسيح ). [13]
ويؤيد ذلك ما جاء في تفسير الصافي:
(أني قد جئتكم بآية من ربكم حجة شاهدة على صحة نبوتي أني أخلق لكم أقدر وأصور شيئا وقرئ إني بالكسر من الطين كهيئة الطير مثل صورته فأنفخ فيه فيكون طيرا حيا طيارا .....). [14]
لماذا كرر سبحانه قوله تعالى (بِإِذْنِ اللّهِ) ؟
وهذا واضح لمن له أدنى تأمل في الآية من أنه يريد أن ينبه أن الخلق من فعل الله وليس فعل عيسى .
ويؤيد ذلك بعض التفاسير منها:
1- ما جاء في تفسير شبر: ((بِإِذْنِ اللّهِ) بأمره ، فإحياؤه من الله تعالى لا منه عليه السلام ) . [15]
2- ما جاء في تفسير الصافي: (بِإِذْنِ اللّهِ) بأمره نبه على أن إحياءه من الله لا منه ، وقرئ طائرا وأبرئ الأكمه الأعمى والأبرص وأحي الموتى بإذن الله كرر بإذن الله دفعا لوهم الألوهية فان الأحياء ليس من جنس الأفعال البشرية. [16]
3- ما جاء في التبيان: وإنما قيد قوله : " فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ " ولم يقيد قوله : " أخلق لكم من الطين كهيئة الطير " بذكر إذن الله لينبه بذكر الإذن أنه من فعل الله دون عيسى . [17]
4- ما جاء في التفسير الكاشف: (كرر سبحانه (بإذني) أربع مرات للتأكيد على أن الخلق والإحياء والإبراء من الله، لا من سواه، وإنما أظهر سبحانه هذه الأفعال على يد عيسى لتكون دليلاً على صدق نبوته). [18]
فالخلق في الآية إذن بمعنى التقدير والتصوير والصنع وهذه الأمور من مقدورات البشر، وأما الخلق بمعنى الإيجاد فهذا فعل الله سبحانه وتعالى وليس لأي نبي أو رسول دخل في حدوثها بشكل مباشر أو غير مباشر... وماذا عليه إذن؟
ما الذي يفعله المعصوم لكي تتحقق المعجزة ؟
ماذا يفعل المعصوم - سواء أكان نبياً أو إماماً - لكي يتحقق الأمر الذي يرغب فيه من معجزة أو كرامة؟!.
هذه في تصوري هي النقطة المفقودة التي لا يلتفت إليها بعض أهل العلم علاوة على عامة الناس وهي:
أن النبي – أي نبي – إذا أراد شيئا فإنما يرفع يديه بالدعاء إلى الله ليطلب منه تحقق الأمر والله سبحانه وتعالى يحقق له الأمر إما لإثبات نبوته أو كرامة له كما هو لأئمتنا لأنهم ( عباد مكرمون ) فالمعصوم يدعو الله لتحقق المعجزة أو الكرامة فيحققها الله إكراماً له فالفعل ليس من المعصوم على الإطلاق لا المعجزة ولا الكرامة ولا غير ذلك ونحن إذا وسطنا أهل البيت فلأننا نرى أنهم عباد مكرمون وأنهم سيدعون الله وإذا رأى الله مصلحة في ذلك فسيحقق الله ذلك الأمر إكراماً لهم ولا يعني هذا أن نفس المعصوم هو يخلق أو يرزق أو يحيي الموتى أو يحدث المعجزة أو الكرامة وما يقال بهذا المعنى إنما هو خلط وعدم معرفة ويؤيد ما نقول:
قول الشيخ الطوسي في تفسير قوله تعالى: (وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ) على وجه المجاز إضافة إلى نفسه وحقيقته ادعوا الله بإحياء الموتى فيحييهم الله فيحيون بإذنه . [19]
وقول الشيخ البلاغي في تفسيره : (وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ) وفعله ، وإنما نسب الإبراء والإحياء إليه لأنه السبب ببركته ودعائه في ظهور هذا المعجز من الله على يده ، وفي جمع الموتى دلالة على تعدد صدور الإحياء من الله بسببه ) . [20]
وقول الميرزا محمد المشهدي:
( بإذن الله : بأمره ، ونبه به على أن إحياءه من الله لا منه ). [21]
ومع ذلك فإننا نجد بعض الأفاضل يرى أن الله سبحانه خلق في الأئمة عليهم السلام القدرة على الخلق ، كما خلق القدرة في الإنسان على خلق أفعاله ، وهذا ضروري البطلان ، والقياس باطل غير صحيح – وإذا كنا نرفض القياس في الفقه كيف لا نرفضه في العقائد - ، وشتان بين خلق الأجسام وإيجادها من العدم ، وخلق فعل الإنسان ، لأن أفعال الإنسان مقدورة له ، كالصنع والتقدير والتصوير وغير ذلك ، بخلاف الأجسام وإيجاد الأرواح فيها ، فهذا مما لا يقدر عليه غير الله سبحانه وتعالى . ما يجب أن يعتقد به العبد في توحيد الخالقية
ما يجب أن يعتقد به أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الوحيد لهذا الكون وما فيه ولا خالق سواه لا بالشكل الاستقلالي كما هي ذات الله ولا بالشكل غير الاستقلالي ، نعم هناك دعاء من المعصوم أو الولي فيحقق الله طلبه وهذا لا يعني أنه هو الخالق لذات الشيء ولا يسمى ذلك خلق بصورة غير استقلالية فهذا مفهوم خاطئ.
قال الشيخ الأنصاري في مكاسبه:
( ...أن نسبة الأفعال التي دلت ضرورة الدين على استنادها إلى الله تعالى - كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها - إلى غيره تعالى مخالف لضرورة الدين ). [22]
وقال الشيخ المفيد :
( واجب على كل ذي عقل أن يعرف خالقه جل جلاله ، ليشكره على نعمه ، ويطيعه فيما دعاه إليه ، فيعلم أن له صانعا صنعه واخترعه من العدم ، وأوجده ، وأنعم عليه بما أسداه من الفضل والإحسان إليه ، فجعله حيا سميعا بصيرا مميزا وأمره ونهاه ، وأرشده وهداه ، كما ذكر ذلك جل اسمه فيما عدده عليه من الآلاء ، فقال: " ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة. ويعتقد أنه الخالق لجميع أمثاله من البشر ، وأغياره من الجن ، والملائكة ، والطير والوحوش ، وجميع الحيوان ، والجماد ، والسماء ، والأرض ، وما فيهما ، وما بينهما من الأجناس والأصناف والأفعال التي لم يقدر عليها سواه . [23]
وقال الشيح كاشف الغطاء :
يجب على العاقل بحكم عقله عند الإمامية تحصيل العلم والمعرفة بصانعه ، والاعتقاد بوحدانيته في الألوهية ، وعدم شريك له في الربوبية ، واليقين بأنه هو المستقل بالخلق والرزق والموت والحياة والإيجاد والإعدام ، بل لا مؤثر في الوجود عندهم إلا الله ، فمن اعتقد أن شيئا من الرزق أو الخلق أو الموت أو الحياة لغير الله فهو كافر مشرك خارج عن ربقة الاسلام . [24]
وقال السيد عبدالله شبر :
( التوحيد في الخلق والرزق كما قال تعالى ( ألا له الخلق ) و ( هل من خالق غير الله ) و ( إن الله هو الرزاق ) و ( ومن يرزقكم من السموات والأرض قل الله ) والمخالف في هذا المقام المفوضة والغلاة لعنهم الله ، حيث قالوا ، بأن الأمر في التدبير والخلق والرزق مفوض إلى الأئمة ) . [25]
وقال السيد الخوئي في البيان :
فمن اعتقد بالوحدانية الخالصة لله ، واعتقد أن الإحياء والإماتة والخلق والرزق والقبض والبسط والمغفرة والعقوبة كلها بيده ، ثم اعتقد بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوصياءه الكرام عليهم السلام : " عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " . وتوسل بهم إلى الله ، وجعلهم شفعاء إليه بإذنه ، تجليلا لشأنهم وتعظيما لمقامهم ، لم يخرج بذلك عن حد الإيمان ، ولم يعبد غير الله . [26]
وقد يقول أحد الأحبة : وما تقول فيما ظهر على أيدي الأنبياء مثل إحياء الموتى ، وخلق الطين طيرا ، وقلب العصا حية ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وجعل النار برداً وسلاما على إبراهيم ، وشق القمر وهذا ما دلت عليه الآيات القرآنية فهذا دليل على أن الخلق غير منحصر في الله . ونقول له:
أولاً: إن هذه الأفعال التي ذكرها الباري في كتابه الكريم هي من فعله تعالى وليست من فعل الأنبياء أنفسهم كما أثبتنا ذلك أعلاه .
ثانياً: إن ما ورد ليس سوى معجز جاء به الله لتصديق الأنبياء في دعواهم .
ثالثاً: إن ما يرد في القرآن الكريم- المحفوظ والمتواتر- في خصوص المعاجز ثابت قطعاً بخلاف ما يأتي في كتب الحديث فيشترط فيه أن يكون متواتراً كما قلنا ذلك في أبحاثنا السابقة .
ومن هنا جاءت كلمات الأعلام لتثبت ذلك:
قال الشيخ الطبرسي:
وإنما ظهر ذلك لهم لأنهم لما رأوا تلك الآيات الباهرة ، والمعجزات القاهرة في العصا ، علموا أنه أمر سماوي ، لا يقدر عليه غير الله تعالى ، فمن تلك الآيات : قلب العصا حية ، ومنها : أكلها حبالهم وعصيهم مع كثرتها ، ومنها : فناء حبالهم وعصيهم في بطنها ، إما بالتفرق ، وإما بالفناء عند من جوزه ، ومنها : عودها عصا كما كانت من غير زيادة ولا نقصان ، وكل من هذه الأمور يعلم كل عاقل أنه لا يدخل تحت مقدور البشر ، فاعترفوا بالتوحيد والنبوة ، وصار إسلامهم حجة على فرعون وقومه . (فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ) أي : قهر فرعون وقومه عند ذلك المجمع ، وبهت فرعون ، وخلى سبيل موسى ، ومن تبعه (وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ) أي : انصرفوا أذلاء مقهورين (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) يعني : إن السحرة لما شاهدوا تلك الآيات ، وعلموا أنها من عند الله تعالى ، آمنوا بالله تعالى ، وبموسى ، وسجدوا لله ألهمهم الله ذلك[27]
وقال الشيخ محمد رضا المظفر:
وذلك الدليل لا بد أن يكون من نوع لا يصدر إلا من خالق الكائنات ومدبر الموجودات ( أي فوق مستوى مقدور البشر ) فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي ليكون معرفا به ومرشدا إليه . وذلك الدليل هو المسمى بـ (المعجز أو المعجزة) لأنه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته والإتيان بمثله . [28]
وقال الشهيد دستغيب :
( المعجزة هي ما يظهره الله على يد رسوله من الفعل الخارق للعادة يعجز عنه سائر البشر ) . [29]
وقال خواجه نصير الدين الطوسي :
( وأما كون كل مدعي نبوة ذي معجز مطابق لدعواه فهو نبي ، معلوم عقلاً ، لأن المعجز لا يكون من غير الله تعالى ). [30]
وقال الشيخ المفيد:
( المعجز فعل الله تعالى وهو قائم مقام التصديق ). [31]
وقال السيد أبو القاسم الديباجي:
( إن المعجزات الخارقة للعادة التي أتى بها الأنبياء والمرسلون عليهم السلام ليست هي من صنعهم وفعلهم الذاتي قطعاً ، ولا يمكن القول بقدرتهم على الإتيان بها وإحداثها بمفردهم ، بل هي من صنع الله تبارك وتعالى أجراها على أيديهم المباركة ، تصديقاً لدعواهم ، وتأييداً لهم ...ولا غرابة في ذلك ، فإذا كان الأنبياء بشراً فإن جميع ما ينطبق على البشر ينطبق عليهم ) . [32]
القادر على الشيء قادر على ضده
وهنا جنبتان :
الأولى : إذا كان الأحبة يقولون أن الأئمة يخلقون فهم قادرون أيضاً على الإماتة فالقدرة على الشيء قدرة على ضده وهذا غير صحيح فالإماتة والإحياء من شؤون الباري وحده ولا أحد يشاركه فيهما لا بشكل مباشر ولا بغير مباشر وفي هذا جاءت كلمات الأعلام:
قال الشيخ الطبرسي:
( لا إله ) أي : لا معبود ( إلا هو ) ولا شريك له في الإلهية ( يحيي ) الأموات ( ويميت ) الأحياء لا يقدر أحد على الإحياء والإماتة ، سواه لأنه لو قدر أحد على الإماتة ، لقدر على الإحياء ، فإن من شأن القادر على الشيء ، أن يكون قادرا على ضده. [33]
وقال السيد الطباطبائي:
الإحياء والإماتة من الشؤون المختصة بالله وحده لا شريك له فليتقوا الله ولا يكونوا مثلهم فإن الله بما يعملون بصير . [34]
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرحه:
( ..ترجم الباب بالموت وذكر غيره وقد كان ينبغي أن يذكر حقيقة الموت ، أو يترجم الباب بمال الموت وعاقبة الأموات فالموت هو مضاد الحياة ، يبطل معه النمو ، ويستحيل معه الإحساس ، وهو من فعل الله تعالى ، ليس لأحد فيه صنع ، ولا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى ، قال الله سبحانه : " وهو الذي يحيى ويميت " فأضاف الإحياء والإماتة إلى نفسه ، وقال : " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ".[35]
الثانية: وإن قال الأحبة أن فعل الأنبياء والأئمة بشكل غير استقلالي ، قلنا لهم إن الخالقية من صفات الله وحده دون سواه وغير مخصصة لأحد لا في زمان معين ولا في مكان معين بل حتى معجزة الإحياء من فعله تعالى وليست من فعل النبي. ثم أنه لم يرد في كتاب الله تخصيص بكون الأئمة أو الأنبياء يخلقون ( الله خالق كل شيء ) فيفترض أن يأتي التخصيص في الآية أو في آية أخرى ليقول لنا (إلا من ارتضى من رسول) مثلا فهو يخلق كما جاء في علم الغيب، أو كما جاء في الشفاعة (إلا لمن أذن له) ولم يأت في السنة الشريفة القطعية الصدور ما يخصص هذه الصفة لأي مخلوق كان ، وعليه فإن صفة الخالقية حتى بالنحو غير الاستقلالي لا تكون لأحد.
روايات أهل البيت في نفي الخالقية :
وقد نقلنا هذه الروايات في أبحاثنا السابقة ننقلها هنا لإتمام البحث وهي كالتالي:
قيل للإمام الصادق : (إن رجلاً يقول بالتفويض.
فقال: ما التفويض ؟
فقيل له: يقول أن الله عز وجل خلق محمداً وعلياً ثم فوض الأمر إليهما فخلقا ورزقا وأحييا وأماتا.
فقال : كذب عدو الله ....) [36]
وجاء عن الإمام الرضا عليه السلام قوله: ( من زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه فقد قال بالتفويض ، والقائل بالتفويض مشرك ) [37] .
وجاء في دعاء الإمام الرضا عليه السلام ( ... اللهم من زعم أنا أرباب فنحن منه براء ، ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق ، فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى ...)
هل يجوز إطلاق لفظ الخالق على غير الله ؟
(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) هذا استفهام تقرير لهم ، ومعناه النفي ، ليقروا بأنه لا خالق إلا الله ، يرزق من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات.
وهل يجوز إطلاق لفظ الخالق على غير الله سبحانه؟
فيه وجهان:
أحدهما: إنه لا تطلق هذه اللفظة على أحد سواه ، وإنما يوصف بها غيره على جهة التقييد ، وإن جاز إطلاق لفظ الصانع ، والفاعل ، ونحوهما على غيره.
والأخر: إن المعنى لا خالق يرزق ويخلق الرزق ، إلا الله تعالى. ( لا إله إلا هو ) أي : لا معبود يستحق العبادة سواه سبحانه.
ولذا جاء عن الشيخ المفيد:
القول في كراهة إطلاق لفظ ( خالق ) على أحد من العباد وأقول : إن الخلق يفعلون ويحدثون ويخترعون ويصنعون ويكتسبون ، ولا أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ولا أقول إنهم خالقون ، ولا أتعدى ذكر ذلك فيما ذكر الله تعالى ، ولا أتجاوز به مواضعه من القرآن ، وعلى هذا القول إجماع الإمامية والزيدية والبغداديين من المعتزلة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث . وخالف فيه البصريون من المعتزلة وأطلقوا على العباد أنهم خالقون ، فخرجوا بذلك من إجماع المسلمين . [38]
ومن هذا المفهوم انطلق فقهاؤنا في تحريم تصوير ذوات الأرواح كما جاء عن الشيخ الأنصاري في مكاسبه:
(ويؤيده أن الظاهر أن الحكمة في التحريم هي حرمة التشبه بالخالق في إبداع الحيوانات وأعضائها على الأشكال المطبوعة ، التي يعجز البشر عن نقشها على ما هي عليه ، فضلا عن اختراعها ، ولذا منع بعض الأساطين عن تمكين غير المكلف من ذلك) . [39]
وبهذا اتضح أنه لا خالق غير الله في هذا الكون لا بالاستقلال ولا بغير استقلال وهذه الصفة خاصة برب الأرباب خالق كل شيء وهو الواحد القهار.
[1] التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - ص 7 - 8 [2] البلد الأمين : 415 ، بحار الأنوار : 93 / 259 / 1 [3] صحيح البخاري : 6 / 2747 / 7120 ، صحيح مسلم : 3 / 1671 / 101 ، مسند ابن حنبل : 3 / 11 / 7169 . [4] . العظمة : 53 / 110 عن اسامة بن زيد ، كنز العمال : 10 / 370 / 29849 [5] مختصر بصائر الدرجات : 87 ، بصائر الدرجات : 535 / 1 كلاهما عن المفضل بن عمر ، بحار الأنوار : 24 / 297 / 1 . [6] عدة الداعي - ابن فهد الحلي - ص 312 [7] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 468 [8] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 7 - ص 180 [9] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 4 - ص 423، تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 4 - ص 269 ، تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 8 - ص 152 - 153 [10] عقائد الإسلام – مرتضى العسكري ج 1 ص 43 . [11] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 4 - ص 127 [12] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 2 - ص 298 [13] آلاء الرحمن في تفسير القرآن – محمد جواد البلاغي – ج 1 – ص 285 . [14] التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 1 - ص 337 [15] الجوهر الثمين – عبدالله شبر – ج2 – ص 323 [16] التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 1 - ص 337 [17] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 468 [18] التفسير الكاشف – محمد جواد مغنية – ج 3 ص 144 [19] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 468 [20] آلاء الرحمن في تفسير القرآن – محمد جواد البلاغي – ج 1 – 285 [21] تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج 2 - ص 91 [22] كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري - ج 1 - ص 216 [23] المقنعة - الشيخ المفيد - ص 29 [24] أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - ص 219 [25] حق اليقين – عبدالله شبر – ج 1 – ص 19 [26] البيان في تفسير القرآن - السيد الخوئي - ص 469 [27] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 4 - ص 330 - 331 [28] عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 52 [29] أجوبة الشبهات – عبدالحسين دستغيب ص 69 . [30] كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد ص 279 . [31] النكت الاعتقادية – الشيخ المفيد ص 37 [32] النبوة دراسة معاصرة – أبو القاسم الديباجي ص 99 [33] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 4 - ص 375 [34] تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 4 - ص 55 [35] تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - ص 94، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 6 - ص 167 - 168 [36] بحار الأنوار – العلامة المجلسي - ج25 - 344 [37] عيون أخبار الرضا – الشيخ الصدوق –ج2- 114 [38] أوائل المقالات - الشيخ المفيد - ص 58 - 59 [39] كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري - ج 1 - ص 185 - 186
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أحسنتم ... فان علة العلل - العلة التامه - هو الله جل جلاله وما دونه علل ناقصة فهو الغني الحميد و مخلوقاته فقيره بذاتها ومحتاجه له ..
فان أراده اهل البيت عليهم السلام باعتبارهم العله الوسطى لا تتقاطع مع اراده الواحد الاحد بموجب عصمتهم وأصطفائهم ... وخير الكلام ما قل ودل