لا بد من الاشارة الى ان جدليات الرباط الزوجي لا تتساوى حتى في الحالة الواحدة. فهناك في الروابط العادية على الدوام أوجه وفاق, وأوجه خلاف, ويتوقف استقرار الزواج, أو تصدعه على محصلة تفاعل القوى الفاعلة في الوضعية, إلا أن هناك بعداً نوعياً في الموضوع يقتضي تحديد مدى استراتيجية أوجه الوفاق أو الخلاف هذه,فالأزمات والتباينات تظل مقبولة اذا كان الرباط الزوجي يقوم على أوجه وفاق أساسية
هنا يتاح المجال لمختلف ألوان التسويات والتنازلات والتكيفات المتبدلة, طالما ظل الثمن الوجودي المطلوب من هذا الطرف أو ذاك مقبولاً
لقاء إرضاءات وتحقيق رغبات وأهداف أهم بالنسبة للشخص.
أما اذا كانت التناقضات تصيب الاسس, أو تبدو مكلفة فيما يتجاوز طاقة الشخص على الاحتمال, فإن الرباط الزوجي يتعرض لا محالة لأخطار التصدع على اختلاف ألوانه ودرجاته. هنا قد يتخذ الرباط الزوجي طابع الخسارة الوجودية صعبة الاحتمال. وعليه, فلا بد حين محاولة التدخل الارشادي من تشخيص حالة أسس العلاقة الزوجية, ونوع ومجال تناقضاتها: هل هي على مستوى الاسس التي يتعذر التساهل والتنازل بشأنها, أم على مستوى الأمور الثانوية التي يمكن دوماً تسويتها. فالصراعات الزوجية لا تتساوى في النوع والخطورة, ولو بدت متساوية في شدة تأزمها ظاهرياً. ذلك أن أخطاء التشخيص, أو التسرع فيه من قبل المعنيين بالأمر قد تؤدي الى قرارات يصعب تصويبها,أو ضمان إيجابية نتائجها.
وفي جميع الأحوال, فإن الأطفال يجرون بالضرورة الى الصراعات الزوجية, وتصيبهم اثارها على الدوام بأشكال مختلفة تبعاً لنوع الصراع ومستواه, ومواقف كل من الزوجين.
يمكن بحث العديد من حالات الصراع من حيث الشدة والنتائج, والانعكاسات على الاطفال. هناك في المقام الأول الحالات الشائعة من الفتور وتحول الحياة الزوجية الى نوع من التعايش الذي ينصرف الى الاهتمام الاجرائي بتدبير أمور الحياة, وما يصاحبها من رتابة, وهناك في درجة أشد من التأزم حالات التصدع الخفي, حيث يتلاشى الرباط الزوجي عاطفياً وكيانياً, كي ينحسر الى مجرد الحفاظ على المظاهر الاجتماعية. وفي درجة أكثر تقدماً نكون بإزاء التصدع الصريح, حيث ينفجر الصراع علناً.
هذا التصدع الصريح قد يستمر على حالة تأزماً وتراخ, أو هو يمر الى المرحلة الاخطر وهي تفكك الرباط الزوجي, حين يصيب التناقض المرتكزات الاساسية , نعالج على التوالي حالات التصدع هذه مبينين اثارها على الاطفال وصحتهم النفسية.
ثمة آباء لا يهتمون بموضوع الحضور المنظم في الأسرة فيمهدون الأجواء بعدم اهتمامهم هذا لإصابة الأولاد وباقي أفراد الأسرة بالاضطراب خلال فترة غيابهم, ولا يملك الطفل وضعا جيدا ازاء غياب الأب، فيشعر بأنه فقد سلوته ومستودع أسراره وحرم من الجليس والأنيس, وقد يكون قاسيا جدا على الطفل أن يتحمل غياب الأب في البداية، لكنه سرعان ما يعتاد على هذا الوضع الجديد، وعندما سيفقد الأب قابلية التأثير على الولد والنفوذ إليه، وسوف يعمل الولد بما يرتأيه حتى انه لا يكترث أحيانا بأمه ونفوذها.
ويمكن للطفل أن يكتسب من غياب الأب تلك الدروس السيئة والمؤلمة. إذ سيحاول أن يكون حرا طليقا دون أية قيود، ويلجأ إلى ممارسات لا يتوقعها الوالدان أبدا مما سيكون لهذا السلوك نتائج سيئة على الأسرة والمجتمع.
كما ان الأب الذي يترك أسرته بانتظاره حتى منتصف الليل إنما يقدم درسا سيئا لطفله، وسوف يوجهه بشكل لاشعوري نحو الإباحية والتحلل
من المؤكد أن الطفل بحاجة إلى حبكم وعطفكم، وانه سيفرح كثيرا فيما لو اشتريتم له حاجة معينة لكنه بحاجة ماسة إلى حضوركم في البيت ووقوفكم إلى جانبه حتى يتحدث معكم ويناقشكم ويتعلم منكم؛ وإن غيابكم من أكبر المصائب التي تواجهه فالطفل لا يصبر على هذا الحرمان إلا بصعوبة بالغة، ولو أنه افتقد حضوركم المنظم في البيت لأدى به ذلك- في بعض الأحيان- إلى الاستهانة بقدسية الأسرة والهروب من البيت.
الغياب وتقليل النفوذ:
إن غياب الأب عن أسرته يقلل من نفوذه مما يخلق شعورا عند الأولاد بأنه لا داعي للالتزام بقوانين الأسرة أو إطاعة الأوامر والنواهي. إذ ستنخفض تأثيرات الأب الأخلاقية على الطفل، ويتعرض بناؤه الأخلاقي والاجتماعي إلى صدمة.
ولو كان الأب في غياب دائم عن البيت لغفل عن مراقبة أولاده ولما تمكن من تربيتهم تلك التربية الصحيحة بسبب انخفاض مستوى نفوذه. وسوف يلجأ الطفل إلى التحلل من الضوابط الأخلاقية ويشتد ميله إلى نظرائه في السن فينعدم الاتزان في عملية البناء.
توجد حالات أخرى نرى فيها آباء لا يحضرون بشكل كاف ومطلوب في البيت بسبب مشاغل الحياة والمشاكل التي تواجههم، فيكون السقوط هو مصير أبنائهم بل وحتى بناتهم.
أسباب الغياب:
ثمة أسباب عديدة لغياب بعض الآباء عن البيت وسوف نشير فيما يلي إلى أهمها وهي:
1- كثرة المشاغل واللهو، بل حتى تقديم خدمات واسعة للناس فيكون النتيجة غفلة عن الحياة الأسرية والأولاد.
2- عدم الرغبة في الحياة الزوجية بسبب الاختلاف مع الزوجة وظهور مشاكل عديدة في هذا الإطار.
3- التسامح بشأن الأولاد وعدم إدراك النتائج الخطيرة لهذا التساهل.
4- معاشرة أهل السوء والاستئناس بهم والمشاركة في محافلهم.
5- الإنشغال بأمور المطالعة والدراسة والبحوث. حيث يمكن لهذه الأمور أحيانا أن تورط الأسرة في مشاكل أخرى.
6- نوع العمل الذي يمارسه الأب فيكون مضطرا أحيانا لقضاء بعض الوقت في مدينة أخرى أو العيش فيها أو تركه باستمرار لبلدته بسبب مهمات وظيفية وإدراية.
7- وأخيرا فإن من أسباب غياب الأب هيا اللامبالاة والتي تكشف عن ضيق أفقه وتفكيره.
ومهما يكن من أمر فإن غياب الأب يمهد الأجواء لظهور مشاكل واضطرابات عديدة، وفقدان السيطرة على زمام أمور الأطفال مما سيدفعهم نحو مستقبل مجهول.
أعراض الغياب الطويل:
لو كان الغياب قصيرا فإن له أعراضا محدودة، أما لو تكرر الغياب أو كان لفترة طويلة فإن له نتائج سلبية مضاعفة.
ولا فرق في بعض الأحيان بين الغياب الطويل للأب وموته لأنهما يؤديان في النهاية إلى نتيجة واحدة وهي انحلال الأسرة وتبعثرها.
ومهما كانت أسباب الغياب الطويل إلا أنها ستدفع الطفل إلى الشعور بالحرمان من دعم الأب ورعايته، وأن يكون في النهاية قاسيا وفوضويا وفاقدا للأدب.
ومن نتائج الغياب الطويل أيضا لجوء الطفل إلى ممارسة السرقة والتشرد والبحث عن الأصدقاء والقيام بجنح وانحرافات مختلفة. ويؤثر غياب الأب على خلق الطفل ودراسته وسلوكه وإنه مقدمة للقضاء على الأجيال.
كما إنه السبب في ظهور بعض المشاكل السلوكية وامتناع الطفل عن القيام بممارسات شريفة. ويتوقف عن محاكاة والده ويبحث عن قدرات أخرى وأشخاص آخرين يسببون له المتاعب أحيانا.
ذكر أحد المفكرين أن غياب الأب عن أولاده يشبه غياب الزوج عن زوجته مما يؤثر في العاطفة والنفسية, وقد كشفت التجارب أن هؤلاء الأطفال قلما يشعرون بالاتزان النفسي، وتخفت في الأبناء صفات الرجولة وفي البنات صفات الأنوثة بل ويتظاهرون بالقوة العنف في حين انهم جبناء.
ويخرج الطفل أحيانا عن حالة الاعتدال بسبب غياب الأب فنراه يناديه في منامه أو يصاب بالخوف والاضطراب دون مبرر أو يتعلق بأمه تعلقا شديدا , ويحاكي النساء في سلوكهن رغم أنه من الذكور.
ويرتبط كل هذا بسن الطفل ومستوى ذكائه والتزامه الخلقي.
ضرورة الحل:
لو لم يتمكن الأب من متابعة شؤون أولاده وكان في غياب دائم تقريبا لتوجب عليه أن يكون جذابا في تلك الأوقات التي يتواجد فيها في بيته، وخاصة عندما يعود من سفره مثلا حتى يعوض عن النقص والحرمان.
خصصوا الفترات القصيرة من تواجدكم في البيت لأطفالكم واتركوا كل شيء حتى قراءة الصحف.
ينبغي أن يبذل الأب، الذي يعود لبيته بعد سفر وغياب طويل، جهده وسعيه كي ينسى الطفل فترة الغياب ويستثمر حضور والده.
كما يجب على الأب أن يواسي طفله ويؤمله في الحياة، فيما لو اشتكى من حياته السابقة أو من مشكلة واجهته، وأن يصبره على المشاكل ويزيل عنه القلق والاضطراب ويجعله مستأنسا به ويشبعه حبا وعطفا.
حري بالأب المضطر لغياب طويل عن البيت أن يدعم مكانة الأم ويقوي موقعها ويحث الأطفال على طاعتها، وذلك للتقليل من أعراض الغيبة، أو أن يساهم في حل المشكلة التي قد تعترض لها الأم ويلزم ولده بإطاعة أوامرها والانتهاء عن نواهيها.
الدعم النفسي يساعد الحوامل على التخلص من أعراض الوحام
بتاريخ : 17-05-2009 الساعة : 09:26 PM
الوحام هو شعور بالقيء مع دوخة بسيطة يحصل في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يصاحبه تقلب في مزاج المرأة وهو يحدث في نصف الحوامل تقريباً. وتختلف اعراضه شدة وليناً بين انثى واخرى فاما ان يكون خفيفاَ فلا تشعر به المرأة، واما ان يكون شديداَ فيصبح القيء انذاك متعدداَ ومتكاثراً فينهك المرأة ويضعفها. وقد تزداد حياة المرأة سواء في بعض الاحيان بحيث تستعصي على جميع العلاجات المسكنة، مما يضطر الطبيب لاستخدام التغذية الوريدية او حقنها بالعقاقير او اسعافها في المستشفى.
تظهر علامات الوحام عادة في الصباح الباكر ثم تزول بعد ذلك بساعات قليلة. وقد لوحظ بان المنظر البشع والرائحة الكريهة والشديدة والمعدة الفارغة جميعها تتسبب في تعكير صفو النفس وحدوث الغثيان، وهذا ما دفع الأطباء الى الجزم بان اسباب الوحم هي على الغالب أسباب نفسية عصبية تنشأ على أثر اضطراب في التوازن الفسيولوجي في الجملة العصبية النباتية. ومتى علمنا ان نصف الحوامل او اكثر، لا يصبن بالوحام وأعراضه ادركنا ما للعامل النفسي من أثر بالغ في حدوثه.
ان شعور الحامل بحملها وتحسبها لما قد ينجم عنه من احداث وما يترتب عليه من مسؤوليات يرهق نفسها ويزيد في ارتباكها ويهيج جهازها العصبي إلى درجة تصبح فيه المناظر الكريهة او الروائح الشديدة قادرة على إثارة القيء بكل سهولة.على هذا الاساس تبدل اتجاه معالجة هذا المرض لدى الحوامل ونحا الأطباء في علاج اعراضه نحواً شديداً. حيث اصبح علاج هذه الحالات بالمداواة النفسية والاقناع الكلامي دون اللجوء الى استخدام الأدوية الغليظة والمسكنات. لذلك فاننا نشدد على وجوب معالجة الوحام الشديد بالتأثير النفسي قبل الأدوية إذ تبين ان حوالي خمسة وسبعين في المئة من النساء الحوامل المصابات بعوارض الوحام حصلن على نتيجة باهرة بواسطة هذا العلاج.
يعالج الوحام بشكل عام باللجوء الى الامور التالية:
1- على الحامل ان تشغل نفسها عن التفكير الدائم بالحمل بتسلية ما كزيارة الاصحاب او القراءة او مشاهدة التلفزيون.
2- عدم التفكير بالقيء او الغثيان قبل حدوثه.
3- ملازمة الفراش بعد الاستيقاظ ولا سيما بعد تناول الفطور لمدة ربع ساعة حتى لا تتشنج عضلات المعدة ويبدأ القيء ومن المفضل تناول فطور الصباح في السرير.
4- تجنب الزبدة والمواد الدهنية في وجبة الصباح والاكتفاء بشيء من الطعام الخفيف مثل العسل واللبن والكورن فلكس والفواكه الطازجة.
5- ابقاء المعدة مملوءة في معظم اوقات النهار وذلك بتناول وجبات قليلة من الطعام خلال النهار او بتناول شيء بسيط من البسكويت مع بعض جرعات قليلة من الحليب او الكاكاو او الشاي بين الوجبة والوجبة الأخرى اي في الساعة العاشرة قبل الظهر والساعة الرابعة بعد الظهر.
6- تناول الاطعمة الخفيفة عند الظهر مثل شوربة الخضار والسلطة والخبز الأسمر اما العشاء فيكون من اللحم الأحكر الطازج او المشوي على نار خفيفة مع قليل من الخضار او البطاطا المسلوقة او المشوية او سلطة الطماطم مع الخس. وقبل النوم بامكان الحامل أخد قطعة من الخبز او البسكويت العادي مع كوب من الحليب الفاتر او البارد او الكاكاو وعلى الحامل التي تعاني من الغثيان أن تعرف أن هذا البرنامج الغذائي هو مؤقت ويستعمل ختى يزول الغثيان والوحام وبعد ذلك يجب العودة الى الطعام العادي.
7- واخيراً ننصح الحامل بممارسة الرياضة البدنية والحركات الرياضية الخفيفة والقيام بنزهات نهارية ومسائية في الحدائق العامة وهذا كفيل بتهدئة الأعصاب وإراحة النفس وزيادة كمية الأكسجين في الدم.
إذا ما اتبعت الحامل هذه الارشادات بدقة فإنها تكفي في اغلب الاحيان لازالة عوارض الوحام اما اذا لم يتوقف الغثيان على الرغم من ذلك فيجب استشارة الطبيب.
من الممكن معالجة الوحام عند الضرورة بالعقاقير واهمها المسكنات العامة والمهدئات وهي تعطى على شكل حقن في العضل او حبوب تؤخد عن طريق الفم او تحاميل شرجية من بين هذه الأدوية على سبيل المثال النافيدوكسين او الفوغالين وهذه الأدوية هي من نوع المهدئات التي تسكن مناطق الهياج العصبي والنفسي في المخ والتي يصدر عنها الشعور بعوارض الوحام. وفي بعض الحالات الشديدة قد تعطى المريضة علاج الزوفران الذي لديه فعالية شديدة في ايقاف القيء.