زفاف الزهراء عليها السّلام
• روى الشيخ الطوسي، عن عليّ عليه السّلام ( في قصّة وليمة زواجه بفاطمة عليها السّلام )، قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، اصنَعْ لأهلك طعاماً فاضلاً، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: مِن عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسَّمن، فاشتريتُ تمراً وسمناً، فحسر رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ذراعه وجعل يَشدَخ التمر في السمن حتّى اتّخذه خبيصاً، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذُبح وخبز لنا خبزاً كثيراً، ثمّ قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: ادعُ مَن أحببتَ. فأتيتُ وهو مشحون بالصحابة، فاستحييتُ أن أشخّص قوماً وأدعَ قوماً، ثمّ صعدتُ على رَبوة هناك وناديتُ: أجيبوا إلى وليمة فاطمة.
فأقبل الناس أرسالاً، فاستحييتُ من كثرة الناس وقلّة الطعام، فعَلِم رسول الله صلّى الله عليه وآله ما تَداخَلني، فقال: يا عليّ، إنّي سأدعو الله بالبركة. قال عليّ عليه السّلام: وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودَعَوا لي بالبركة، وصَدَروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله بالصِّحاف فمُلئت، ووجّه بها إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً، وقال: هذا لفاطمة وبعلها.
حتّى إذا انصرفت الشمس للغروب، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لأمّ سلمة: يا أمّ سلمة، هلمّي فاطمة. فانطلقتْ فأتت بها وهي تَسحب أذيالها، وقد تصبّبت عَرَقاً حياءً من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فعثرتْ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: أقالكِ الله العثرة في الدنيا والآخرة. فلمّا وقفتْ بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتّى رآها عليّ عليه السّلام، ثمّ أخذ يدها فوضعها في يد عليّ عليه السّلام، فقال: باركَ الله لكَ في ابنة رسول الله. يا عليّ نِعم الزوجةُ فاطمة، ويا فاطمة نِعم البَعْل عليّ، انطلِقا إلى منزلكما ولا تُحدِثا أمراً حتّى آتيكما.
قال عليّ عليه السّلام: فأخذت بيد فاطمة وانطلقتُ بها حتّى جلست في جانب الصُّفّة، وجلستُ في جانبها وهي مُطرِقة إلى الأرض حياءً منيّ، وأنا مُطرق إلى الأرض حياءً منها، ثمّ جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: مَن ها هنا ؟
فقلنا: ادخل يا رسول الله، مرحباً بك زائراً وداخلاً. فدخل فأجلَسَ فاطمةَ عليها السّلام من جانبه، وعليّاً عليه السّلام من جانبه، ثمّ قال: يا فاطمة، ائتيني بماء. فقامتْ إلى قَعْبٍ في البيت فملأته ماءً ثمّ أتته به، فأخذ منه جُرعة فتمضمض بها، ثمّ مجّها في القعب، ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال: أقبِلي، فلمّا أقبلتْ نضح منه بين ثدييها، ثمّ قال: أدبِري، فلمّا أدبرتْ نضح منه بين كتفَيها، ثمّ قال: اللهمّ هذه ابنتي وأحبّ الخلق إليّ، اللهمّ وهذا أخي وأحبّ الخلق إليّ، اللهمّ لك وليّاً، وبك حفيّاً، فبارك له في أهله، ثمّ قال: يا عليّ، أُدخل بأهلك، بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم، إنّه حميد مجيد(178).
رواية أخرى لزفاف فاطمة الزهراء عليها السّلام
• روى الشيخ الطوسي عن جابر بن عبدالله حديث زفاف فاطمة عليها السّلام، وجاء في آخره:
فلمّا كانت ليلة الزفاف أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله ببغلته الشهباء، وثنّى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي. وأمر سلمان أن يقودها، والنبيُّ صلّى الله عليه وآله يسوقها، فبينما هو في بعض الطريق، إذ سمع النبيّ صلّى الله عليه وآله وَجبةً ( أي صوتاً )، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً، وميكائيل في سبعين ألفاً، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: ما أهبَطكم إلى الأرض ؟ قالوا: جئنا نزفّ فاطمة إلى عليّ بن أبي طالب. فكبّر جبرئيل وكبّر ميكائيل وكبّرت الملائكة، وكبّر محمّد صلّى الله عليه وآله، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة(179).
• وروى المجلسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام ( في حديث زواجه بفاطمة عليها السّلام )، قال: ومكثتُ بعد ذلك ( بعد شراء أثاث البيت ) شهراً لا أُعاود رسول الله صلّى الله عليه وآله في أمر فاطمة بشيء؛ استحياءً من رسول الله صلّى الله عليه وآله، غير أنّي كنتُ إذا خلوتُ برسول الله يقول لي: يا أبا الحسن، ما أحسَنَ زوجَتَك وأجمَلَها! أبشِر يا أبا الحسن، فقد زوّجتُكَ سيّدة نساء العالمين(180).
• وروى ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة عليها السّلام، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أمر بنات عبدالمطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يَمضِين في صُحبة فاطمة، وأن يفرحنَ ويَرجزنَ ويُكبّرن ويَحمَدن، ولا يَقُلن ما لا يُرضي الله.
قال جابر: فاركبها على ناقته ـ وفي رواية : على بغلته الشهباء ـ وأخذ سلمان زمامها، وحولها سبعون ألف حوراء، والنبيُّ صلّى الله عليه وآله وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت يمشون خلقها مشهرين سيوفَهم، ونساءُ النبيّ صلّى الله عليه وآله قُدّامَها يَرجزن ( ثمّ ذكر رَجزَ النساء ) وكانت النسوة يُرَجِّعنَ أوّل بيت من كلّ رجز ثم يكبّرن، ودخلن الدار. ثمّ أنفذ رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى عليّ عليه السّلام ودعاه إلى المسجد، ثمّ دعا فاطمة، فأخذ يديها فوضعها في يده، وقال: بارك الله ( لكَ ) في ابنة رسول الله(181).
نِعم الزوجة زوجتُكَ يا عليّ
• روى المجلسي عن أمّ سَلَمة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دعا بابنته فاطمة عليها السّلام ( بعد وليمة الزواج )، ودعا بعليّ عليه السّلام، فأخذ عليّاً بيمينه، وفاطمة بشماله، وجمعهما إلى صدره، فقبّل بين أعينهما، ودفع فاطمة إلى عليّ، وقال: يا عليّ، نِعم الزوجةُ زوجتُك. ثمّ أقبل على فاطمة، وقال: يا فاطمة، نِعم البَعْلُ بَعلُكِ. ثمّ قام يمشي بينهما حتّى أدخلهما بيتهما الذي هُيّئ لهما، ثمّ خرج من عندهما فأخذ بعضادَتَي الباب، فقال: طَهّركما اللهُ وطهّر نسلكما، أنا سِلمٌ لمن سالمكما، وحربٌ لمن حاربكما، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما(182).
اشربي فِداكِ أبوكِ
• روى المجلسي عن شرحبيل بإسناده، قال: لمّا كان صبيحة عرس فاطمة جاء النبيّ صلّى الله عليه وآله بعسٍ ( أي قدح ) فيه لبن، فقال لفاطمة: اشربي فداكِ أبوكِ، وقال لعليّ: اشرب فِداك ابنُ عمّك(183).
--
178 ـ أمالي الطوسي 40 ـ 43 / ح 45 ـ المجلس الثاني.
179 ـ أمالي الطوسي 257 ـ 258 / ح 464 ـ المجلس العاشر، بحار الأنوار للمجلسي 104:43 / ح 15.
180 ـ بحار الأنوار للمجلسي 130:43.
181 ـ عنه: بحار الأنوار للمجلسي 115:43 ـ 116.
182 ـ بحار الأنوار للمجلسي 132:43.
183 ـ بحار الأنوار للمجلسي 117:43.