|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 82629
|
الإنتساب : Apr 2016
|
المشاركات : 105
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
شيخ الراضي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 29-09-2016 الساعة : 02:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسألة :
" الشمس والقمر، والنجم والكوكب " في روايات عصر الظهور.
هل المقصود بها الأجرام السماوية الحقيقية أم أنها أطلقت على شخصيات عصر الظهور من باب الكناية والاستعارة؟؟
...........
الأصل أن يكون اللفظ محمولا على معناه الحقيقي، سواء أكان ذلك المعنى شرعياً أو لغويا أو عرفيا، ولا يتم العدول عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي إلا بوجود قرائن تدل على عدم إرادة المعنى الحقيقي.
هذه هي القاعدة المقررة في علم الأصول.
الآن نأتي إلى أهم الروايات الشريفة المحكمة التي تتحدث عن " نجم المشرق أو النجم ذو الذنب ".
1 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : { ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد وإنقضت المدة وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة وأعلموا أنكم إن إتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول - صلّى الله عليه وآله - فتداويتم من العمى والصمم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ولا يبعّد الله الا من أبّي وظلم وإعتسف وأخذ ما ليس له " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ " }.
روضة الكافي الشريف - ص : 39.
......
هذه الرواية تذكر طلوع النجم من المشرق، ثم تم عطف الكلام على ما تقدم، فقال الأمير ع : واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ..... إلخ ".
فطالع المشرق هو نفسه النجم ذو الذنب كما هو واضح من الرواية.
فإذا كان المقصود به الجرم السماوي الحقيقي فكيف يسلك بنا مناهج الرسول؟؟!!
فهذه قرينة واضحة جدا على أن "النجم ذو الذنب " بشرا سويا، وليس جرما فلكيا.
والنجم المشار إليه في الرواية هو اليماني المعهود، شخصية من شخصيات عصر الظهور، وقد بشر به الرسول صلى الله عليه وآله بقوله : { سيخرج من هذا - أي علي (ع) - فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليمني، فإنه يُقبل من قبل المشرق، وهو صاحب راية المهدي }.
(المهدي المنتظر الموعود - نجم الدين العسكري - ب 4 - ص : 107).
أما سبب وصفه ب " ذو الذنب " فتلك مسألة أخرى ليس هاهنا محلها.
المهم ألا تذهب بكم الأفكار بعيدا فتعتقدوا أن لديه ذيلا، كالقط مثلا، أو الثعلب!
لا، ليس الأمر كذلك.
النجم ذو الذنب بشرا سويا.
2 - عن أمير المؤمنين علي ع في الجفر : { ويسبق المهدي ظهور النجم ذو الذنب العجيب، ليس ما ترونه نجم ثلثي العقد الواحد ولا نجم ثلثي القرن ولا نجم كل قرن، إنما النجم ذو القرون له قلب وفيه نار وثلج وهواء وتراب، يمتد ذنبه ما أسرع في جريه سرعة نور الشمس ما انفجر الفجر، يعمو أوله على آخره كأنه الطوق العظيم، يكون له وهج في ليل السماء كأن شمس أشرقت ثم يروح لدائرته، وبعدها هلاك وموت كثير خيراً لأهل الخير وشراً لأهل الشر }.
المفاجأة لمحمد عيسى بن داود ص 204.
.......
هذه الرواية تذكر " النجم ذو الذنب " ثم تصفه بعدة أوصاف :
* له قلب :
الجذر اللغوي لكلمة « قلب » في الأصل : التغيير والتحوّل.
وكتب اللغة تشير إلى أنّ واحداً من معاني القلب هو " العقل ".
نقرأ في لسان العرب أنّ القلب يطلق على العقل أيضا.
وقد ورد في تفسير عن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) لقوله تعالى : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } أنّه عليه السلام قال : إنّ القلب هو العقل.
( أصول الكافي، ج1 ـ كتاب العقل والجهل، الحديث 11).
والقلب أيضا، هو العضلة الموجودة في جوف الكائن الحي، وهي تقوم بضخ الدم إلى جميع أعضاء جسم الكائن الحي.
* فيه نار وثلج وهواء وتراب :
هذه الأشياء هي المكونات الأساسية للمادة.
وهي عناصر أو مركبات مهمة للكائنات الحية، وبدونها تستحيل الحياة.
فالنار، إشارة إلى الطاقة الحرارية والضوئية، والثلج إشارة إلى الماء، والهواء إشارة إلى الأوكسجين، والتراب إشارة إلى المعادن والفيتامينات، وهي عناصر ضرورية في جسم الكائن الحي.
وهي الحديد والكالسيوم والمغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور وغيرها.
ونفس هذه العناصر موجودة في التراب أيضا.
وهذا هو التفسير العلمي لخلق الإنسان من تراب أو من طين.
إذن، الأوصاف الواردة للنجم المشار إليه في الرواية هي أوصاف كائن حي، ينمو ويتطور، وله قلب، أي يعقل ويفكر، وله مشاعر وأحاسيس ووجدان.
وهذه الأوصاف لا تنطبق إلا على كائن حي بشري.
فالنجم ذو الذنب بشر، وليس جرما سماويا حقيقياً.
3 - عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في خطبة البيان : { من علامات الساعة يظهر صائح في السماء و نجم له ذنب في كل ناحية من المغرب و يظهر كوكب في السماء من المشرق ثم يظهر خيط ابيض في وسط السماء و ينزل من السماء عمود من نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرها شجر البراري و الجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوي وجوههم و أبدانهم ... }.
الزام الناصب ج2.
.......
هذه الرواية تفيد ظهور ثلاثة :-
* صائح من السماء.
* نجم له ذنب من المغرب.
* كوكب من المشرق.
الذي يهمنا هاهنا، هو النجم ذو الذنب.
الرواية تقول : " ويطلع نجم له ذنب من المغرب ...... " وتقول الرواية :
" ثم تطلع الشمس من المغرب "
هذه الشمس الطالعة هي نفسها النجم ذو الذنب، المذكور في مطلع الرواية، لأن الشمس نجم كما هو معلوم.
هذا النجم، أو الشمس الطالع من المغرب، هل هو الجرم الفلكي الحقيقي، أم المقصود به المعنى المجازي؟!
الجواب : المقصود به المعنى المجازي، أي أن المقصود به بشر من بني آدم. لماذا؟
لأن لفظ " نجم له ذنب " معطوف على صائح في السماء.
ولفظ " صائح " يفيد أنّ ذلك الظاهر كائن ناطق، أي كائن حي!.
ومعلوم أنّ العطف يقتضي التشريك في المعنى.
وبناءً على هذا، فإنّ المقصود ب " نجم له ذنب " المقصود به كائن حي أيضا، لأنه معطوف على " صائح " ، أي معطوف على كائن حي.
فلا يصح أن يكون " النجم " المذكور في الرواية جرما فلكيا حقيقيا، لأنه لا توجد علاقة معنوية متناسبة تجمع بين المتعاطفات.
الصائح كائن حي ناطق، أي كائن بشري، وكذلك يكون النجم ذو الذنب، لأن العطف يستلزم ذلك، يستلزم التشريك المعنوي.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه قد ثبت بالدليل الواضح، من الروايتين الأوليين، أن " النجم ذو الذنب " كائن بشري، وليس جرما فلكيا حقيقياً.
وذلك معقول جدا، وصحيح تماماً وفقا لعلوم اللسان العربي المبين.
فهذه الألفاظ - النجم، الشمس، القمر، الكوكب - تطلق على أشخاص محددين على سبيل الاستعارة والكناية، وهذا مذهب في العربية مشهور، ولدى الناس معروف.
فقد نطق بذلك القرآن الكريم، وفي سورة يوسف خير شاهد ودليل.
قال تعالى : { إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين }.
فمن المعلوم أن الكواكب هاهنا هم أخوة يوسف عليه السلام، والشمس والقمر هما أبواه.
ونطقت السنة المطهرة بذلك أيضا. نذكر على سبيل المثال والاستئناس :
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله ص فقال : { معاشر الناس إني راحل عن قريب و منطلق إلى المغيب أوصيكم في عترتي خيرا و إياكم و البدع فإن كل بدعة ضلالة و الضلالة و أهلها في النار معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر و من افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين فإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة بعدي أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم قال فلما نزل عن المنبر (ص) تبعته حتى دخل بيت عائشة فدخلت إليه و قلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله سمعتك تقول إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر و إذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين و إذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة فما الشمس و ما القمر و ما الفرقدان و ما النجوم الزاهرة فقال أنا الشمس و علي القمر و الحسن و الحسين الفرقدان فإذا افتقدتموني فتمسكوا بعلي بعدي و إذا افتقدتموه فتمسكوا بالحسن و الحسين و أما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين تاسعهم مهديهم ... }. كفاية الأثر - ص : 41.
ومما جاء في دعاء الندبة :
{ ...... أين الخيرة بعد الخيرة، أين الشموس الطالعة، أين الأقمار المنيرة، أين الأنجم الزاهرة، أين أعلام الدين، وقواعد العلم ...... إلخ }.
وبناءً على كل ما سبق، يتضح جلياً أنّ تلك الألفاظ، الواردة في روايات عصر الظهور، أطلقت على شخصيات عصر الظهور.
...........
أما الذهاب إلى أن " النجم ذو الذنب " جرم سماوي فذلك يتعارض تماماً مع القرائن الواردة في الروايات، ويتعارض جملة وتفصيلا مع القوانين العلمية الفلكية.
فالمتأمل لتلك القوانين يدرك أن ظاهرة " النجم ذو الذنب " في حال وقوعها لا قدر الله، ستكون حدثا كونيا ضخما، وليس أمرا هينا، وسوف تؤدي في أقل التقادير إلى اختلال كوني جسيم!!.
وهذا ضرب من المستحيل، ولا يمكن أن يقول به العقلاء!.
لأن " النجم ذو الذنب " علامة لظهور وقيام دولة العدل الإلهي، وليس علامة لتدمير البشر وهلاكهم.
............
يا أهل الأرض! هذا فتى ناري، يركض في برية الروح، ويبشركم بسراج الله، ويذكركم بالأمر الذي كان عن أفق القدس في شطر العراق تحت حجبات النور بالستر مشهودا.
هو الختم الذي ليس له ختم في الإبداع، ولا بدء له في الاختراع، وفي ظهورات البدء تجليات الختم تشهدون.
وصلى الله على محمدٍ وآلهِ الطيبين الطاهرين.
|
|
|
|
|