تظاهر الأمة على علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال سليم : وحدَّثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق المدينة ، فأتينا على حديقة فقلت يا رسول الله ما أحسنها من حديقة!
قال : ما أجسنها ! ولك في الجنه أحسن منها .
ثم أتينا على حديقة أخرى ، فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها من حديقة ! قال ما أحسنها ! ولك في الجنة أحسن منها حتى أتينا على سبع حدائق ، أقول يا رسول الله ، ما أحسنها ويقول لك في الحنة أحسن منها
علي عليه السلام الشهيد الوحيد الفريد
فلما خلا له الطريق اعتنقني ، ثم أجهش باكياً فقال : بأبي الوحيد الشهيد ! فقلت يا رسول الله ، وما يبكيك ؟ فقال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي ، أحقاد بدر وتِرات أحد
قلت : في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك .
برنامج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام
فابشر يا علي فإن حياتك وموتك معي ،وأنت أخي وأنت وصيي وأنت صفيي ووزيري ووارثي والؤدي عني ، وأنت تقضي ديتي وتنجز عداتي عني ، وأنت تبرء ذمتي وتؤدي أمانتي وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي والقاسطين والمارقين وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة إذا استضعفه قومه وكادوا يقتلونه .
فأصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك ، فإنك بمنزله هارون من موسى ومن تبعه وهم بنزلة العجل ومن تبعه وإن موسى أمر هارون حيت استخلفه عليهم : إن ضلوا فوجد أعواناً أن يجاهدهم بهم وإن لم يجد أعواناً أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرّق بينهم
اختلاف الأمة امتحان إلهي
يا علي ، ما بعث الله رسولاً إلا وأسلم معه قوم طوعاً وقوم آخرون كرهاً ، فسلّط الله الذين أسلموا كرهاً على الذين أسلموا طوعاً فقتلوهم ليكون أعظم لاجورهم .
يا علي ، وإنه ما اختلفت أمه بعد نبيّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقّها وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه ولا يتنازع في شيء من أمره ، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله ، ولو شاء عجّل النقمة فكان من التغيير حتى يكذّب لظالم ويعلم الحق أين مصيره ، ولكن جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخره دار القرار ، <" ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى "> سورة النجم الآية 31
فقلت الحمد لله شكراً على نعمائه وصبراً على بلائه وتسليماً ورضىّ بقضائه ز
قضايا السقيفة على لسان البراء بن عازب
وعن سليم قال : سمعت البراء بن عازب يقول :
كنت أحب بني هاشم حباً شديداً في حياة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبعد وفاته .
كيفية تغسيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وآله سلم - أوصى علياً عليه السلام أن لا يلي غسله غيره ، وأنه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره ، وأنه ليس أحد يرى عورة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا ذهب بصره .
فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، فمن يعينني على غسلك ؟
قال : جبرائيل في جنود من الملائكه .
فكان علي يغسِّله ، والفضل بن العباس مربوط العينين يصبُّ الماء والملائكة يقلِّبونه له كيف شاء ، ولقد أراد علي عليه السلام أن ينزع قميص رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فصاح به صائح : " لا تنزع قميص نبيك ، يا علي " فأدخل يده تحت القميص فغسَّله ثم حنّطه وكفّنه ، ثم نزع عند تكفينه وتحنيطه .
مفاجأة أهل البيت عليهم السلام بعمل أصحاب السقيفة
قال البراء بن عازب : فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تخوّفت أن تتظاهر قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم
فلما صنع الناس ما صنعوا من بيعة أبي بكر أخذني ما يأخذ الواله الثكول مع ما بي من الحزن لوفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
فجلعت أتردد وأرمق وجوه الناس ، وقد خلا الهاشميون برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لغسله وتحنيطه . وقد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة ومن اتّبعه من جهلة أصحابه ، فلم أحفل بهم وعلمت أنه لا يؤول إلى شيء .
فجعلت أتردّد بينهم وبين المسجد وأتفقّد وجوه قريش ، فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر ، ثم لم ألبث حتى إذا أنا بأبي بكر وعمر ، وأبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة وهم محتجزون بالازر الصنعانية لا يمرّ بهم أحد إلا خبطوه ، فاذا عرفوه مدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر ، شاء ذلك أم أبى !
فأنكرت عند ذلك عقلي جزعاً منه ، مع المصيبة برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فخرجت مسرعاً حتى أتيت المسجد ، ثم أتيت بني هاشم ، والباب مغلقٌ دونهم . فضربت الباب ضرباً عنيفاً وقلت : يا أهل البيت ! فخرج إليَّ الفضل بن العباس ، فقلت : قد بايع الناس أبا بكر ! فقال العباس : " قد تَرِبَت أيديكم منها إلى آخر الدهر . أما إني قد أمرتكم فعصيتموني "
ماجرى بين صالحي الصحابة ليلة السقيفة
فمكثت أكابد ما في نفسي . فلما كان الليل خرجت إلى المسجد ، فلما صرت فيه تذكَرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بالقرآن . فانبعثت من مكاني فخرجت نحو الفضاء - فضاء بني بياضه - ، فوجدت نفراً يتناجون ، فلما دنوت منهم سكتوا ، فانصرفت عنهم ، فعرفوني وما عرفتهم ، فدعوني إليهم فأتيتهم فإذاً المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان والزبير بن العوام ، وحذيفة يقول : والله ما أخبرتكم به ، فوالله ما كذبت ولا كذبت .
وإذاً القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار فقال حذيفة : انطلقوا بنا إلى أبيّ ب كعب فقد علم مثل ما علمت
فانطلقنا إلى أبيّ بن كعب فضربنا عليه بابه ، فأتى حتى صار خلف الباب ، ثم قال : من أنتم ؟ فكلّمه المقداد . فقال : ما جاء بكم ؟ فقال : افتح بابك ، فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب . فقال : ما أنا بفاتح بابي ، وقد علمت ما جئتم له . وما أنا بفاتح بابي ، كأنّكم أردتم النظر في هذا العقد
فقلنا : نعم . فقال : أفيكم حذيفة ؟ فقلنا نعم .
قال: القول ما قال حذيفة : فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري على ما هو جار عليه ، ولما يكون بعدها شر منها ، وإلى الله حل ثنائه المشتكى
قال : فرجعوا . ثم دخل ابيّ بن كعب بيته
محاولة أصحاب السقيفة تطميع العباس في الخلافة
قال : وبلغ أبا بكر وعمر الخبر ، فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة فسألاهما الرأي . فقال المغيرة بن شعبة : أرى أن تلقوا العباس بن عبد المطلب فتطمعوه في أن يكون له في هذا الأمر نصيب يكون له ولعقبه من بعده فتقطعوا عنكم بذلك ناحية علي بن أبي طالب ، فإن العباس بن عبد المطلب لو صار معكم كانت الحجة على الناس وهان عليكم أمر علي بن أبي طالب وحده
قال : فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيره بن شعبة حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
قال : فتكلّم أبو بكر فحمد لله جل وعز وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث لكم محمداً نبياً وللمؤمنين ولياً ، فمنّ الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى اختار له ما عنده وترك للناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم ، متفقين لا مختلفين فاختاروني عليهم والياً ولأمورهم راعياً ، فتوليت ذلك وما أخاف بعون الله وهناً ولا حيرة ولا جبناً وما توفيقي إلا بالله
غير أني لا أنفكّ من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة ، فيتخذكم لجاّ فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع ،فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه أو صرفتموهم عما مالوا إليه ، فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله - صلى الله عليه وآله - وإن كان الناس أيضاً قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما
فقال عمر أي والله ، وأخرى يا بني هاشم على رِسلكم ، فإن رسول الله منا ومنكم وإنا لم نأتكم لحاجة منا إليكم " وأخذ عمر بالوعيد والخشونه وإتيان الأمر من أصعب جهاته " ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم وللعامة ثم سكت
مواجهة العباس لمؤامرة أصحاب السقيفة
فتكلم العباس فقال : إن الله تبارك وتعالى ابتعث محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - كما وصفت - نبياً وللمؤمنين ولياً فإن كنت برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن من المؤمنين ، ما تقدّمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تآمرنا ولا نحبّ لك ذلك إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين
وأما قولك " أن تجعل لي نصيباً لي في هذا الأمر نصيباً " فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم دونهم وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض " وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان "
وأما قولك يا عمر " إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - منا ومنكم " فإن رسول الله شجرةٌ نحن أغصانها وأنتم جيرانها ، فنحن أولى به منكم
وأما قولك " إنا نخاف تفاقم الخطب بكم وبنا " فهذا الذي فعلتموه أوائل ذلك ، والله المستعان
فخرحوا من عنده وأنشأ العباس يقول :
ما كُنْتُ أحسِبُ هذَا الأمرَ مُنْحَرِفاً عَنْ هاشِمٍ ثُمَّ مِنْهُمْ عَنْ أبي حَسَنٍ
ألَــــيْسَ أوَّلُ مَنْ صَلى لِقِيْلَتِكُمْ وَأعْلَمُ الناسِ بِالآثارِ وَالسنَنِ
وَأقْرَبُ الناسِ عَهْداً بِالنبيَّ وَمَنْ جِبْريلُ عَوْنٌ لَهُ في الغُسلِ وَالكَفَنِ
مَن فيه ما في جَميع الناس كُلِّهمُ وَلَيْسَ في الناسِ ما فيهِ مِنَ الحَسَنِ
مَن ذَا الَّذي رَدَّكُم عَنْهُ فَنَعْرِفهُ ها إن بَيْعَتَكُمْ مِنْ أوَّلِ الفِـــــــــِتَنِ